أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 37 - صـ 158

جلسة 28 من يناير سنة 1986

برياسة السيد المستشار: جلال الدين أنس نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد راسم، مدحت المراغي نائبي رئيس المحكمة، جرجس اسحق والسيد السنباطي.

(38)
الطعن رقم 1025 لسنة 52 القضائية

إثبات "طرق الإثبات" "الكتابة" "حجية الورقة العرفية". حكم "تسبيب الحكم". محكمة الموضوع "تقدير الدليل" مسائل الواقع.
اشتمال المحرر العرفي على أكثر من ورقة. كفاية التوقيع بنهاية الورقة الأخيرة منه للاحتجاج به على من وقعه. شرطه. ثبوت الاتصال الوثيق بين سائر أوراقه. تقديره. واقع استقلال قاضي الموضوع به.
لئن كان مفاد نص المادة 14/ 1 من قانون الإثبات أن الورقة العرفية لا تستمد حجيتها في الإثبات إلا من التوقيع عليها، إلا أنه إذا كان المحرر مكوناً من أكثر من ورقه منفصلة ذيلت الورقة الأخيرة منه بتوقيع من يراد الاحتجاج به عليه فإنه لا يشترط في هذه الحالة توقيعه على سائر أوراقه متى قام الدليل على اتصال كل منها بالأخرى اتصالاً وثيقاً بحيث تكون معاً محرراً واحداً وهي مسألة من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع بما له من سلطة في تقدير الدليل، مما مؤداه أن هذا المحرر بكل ما اشتملت عليه أوراقه يكون حجة على من وقع الورقة الأخيرة منه، فإذا ادعى إضافة ورقة أخرى إلى المحرر أو سلخ ورقه منه واستبدال غيرها بها فلا سبيل أمامه لإثبات ذلك إلا سلوك طريق الادعاء بالتزوير.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر... والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن المطعون ضدهم الثلاثة الأول تقدموا بطلب إلى السيد رئيس محكمة إسكندرية الابتدائية لاستصدار أمر بإلزام (مورثة الطاعن) عن نفسها وبصفتها الوارثة الوحيدة لشقيقتها.... بأن تؤدي لهم مبلغ سبعة آلاف جنيه والفوائد القانونية، وبصحة ونفاذ عقد الرهن المؤرخ 1/ 6/ 1972 وإلزامهما بتسليم الحصة المرهونة إليهم، وقالوا في بيان ذلك أنها ومورثتها اقترضتا المبلغ المذكور من مورثهم المرحوم.... ورهنتا إليه حصة قدرها ثمانية قراريط في العقار المبين بالطلب على أن يتم سداد القرض مما تغله وحدتان سكنيتان به، وإذ رفض إصدار هذا الأمر حددت جلسة لنظر الموضوع وقيدت الدعوى برقم 6270 لسنة 1979 مدني كلي إسكندرية، وفي 10/ 2/ 1980 حكمت المحكمة بانقطاع سير الخصومة بوفاة مورثة الطاعن، وبعد تعجيل السير في الدعوى في مواجهته، قصر المدعون دعواهم على طلب الحكم بصحة ونفاذ عقد الرهن وبإلزام الطاعن بتسليمهم الحصة المرهونة. وفي 8/ 2/ 1981 حكمت المحكمة بطلباتهم. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 348 لسنة 37 ق إسكندرية، وبتاريخ 8/ 3/ 1982 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن بالأسباب الثلاثة الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول أنه رغم تمسكه أمام محكمة الموضوع بأن عقد الرهن سند الدعوى محرر عرفي مكون من ورقتين محررتين على الآلة الكاتبة، خلت عقد الرهن سند الدعوى محرر عرفي مكون من ورقتين محررتين على الآلة الكاتبة، خلت أولاهما من توقيع المورثتين فلا تكون لها حجية قبلهما، إلا أن الحكم المطعون فيه اعتد بها رغم ذلك كجزء من المحرر واعتبرها حجة عليهما بمقولة عدم وجود تناقض بينها وبين الورقة الثانية الموقعة منهما ولما يدل عليه تسلسل عباراتهما من ارتباطهما ارتباطاً وثيقاً، وتطلب من الطاعن للتخلص من تلك الحجية سلوك سبيل الادعاء بالتزوير في حين أن التناقض ظاهر بين ما أثبت بالورقة الأولى من أن مورثيهما الطرف الأول في العقد ووصفهما في الورقة الثانية بأنهم الطرف الثاني فيه، كما أن تسلسل العبارات فيهما واتساقهما ليس كافياً بذاته لإضفاء الحجية على الورقة الأولى، هذا إلى أنه لا محل لما تطلبه الحكم لإهدار حجيتها من وجوب سلوك طريق الادعاء بتزويرها طالما أنها ليست حجة أصلاً على المورثتين لخلوها من توقيعهما كل ذلك مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه ولئن كان مفاد نص المادة 14/ 1 من قانون الإثبات أن الورقة العرفية لا تستمد حجيتها في الإثبات إلا من التوقيع عليها، إلا أنه إذا كان المحرر مكوناً من أكثر من ورقه منفصلة ذيلت الورقة الأخيرة منه بتوقيع من يراد الاحتجاج به عليه فإنه لا يشترط في هذه الحالة توقيعه على سائر أوراقه متى قام الدليل على اتصال كل منها بالأخرى اتصالاً وثيقاً بحيث تكون معاً محرراً واحداً وهي مسألة من مسائل الواقع التي يستقل بها قاضي الموضوع بما له من سلطة في تقدير الدليل، مما مؤداه أن هذا المحرر بكل ما اشتملت عليه أوراقه يكون حجة على من وقع الورقة الأخيرة منه، فإذا ادعى إضافة ورقة أخرى إلى المحرر أو سلخ ورقه منه واستبدال غيرها بها فلا سبيل أمامه لإثبات ذلك إلا سلوك طريق الادعاء بالتزوير. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه في هذا الصدد على قوله "أن القانون لا يشترط أن يوقع طرفي العقد أو أحدهما على كل صفحة من صفحات العقد العرفي مهما تعددت صفحاته وانفصلت بعضها عن البعض، وإذ كان المستأنف لم يطعن على العقد موضوع الدعوى بأن تزويراً معنوياً قد حدث بتغيير إحدى صفحاته بالطريق الذي رسمه القانون في المادة 49 من قانون الإثبات وهو الادعاء بالتزوير بتقرير في قلم الكتاب يحدد فيه مواضع التزوير المدعى بها، فإن منازعة المستأنف في شأن عدم حجية الورقة الأولى من العقد تكون على غير أساس خاصة وقد استبان للمحكمة من مطالعة العقد أن صفحتيه قد جاءت مكملتان لبعضهما ومرتبطتان ارتباطاً وثيقاً لتكامل وتسلسل عبارتهما وتطابق معانيهما كما لا يوجد في الصفحة الثانية أي تناقض أو تعارض عما جاء بالصفحة الأولى". وكان هذا الذي أورده الحكم لا مخالفة فيه للقانون، واستخلاصاً سائغًا مما له أصله الثابت بالأوراق يؤدي إلى ما انتهى إليه من أن ورقتي عقد الرهن متصلتان في سياقهما وتكونان محرراً واحداً هو حجة على المدينتين الراهنتين وخلفهما من بعدهما بتوقيعهما على الورقة الثانية منه، فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن حاصل ما ينعاه الطاعن بالسبب الرابع من أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول أنه تمسك في دفاعه أمام محكمة الاستئناف بأن قضاء محكمة أول درجة بصحة الرهن وتسليم الحصة المرهونة ينطوي على مخالفة لحكم المادة 1042 من القانون المدني لعدم تحققها من وجود الدين المضمون إذ أن الورقة الثانية من العقد الموقع عليها من مورثتيه قد خلت من بيان الدين وتحديد الدائن، إلا أن الحكم أعرض عن الرد على هذا الدفاع الجوهري واكتفى بقوله أنه غير منتج في النزاع مما يعيبه بالقصور ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه وقد انتهى الحكم المطعون فيه صحيحاً وعلى ما سلف بيانه في الرد على الأسباب الثلاثة الأول من أسباب الطعن إلى حجية عقد الرهن قبل الطاعن بكل ما اشتمل عليه في ورقتيه، وكانت الورقة الأولى قد تضمنت بيان كل من الدائن والمدين في العقد، وتحديد مبلغ القرض بسبعة آلاف جنيه مضمون برهن حصة عقارية قدرها ثمانية قراريط في العقار المبين بالعقد، فإنه لا على الحكم إن هو أعرض عما أثاره الطاعن من وجوب التحقق رغم ذلك من وجود الدين المضمون، ويكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
ولما تقدم بتعين رفض الطعن.