أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 37 - صـ 151

جلسة 27 من يناير سنة 1986

برئاسة السيد المستشار الدكتور: أحمد حسني نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد طموم، زكي المصري، منير توفيق وأحمد مكي.

(37)
الطعن رقم 751 لسنة 50 القضائية

(1) حكم "تسبيب الحكم". دفوع.
مزاولة الشركة الطاعنة - قبل تأميمها - عدة نشاطات في الوكالات البحرية والتجارية والسياحية. تأميمها فيما يتعلق بنشاطها البحري فقط. مؤداه. عدم زوال صفتها بالنسبة لنشاطها في التجارة. تعجيل الدعوى المتعلقة بهذا النشاط في مواجهة وكيلها قبل انقضاء ثلاث سنوات على آخر إجراء صحيح فيها صدور الحكم برفض الدفع بانقضاء الخصومة. صحيح.
(2) بيع "التزامات البائع" بعض أنواع البيوع: "البيع فوب".
الاتفاق على إطالة مدة السنة التي بانقضائها تسقط دعوى ضمان البيع الخفي. جائز. البيع "فوب" لا يمنع هذا الاتفاق ولا يتعارض مع حق المشترية من التحقق من مطابقة المبيع - عقب وصوله إلى ميناء الوصول - للمواصفات المتفق عليها بالعقد.
(3) خبرة. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير عمل الخبير".
أخذ محكمة الموضوع بتقرير الخبير محمولاً على أسبابه السائغة. مؤداه. عدم التزامها بتعقب أقوال الخصوم وحججهم والرد على كل منها استقلالاً طالما أقامت قضاءها على ما يكفي لحمله.
1 - إذ كان لا خلاف بين الخصوم على أن شركة... كانت قبل صدور القانون رقم 129 لسنة 1962 - في شأن مساهمة المؤسسة المصرية العامة للنقل البحري في بعض الشركات والمنشآت وتنظيم الأعمال المرتبطة بالنقل البحري - تزاول نشاطات متعددة منها ما يتعلق بأعمال الوكالات البحرية وبالتجارة وبالسياحة وكان ورود اسم تلك الشركة في الجدول المرافق للقانون رقم 129 لسنة 1962 مع شركات ومنشآت أخرى تحت عنوان - التوكيلات البحرية - وإضافتها إلى الجدول المرافق للقانون رقم 118 لسنة 1961 - مؤداه تأميم نشاطها المتصل بأعمال الوكالات البحرية فقط دون باقي أوجه نشاطاتها الأخرى. وإذ كان النزاع في الدعوى متعلقاً بنشاطها التجاري الذي لم يشمله التأميم، وكان من المقرر في صدور توكيل من أحد الخصوم لمن وكله من المحامين بمقتضى توكيل عام أو خاص يجعل موطن الوكيل معتبراً في إعلان الأوراق اللازمة لسير الدعوى في درجة التقاضي الموكل هو فيها - وكانت الشركة الطاعنة لا تماري في صدور توكيل منها إلى الأستاذ.... فإن موطنه يكون معتبراً في إعلان صحيفة التعجيل من الانقطاع. وإذ كان الثابت أن الدعوى أمام محكمة أول درجة قد انقطع سير الخصومة فيها لزوال صفة الشركة الطاعنة في 22/ 10/ 1967 ثم قامت الشركة المطعون ضدها الأولى - عندما رأت أن الشركة الطاعنة لم تزل صفتها - باستئناف السير في الخصومة بإعلان هذه الأخير بتاريخ 3/ 3/ 1968 في مكتب محاميها الأستاذ...، وكان لم يمض على آخر إجراء صحيح تم في الدعوى - وهو الحكم بالانقطاع - وحتى تاريخ استئناف السير فيها ثلاث سنوات، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع بانقضاء الخصومة يكون قد وافق التطبيق الصحيح للقانون ويكون النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون وتأويله على غير أساس.
2 - لما كان يجوز الاتفاق على إطالة مدة السنة التي بانقضائها تسقط دعوى ضمان العيب الخفي وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن عقود البيع الثلاثة المؤرخة 14/ 6/ 1956 تضمنت الاتفاق صراحة على إطالة مدة ضمان العيب الخفي إلى ثلاث سنوات من تاريخ تسليم المبيع، وكان البيع فوب لا يمنع هذا الاتفاق ولا يتعارض مع حق المطعون ضدها الأولى - المشترية - من التحقق من مطابقة المبيع عقب وصوله إلى ميناء الوصول للمواصفات المتفق عليها، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتد بالاتفاق على إطالة مدة الضمان لا يكون قد خرج بتفسيره له عن مضمونه.
3 - المحكمة في أخذها بتقرير الخبير - محمولاً على أسبابه السائغة - ما يفيد أنها اقتنعت به وأطرحت ما عداه كما أنها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ليست ملزمة بتعقيب أقوال الخصوم وحججهم وأن ترد على كل منها استقلالاً طالما أقامت قضاءها على ما يكفي لحمله.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر... والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن الشركة المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى رقم 478 لسنة 1958 تجاري كلي القاهرة والتي قيدت فيما بعد برقم 390 لسنة 1973 تجاري كلي جنوب القاهرة على الشركة الطاعنة انتهت فيها إلى طلب الحكم بفسخ العقود الثلاثة المؤرخة 14/ 11/ 1956 وبإلزامها بأن تدفع لها مبلغ 3836.405 مليمجـ وفوائده القانونية، وبياناً لذلك قالت أنه بموجب تلك العقود باعت لها الشركة الطاعنة كهنه نظيفة وعند تسلمها تبين أنها غير مطابقة للمواصفات المتفق عليها مما يحق لها طلب فسخ عقود البيع واسترداد ما عجلته من ثم بالإضافة إلى تكاليف النقل والتخزين. وبتاريخ 22/ 10/ 1967 قضت محكمة أول درجة بانقطاع سير الخصومة في الدعوى لزوال صفة الشركة الطاعنة تأسيساً على ما قرره الحاضر عنها بتأميمها واندماجها في الشركة المطعون ضدها الثانية وبعد تعجيل الدعوى في مواجهة الأخيرة عادت الشركة المطعون ضدها الأولى وعدلت عن ذلك وعجلتها في مواجهة الشركة الطاعنة، دفعت الأخيرة بسقوط الخصومة لانقضاء سنة من آخر إجراء صحيح تم فيها، وبتاريخ 31/ 1/ 1971 قضت المحكمة بإخراج الشركة المطعون ضدها الثانية من الدعوى وبندب خبير، وبعد أن قدم الخبير تقريره قضت المحكمة بتاريخ 2/ 3/ 1975 بفسخ العقود الثلاثة المؤرخة 14/ 11/ 1956 وبإلزام الشركة الطاعنة بأن تدفع للشركة المطعون ضدها الأولى مبلغ 3836.405 مليمجـ وفوائده القانونية. استأنفت الشركة الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 203 لسنة 92 ق القاهرة طالبة الحكم أصلياً بانقضاء الخصومة بمضي ثلاث سنوات على آخر إجراء صحيح تم فيها واحتياطياً رفض الدعوى، وبتاريخ 31/ 1/ 1980 قضت محكمة الاستئناف بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة رأت فيها رفض الطعن وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة بأولهما على الحكم المطعون فيه البطلان وفي بيان ذلك تقول أن الثابت من الصورة الرسمية للحكم المطعون فيه أن الهيئة التي أصدرته مكونة من اثنين من المستشارين خلافاً لما يوجبه قانون السلطة القضائية رقم 46 لسنة 1972 من صدور الأحكام من محاكم الاستئناف من ثلاثة مستشارين.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح ذلك أنه لما كان يبين من النسخة الأصلية للحكم المطعون فيه والتي أمرت المحكمة بضمها مع ملف الاستئناف تحقيقاً لسبب الطعن أن الهيئة التي تداولت فيه وأصدرته ووقعت على مسودته مشكلة برئاسة وعضوية المستشارين....، ....، .... وكان ثلاثتهم هم أعضاء الهيئة التي سمعت المرافعة حسبما هو واضح من محضر 10/ 10/ 1979 التي تقرر فيها حجز الدعوى للحكم ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه يكون قد صدر من محكمة مشكلة طبقاً للقانون ويكون النعي عليه بما ورد بسبب الطعن غير صحيح.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجهين الأول والثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون في الخطأ في تطبيق القانون وتأويله وفي بيان ذلك تقول أنه بتأميمها بموجب القانون رقم 129 لسنة 1962 - وانصراف التأميم إلى جميع أوجه نشاطها ومنها نشاطها في التجارة وأيلولة أموالها وحقوقها إلى الشركة المطعون ضدها الثانية تكون وكالة محاميها الأستاذ... عنها قد انتهت مما يترتب عليه بطلان إعلان تعجيل الدعوى من الانقطاع الموجه إليها في مكتب هذا المحامي ولا يصحح هذا البطلان حضور الأخير عنها بعد ذلك أمام محكمة أول درجة لأنه لم يكن يمثلها بعد تأميمها، وإذ اعتد الحكم المطعون فيه بهذا الإعلان الباطل في تعجيل الدعوى ورفض دفعها بانقضاء الخصومة تأسيساً على أن وكالة ذلك المحامي عنها ما زالت قائمة لأن التأميم لم يشمل نشاطها في التجارة فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وتأويله.
وحيث إن هذا النعي مردود - ذلك أن المشرع نص في المادة الأولى من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 129 لسنة 1962 - في شأن مساهمة المؤسسة المصرية العامة للنقل البحري في بعض الشركات والمنشآت وتنظيم الأعمال المرتبطة بالنقل البحري على أن "تضاف إلى الجدول المرافق للقانون رقم 118 لسنة 1961 الشركات والمنشآت المبينة في الجدول المرافق وتساهم فيها المؤسسة المصرية العامة للنقل البحري بحصة لا تقل عن 50% من رأس المال. وكانت العلة التي من أجلها صدر هذا القانون وعلى ما يبين من مذكرته الإيضاحية أنه لما كان القانون رقم 118 لسنة 1961 لم يتناول الشركات العاملة في قطاع النقل البحري ومن أهمها منشآت وشركات التوكيلات البحرية وكان قد تبين عند تطبيق قرار رئيس الجمهورية رقم 1203 لسنة 1961 بقصر التعامل بالنسبة لشركات القطاع العام على الشركات التي تمتلك فيها الحكومة أو إحدى المؤسسات العامة 50% من رأسمالها عدم وجود شركات من هذا النوع مملوكه لها أو بعضها للحكومة أو إحدى المؤسسات العامة بل إن الشركات العاملة في هذا القطاع منشآت فردية أو تابعة للقطاع الخاص فقد رؤي إضافة المنشآت والشركات المبينة بالجدول المرافق إلى الجدول المرافق للقانون رقم 118 لسنة 1961 المشار إليه لتنظيم قطاع النقل البحري وتمكين القطاع العام من التدخل في الأعمال سالفة الذكر، وكان لا خلاف بين الخصوم على أن شركة... وشركاه كانت قبل صدور القانون رقم 129 لسنة 1962 تزاول نشاطات متعددة منها ما يتعلق بأعمال الوكالات البحرية وبالتجارة وبالسياحة وكان ورود اسم تلك الشركة في الجدول المرافق للقانون رقم 129 لسنة 1962 مع شركات ومنشآت أخرى - تحت عنوان التوكيلات البحرية - وإضافتها إلى الجدول المرافق للقانون رقم 118 لسنة 1961 مؤداه تأميم نشاطها المتصل بأعمال التوكيلات البحرية فقط دون باقي أوجه نشاطاتها الأخرى. وإذ كان النزاع في الدعوى متعلقاً بنشاطها التجاري الذي لم يشمله التأميم، وكان من المقرر في صدور توكيل من أحد الخصوم لمن وكله من المحامين بمقتضى توكيل عام أو خاص يجعل موطن الوكيل معتبراً في إعلان الأوراق اللازمة لسير الدعوى في درجة التقاضي الموكل هو فيها - وكانت الشركة الطاعنة لا تماري في صدور توكيل منها إلى الأستاذ... فإن موطنه يكون معتبراً في إعلان صحيفة التعجيل من الانقطاع. وإذ كان الثابت أن الدعوى أمام محكمة أول درجة قد انقطع سير الخصومة فيها لزوال صفة الشركة الطاعنة في 22/ 10/ 1967 ثم قامت الشركة المطعون ضدها الأولى - عندما رأت أن الشركة الطاعنة لم تزل صفتها - باستئناف السير في الخصومة بإعلان هذه الأخيرة بتاريخ 3/ 3/ 1968 في مكتب محاميها الأستاذ...، وكان لم يمض على آخر إجراء صحيح تم في الدعوى - وهو الحكم بالانقطاع - وحتى تاريخ استئناف السير فيها ثلاث سنوات، فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفض الدفع بانقضاء الخصومة يكون قد وافق التطبيق الصحيح للقانون ويكون النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون وتأويله على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الثالث من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتأويله وفي بيان ذلك تقول أنها دفعت بسقوط دعوى ضمان العيوب الخفية بمضي سنة من تاريخ تسليم المبيع طبقاً للمادة 452 من القانون المدني وقد رد الحكم على هذا الدفع بما يفيد رفضه استناداً إلى أن عقود البيع تضمنت الاتفاق على إطالة مدة الضمان إلى ثلاث سنوات ولما كان ما ورد بعقود البيع في هذا الشأن تضمنته بنود مطبوعة وتخالف طبيعة البيع فوب فإن تلك البنود وما حوته لا تكون حجة عليها وإذ أخذ الحكم بها وفسرها على أنها اتفاق على إطالة مدة الضمان فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون كما أنها تمسكت في دفاعها بمطابقة المبيع للمواصفات وقد أطرح الحكم هذا الدفاع أخذاً بما ورد بتقرير الخبير مخالفاً بذلك تقرير الجهة التي كانت الشركة المطعون ضدها الأولى قد خصتها بالمعاينة.
وحيث إن هذا النعي في شقه الأول مردود ذلك أنه لما كان يجوز الاتفاق على إطالة مدة السنة التي بانقضائها تسقط دعوى ضمان العيب الخفي وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن عقود البيع الثلاثة المؤرخة 14/ 6/ 1956 تضمنت الاتفاق صراحة على إطالة مدة ضمان العيب الخفي إلى ثلاث سنوات من تاريخ تسليم المبيع، وكان البيع فوب لا يمنع هذا الاتفاق ولا يتعارض مع حق المطعون ضدها الأولى - المشترية - من التحقق من مطابقة المبيع عقب وصوله إلى ميناء الوصول للمواصفات المتفق عليها بالعقد، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه إذ اعتد بالاتفاق على إطالة مدة الضمان لا يكون قد خرج بتفسيره له عن مضمونه وتكون مجادلة الطاعنة في ذلك مجادلة موضوعية فيما لمحكمة الموضوع من سلطة في تفسير العقود مما تنحسر عنه رقابة محكمة النقض، والنعي في شقة الثاني مردود أيضاً ذلك أنه لما كانت محكمة الموضوع وفي حدود سلطتها التقديرية قد انتهت إلى عدم مطابقة المبيع للمواصفات المتفق عليها استناداً إلى تقرير الخبير المنتدب في الدعوى وكانت المحكمة في أخذها بهذا التقرير محمولاً على أسبابه السائغة ما يفيد أنها اقتنعت به وأطرحت ما عداه كما أنها - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - ليست ملزمة بتعقيب أقوال الخصوم وحججهم وأن ترد على كل منها استقلالاً طالما أقامت قضاءها على ما يكفي لحمله - ومن ثم يكون النعي بهذا الوجه على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.