أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 37 - صـ 181

جلسة 6 من فبراير سنة 1986

برئاسة السيد المستشار: يوسف أبو زيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: عزت حنوره نائب رئيس المحكمة، محمود نبيل البناوي، أحمد نصر الجندي ود. محمد بهاء الدين باشات.

(43)
الطعن رقم 647 لسنة 45 القضائية

(1) نقض "الاختصام في الطعن".
خصم لم يقض عليه بشيء. اختصامه في الطعن. غير مقبول.
(2) مسئولية "المسئولية التقصيرية: رابطة السببية: الخطأ". حكم "ما يعد قصوراً".
رابطة السببية في المسئولية التقصيرية. قيامها على الخطأ المنتج للضرر. الخطأ المنتج. ماهيته. تعدد الأخطاء المستقلة. أثره. توزيع المسئولية عليها دون انفراد الخطأ الأكبر بتحملها. علة ذلك. استغراق الخطأ الأشد لغيره من الأخطاء المستقلة. شرطه. إطلاق القول بحتمية استغراق الخطأ العمدي لغير العمدي. خطأ.
1 - إذ كان المطعون ضده الأول لم يستأنف الحكم الابتدائي الصادر عليه لصالح الطاعن، وكان الحكم المطعون فيه لم يقض بشيء على الطاعن لصالح المطعون ضده المذكور فإن اختصام هذا الأخير في الطعن يكون غير مقبول.
2 - رابطة السببية في المسئولية التقصيرية تقوم على الخطأ المنتج للضرر، والخطأ المنتج هو ما كانت مساهمته لازمة في إحداث الضرر ولم يكن مجرد نتيجة لخطأ آخر، فإذا ما تعددت هذه الأخطاء اعتبرت أسباباً مستقلة متساندة تتوزع المسئولية عليها جميعاً ولا ينفرد بتحملها الخطأ الأكبر وحده ذلك أن قضاء هذه المحكمة جرى على أنه مهما كانت جسامة الخطأ الأشد فإنه لا يستغرق غيره من الأخطاء المستقلة إلا إذا كان كافياً لإحداث النتيجة بالصورة التي تمت بها مستغنياً بذاته عن مساهمة الأخطاء الأخرى، لما كان ذلك وكانت أحكام المسئولية التقصيرية لا تفرق بين الخطأ العمدي وغير العمدي، فإن الحكم المطعون فيه إذ خلص إلى انتفاء مسئولية المطعون ضده الثاني عن خطئه غير العمدي على سند من إطلاق القول بأن الخطأ العمدي يستغرق حتماً الخطأ غير العمدي ورتب على ذلك وحده القضاء برفض دعوى الطاعن قبل المطعون ضدهما الثاني والثالث حاجباً نفسه عن بحث مدى أثر خطأ المطعون ضده الثاني في إحداث الضرر موضوع الدعوى، يكون - فضلاً عن خطئه في تطبيق القانون - معيباً بالقصور.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر نائب رئيس المحكمة.... والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 93 سنة 1972 مدني كلي أسوان على المطعون ضدهم طالباً الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يدفعوا له مبلغ خمسة آلاف جنيه، وقال بياناً لها أنه بمناسبة وقوع جناية القتل رقم 1044 سنة 1969 كوم أمبو قام المطعون ضده الثاني ضابط شرطة النقطة - بضبط ابن الطاعن وأحضره من القرية لتسليمه إلى مركز كوم أمبو، وكان يتعين على المطعون ضده الثاني - طبقاً للتعليمات - ترك المقبوض عليه لتتولى شرطة المركز إرساله صحبة الحراسة المشددة المعتادة إلى مقر النيابة للتحقيق معه، إلا أن المطعون ضده الثاني خالف تلك التعليمات بأن قام بإرسال المقبوض عليه إلى مقر النيابة صحبة شرطين غير مسلحين فتمكن منه أعداؤه المشمولين بقوامة المطعون ضده الأول بصفته وانهالوا عليه ضرباً بالعصي وطعناً بالسكاكين حتى أجهزوا عليه. وإذ كان قتل ابن الطاعن لا يرجع إلى فعل الجناة وحدهم وإنما أيضاً إلى خطأ المطعون ضده الثاني فمن ثم يسأل معهم عن تعويض هذا الضرر، وإذ كان المطعون ضده الثالث متبوعاً للمطعون ضده الثاني، فقد أقام الطاعن الدعوى ليحكم له عليهم بطلباته. رفع المطعون ضده الثالث. دعوى فرعية طالباً الحكم على المطعون ضده الثاني بما عسى أن يحكم به عليه. بتاريخ 25/ 1/ 1973، قضت المحكمة بإلزام المطعون ضدهم متضامنين بأن يدفعوا للطاعن مبلغ ثلاثة آلاف جنيه، وبعدم قبول الدعوى الفرعية لرفعها قبل الأوان. استأنف المطعون ضده الثالث هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط بالاستئناف رقم 62 سنة 48 ق طالباً إلغاءه والحكم أصلياً برفض الدعوى واحتياطياً الحكم له بطلباته في الدعوى الفرعية. كما استأنف المطعون ضده الثاني بالاستئناف رقم 72 سنة 48 ق طالباً إلغاءه والحكم برفض دعوى الطاعن. وبعد أن ضمت المحكمة أول الاستئنافين إلى ثانيهما قضت بتاريخ 6/ 4/ 1974 بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى بالنسبة للمطعون ضدهما الثاني والثالث وبرفض الدعوى الفرعية. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن المطعون ضده الأول لم يستأنف الحكم الابتدائي الصادر عليه لصالح الطاعن، وكان الحكم المطعون فيه لم يقض بشيء على الطاعن لصالح المطعون ضده المذكور فإن اختصام هذا الأخير في الطعن يكون غير مقبول.
وحيث إن الطعن بالنسبة لباقي الخصوم قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى بها الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول أن الضرر الذي نشأ عن قتل ابنه يرجع إلى سببين متميزين اشتركا معاً في إحداثه وهما اعتداء الجناة وإهمال المطعون ضده الثاني الذي مكنهم من الاعتداء بأن أرسل المجني عليه من مركز الشرطة إلى مقر النيابة ماشياً مقيداً - ودون حرس مسلح يزود عنه الاعتداء المتوقع من طالبي الأخذ بالثأر، ولولاً هذا الإهمال لتعذر على الجناة التمكن من المجني عليه بعصيهم وسكاكينهم. ومن ثم فإن خطأ الجناة - وإن كان عمدياً - لا يستغرق خطأ المطعون ضده الثاني، وبالتالي يسأل معهم عن تعويض ذلك الضرر وإذ رفض الحكم المطعون في دعوى الطاعن قبل المطعون ضدهما الثاني والثالث على سند من القول بأن الخطأ العمدي يستغرق الإهمال ويبقى وحده المرتب للمسئولية، يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كانت رابطة السببية في المسئولية التقصيرية تقوم على الخطأ المنتج للضرر، وكان الخطأ المنتج هو ما كانت مساهمته لازمة في إحداث الضرر ولم يكن مجرد نتيجة لخطأ آخر، فإذا ما تعددت هذه الأخطاء اعتبرت أسباباً مستقلة متساندة تتوزع المسئولية عليها جميعاً ولا ينفرد بتحملها الخطأ الأكبر وحده، ذلك أن قضاء هذه المحكمة جرى على أنه مهما كانت جسامة الخطأ الأشد فإنه لا يستغرق غيره من الأخطاء المستقلة إلا إذا كان كافياً لإحداث النتيجة بالصورة التي تمت بها مستغنياً بذاته عن مساهمة الأخطاء الأخرى، لما كان ذلك وكانت أحكام المسئولية التقصيرية لا تفرق بين الخطأ العمدي وغير العمدي، فإن الحكم المطعون فيه إذ خلص إلى انتفاء مسئولية المطعون ضده الثاني عن خطئه غير العمدي على سند من إطلاق القول بأن الخطأ العمدي يستغرق حتماً الخطأ غير العمدي ورتب على ذلك وحده القضاء برفض دعوى الطاعن قبل المطعون ضدهما الثاني والثالث حاجباً نفسه عن بحث مدى أثر خطأ المطعون ضده الثاني في إحداث الضرر موضوع الدعوى، يكون - فضلاً عن خطئه في تطبيق القانون - معيباً بالقصور بما يوجب نقضه.