أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 37 - صـ 175

جلسة 5 من فبراير سنة 1986

برئاسة السيد المستشار: محمد إبراهيم خليل نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: عبد المنصف هاشم، أحمد شلبي نائبي رئيس المحكمة، محمد عبد الحميد سند ومحمد جمال شلقاني.

(41)
الطعن رقم 1540 لسنة 52 القضائية

إثبات "الإقرار القضائي". التزام "سبب الالتزام". تجزئة "تجزئة الإقرار".
إقرار الدائن بعدم صحة السبب الوارد في سند الدين وذكره سبباً مشروعاً آخر له. إقرار غير قابل للتجزئة. أثره. بقاء الالتزام قائماً وصحيحاً ما لم يثبت المدين عدم صحة هذا السبب الآخر.
من المقرر قضاء هذه المحكمة أنه إذ أقر الدائن بعدم صحة السبب الوارد في سند المدين وذكر سبباً آخر مشروعاً على أنه السبب الحقيقي، كان إقراره هذا غير قابل للتجزئة ويبقى الالتزام قائماً وصحيحاً ما لم يثبت المدين أن هذا السبب الآخر غير صحيح.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر... والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليه الأول تقدم إلى السيد رئيس محكمة قنا الابتدائية بطلب إصدار الأمر بإلزام الطاعن بأن يدفع إليه مبلغ 3000 جـ يداينه به بموجب سند مؤرخ 19/ 11/ 1978 وبصحة الحجز التحفظي حجز ما للمدين لدى الغير الموقع بتاريخ 27/ 6/ 1979 تحت يد المطعون عليه الثاني وفاء لهذا الدين. وإذ رفض السيد رئيس المحكمة إصدار الأمر حدد جلسة لنظر الموضوع فقيدت الأوراق بجدول محكمة قنا الابتدائية برقم 2658 سنة 1979 مدني وإذ نظرت الدعوى طلب الطاعن توجيه اليمين الحاسمة إلى المطعون عليه الأول بأنه أعطى الطاعن مبلغ 3000 جـ بموجب السند المؤرخ 19/ 11/ 1978 وأن ذمته ما زالت مشغولة به. وبتاريخ 21/ 2/ 1980 وجهت المحكمة إلى المطعون عليه تلك اليمين فنازع المطعون عليه الأول في حلفها بتلك الصيغة مقرراً أن الطاعن كان مديناً... بهذا المبلغ فأداه إليه عن الطاعن وحرر السند بقيمته ومنحه أجلاً للوفاء ثم أدخل... خصماً في الدعوى بناء على تكليف المحكمة له بذلك. وبتاريخ 20/ 12/ 1980 حكمت المحكمة بإلزام الطاعن بأن يؤدي إلى المطعون عليه الأول مبلغ 3000 جـ.
استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف قنا بالاستئناف رقم 16 سنة 56 ق تجاري وبتاريخ 22/ 3/ 1982 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف.
طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب الطاعن بها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأنه لم يتسلم مبلغ القرض الثابت بالسند المؤرخ 19/ 11/ 1978 وركن في إثبات ذلك اليمين الحاسمة بالصيغة التي وجهتها بها محكمة أول درجة إلى المطعون عليه الأول ولكنه نازع في هذه الصيغة بدعوى وفائه بالمبلغ المطالب به عن الطاعن إلى الخصم المدخل وهو ما يعتبر معه المطعون عليه ناكلاً عن حلف اليمين ويضحى السند بلا سبب للمديونية لصورية السبب الوارد به الأمر الذي كان يتعين معه رفض الدعوى ولكن الحكم المطعون فيه عول على مجرد أقوال المطعون عليه الأول والخصم المدخل في الدعوى وأقام قضاءه بإلزامه بذلك المبلغ على قواعد الإثراء بلا سبب رغم وجود عقد يحكم العلاقة بينهما مما يعيبه بالخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق.
وحيث إن هذا النعي مردود. ذلك أنه من المقرر قضاء هذه المحكمة أنه إذا أقر الدائن بعدم صحة السبب الوارد في سند الدين وذكر سبباً آخر مشروعاً على أنه السبب الحقيقي، كان إقراره هذا غير قابل للتجزئة ويبقى الالتزام قائماً وصحيحاً ما لم يثبت المدين أن هذا السبب الآخر غير صحيح.
لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خلص في حدود سلطته في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة فيها إلى انشغال ذمة الطاعن بالمبلغ محل النزاع مما استظهره من أوراق الدعوى ومستنداتها من أن سند الدين قد حرر في ذات التاريخ الذي حرر فيه إقرار التنازل بين الطاعن والخصم المدخل في الدعوى بعد تصفية الحساب بينهما ووفاء المطعون عليه الأول للأخير بهذا المبلغ عن الطاعن الذي حرر له سند الدين آنف الذكر وأن المطعون عليه الأول لا يعتبر ناكلاً عن أداء اليمين التي وجهتها له محكمة أول درجة بناء على طلب الطاعن بعد أن نازع فيها ولم ينكر الطاعن عدم سداده الدين المطالب به وأقام قضاءه في ذلك على ما يكفي لحمله وله أصله الثابت في الأوراق فإن تعييبه فيما استطرد إليه تزيداً من أن التزام الطاعن بالوفاء بذلك المبلغ مرده قواعد الإثراء بلا سبب وأياً كان وجه الرأي فيه. يكون غير منتج ومن ثم يكون النعي برمته على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.