أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 37 - صـ 126

جلسة 19 من يناير سنة 1986

برئاسة السيد المستشار: أحمد ضياء عبد الرازق نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: عبد المنعم أحمد بركة نائب رئيس المحكمة والدكتور علي فاضل حسن، طلعت أمين صادق ومحمد عبد القادر سمير.

(31)
الطعن رقم 1957 لسنة 50 القضائية

(1، 2، 3) عمل "العاملون بشركات القطاع العام: ترقية: ضباط الاحتياط" سلطة صاحب العمل التنظيمية.
(1) ترقية العاملين إلى المستويين الأول والثاني. لجهة العمل وضع المعايير اللازمة للترقية بالاختيار على أساس الكفاية وفقاً لمصلحة العمل. القانون رقم 61 لسنة 1971.
(2) سلطة صاحب العمل في تنظيم منشأته. مؤداها. حقه في قصر الترقية على منطقة عمل واحدة داخل الوحدة الاقتصادية فيما بين الأعمال التي تتماثل في طبيعتها وتحتاج إلى تأهيل معين وخبرة متميزة.
(3) ضباط الاحتياط. أفضليتهم عند التعيين أو الترقية بالاختيار. مناطها. تساويهم مع غيرهم من المرشحين. القانون 234 لسنة 1959.
(4) نقض "أسباب الطعن: السبب المفتقر إلى الدليل"
عدم تقديم الطاعن الدليل على ما يتمسك به من أوجه الطعن في المواعيد التي حددها القانون. أثره. عدم قبول الطعن.
1 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مفاد المادة الثامنة من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقرار بقانون رقم 61 لسنة 1971 - الذي يحكم واقع النزاع - أن المشرع جعل الترقية إلى المستويين الأول والثاني بالاختيار على أساس الكفاءة دون اعتداد بالأقدمية على خلاف ما كانت تنص عليه اللائحتان رقما 3546 لسنة 1962 و3309 لسنة 1966 إذ كان المشرع يعتد فيهما بالأقدمية عند تساوي المرشحين في درجة الكفاية، فخول القانون سالف الذكر جهة العمل وضع الضوابط والمعايير اللازمة للترقية وفق ظروف وطبيعة نشاط المؤسسة أو الوحدة الاقتصادية ومنع جهة العمل وحدها حق اختيار الأصلح من العاملين لديها للترقية إلى المستويين الأول والثاني ملتزمة في ذلك بما تضعه من ضوابط ومعايير وفق ما تقتضيه مصلحة العمل، لا يحدها في ذلك إلا عيب إساءة استعمال السلطة إذا قام الدليل عليه.
2 - من المقرر أنه من حق صاحب المحل بما له من سلطة في تنظيم منشأته أن يقصر الترقية على منطقة عمل واحدة داخل الوحدة الاقتصادية وذلك فيما بين الأعمال التي تتماثل في طبيعتها وتحتاج إلى تأهيل معين وخبرة متميزة، ولأن الترقية إلى المستويين الأول والثاني ليست حقاً للعامل يتحتم ترقيته إليها متى توافرت فيه شروط شغلها ولو وجد بأيهما درجة خالية لم يتم شغلها إذ أن - المؤسسة أو الوحدة الاقتصادية هي وحدها صاحبة الحق في تقدير الوقت المناسب لإجراء حركة الترقيات حسبما تقضي به المصلحة العامة لشغل الفئة المالية الحالية لديها ولا إلزام عليها في وجوب شغلها في تاريخ معين.
3 - لما كانت أفضلية ضباط الاحتياط عند التعيين أو الترقية بالاختيار في الوظائف العامة وحسبما نصت عليه المادة 68 من القانون رقم 234 لسنة 1959 في شأن قواعد خدمة الضباط الاحتياط بالقوات المسلحة، مناطها أن - يتساوى مع المرشحين من غير ضباط الاحتياط.
4 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الشارع عد من الإجراءات الجوهرية في الطعن بطريق النقض أن يناط بالخصوم أنفسهم تقديم الدليل على ما يتمسكون به من أوجه الطعن في المواعيد التي حددها القانون.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر... والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 2757 سنة 1975 عمال كلي الجيزة على المطعون ضدها - شركة.... - بطلب الحكم بأحقيته للفئة الرابعة اعتباراً من 1/ 6/ 1975 والآثار والفروق المالية، وقال بياناً للدعوى أنه عمل لدى المطعون ضدها منذ 1/ 1/ 1959 بعد حصوله على مؤهل متوسط في عام 1958، وظل يتدرج في الترقية إلى أن تمت ترقيته في 30/ 3/ 1972 إلى وظيفة رئيس قسم بتشغيل الإنتاج بالفئة الخامسة ثم أصدرت المطعون ضدها حركة ترقيات تضمنت ترقية زملائه الأحداث منه حصولاً على المؤهل إلى الدرجة الرابعة اعتباراً من 30/ 6/ 1975، ولم تشمله الترقية، في حين أنه أحق بها إذ أنه ضابط احتياطي فتكون له الأفضلية عند الترقية بالاختيار والتي تتم إلى وظيفة خالية بالهيكل التنظيمي للوحدة الاقتصادية كلها، ولأن الترقية لا تحصل في قسم واحد بالوحدة الاقتصادية، فإنه يكون الأحق بالترقية إلى الفئة الرابعة دون غيره من العاملين، ولذلك أقام الدعوى بطلباته سالفة البيان. ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن أودع الخبير تقريره حكمت الحكمة في 30/ 12/ 1978 بأحقية الطاعن في الترقية إلى الفئة الرابعة اعتباراً من 1/ 6/ 1975 وأعادت المأمورية للخبير لبيان الفروق المالية، ثم قضت بتاريخ 29/ 3/ 1980 بإلزام المطعون ضدها بأن تدفع للطاعن مبلغ 348 جنيهاً جملة الفروق المستحقة له حتى أكتوبر سنة 1975 واستمرار صرف ما يستحقه منها. استأنفت المطعون ضدها هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد الاستئناف برقم 694 سنة 97 قضائية. وبتاريخ 30/ 6/ 1980 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى الطاعن. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة المشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
حيث إن الطعن أقيم على سببين، ينعى الطاعن بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، ويقول في بيانه أنه بالتطبيق لأحكام القانون رقم 61 لسنة 1971 فإن الكفاية هي مناط الترقية بالاختيار إلى المستويين الأول والثاني وعند التساوي في الكفاية يرقى الأقدم إلى الوظيفة الخالية بالهيكل التنظيمي للوحدة الاقتصادية وإذ كانت تقاريره عن السنوات 73، 74، 1975 بدرجة ممتاز، في حين أن زميليه اللذين تمت ترقيتهما للفئة الخامسة قد حصلا في السنتين 1973، 1974 على تقرير بدرجة ممتاز وآخر بدرجة جيد، وكان قد يسبقهما في تاريخ التعيين بمؤهل الثانوية العامة في حين أن زميليه اللذين حصلا على الترقية مؤهل أحدهما دبلوم الثانوية التجارية والآخر دبلوم الثانوية الصناعية، وقد توافرت فيه المدة اللازمة للترقية للفئة المذكورة وكانت يفضلها في الترقية إعمال لأحكام القانون رقم 234 لسنة 1959 لكونه من ضباط الاحتياط، فإن الحكم بقضائه برفض دعواه على سند من القول بأحقية زميليه للترقية، يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مفاد المادة الثامنة من نظام العاملين بالقطاع العام الصادر بالقرار بقانون رقم 61 لسنة 1971 - الذي يحكم واقع النزاع - أن المشرع جعل الترقية إلى المستويين الأول والثاني بالاختيار على أساس الكفاءة دون اعتداد بالأقدمية على خلاف ما كانت تنص عليه اللائحتان رقما 3546 لسنة 1962 و3309 لسنة 1966 إذ كان المشرع يعتد فيهما بالأقدمية عند تساوي المرشحين في درجة الكفاية، فخول القانون سالف الذكر جهة العمل وضع الضوابط والمعايير اللازمة للترقية وفق ظروف وطبيعة نشاط المؤسسة أو الوحدة الاقتصادية ومنع جهة العمل وحدها حق اختيار الأصلح من العاملين لديها للترقية إلى المستويين الأول والثاني ملتزمة في ذلك بما تضعه من ضوابط ومعايير وفق ما تقتضيه مصلحة العمل، لا يحدها في ذلك إلا عيب إساءة استعمال السلطة إذا قام الدليل عليه، كما أنه من حق صاحب المحل بما له من سلطة في تنظيم منشأته أن يقصر الترقية على منطقة عمل واحدة داخل الوحدة الاقتصادية وذلك فيما بين الأعمال التي تتماثل في طبيعتها وتحتاج إلى تأهيل معين وخبرة متميزة، ولأن الترقية إلى المستويين الأول والثاني ليست حقاً للعامل يتحتم ترقيته إليها متى توافرت فيه شروط شغلها ولو وجد بأيهما درجة خالية لم يتم شغلها إذ أن المؤسسة أو الوحدة الاقتصادية هي وحدها صاحبة الحق في تقدير الوقت المناسب لإجراء حركة الترقيات حسبما تقضي به المصلحة العامة لشغل الفئة المالية الحالية لديها ولا إلزام عليها في وجوب شغلها في تاريخ معين، - لما كان ذلك وكان من الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه برفض دعوى الطاعن على أن: الثابت من التقرير الأول للخبير أمام محكمة أول درجة من الاطلاع على الهيكل التنظيمي للشركة المستأنفة - المطعون ضدها - أن الوظيفة الأعلى لوظيفة المستأنف - ضده الطاعن - هي وظيفة رئيس قسم سباكة المعادن بالفئة الرابعة وهي الوظيفة الأعلى مباشرة وأنه وقت إجراء حركة الترقيات محل التداعي كان يشغل هذه الوظيفة العامل... مما يفيد أن هذه الوظيفة لم تكن خالية وقتئذ وهي وظيفة إشرافية واحدة وأن عدم ترقية المستأنف ضده - الطاعن - ترجع إلى عدم وجود وظيفة خالية في تاريخ إجراء الترقيات فضلاً عن أن وظيفة رئيس قسم سباكة المعادن بالفئة الرابعة تستلزم في شاغلها مؤهلاً صناعياً متوسطاً في حين أن المستأنف ضده - الطاعن - حاصل على الثانوية العامة فقط وأن هناك فرقاً بين نوعي المؤهل... وأن الوظيفة التي يشغلها في تاريخ الترقية هي وظيفة رئيس قسم التشغيل بالفئة الخامسة في حين أن زميليه المذكورين يشغل أولهما وظيفة رئيس قسم (ب) بالميزانية وثانيهما رئيس وحدة شئون عمال بالفئة الخامسة... كما أن القسم الذي به المستأنف ضده - الطاعن - هو قسم المسبك بينما يعمل زميلاه في قسم الحسابات وانتهى الخبير إلى عدم أحقية المستأنف ضده - الطاعن - الترقية للفئة بوظيفة رئيس قسم المسبك وعدم أحقيته في فروق مالية،" كما أورد الحكم في مدوناته أن التقرير الثاني للخبير أثبت أن الترقية لم تتم على مستوى الشركة وإنما على مستوى كل قطاع منهما في حدود الوظائف الشاغرة به وأن الوظيفة الأعلى لوظيفة المدعي - الطاعن - لم تكن شاغرة في تاريخ حركة الترقيات.. ولا يكون له حق المساواة بقرينيه إذ أنهما يعملان في قطاع غير الذي يعمل به.. وبالتالي لا تكون للمدعي - الطاعن - أحقية الترقية في حركة الترقيات الحاصلة في 1/ 6/ 1975.. وأن المحكمة تقر النتائج التي انتهى إليها الخبيران في تقريرهما.. خاصة وأنها تتفق مع المبادئ المقررة بالمادة الثامنة من القانون رقم 61 لسنة 1971.." وهو ما مفاده أن الحكم استخلص بأسباب سائغة لها أصلها الثابت بالأوراق أن المطعون ضدها وضعت ضوابط معايير للفئة المطالب بها واشترطت لشغلها أن يكون العامل حاصلاً على مؤهل صناعي متوسط الأمر الذي لم يتوافر لدى الطاعن، كما أن الوظيفة والفئة المذكورتين لم تكونا شاغرتين حتى يحق للطاعن المطالبة بهما، لما كان ذلك وكانت أفضلية ضباط الاحتياط عند التعيين أو الترقية بالاختيار في الوظائف العامة وحسبما نصت عليه المادة 68 من القانون رقم 234 لسنة 1959 في شأن قواعد خدمة الضباط الاحتياط بالقوات المسلحة، مناطها أن يتساوى مع المرشحين من غير ضباط الاحتياط وإذ كانت المساواة غير قائمة في واقعة الدعوى بين الطاعن وقرينيه اللذين تمت ترقيتهما لاختلاف الوظيفة التي تمت الترقية منها والوظيفة التي تمت الترقية إليها، ولأن حركة الترقيات كانت خاصة بقسم آخر غير القسم الذي يعمل به الطاعن، فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب في وجهين أولهما: أن الحكم أقام قضاءه برفض الدعوى تأسيساً على حركة الترقيات قد أجريت على مستوى الأقسام في حين أن الثابت من تقرير الخبير أن تلك الحركة تمت على مستوى الشركة بأقسامها وإدارتها المتعددة، ولم تكن خاصة بقسم معين من أقسامها. وثانيهما: أنه كان على محكمة الاستئناف أن تلزم المطعون ضدها بتقديم كشف ترتيب الأقدميات في الفئة الخامسة لتتبين أقدمية الطاعن وزميليه في تلك الدرجة وأن المطعون ضدها أجرت حركة الترقية للفئة الرابعة المطالب بها على مستوى الشركة ووفقاً لترتيب أقدمية العاملين، وهو سابق لزميليه في الترقية للفئة الخامسة مما يرتب له الأحقية في الترقية للفئة الرابعة دونهما.
وحيث إن النعي في وجهة الأول غير مقبول ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الشارع عد من الإجراءات الجوهرية في الطعن بطريق النقض أن يناط بالخصوم أنفسهم تقديم الدليل على ما يتمسكون به من أوجه الطعن في المواعيد التي حددها القانون، وإذ كان الطاعن لم يقدم رفق طعنه صورة رسمية من تقرير الخبير سنده في هذا النعي، فإنه يكون غير مقبول، - والنعي في وجهه الثاني مردود ذلك أنه لا يعدو أن - يكون جدلاً موضوعياً - فيما انتهى إليه الحكم صحيحاً - وحسبما سلف بيانه في الرد على السبب الأول - من أن حركة الترقيات موضوع الدعوى قد أجريت على مستوى الإدارات والأقسام ولم تشمل القسم الذي يعمل به الطاعن، ولم تكن شاملة للوحدة كلها، ومن ثم لا يقبل من الطاعن أثارته أمام محكمة النقض، ويكون النعي بهذا السبب بوجيهة في غير محله. ولما تقدم يتعين رفض الطعن.