أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 37 - صـ 241

جلسة 20 من فبراير سنة 1986

برئاسة السيد المستشار: يوسف أبو زيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: عزت حنوره نائب رئيس المحكمة، محمود نبيل البناوي، أحمد نصر الجندي ومحمد بهاء الدين باشات.

(55)
الطعن رقم 2348 لسنة 53 القضائية

(1) قانون "إلغاء القانون". مسئولية "مسئولية حارس البناء".
- إلغاء التشريع المتضمن قاعدة عامة لا يتم إلا بتشريع لاحق ينص صراحة على هذا الإلغاء أو يشتمل على نص يتعارض مع التشريع القديم أو ينظم من جديد الموضوع الذي سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع. المقصود بالتعارض. أن يرد النصان على محل واحد ويستحيل إعمالهما فيه معاً. مثال نصوص قانون إيجار الأماكن 49 لسنة 1977 ليست ناسخة للمادة 177/ 1 مدني.
(2، 3) مسئولية "المسئولية التقصيرية" "مسئولية حارس البناء".حكم "ما لا يعد قصوراً".
2 - مسئولية حارس البناء. قيامها على خطأ مفترض في جانبه لا يقبل إثبات العكس. انتقاؤها بنفي علاقة السببية بين الخطأ المفترض والضرر. سبيل ذلك. إثبات القوة القاهرة أو خطأ الغير أو خطأ المضرور نفسه.
3 - إغفال الحكم الرد على دفاع غير مؤثر في الدعوى. لا يعيبه بالقصور (مثال بشأن مسئولية حارس البناء).
1 - إلغاء النص التشريعي الذي يتضمن قاعدة عامة لا يتم - وعلى ما جرى به نص المادة الثانية من القانون المدني - إلا بتشريع لاحق ينص صراحة على هذا الإلغاء أو يشتمل على نص يتعارض مع التشريع القديم أو ينظم من جديد الموضوع الذي سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع، والمقصود بالتعارض في هذا الخصوص - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون النصان واردين على محل واحد ويستحيل إعمالهما فيه معاً. وإذ كان نص المادة 177/ 1 من القانون المدني قد نظم أحكام مسئولية حارس البناء عن الأضرار الناشئة عن تهدمه بسبب قدمه أو عيب فيه أو الإهمال في صيانته، وكانت نصوص القانون رقم 49 لسنة 1977 التي خلت من النص صراحة على إلغاء تلك المادة - لم تتضمن تنظيماً لأحكام تلك المسئولية بل اقتصرت على تحديد الإجراءات والاحتياطات الواجب اتباعها في شأن المنشآت الآيلة للسقوط أو تلك التي تحتاج إلى ترميم أو صيانة وطرق الطعن في القرارات الصادرة بشأنها وهو ما لا يحول دون إعمال هذه القواعد وقاعدة مسئولية حارس البناء معاً كل في مجاله الخاص في التطبيق، فإن نصوص القانون رقم 49 لسنة 1977 لا تكون ناسخة لنص المادة 177/ 1 من القانون المدني.
2 - مفاد نص المادة 177/ 1 من القانون المدني أن مسئولية حارس البناء عن الضرر الناشئ عن تهدمه كلياً أو جزئياً تقوم على خطأ مفترض في جانب الحارس بإهماله صيانة هذا البناء أو تجديده أو إصلاحه، وهو خطأ لا يقبل إثبات العكس، وإن كانت المسئولية تنتفي بنفي علاقة السببية بين هذا الخطأ المفترض وبين الضرر بإثبات أن وقوع التهدم ولو كان جزئياً لا يرجع إلى إهمال في الصيانة أو قدم في البناء أو عيب فيه وإنما يرجع إلى القوة القاهرة أو خطأ الغير أو خطأ المضرور نفسه.
3 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة - إلا بعيب الحكم بالقصور إغفاله الرد على دفاع غير مؤثر في الدعوى، وإذ كان المطعون فيه قد أقام قضاءه بمسئولية الطاعنين على سند من خطئهم المفترض بوصفهم حراساً للبناء عملاًَ بالمادة 177/ 1 من القانون المدني، فإن ما أثاره الطاعنون بدفاعهم - بفرض صحته - لم يكن يؤدي إلى تهدم البناء فلا يعد سبباً أجنبياً تنتفي به علاقة السببية بين خطأ الطاعنين المفترض وبين الضرر بما لا يعيب الحكم إغفال الرد عليه أو تحقيقه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر.... والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى عن نفسها وبصفتها أقامت الدعوى رقم 312 سنة 1980 مدني كلي بورسعيد على الطاعنين طالبة الحكم بإلزامهم بأن يدفعوا لها مبلغ 50 ألف جنيه وقالت بياناً لها أن الطاعنين امتنعوا من تنفيذ القرار الصادر بترميم منزلهم مما أدى إلى تهدم جزء منه على مسجد مجاور فانهار على المصلين به ومن بينهم مورثهم مما أدى إلى وفاته، وإذ كانت قد أصيبت بأضرار تقدر التعويض عنها بالمبلغ المطالب به فقد أقامت الدعوى ليحكم لها بطلباتها، بتاريخ 22/ 12/ 1981 قضت المحكمة بإلزام الطاعنين بأن يدفعوا مبلغ ثمانية آلاف جنيه، استأنفت المطعون ضدها الأولى هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسماعيلية "مأمورية بورسعيد" بالاستئناف رقم 260 لسنة 22 ق طالبة تعديله إلى الحكم لها بكامل طلباتها كما استأنفه الطاعنون بالاستئناف رقم 273 لسنة 22 ق طالبين إلغاءه والحكم برفض الدعوى، وبعد أن ضمت المحكمة الاستئناف الأول إلى الأخير قضت بتاريخ 20/ 6/ 1982 بتعديل الحكم إلى إلزام الطاعنين بأن يدفعوا مبلغ 15 ألف جنيه، طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعنون بأولها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيانه يقولون إن نصوص القانون رقم 49 سنة 1977 قد تضمنت تنظيماً للقواعد الواجب اتبعاها بشأن المنشآت الآيلة للسقوط وتلك التي تحتاج إلى ترميم أو صيانة وهو ما يعد نسخاً لنص المادة 177/ 1 من القانون المدني، وإذا قام الحكم قضاءه على سند من نص المادة الأخيرة يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان إلغاء النص التشريعي الذي يتضمن قاعدة عامة لا يتم - وعلى ما جرى به نص المادة الثانية من القانون المدني - إلا بتشريع لاحق ينص صراحة على هذا الإلغاء أو يشتمل على نص يتعارض مع التشريع القديم أو ينظم من جديد الموضوع الذي سبق أن قرر قواعده ذلك التشريع، وكان المقصود بالتعارض في هذا الخصوص - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يكون النصان واردين على محل واحد ويستحيل إعمالهما فيه معاً، لما كان ذلك وكان نص المادة 177/ 1 من القانون المدني قد نظم أحكام مسئولية حارس البناء عن الأضرار الناشئة عن تهدمه بسبب قدمه أو عيب فيه أو الإهمال في صيانته، وكانت نصوص القانون رقم 49 سنة 1977 - التي خلت من النص صراحة على إلغاء تلك المادة - لم تضمن تنظيماً لأحكام تلك المسئولية بل اقتصرت على تحديد الإجراءات والاحتياطات الواجب اتبعاها في شأن المنشآت الآيلة للسقوط أو تلك التي تحتاج إلى ترميم أو صيانة وطرق الطعن في القرارات الصادرة بشأنها وهو ما لا يحول دون إعمال هذه القواعد وقاعدة مسئولية حارس البناء معاً كل في مجاله الخاص في التطبيق، فإن نصوص القانون رقم 49 سنة 1977 لا تكون ناسخة لنص المادة 177/ 1 من القانون المدني، وإذا التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر يكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه القصور والخطأ في تطبيق القانون، وفي بيانهما يقولون أنهم تمسكوا لدى محكمة الاستئناف بأن كلاً من جهة الإدارة وشاغلي العقار قد طعنوا في الحكم الصادر بإزالته مما أدى إلى تعذر تنفيذه، فضلاً عن خطأ المضرور - مورث المطعون ضدها الأولى لأدائه الصلاة في مسجد يعلم الكافة بملاصقة لمنزل آيل للسقوط بالإضافة إلى خطأ جهة الإدارة إذا لم تتخذ الإجراءات الكفيلة بالمحافظة على الأرواح رغم إنذارها بذلك كما أنها أعادت فتح المسجد بعد ترميم سقفه الذي تهدم من قبل رغم أنهم أغلقوه لملاصقته لمنزلهم الآيل للسقوط، وهو منهم دفاع يتحقق به السبب الأجنبي الذي يقطع علاقة السببية بين خطئهم المفترض وبين الضرر بما يكفي لانتقاء مسئوليتهم، وإذا لم يعنى الحكم المطعون فيه بالرد على هذا الدفاع أو تحقيقه وخلص بالرغم من ذلك إلى ثبوت مسئوليتهم يكون فضلاً عن قصوره قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه لما كان مفاد نص المادة 177/ 1 من القانون المدني أن مسئولية حارس البناء عن الضرر الناشئ عن تهدمه كلياً أو جزئياً تقوم على خطأ مفترض في جانب الحارس بإهماله صيانة هذا البناء أو تجديده أو إصلاحه وهو خطأ لا يقبل إثبات العكس، وإن كانت المسئولية تنتفي بنفي علاقة السببية بين هذا الخطأ المفترض وبين الضرر بإثبات أن وقوع التهدم ولو كان جزئياً لا يرجع إلى إهمال في الصيانة أو قدم في البناء أو عيب فيه وإنما يرجع إلى القوة القاهرة أو خطأ الغير أو خطأ المضرور بنفسه، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة ألا يعيب الحكم بالقصور إغفاله الرد على دفاع غير مؤثر في الدعوى، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بمسئولية الطاعنين على سند من خطئهم المفترض بوصفهم حراساً للبناء عملاً بالمادة 177/ 1 من القانون المدني، وكان ما أثاره الطاعنون بدفاعهم - بفرض صحته - لم يكن يؤدي إلى تهدم البناء فلا يعد سبباً أجنبياً تنتفي به علاقة السببية بين خطأ الطاعنين المفترض وبين الضرر بما لا يعيب الحكم إغفاله الرد عليه أو تحقيقه، فإن النعي بهذين السببين يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.