أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 37 - صـ 168

جلسة 2 من فبراير سنة 1986

برئاسة السيد المستشار: محمد المرسي فتح الله نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: سعيد أحمد صقر، وليم رزق بدوي نائبي رئيس المحكمة، محمد لطفي السيد وطه الشريف.

(40)
الطعن رقم 2182 لسنة 51 القضائية

1 - نقض "المصلحة في الطعن"
الاختصام في الطعن. شرطه.
2 - حراسة إدارية. قانون "سريانه من حيث الزمان"
فرض الحراسة. أثره. غل يد الخاضع لها عن إدارة أمواله والتصرف فيها. عدم سريان الفوائد التأخيرية على ديون المعاملين بالقانون 162 لسنة 1958. ق 69 لسنة 1974 بتسوية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة. مناطه. جدية الدين توافرها بصدور قرار الاعتداد بها من رئيس جهاز التصفية أو لجنة الديون أو الحارس العام.
3 - دفع غير المستحق. عقد "عيوب الرضا" "الإكراه". الالتزام. "الوفاء".
رد ما دفع بغير حق. لا محل له إذا كان الموفي يعلم أنه غير ملزم بالوفاء. الإكراه الدافع على الوفاء المسوغ للرد. م 181 مدني. شرطه. قيام عدم العلم وتقدير وسيلة الإكراه. من سلطة محكمة الموضوع.
1 - المقرر أنه لا يكفي فيمن يختصم في الطعن أن يكون خصماً للطاعن في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه بل يجب أن تكون له مصلحة في الدفاع عن الحكم، لما كان ذلك وكان المطعون ضدهما قد اختصما في الدعوى ولم ينازعا في شيء ووقفا من الخصومة موقفاً سلبياً ولم يحكم على أي منهما بشيء فإن اختصامهما في الطعن يكون غير مقبول ويتعين الحكم بعدم قبول الطعن بالنسبة لهما.
2 - المادة الأولى من قانون تسوية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة الصادر بالقانون 69 لسنة 1974 قد نصت على أنه "تسوى طبقاً لأحكام القانون المرافق الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسات على الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين استناداً إلى القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ" ونصت المادة 15 من ذات القانون على أنه "لا تسري الفوائد التأخيرية على ديون المعاملين بهذا القانون والتي يصدر بالاعتداد بها قرار من رئيس جهاز التصفية المستحقة للجهات المنصوص عليها في المادة 11 وذلك اعتباراً من تاريخ فرض الحراسة حتى مضي سنة من تاريخ العمل بهذا القانون "والمقرر أن فرض الحراسة يغل يعد الخاضع لها عن إدارة أمواله والتصرف فيها وهذا هو - وعلى ما جاء بتقرير اللجنة التشريعية والمذكرة الإيضاحية للقانون - المناط في الانتفاع بالتيسيرات المنصوص عليها في المادة 15 المذكورة ولضمان جدية الدين اشترط النص صدور قرار رئيس جهاز التصفية بالاعتداد به، وتتوافر هذه الجدية للدين متى صدر القرار بالاعتداد به من جهة أخرى كلجنة تحقيق الديون والحارس العام.
3 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن النص في المادة 181 من القانون المدني على أنه "1 - كل من تسلم على سبيل الوفاء ما ليس مستحقاً له وجب عليه رده 2 - على أنه لا محل للرد إذا كان من قام بالوفاء يعلم أنه غير ملزم بما دفعه إلا أن يكون ناقص الأهلية أن يكون قد أكره على هذا الوفاء" يدل على أنه لا محل للرد إذا كان الدفع عن بصيرة وترو أي عن علم الدافع بأنه غير ملزم بما دفعه، وأن الإكراه الدافع على الوفاء هو الضغط الذي تتأثر به إرادة الشخص ويدفعه إلى الوفاء متى كان من شأن الوسيلة المستخدمة أن تشيع الرهبة في نفس الموفى وتدفعه إلى الوفاء، وقيام عدم العلم وتقدير وسيلة الإكراه ومدى أثرها من المسائل الموضوعية التي تخضع لسلطة محكمة الموضوع لتعلق ذلك بالواقع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر... والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 6714 سنة 1977 مدني كلي جنوب القاهرة على الطاعن وباقي المطعون ضدهم بطلب الحكم ببراءة ذمته من دين البنك وفوائده وبإلزام الطاعن بأن يؤدي له قيمة الفوائد التأخيرية من تاريخ 25/ 10/ 1961 إلى 12/ 11/ 1966 وبشطب الرهن المتوقع على المزرعة بالعقد الرسمي رقم 185 سنة 59 شهر عقاري دمنهور في مواجهة المطعون ضده الثالث وبإلزام المطعون ضده الثاني بتقديم كشف الحساب الذي قدمه البنك إلى الحراسة العامة والذي صدر على أساسه قرار لجنة تحقيق الديون رقم 1950 في 12/ 11/ 1966 - وقال في بيان دعواه أنه في سنة 1958 حصل من البنك الطاعن على قرض مقسط على عشر سنوات وبتاريخ 25/ 10/ 1961 فرضت عليه الحراسة ثم ألغيت وتسلم ممتلكاته نهائياً في 23/ 8/ 1975 وزعم البنك عدم خضوعه لحكم القانون رقم 69 سنة 1974 الذي أعفاه من الفوائد - وبعد أن ندبت المحكمة خبيراً وأودع تقريره عدل المطعون ضده الأول طلباته إلى الحكم ببراءة ذمته من دين البنك وإلزامه بشطب الرهن وبأن يرد له مبلغ 23.730 جنيه - قضت المحكمة بالطلبات - استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 1632 سنة 98 ق القاهرة وبتاريخ 24/ 6/ 1981 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف - طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدهما الثاني والثالث وبقبوله بالنسبة للمطعون ضده الأول وبرفضه موضوعاً وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها -
وحيث إن المقرر أنه لا يكفي فيمن يختصم في الطعن أن يكون خصماً للطاعن في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه بل يجب أن تكون له مصلحة في الدفاع عن الحكم، لما كان ذلك وكان المطعون ضدهما قد اختصما في الدعوى ولم ينازعاً في شيء ووقفاً من الخصومة موقفاً سلبياً ولم يحكم على أي منهما بشيء فإن اختصامهما في الطعن يكون غير مقبول ويتعين الحكم بعدم قبول الطعن بالنسبة لهما.
وحيث إنه فيما عدا ما تقدم فقد استوفى الطعن أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسببين الأول والثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول أن المادة الأولى من قانون تسوية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة الصادر بالقانون رقم 69 لسنة 1974 تفترض وجود حراسة مفروضة قانوناً وبطريقة سليمة طبقاً لأحكام القانون رقم 162 سنة 1958 أما الحراسة التي فرضت بطريقة باطلة أو كانت معدومة فلم يتعرض لها ذلك القانون ولم يسو أوضاعها تاركاً أمر تسوية الأوضاع الناشئة عنها للقواعد العامة وإذ قضت المحكمة الإدارية بتاريخ 7/ 5/ 1974 في الدعوى رقم 2571 سنة 26 ق بإلغاء أمر فرض الحراسة على المطعون ضده الأول وأقر هذا الأخير باسترداده لأمواله فإنه لا يعامل بالقانون رقم 69 سنة 1974 ولا يستفيد من الإعفاء المقرر بنص المادة 15 من ذات القانون والذي يشترط لإعماله أن يعتد بالدين بقرار من رئيس جهاز التصفية في حين أن دين المطعن ضده الأول أعتد به من لجنة تحقيق الديون وقد خلت الأوراق مما يفيد نوع الحراسة التي فرضت على المطعون الأول أو بيان جنسيته كما أن القرارات التنفيذية للقانون المذكور لم تصدر بعد ويكون قضاء الحكم المطعون فيه بانتفاع المطعون ضده الأول بما نصت عليه المادة 15 المذكورة على خلاف ما سلف ودون الرد على دفاع الطاعن بعدم صدور القرارات التنفيذية للقانون المذكور معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المادة الأولى من قانون تسوية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة الصادر بالقانون 69 لسنة 1974 قد نصت على أنه "تسوى طبقاً لأحكام القانون المرافق الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسات على الأشخاص الطبيعيين والاعتباريين استناداً إلى القانون رقم 162 لسنة 1958 بشأن حالة الطوارئ "ونصت المادة 15 من ذات القانون على أنه "لا تسري الفوائد التأخيرية على ديون المعاملين بهذا القانون والتي يصدر بالاعتداد بها قرار من رئيس جهاز التصفية والمستحقة للجهات المنصوص عليها في المادة 11 وذلك اعتباراً من تاريخ فرض الحراسة حتى مضي سنة من تاريخ العمل بهذا القانون" والمقرر أن فرض الحراسة يغل يعد الخاضع لها عن إدارة أمواله والتصرف فيها وهذا هو - وعلى ما جاء بتقرير اللجنة التشريعية والمذكرة الإيضاحية للقانون - المناط في الانتفاع بالتيسيرات المنصوص عليها في المادة 15 المذكورة ولضمان جدية الدين اشترط النص صدور قرار رئيس جهاز التصفية بالاعتداد به، وتتوافر هذه الجدية للدين متى صدر القرار بالاعتداد به من جهة أخرى كلجنة تحقيق الديون والحارس العام - لما كان ذلك وكان قضاء الحكم المطعون فيه باستفادة المطعون ضده الأول مما نصت عليه المادة 15 سالفة الذكر قد قام على أن دينه قد اعتد به بقرار من لجنة تحقيق الديون بالحراسة العامة وأنه وإن قضى بإلغاء الأمر رقم 140 سنة 1961 بفرض الحراسة على المطعون ضده الأول واعتباره كأن لم يكن إلا أن ذلك لا يلغي الحقيقة الواقعة المتمثلة في أن المطعون ضده الأول قد غلت يده بالفعل عن استغلال أمواله خلال فترة فرض الحراسة الأمر الذي يتحقق معه ما قصد إليه المشرع من أحكام القانون رقم 69 سنة 1974 الذي جاءت نصوصه مطلقة في مخاطبة من فرضت عليهم الحراسة استناداً إلى القانون رقم 162 سنة 1958 بشأن حالة الطوارئ فإنه يكون ملتزماً لصحيح القانون، أما نعي الطاعن بخلو الأوراق مما يفيد نوع الحراسة وجنسية المطعون ضده الأول فهو دفاع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع فلا تقبل إثارته أمام هذه المحكمة لتعلقه بالواقع في الدعوى، والأصل المقرر هو سريان القانون بأثر فوري مباشر وليس من شأن عدم صدور القرارات التنفيذية له أن تحد من إعماله ومن ثم فما أثاره الطاعن في هذا الخصوص لا يمثل دفاعاً جوهرياً ولا على محكمة الموضوع إن هي التفتت عنه ولم توليه رداً، لما كان ما تقدم فإن النعي برمته لا يقوم على أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول أن المطعون ضده الأول أوفى بجانب من الفوائد محل النزاع بعد صدور القانون رقم 69 سنة 1974 بشأن تسوية الأوضاع الناشئة عن فرض الحراسة وسريانه وهو عالم بأنه غير ملزم بها، ووفقاً لنص المادة 181/ 2 من القانون المدني لا محل للرد، غير أن الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفاع بمقوله أن المطعون ضده الأول لم يكن يعلم وقت الوفاء بأنه غير ملزم بما دفعه ودون أن يشير بمدوناته إلى تمسك المطعون ضده الأول بذلك مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن النص في المادة 181 من القانون المدني على أنه "كل من تسلم على سبيل الوفاء ما ليس مستحقاً له وجب عليه رده 2 - على أنه لا محل للرد إذا كان من قام بالوفاء يعلم أنه غير ملزم بما دفعه إلا أن يكون ناقص الأهلية أو يكون قد أكره على هذا الوفاء" يدل على أنه لا محل للرد إذا كان الدفع عن بصيرة وترو أي عن علم الدافع بأنه غير ملزم بما دفعه، وأن الإكراه الدافع على الوفاء هو الضغط الذي تتأثر به إرادة الشخص ويدفعه إلى الوفاء متى كان من شأن الوسيلة المستخدمة أن تشيع الرهبة في نفس الموفى وتدفعه إلى الوفاء، وقيام عدم العلم وتقدير وسيلة الإكراه ومدى أثرها من المسائل الموضوعية التي تخضع لسلطة محكمة الموضوع لتعلق ذلك بالواقع - لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المطعون ضده الأول لم يكن يعلم وقت الوفاء بأنه غير ملزم بما دفعه لأن دين البنك لم تتحدد مفرداته في ذمته إلا بعد ندب خبير في الدعوى لتصفية الحساب بين الطرفين واطلاعه على أوراق الدين التي حجبها عنه البنك دون مبرر رغم تكرار طلبه موافاته بها وكان وفاؤه أثناء قيام الخصومة وتحت تأثير التهديد بتوقيع الحجز استيفاءً لهذا الدين ورتب على ذلك أحقية المطعون ضده الأول في استرداد ما دفع وهذا من الحكم استخلاص سائغ من أصل ثابت بالأوراق ويضحى النعي جدلاً موضوعياً غير مقبول.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.