أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 37 - صـ 261

جلسة 20 من فبراير سنة 1986

برئاسة السيد المستشار: أحمد كمال سالم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: الحسيني الكناني، محمد فؤاد شرباش، د/ محمد فتحي نجيب ومحمد عبد البر حسين سالم.

(58)
الطعن رقم 1169 لسنة 51 القضائية

(1، 2) إيجار "إيجار الأماكن" "التزامات المستأجر". عقد "فسخ العقد" "تجديد العقد".
1 - إحاطة المستأجر المؤجر علماً بأي طريق بوضع العين المؤجر تحت تصرفه عند انتهاء الإيجار. كفايته لتنفيذ التزامه برد العين ولو لم يستول عليها المؤجر استيلاءً مادياً.
2 - طلب الأجرة التي ترتب الفسخ على التأخير في دفعها. لا يفيد التنازل عن الحكم الصادر بالإخلاء أو الموافقة الضمنية على تجديد الإجارة بعد انتهائها. علة ذلك.
1 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن تنفيذ التزام المستأجر برد العين المؤجرة - عند انتهاء الإجارة - يكون بوضعها تحت تصرف المؤجر بحيث يتمكن من حيازتها والانتفاع بها دون عائق ولو لم يستول عليها استيلاء مادياً، ويكفي في هذا الخصوص أن يحيط المستأجر المؤجر علماً بوضع العين المؤجرة تحت تصرفه بأي طريق من طرق العلم، إذ لم يتطلب القانون لذلك شكلاً خاصاً.
2 - طلب الأجرة التي ترتب الفسخ على التأخير في دفعها لا يفيد التنازل عن الحكم الصادر بالإخلاء، إذ لا تعارض بين التمسك بتنفيذ هذا الحكم والمطالبة بتلك الأجرة لأن التنازل الضمني عن الحق لا يثبت بطريق الاستنتاج، إلا من أفعال لا يشك في أنه قصد بها التنازل عنه، وليس في المطالبة بالأجرة ما يدل على ذلك، وليس فيها - كذلك - ما يدل على موافقة ضمنية - من جانب المؤجر - على تجديد الإجارة بعد انتهائها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر... والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أن الطاعن أقام على المطعون ضدهم الدعوى رقم 229 سنة 1974 مدني كلي بورسعيد بطلب الحكم بإلزامهم بتمكينه من الشقة المبينة بالصحيفة، وقال في بيان دعواه أنه كان يستأجر هذه الشقة من المطعون ضده الأول الذي استصدر ضده الحكم رقم 29 سنة 1972 مدني كلي بورسعيد بإخلائها لتأخيره في سداد الأجرة إلا أن هذا الحكم لم يتم تنفيذه لاتفاقه مع المطعون ضده الأول وشقيقه المطعون ضده الثالث - وهو أحد ملاك العقار الكائنة به شقة النزاع على أن يقوم بسداد الأجرة المتأخرة في ذمته مقسطة مع أجرة الشهور التالية، وبقى بالفعل بالعين وأخذ في سداد الأجرة على هذا النحو حتى فوجئ يوماً بوجود المطعون ضده الثاني بداخلها، وتبين أن المطعون ضدهما الأول والثالث انتهزا فرصة غيبته عنها أيام فترة تهجيره من بورسعيد ومكنا المطعون ضده الثاني منها فأقام الدعوى. دفع المطعون ضده الأول الدعوى بأنه رفض استمرار العلاقة الإيجارية بينه وبين الطاعن - بعد صدور الحكم بالإخلاء - وأن الأخير قام بإخلاء العين طواعية وأرسل إليه مفتاحها مع مسئول الاتحاد الاشتراكي - المدعو... - وتقدم بطلب إلى المحافظة لرفع عداد الإنارة الخاص به من الشقة، ومن ثم لم ير مبرراً لتنفيذ الحكم بالطريق الجبري، وأن المبالغ التي كان يتقاضاها من الطاعن بعد صدور هذا الحكم كانت تمثل أجرة الشهور المستحقة في ذمته قبل صدور الحكم المشار إليه. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق لسماع شهادة.... في شأن تدخله في النزاع وظروف تسليمه مفتاح الشقة المتنازع عليها للمطعون ضده الأول، وبعد سماع شهادته حكمت المحكمة بتاريخ 31/ 3/ 1976 بتمكين الطاعن من الشقة. استأنف المطعون ضدهما الأول والثاني هذا الحكم بالاستئناف رقم 84 لسنة 17 ق الإسماعيلية (مأمورية بورسعيد) وبتاريخ 20/ 12/ 1981 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين، ينعى بهما الطاعن على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والخطأ في الإسناد وفي بيان ذلك يقول أن الحكم ذهب إلى أنه قام طوعاً بتنفيذ حكم الإخلاء الصادر في الدعوى رقم 29 لسنة 1972 مدني بورسعيد مستنداً في ذلك إلى أنه عرض على المطعون ضده الأول قبول استئداء الأجرة المتأخرة في ذمته مقسطة مع أجرة الشهور التالية لصدور ذلك الحكم، وإنه سوف يقوم بإخلاء العين المؤجرة إذا رفض عرضه، وإلى أنه تقدم بطلب إلى قسم الإنارة بمحافظة بورسعيد لرفع العداد من شقة النزاع، وإلى قيام وسيط يدعى.... بإبلاغ المطعون ضده الأول بأن الطاعن أخلى الشقة بالفعل وسلمه مفاتيحها، بينما الواقع في الدعوى أن المطعون ضده الأول وافق على استئداء الأجرة المتأخرة على النحو الذي عرضه عليه الطاعن وأخذ في قبضها مع أجرة الشهور التالية لصدور حكم الإخلاء، بما يدل على انصرافها إلى سداد جزء من الأجرة المتأخرة وآخر من أجرة الشهور اللاحقة، ويفصح عن قبول المطعون ضده الأول استمرار العلاقة الإيجارية بينهما بعد صدور حكم الإخلاء أما عن طلبه رفع عداد الإنارة من الشقة موضوع النزاع فكان مرجعه الخشية من سرقته مثلما حدث بمساكن بعض المهجرين من المدينة كما لم يثبت إنابته.... في إنهاء العلاقة الإيجارية مع المطعون ضده الأول، الأمر الذي يشوب الحكم بالفساد في الاستدلال والخطأ في الإسناد ويستوجب نقضه.
وحيث إن النعي في غير محله، ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن تنفيذ التزام المستأجر برد العين المؤجرة - عند انتهاء الإجارة - يكون بوضعها تحت تصرف المؤجر بحيث يتمكن من حيازتها والانتفاع بها دون عائق ولو لم يستول عليها استيلاء مادياً، ويكفي في هذا الخصوص أن يحيط المستأجر المؤجر علماً بوضع العين المؤجرة تحت تصرفه بأي طريق من طرق العلم إذا لم يتطلب القانون لذلك شكلاً خاصاً. ومن المقرر كذلك أن طلب الأجرة التي ترتب الفسخ على التأخير في دفعها لا يفيد التنازل عن الحكم الصادر بالإخلاء إذا لا تعارض بين التمسك بتنفيذ هذا الحكم والمطالبة بتلك الأجرة لأن التنازل الضمني عن الحق لا يثبت بطريق الاستنتاج، إلا من أفعال لا يشك في أنه قصد بها التنازل عنه، وليس في المطالبة بالأجرة ما يدل على ذلك، وليس فيها - كذلك - ما يدل على موافقة ضمنية - من جانب المؤجر - على تجديد الإجارة بعد انتهائها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه أقام قضاءه باعتبار الطاعن قد قام طواعية بتنفيذ حكم الإخلاء رقم 29 سنة 1972 - مدني كلي بورسعيد الصادر ضده بتاريخ 18/ 4/ 1973 وعدم موافقة المطعون ضده الأول على طلب الطاعن على تجديد العقد بعد انتهائه بموجب هذا الحكم، على ما أورده بمدوناته من أن الأخير أرسل للمطعون ضده الأول في 24/ 4/ 1973 خطاباً" يعرض عليه فيه سداد الإيجار الشهري للمدة التالية على صدور الحكم بالإضافة إلى سداد جزء من الإيجار المتأخر، وأنه في حالة رفض المستأنف الأول (المطعون ضده الأول) لذلك العرض فإن المستأنف عليه الأول (الطاعن) سيقوم بإخلاء العين، كما تقدم المستأنف عليه الأول بطلب لقسم الإنارة بمحافظة بورسعيد لرفع عداد الإنارة بشقة التداعي في 25/ 4/ 1973 وقد رفع العداد بالفعل في اليوم التالي وكما حرر.... خطاباً للمستأنف الأول بتاريخ 30/ 4/ 1974 يخطره فيه بإخلاء المستأنف عليه الأول لشقة التداعي وبتسليمه مفاتيحها الأمر الذي يفيد بأن المستأنف عليه الأول قد قام بتنفيذ حكم الإخلاء عندما رفض المستأنف الأول تقاضي الإيجار المتأخر مقسطاً على النحو الذي عرضه المستأنف عليه الأول، ومما يؤيد هذا النظر ما ذكره... مقرر رعاية المهجرين عند سماع شهادته أمام محكمة أول درجة بأن المستأنف عليه الأول قد وسطه لدى المستأنف الأول ليقبل الإيجار الجديد وجزءاً من الإيجار المتأخر بيد أن المستأنف عليه الأول رفض ذلك، ثم أرسل له المستأنف عليه الأول مفاتيح الشقة لتسليمها للمستأنف الأول، وأنه سلمها له بالفعل، ولا ينال من ذلك الإيصالات المقدمة بحافظة مستندات المستأنف عليه الأول والصادرة له من المستأنف عليه الثاني.... ذلك أن نص تلك الإيصالات قد جاء به أن المسدد بكل منها خاص بقسط شهر معين حسب الاتفاق الأمر الذي يؤيد دفاع المستأنف الأول والمستأنف عليه الثاني بأن المبالغ الموضحة بتلك الإيصالات إنما تنصرف إلى الإيجار المتأخر السابق على حكم الإخلاء"، وكان هذا الذي ذهب إليه الحكم يقوم على استنباط سائغ لواقع الدعوى وأدلتها، وله أصله الثابت بالأوراق، ويكفي لحمل قضائه، ويتضمن الرد على دفاع الطاعن مما لا سبيل للجدل فيه لدى محكمة النقض لتعلقه بأمر واقعي، قدرته محكمة الموضوع واستدلت عليه بدليل جائز وأسباب سائغة، الأمر الذي يضحى معه النعي عليه بهذين السببين في غير محله.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.