أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 37 - صـ 178

جلسة 6 من فبراير سنة 1986

برئاسة السيد المستشار: يوسف أبو زيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: عزت حنوره نائب رئيس المحكمة، محمود نبيل البناوي، أحمد نصر الجندي ومحمد بهاء الدين باشات.

(42)
الطعن رقم 2186 لسنة 52 القضائية

اختصاص. حكم "حكم المحكمين". تحكيم.
ولاية الفصل في المنازعات. انعقادها في الأصل للمحاكم م 15 ق 46/ 1972. الاستثناء جواز اتفاق الخصوم على إحالة ما بينهم من نزاع على محكمين يختارونهم للفصل فيه بحكم له طبيعة أحكام المحاكم. م 501 مرافعات. ما يصدر خارج المحاكم بغير هذا الاتفاق. تجرده من المقومات الأساسية للأحكام. أثره. لأي من الخصوم دفع الاحتجاج عليه به بمجرد إنكاره والتمسك بعدم وجوده دون حاجة للادعاء بتزويره أو إقامة دعوى مبتدأة لإهداره.
النص في المواد 15 من القانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية، 501/ 1، 502/ 3، من قانون المرافعات يدل على أنه وإن كانت ولاية الفصل في المنازعات معقودة - في الأصل للمحاكم، إلا أن المشرع أجاز للخصوم - خروجاً على هذا الأصل - أن يتفقوا على إحالة ما بينهم من نزاع على محكمين يختارونهم ليفصلوا فيه بحكم له طبيعة أحكام المحاكم، وإذ كان المحكمون يستمدون ولايتهم في الفصل في النزاع من اتفاق الخصوم على اختيارهم للفصل فيه، فإن ما يصدر خارج المحاكم بغير هذا الاتفاق لا يكون حكماً له المقومات الأساسية للأحكام بما يتيح لأي من الخصوم دفع الاحتجاج عليه به بمجرد إنكاره والتمسك بعدم وجوده دون حاجة إلى الإدعاء بتزويره أو اللجوء إلى الدعوى المبتدأة لإهداره.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر... والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى رقم 826 سنة 1978 مدني كلي الفيوم على الطاعن خلصوا فيها إلى طلب الحكم أصلياً بتثبيت ملكيتهم لحصة مقدارها 8 ط من 24 ط في كامل أرض وبناء المنزل الموضح بصحيفة الدعوى والتسليم واحتياطياً بإلزام الطاعن بأن يدفع لهم مبلغ ثلاثة آلاف جنيه، وقالوا بياناً لها أنهم يملكون هذه الحصة بطريق الميراث وإذ نازعهم الطاعن فيها فقد أقاموا الدعوى ليحكم لهم بطلباتهم، بتاريخ 3/ 2/ 1981 قضت المحكمة برفض الدعوى، استأنف المطعون ضدهم هذا الحكم لدى محكمة استئناف بني سويف "مأمورية الفيوم" بالاستئناف رقم 162 سنة 17 ق طالبين إلغاءه والحكم لهم بطلباتهم، بتاريخ 5/ 6/ 1982 قضت المحكمة بإلغاء الحكم وبعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها بحكم محكمين، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه في السببين الأولين من أسباب الطعن القصور ومخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول أنه لم يتفق مع المطعون ضدهم على اللجوء إلى التحكيم وقد خلا حكم المحكمين المقدم منهم من وجود هذا الاتفاق أو تمثيله في الخصومة فيه وهو ما يفقده مقومات الحكم ويبطله بطلاناً مطلقاً متعلقاً بالنظام العام، وإذ اعتد الحكم المطعون فيه بهذا الحكم واعتبره ذا حجية مانعة من نظر الدعوى دون أن يتحقق من هذا الدفاع، يكون معيباً بالقصور ومخالفة القانون.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أن النص في المواد 15 من القانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية على أنه "فيما عدا المنازعات الإدارية التي يختص بها مجلس الدولة تختص المحاكم بالفصل في كافة المنازعات والجرائم إلا ما استثنى بنص خاص "وفي المادة 501/ 1 من قانون المرافعات على أنه "يجوز الاتفاق على التحكيم في نزاع معين بوثيقة تحكيم خاصة كما يجوز الاتفاق على التحكيم في المنازعات التي تنشأ من تنفيذ عقد معين". وفي المادة 502/ 3 منه على أنه "ومع مراعاة ما تقضي به القوانين الخاصة يجب تعيين أشخاص المحكمين في الاتفاق على التحكيم أو في اتفاق مستقل" يدل على أنه وإن كانت ولاية الفصل في المنازعات معقودة - في الأصل للمحاكم، إلا أن المشرع أجاز للخصوم - خروجاً على هذا الأصل - أن يتفقوا على إحالة ما بينهم من نزاع على محكمين يختارونهم ليفصلوا فيه بحكم له طبيعة أحكام المحاكم، وإذ كان المحكمون يستمدون ولايتهم في الفصل في النزاع من اتفاق الخصوم على اختيارهم للفصل فيه، فإن ما يصدر خارج المحاكم بغير هذا الاتفاق لا يكون حكماً له المقومات الأساسية للأحكام بما يتيح لأي من الخصوم دفع الاحتجاج عليه به بمجرد إنكاره والتمسك بعدم وجوده دون حاجة إلى الإدعاء بتزويره أو اللجوء إلى الدعوى المبتدأة لإهداره، لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المطعون ضدهم لم يقدموا سوى محرر وصف بأنه حكم محكمين، وكان دفاع الطاعن قد قام على إنكاره اللجوء إلى التحكيم للفصل في ملكية المنزل المتنازع عليه بينه وبين المطعون ضدهم، فإن الحكم المطعون فيه إذ التفت عن هذا الدفاع لمجرد عدم ادعاء الطاعن بتزوير هذا المحرر أو الحصول على حكم ببطلانه وأسبغ على هذا المحرر حجية الأحكام دون أن يتثبت من اتفاق الخصوم على الالتجاء إلى التحكيم فيما ورد بهذا المحرر ورتب على ذلك قضاءه بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها يكون فضلاً عن قصوره قد خالف القانون بما يوجب نقضه دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.