أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 37 - صـ 333

جلسة 16 من مارس سنة 1986

برئاسة السيد المستشار: محمد المرسي فتح الله نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: سعيد أحمد صقر، وليم رزق بدوي نائبي رئيس المحكمة، محمد لطفي السيد وطه الشريف.

(73)
الطعن رقم 1293 لسنة 54 قضائية

1 - نقض "الخصوم في الطعن".
الاختصام في الطعن. شرطه.
2 - عقد "أركان العقد" "الرضا". بيع "البيع بالمزاد".
العقد في المزايدات. تمامه برسو المزاد. م 99 مدني. شروط المزاد. تضمنها أحكاماً خاصاً. وجوب الرجوع إليها. علة ذلك.
3 - مسئولية "المسئولية العقدية". تعويض "الشرط الجزائي". إثبات عبء الإثبات".
وجود الشرط الجزائي في العقد. مؤداه. افتراض وقوع الضرر. للمدين إثبات عدم وقوعه.
1 - المناط في توجيه الطعن إلى خصم معين أن يكون للطاعن مصلحة في اختصامه بأن يكون لأي منهما طلبات قبل الآخر تنازعا فيها أمام محكمة الموضوع.
2 - النص في المادة 99 من القانون المدني على أن "لا يتم العقد في المزايدات إلا برسو المزاد..." مفاده أن العقد في المزايدات ينعقد كأصل عام بإيجاب في المزايد هو العطاء الذي يتقدم به وقبول من الجهة صاحبة المزاد يتم برسو المزاد، إلا أنه إذا تضمنت شروط المزاد أحكاماً خاصة في هذا الشأن فإن هذه الأحكام هي التي يجب الرجوع إليها باعتبارها قانون المتعاقدين.
3 - تنص الفقرة الأولى في المادة 224 من القانون المدني على أن "لا يكون التعويض الاتفاقي مستحقاً إذا أثبت المدين أن الدائن لم يلحقه أي ضرر" ووجود الشرط الجزائي في العقد يفترض معه وقوع الضرر إلا إذا أثبت المدين عدم وقوعه لأن هذا الشرط ينقل عبء الإثبات من عاتق الدائن إلى عاتق المدين".


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر... والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام على الشركة الطاعنة والمطعون ضده الثاني الدعوى رقم 2195 سنة 1981 مدني كلي الإسكندرية طالباً الحكم بإلزامهما أن يدفعا له عشرة آلاف جنيه والفوائد القانونية. وقال في بيان دعواه أنه بتاريخ 22/ 9/ 1978 أعلنت الطاعنة عن مزاد لبيع قطع أراضي للبناء مملوكة لمحافظة الإسكندرية فتقدم لدخول المزاد بعد سداد التأمين المطلوب وقدره عشرة آلاف جنيه ورسا عليه مزاد بيع القطعتين رقمي 3، 4 بلوك رقم 28 وأصبح عليه تكملة مقدم ثمنهما إلى 40% من قيمتهما خلال 72 ساعة طبقاً للبند الرابع من شروط المزاد إلا أن الطاعنة سكتت عن مطالبته وتبين له وجود خلاف بينها وبين الجهة المالكة للأرض يستحيل معه عليها تنفيذ التزاماتها الناشئة عن المزاد مما يجعل عقده معها منفسخاً ويخوله الحق في استرداد التأمين ومن ثم أقام الدعوى بطلباته سالفة البيان. تقدمت الطاعنة بطلب عارض لإنهاء ارتباطها مع المطعون ضده الأول عن القطعتين المشار إليهما وصيرورة التأمين المدفوع عنهما من حقها لتخلفه عن الوفاء بباقي مقدم الثمن إعمالاً للبند سالف الذكر من شروط المزاد. حكمت المحكمة برفض الدعوى الأصلية وإجابة الطاعنة إلى طلباتها العارضة. استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 844 سنة 39 قضائية الإسكندرية، وبتاريخ 27/ 2/ 1984 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعنة أن ترد إلى المطعون ضده الأول عشرة آلاف جنيه. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض ودفع المطعون ضده الثاني بعدم قبول الطعن بالنسبة له، وقدمت النيابة مذكرة رأت فيها قبول الدفع ورفض الطعن بالنسبة للمطعون ضده الأول وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة، فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى دفع المطعون ضده الثاني أنه لم ينازع الطاعنة في طلباتها ولم يقض له بشيء قبلها ومن ثم فلا مصلحة لها في اختصامه في الطعن.
وحيث إن هذا الدفع في محله، ذلك أن المناط في توجيه الطعن إلى خصم معين أن تكون للطاعن مصلحة في اختصامه بأن يكون لأي منهما طلبات قبل الآخر تنازعا فيها أمام محكمة الموضوع، وإذ كانت الطاعنة لم توجه أية طلبات إلى المطعون ضده الثاني ولم ينازع هو في طلباتها ولم يحكم له أوعليه بشيء فإن اختصامه في الطعن يكون غير مقبول.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة للمطعون ضده الأول.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب تنعى الطاعنة بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك تقول أن الحكم جرى قضاؤه على أن العقد بينها والمطعون ضده انعقد بتمام الإيجاب والقبول فيه إلا أن الأخير لم يكمل مقدم الثمن وانصرفت إرادته إلى فسخه في حين أن العقد بينهما لم ينعقد طبقاً لشروط المزاد لتخلف المطعون ضده عن تكمله مقدم الثمن وهو ما ينفي اتجاه إرادته منذ البداية إلى إتمام العقد مما يكون معه الحكم قد أخطأ فهم شروط المزاد وخالف القصد منها.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه لما كان النص في المادة 99 من القانون المدني على أن "لا يتم العقد في المزايدات إلا برسو المزاد...." مفاده أن العقد في المزايدات ينعقد كأصل عام بإيجاب من المزايد هو العطاء الذي يتقدم به وقبول من الجهة صاحبة الزاد يتم برسو المزاد، إلا أنه إذا تضمنت شروط المزاد أحكاماً خاصة في هذا الشأن فإن هذه الأحكام هي التي يجب الرجوع إليها باعتبارها قانون المتعاقدين. وإذ كانت شروط المزاد التي جرى على أساسها التعاقد موضوع الدعوى تقضي في البند 3 أن يسدد المزايد خمسة آلاف جنيه بصفة تأمين قبل جلسة المزاد وفي البند 4 أن يسدد من يرسو عليه المزاد باقي مقدم الثمن بواقع 40% من قيمة الأرض ويحسب مبلغ التأمين ضمن إجمالي الثمن وذلك خلال 72 ساعة من جلسة المزاد وإلا اعتبر منسحباً وأصبح التأمين من حق الشركة وفي البند 15 على حق لجنة المزاد في قبول أو رفض نتيجة المزايدة دون إبداء الأسباب، وكان مفاد هذه الشروط أن - انعقاد العقد يكون بإيجاب من المزايد هو عطاؤه الذي يتقدم به طبقاً للأصل العام بينما يتم القبول باستعمال لجنة المزاد حق الخيار المخول لها في البند 15 والموافقة على نتيجة المزايدة، أما ما ورد في البند 4 من التزام الراسي عليه المزاد سداد باقي الثمن المحدد فيه خلال أجل معين فإن ذلك هو أحد الالتزامات المترتبة على قيام العقد في ذمة من رسا عليه المزاد - لما كان ذلك وكان الثابت في الدعوى أن المطعون ضده رسا عليه مزاد بيع القطعتين رقمي 3، 4 بلوك رقم 28، وكانت الطاعنة لا تجادل في استعمال لجنة المزاد خيار الموافقة على هذا العطاء فإن العقد بين الطرفين يكون قد انعقد بتمام الإيجاب والقبول فيه وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك تقول أن الحكم اعتبر التأمين المدفوع لدخول المزاد شرطاً جزائياً وطبق عليه الأحكام الخاصة بذلك. حال أن البند 4 من شروط المزاد يقضي باعتبار من رسا عليه المزاد منسحباً إذا لم يكمل مقدم الثمن إلى الحد الوارد به خلال أجل معين وصيرورة التأمين من حق الشركة مما يكون هذا التأمين عربون عدول لمن رسا عليه المزاد لأن الطرفين لم يكونا قد تجاوزا مرحلة إبرام العقد ومن ثم يطبق في شأنه حكم المادة 103 من القانون المدني.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه لما كان البند 4 من شروط المزاد ينص على أن "يلتزم من يرسو عليه المزاد أن يسدد للشركة باقي مقدم الثمن حيث يستكمل المقدم الذي تحدد بواقع 40% من إجمالي الثمن خلال 72 ساعة من تاريخ الجلسة... وتحسب قيمة التأمين ضمن إجمالي الثمن وإذ لم يسدد من يرسو عليه المزاد استكمال المقدم في الموعد المحدد اعتبر منسحباً وأصبحت قيمة التأمين المدفوع من حق الشركة دون معارضة ودون حاجة إلى إجراء قضائي...." وكان العقد بين الطرفين قد انعقد على ما سلف بيانه في الرد على السبب الأول وأصبح الراسي عليه المزاد ملتزماً بموجبه بسداد باقي مقدم الثمن خلال أجل معين، وكان الشرط الجزائي طبقاً للمادة 223 من القانون المدني هو ما يحدده المتعاقدان مقدماً من تعويض عند امتناع المدين عن تنفيذ التزامه أو تأخره في التنفيذ فإن النص في البند 4 سالف الذكر على صيرورة التأمين المدفوع لدخول المزاد من حق الشركة إذا تخلف الراسي عليه المزاد عن تنفيذ التزامه بسداد باقي الثمن خلال أجل معين يكون شرطاً جزائياً. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسببين الثالث والرابع على الحكم المطعون فيه الخطأ في فهم الواقع والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك تقول إن الحكم ذهب إلى أن العقد فسخ بإرادة الطرفين استناداً إلى طلبها إنهاء ارتباطها مع المطعون ضده، في حين أن هذا الأخير هو الذي رغب في عدم إتمام البيع وأن القصد من طلبها كان تقرير حقها بحكم قضائي في قيمة التأمين وإعادة بيع الأرض طبقاً للبند 4 من شروط المزاد.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه لما كانت الفقرة الأولى من المادة 224 من القانون المدني تنص على أن "لا يكون التعويض الاتفاقي مستحقاً إذا أثبت المدين أن الدائن لم يلحقه أي ضرر" وكان وجود الشرط الجزائي في العقد يفترض معه وقوع الضرر إلا إذا أثبت المدين عدم وقوعه لأن هذا الشرط ينقل عبء الإثبات من عاتق الدائن إلى عاتق المدين، وكان الحكم المطعون في قد أقام قضاءه بإلزام الطاعنة أن ترد قيمة التأمين إلى المطعون ضده على ما قرره من أن الطاعنة لم تذكر أن ضرراً أصابها من جراء فسخ العقد وقد خلت أوراق الدعوى من الكشف عن أن ثمة ضرر أصابها، وكانت الطاعنة لم تذهب إلى تخطئة الحكم في هذا الصدد فإن النعي على الحكم فيما ذهب إليه من أن العقد قد فسخ بإرادة الطرفين أياً كان وجه الرأي فيه يكون غير منتج.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.