أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 37 - صـ 109

جلسة 14 من يناير سنة 1986

برئاسة السيد المستشار: جلال الدين انسي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد راسم ومدحت المراغي نائبي رئيس المحكمة، د رفعت عبد المجيد والسيد السنباطي.

(27)
الطعن رقم 1017 لسنة 52 القضائية

إيجار إصلاح زراعي. دعوى "قبول الدعوى". عقد.
الدعاوى الناشئة عن إيجار الأراضي الزراعية. شرط قبولها. إيداع نسخة من عقد الإيجار بالجمعية التعاونية الزراعية. العقود المحررة في تاريخ سابق على العمل بالقانونين 17 لسنة 1963، 52 لسنة 1966. عدم خضوعها لهذا القيد. علة ذلك.
مفاد نص المادتين 36، 36 مكرراً (ب) من القانون 178 لسنة 1952 المعدل بالقانون 52 لسنة 1966 وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع جعل إيداع نسخة من عقد الإيجار بالجمعية التعاونية الزراعية المختصة شرطاً لقبول أية دعوى أو منازعة ناشئة عن الإيجار سواء رفعت الدعوى أو المنازعة أمام القضاء أو أمام لجنة الفصل في المنازعات الزراعية قبل إلغائها وهذا الجزاء المستحدث بالقانون 17 لسنة 1963 ثم بالقانون 52 لسنة 1966 إجراء قصد به توفير الحماية للمستأجر ويستهدف منع تحايل الملاك عن طريق استيقاع المستأجرين على بياض دون أن يعلموا شروط العقد التي أمضوها أو يدركوا ماهيتها أخذاً بأنه متى كان الإيداع متطلباً فإن كتابة العقد لا تكون مقصودة لذاتها وإنما تعتبر ضرورية لكي تمكن من حصول الإيداع. ولما كانت الكتابة المودعة لعقد الإيجار تتعلق بهذه المثابة بالإثبات لبيان الشرط اللازم لقبول الإثبات بمقتضاه وقوة التدليل المستفاد منه "فإنها تخضع لحكم المادة التاسعة من القانون المدني التي تقضي بأن تسري في شأن الأدلة التي تعد مقدماً النصوص المعمول به في الوقت الذي أعد فيه الدليل أو في الوقت الذي ينبغي إعداده فيه. بمعنى أن القانون الذي نشأ التصرف في ظله هو الذي يحكم المراكز العقدية المثبتة فيه، دون اعتداد بما إذا كان ثمة قانون جديد يتطلب دليلاً آخر لم يكن يستوجبه القانون القديم.." ويترتب على ذلك أن الإيداع لا يكون مطلوباً بالنسبة لعقود الإيجار المبرمة قبل تاريخ العمل بأي من القانونين رقمي 17 لسنة 1963، 52 لسنة 1966 الذين استحدثاً هذا الإيداع وأن الملتزم بذلك طبقاً لهما المؤجر دون المستأجر، لما كان ذلك وكانت العلاقة الإيجارية بين المطعون ضده ومورث الطاعن نشأت طبقاً لما ثبت للمحكمة في تقرير الخبير في سنة 1960 قبل سريان ما استحدث من تعديلات بالقوانين المشار إليهما استوجبت كتابة عقود الإيجار وإيداعها الجمعية التعاونية الزراعية، وكان القانون الساري وقت إبرام العلاقة الإيجارية لا يوجب للتدليل على وجود مثل هذه العلاقة اتخاذ أي من هذين الإجرائين المذكورين وكانت قد ثبتت المراكز القانونية للعاقدين مقدماً منذ نشؤ العلاقة ووضحت التزامات وحقوق كل منها بالتطبيق للقواعد العامة السارية وقتذاك، فإن هذه القواعد التي نشأ التصرف في ظلها هي التي تحكم المراكز العقدية بموجبها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل من أن الطاعن أقام الدعوى رقم 4364 لسنة 1979 مدني كلي بنها على المطعون ضده بطلب طرده من الأطيان المبينة بالصحيفة وتسليمها إليه وتأسيساً على أن هذه الأطيان مملوكة له ومعهود إلى المطعون ضده بإدارتها لحسابه إلا أنه ادعى ملكيتها ولم يقدم له حساباً عنها منذ سنة 1973 فتكون يده عليها يد غاضب لا سند لها ندبت المحكمة خبيراً لتحقيق ملكية الأطيان وبيان واضع اليد عليها ومدة وضع يده وسنده فيه، وبعد أن قدم تقريره حكمت برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 365 لسنة 14 ق. طنطا "مأمورية بنها". وبتاريخ 3/ 2/ 1982 حكمت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن بأسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتفسيره وتأويله وفي بيان ذلك يقول أنه كان لزاماً على المحكمة وقد انتهيت إلى أنه المالك لأطيان النزاع وأخذت بما أثبته الخبير في تقريره من أن المطعون ضده مستأجر منها منذ سنة 1960 أعمال ما توجبه أحكام المادتين 36، 36 مكرر من القانون 178 لسنة 1952 من أن يكون عقد الإيجار مزارعة كان أم نقداً ثابتاً بالكتابة أياً كانت قيمته مما مؤداه عدم نشؤ العلاقة الإيجارية أصلاً دون عقد مكتوب.. إلا أن الحكم خلط بين مبدأ وجوب أن يكون عقد الإيجار ثابتاً بالكتابة طبقاً لأحكام هذا القانون الساري وقت نشؤ العلاقة الإيجارية المدعى بها وبين التزام المؤجر بإيداعه الجمعية التعاونية الزراعية المختصة المقرر بالتعديل اللاحق بموجب القانونين رقمي 17 لسنة 1963، 52 لسنة 1966. كما أنه رغم ما ثبت للمحكمة من أن الأطيان مملوكة له ميراثاً عن والده مما لازمه إجابته إلى طلب طرد المطعون ضده منها غير أن الحكم قضى رغم ذلك برفض دعواه مما يعيبه ويوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن مفاد نص المادتين 36، 36 مكرراً (ب) من القانون 178 لسنة 1952 المعدل بالقانون 52 لسنة 1966 وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن المشرع جعل إيداع نسخة من عقد الإيجار بالجمعية التعاونية الزراعية المختصة شرطاً لقبول أية دعوى أو منازعة ناشئة عن الإيجار سواء رفعت الدعوى أو المنازعة أمام القضاء أو أمام لجنة الفصل في المنازعات الزراعية قبل إلغائها وهذا الجزاء المستحدث بالقانون 17 لسنة 1963 ثم بالقانون 52 لسنة 1966 إجراء قصد به توفير الحماية للمستأجر ويستهدف منع تحايل الملاك عن طريق استيقاع المستأجرين على بياض دون أن يعلموا شروط العقد التي أمضوها أو يدركوا ماهيتها أخذاً بأنه متى كان الإيداع متطلباً فإن كتابة العقد لا تكون مقصودة لذاتها وإنما تعتبر ضرورية لكي تمكن من حصول الإيداع ولما كانت الكتابة المودعة لعقد الإيجار تتعلق بهذه المثابة بالإثبات لبيان الشرط اللازم لقبول الإثبات بمقتضاه وقوة الدليل المستفاد منه، فإنها تخضع لحكم المادة التاسعة من القانون المدني التي تقضي بأن تسري في شأن الأدلة التي تعد مقدماً النصوص المعمول به في الوقت الذي أعد فيه الدليل أو في الوقت الذي ينبغي إعداده فيه، بمعنى أن القانون الذي نشأ التصرف في ظله هو الذي يحكم المراكز العقدية المثبتة فيه، دون اعتداد بما إذا كان ثمة قانون جديد يتطلب دليلاً آخر لم يكن يستوجبه القانون القديم.. ويترتب على ذلك أن الإيداع لا يكون مطلوباً بالنسبة لعقود الإيجار المبرمة قبل تاريخ العمل بأي من القانونين رقمي 17 لسنة 1963، 52 لسنة 1966 الذين استحدثاً هذا الإيداع وأن الملتزم بذلك طبقاً لهما الموجود دون المستأجر، لما كان ذلك وكانت العلاقة الإيجارية بين المطعون ضده، ومورث الطاعن نشأت طبقاً لما ثبت للمحكمة في تقرير الخبير في سنة 1960 قبل سريان ما استحدث من تعديلات بالقوانين المشار إليهما استوجبت كتابة عقود الإيجار وإيداعها الجمعية التعاونية الزراعية، وكان القانون الساري وقت إبرام تلك العلاقة الإيجارية لا يوجب للتدليل على وجود مثل هذه العلاقة اتخاذ أي من هذه الإجرائين المذكورين، وكانت قد ثبتت المراكز القانونية للعاقدين مقدماً منذ نشوء العلاقة ووضحت التزامات وحقوق كل منهما بالتطبيق للقواعد العامة السارية وقتذاك، فإن هذه القواعد التي نشأ التصرف في ظلها هي التي تحكم المراكز العقدية بموجبها. لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وانتهى إلى أن الجزاء المستحدث بالقانون 17 لسنة 1963 والمعمول به اعتباراً من فبراير سنة 1963 ثم بالقانون 52 لسنة 1966 المعمول به في 8/ 9/ 1966 إجراء قصد به توفير الحماية للمستأجر وأن كتابة العقد وإيداعه بالجمعية التعاونية الزراعية تتعلق ببيان الشروط اللازمة لقبول الإثبات بمقتضاه وقوة الدليل المستفاد ورتب على ذلك خضوعها لحكم المادة التاسعة من القانون المدني وانتهى من ذلك صائباً إلى أنه لا يتعين إثبات هذه العلاقة بالكتابة وإيداع نسخة منها بالجمعية التعاونية الزراعية المختصة وإنما تخضع للقانون الذي أبرمت في ظله فضلاً عن أن الملتزم بذلك هو المؤجر وليس المستأجر لما كان ذلك وكان الخبير قد أنهى في تقريره من أن المطعون ضده يضع يده على أطيان النزاع بصفته مستأجراً لها دون عقد إيجار مكتوب سنة 1960 حال حياة مورث الطاعن فإن الطعن برمته يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.