أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 37 - صـ 132

جلسة 21 من يناير سنة 1986

برئاسة السيد المستشار: جلال الدين أنسي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد راسم، مدحت المراغي نائبي رئيس المحكمة، جرجس إسحق والسيد السنباطي.

(32)
الطعن رقم 998 لسنة 52 القضائية

(1) إثبات "القرائن القضائية" محكمة الموضوع.
استقلال محكمة الموضوع بتقدير القرائن - شرطه. أن يكون سائغاً.
(2) قضاء مستعجل. تزوير. تنفيذ.
قاضي الأمور المستعجلة. قضاؤه في الإشكال في التنفيذ وقتي لا يؤثر على الحق المتنازع فيه. عدم طرح الادعاء بالتزوير لدى نظر الإشكال في التنفيذ لا يدل على عدم جدية الادعاء بالتزوير المبدى أمام محكمة الموضوع. علة ذلك.
1 - لئن كانت محكمة الموضوع تستقل بتقرير القرائن ولا شأن لمحكمة النقض فيما تستنبطه منها باعتبار أن ذلك من مسائل الواقع إلا أنه يتعين أن يكون هذا الاستنباط سائغاً ومؤدياً إلى النتيجة التي أقام الحكم عليها قضاءه إذ طالما أن المحكمة قد أوردت أسباب لإثبات القرائن أو نفيها فإن هذه الأسباب تخضع لرقابة محكمة النقض.
2 - الإشكال الوقتي لا يختص القاضي المستعجل فيه بالفصل في النزاع المطروح بحكم حاسم للخصومة وإنما يتناول بصفة وقتية وفي نطاق النزاع المطروح عليه تقدير جدية النزاع وهو تقدير لا يؤثر على الحق المتنازع فيه إذ يبقى هذا الحق محفوظاً سليماً يتناضل فيه ذوو الشأن أمام محكمة الموضوع فلا على الطاعن إن هو لم يطرح الادعاء بالتزوير أمام قاضي الأمور الوقتية لدى نظره الإشكال.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها أقامت الدعوى رقم 1143 سنة 1969 مدني كلي طنطا بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 29/ 4/ 1968 المتضمن بيع الطاعن لها أطياناً زراعية مساحتها 6 ط موضحة بالعقد لقاء ثمن قدره 300 جـ مع التسليم تأسيساً على امتناعه عن التوقيع على العقد النهائي وتنفيذ التزامه بتسليم المبيع رغم وفائها بالثمن - حكمت المحكمة في 28/ 12/ 1969 بصحة ونفاذ ذلك العقد وإلزام الطاعن بالتسليم - استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 189 سنة 29 ق طنطا وادعى بتزوير صحيفة إعلانه بالحكم المستأنف تأسيساً على أن المحضر المكلف بإجراء الإعلان أثبت فيه على خلاف الحقيقة انتقاله إلى موطنه وإعلانه فيه مخاطباً مع شخصه في حضور شيخ البلد وأنه رفض التوقيع باستلام صورة الإعلان في حين أن المحضر لم ينتقل أصلاً إلى موطنه لإعلانه فضلاً عن بطلان الإعلان لعدم إخباره بخطاب مسجل بتسليم صورته إلى جهة الإدارة مما لم يعلم معه بالحكم المستأنف إلا عند شروع المطعون ضدها في تنفيذه. وبتاريخ 8/ 2/ 1982 حكمت المحكمة برفض الادعاء بالتزوير وبسقوط حق الطاعن في الاستئناف لتقديمه بعد الميعاد. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أقام قضاءه برفض الادعاء بالتزوير على سند من أنه لو كان جاداً في ادعائه لبادر بإبلاغ النيابة العامة فور وصول الخطاب المسجل الموجه إليه من المحضر في حين أنه كان قد تمسك بعدم إرسال المحضر للخطاب المذكور مما لم يعلم معه بالحكم إلا عند الشروع في تنفيذه، كما أن ما استدل به الحكم على عدم جدية طعنه لا يؤدي إلى النتيجة التي خلص إليها.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه وإن كانت محكمة الموضوع تستقل بتقرير القرائن ولا شأن لمحكمة النقض فيما تستنبطه منها باعتبار أن ذلك من مسائل الواقع إلا أنه يتعين أن يكون هذا الاستنباط سائغاً ومؤدياً إلى النتيجة التي أقام الحكم عليها قضاءه إذ طالما أن المحكمة قد أوردت أسباب لإثبات القرائن أو نفيها فإن هذه الأسباب تخضع لرقابة محكمة النقض، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على عدم جدية الادعاء بالتزوير المبدى من الطاعن مستدلاً على ذلك بأنه لم يتمسك به في دعوى الإشكال في التنفيذ التي أقامها عند شروع المطعون ضدها في تنفيذ الحكم المستأنف كما لم يبلغ النيابة العامة بالتزوير فور وصول الخطاب المسجل الذي أرسله المحضر إليه وكذا عدم حضوره أمام محكمة أول درجة رغم إعلانه لشخصه بصحيفة تجديدها من الشطب. وكان البين من الأوراق أن الإشكال في التنفيذ الذي أبداه الطاعن أمام المحضر لدى الشروع في تنفيذ الحكم هو إشكال وقتي لا يختص القاضي المستعجل فيه بالفصل في النزاع المطروح بحكم حاسم للخصومة إنما يتناول بصفة وقتية وفي نطاق النزاع المطروح عليه تقدير جدية النزاع وهو تقدير لا يؤثر على الحق المتنازع فيه إذ يبقى هذا الحق محفوظاً سليماً يتناضل فيه ذوو الشأن أمام محكمة الموضوع فلا على الطاعن إن هو لم يطرح الادعاء بالتزوير أمام قاضي الأمور الوقتية لدى نظره الإشكال، وكان الطاعن قد تمسك بعدم إرسال المحضر خطاباً مسجلاً إليه بما لا يسوغ معه الاستدلال بوصول الخطاب إليه على عدم جدية الادعاء، كما لا يدل على هذا أيضاً عدم حضوره أمام محكمة أول درجة. لما كان ما تقدم وكان هذا الذي استخلص منه الحكم عدم جدية الادعاء بالتزوير لا يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها - فإنه يكون مشوباً بالفساد في الاستدلال بما يستوجب نقضه.
ولما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.