أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 37 - صـ 347

جلسة 20 من مارس سنة 1986

برئاسة السيد المستشار: محمود حسن رمضان نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد رأفت خفاجي، الحسيني الكناني، د. محمد فتحي نجيب ومحمد عبد البر حسين سالم.

(76)
الطعن رقم 1730 لسنة 51 قضائية

1، 2) إيجار "إيجار الأرض الزراعية"
1 - الاتفاق على أجرة الأراضي الزراعية بأقل من الأجرة القانونية. جائز ولا مخالفة فيه للنظام العام. وجوب إعماله طوال المدة الاتفاقية. الامتداد القانوني لعقد الإيجار بعد ذلك. أثره. للمؤجر مطالبة المستأجر بالأجرة القانونية.
2 - عقود إيجار الأراضي الزراعية. امتدادها إلى مدة غير محددة بعد انتهاء مدتها الأصلية المتفق عليها. لا عبرة بالمدة الاتفاقية التي يمتد إليها عند عدم إخطار أحد الطرفين للآخر بالإخلاء. علة ذلك.
1 - لئن كان الاتفاق على إنقاص أجرة الأراضي الزراعية عن الحد الأقصى لا يعتبر مخالفاً للنظام العام، باعتبار أن الأجرة التي يحددها القانون هي الحد الأعلى الذي لا يجوز للمؤجر تجاوزه وأنه ليس ثمة ما يمنع من الاتفاق على أجرة أقل منه، إلا أن إنقاص الأجرة عن هذا الحد يفيد المؤجر بالأجرة المسماة فيه أخذاً بشريعة العقد ما دامت مدة الإيجار المتفق عليها ما زالت سارية، فإذا انقضت هذه المدة واستمر المستأجر مع ذلك شاغلاً العين بناءً على الامتداد القانوني فإنه يجوز للمؤجر طلب اقتضاء الأجرة القانونية مستقبلاً لأن الامتداد القانوني يمد العقد بشروطه الاتفاقية، إلا فيما يتعلق بالمدة والأجرة التي يحددها القانون بصرف النظر عن الأجرة المسماة لمدة العقد الاتفاقية.
2 - الامتداد القانوني يدرك عقد الإيجار بانتهاء مدته الأصلية المتفق عليها فيه، دون تفرقة بين مدة ينقضي بانتهائها العقد تلقائياً، أو مدة محددة قابلة للامتداد ما لم يخطر أحد الطرفين الآخر في الميعاد القانوني بعدم رغبته في الامتداد أو متى كان العقد يعتبر طبقاً للقواعد العامة منعقداً أو محدداً للفترة المعينة لدفع الأجرة، ذلك لأن صدور قوانين الإصلاح الزراعي المتعاقبة التي قررت الامتداد القانوني لعقود الإيجار أفقدت التنبيه برغبة المؤجر في إنهاء العقد القابل للامتداد امتداداً اتفاقياً فائدته، طالما أنه لا يترتب عليه إمكان إخلاء المستأجر، فصار قعود المؤجر عن إرسال التنبيه المشار إليه، لا يعد دليلاً على قبوله الامتداد الاتفاقي بعد انقضاء مدة العقد الأصلية، الأمر الذي يجعل الامتداد القانوني متحققاً بمجرد انتهاء المدة المتفق عليها في العقد.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر... والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم استصدروا ضد الطاعن أمر الحجز التحفظي رقم 97 لسنة 80 في 15/ 9/ 1980 من قاضي محكمة شربين الجزئية على ما يوجد بالعين المؤجرة من منقولات، وماشية وآلات... وفاء لمبلغ 3590.360 مليمجـ، ونفذ هذا الأمر بتاريخ 20/ 9/ 1980، ثم تقدم المطعون ضدهم إلى رئيس محكمة المنصورة الابتدائية، بطلب استصدار أمر أداء بإلزام الطاعن بأن يؤدي لهم المبلغ سالف الذكر، وبصحة الحجز التحفظي وجعله نافذاً، وذلك على سند من أن الطاعن استأجر من مورثهم بعقد مؤرخ 18/ 5/ 1966 أرضاً زراعية مساحتها 29 فداناً، واستأجر منه أيضاً بعقد مؤرخ 28/ 6/ 1966 مساحة تسعة أفدنة، لمدة ثلاث سنوات تبدأ من نوفمبر سنة 1965 قابلة للتجديد بموافقة المؤجر كتابة، وذلك فيما عدا حالة امتداد العقد بقوة القانون فيمتد للمدة وبالشروط التي يفرضها قانون الامتداد، بإيجار قدره 227.360 مليمجـ عن المساحة الواردة بالعقد الأول و77.280 مليمجـ عن المساحة الواردة بالعقد الثاني بواقع إيجار الفدان الواحد 7.840 مليمجـ مقدراً على أساس أن الضريبة الأصلية للفدان 01.120 مليمجـ وبأن الإيجار قد عدل بالزيادة إلى مبلغ 37.5 جنيهاً عن نصف السنة الزراعية سنة 79 ومبلغ 65 جنيهاً عن السنة الزراعية 1980، وذلك تبعاً لتعديل الضريبة الأصلية عن الفدان إلى مبلغ 9.100 مليمجـ إلا أن الطاعن لم يسدد من المستحق عليه إلا مبلغ 304.604 مليمجـ فيكون الباقي بذمته مبلغ 3285.120 مليمجـ عن عامي 1979، 1980 الزراعيين. رفض رئيس المحكمة إصدار الأمر وحدد جلسة لنظر الموضوع، فقيدت دعوى المطعون ضدهم برقم 7227 سنة 1980 مدني كلي المنصورة. كما تظلم الطاعن من أمر الحجز التحفظي سالف الذكر لدى محكمة شربين الجزئية فأحالت التظلم إلى محكمة المنصورة الابتدائية لنظره مع دعوى الموضوع، فقيد لديها برقم 6444 سنة 1980 مدني كلي المنصورة، ضمت المحكمة الدعويين، وبتاريخ 31/ 1/ 1981 حكمت بقبول التظلم شكلاً وبإلزام الطاعن بأن يؤدي للمطعون ضدهم مبلغ 3285.720 مليمجـ وبصحة الحجز التحفظي المتوقع في 20/ 9/ 1980 وجعله نافذاً في حدود المبلغ المحكوم به. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 137 سنة 33 ق المنصورة. وبتاريخ 24/ 5/ 1981 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره فيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم أقام قضاءه بإلزامه بالمبلغ المقضى به على سند من زيادة القيمة الإيجارية تبعاً لزيادة الضريبة الأصلية المفروضة على الأرض المؤجرة والتي طرأت بعد انعقاد عقدي الإيجار، دون أن يعتد بما نص عليه بعقدي الإيجار من عدم جواز زيادة الأجرة مستقبلاً على سند من اعتباره ذلك تنازلاً عن حق مستقبل لم يكن موجوداً وقت التعاقد، وبأن القصد من هذا الشرط هو حظر زيادة الأجرة التي تحدث خارج إرادتهما، رغم أن الأصل طبقاً لنص المادة 147 من القانون المدني أنه لا يجوز لأحد طرفي العقد أن يستقل بتعديل شروطه، كما لا يجوز ذلك للقاضي الذي لا يتولى إنشاء العقود، بل تقتصر مهمته على تفسير مضمونها بالرجوع إلى نية الطرفين، وإن التزام المؤجر بعدم زيادة الأجرة خلال مدة العقد هو التزام مشروع قائم على محله وسببه، وعن حق متوقع الحدوث مستقبلاً جائز قانوناً إذ أن قبول المؤجر للأجرة الأقل لا يتعلق بالنظام العام، فالمقصود بذلك القوانين الصادرة لصالح المستأجر فقط بعدم جواز زيادة الأجرة عن حدها الأقصى، هذا إلى أن تفسير الحكم لهذا الشرط غير سائغ عقلاً ومنطقاً، فالمستساغ منه هو عدم زيادة الأجرة الواردة بالعقد لأي سبب خارج عن إرادة الطرفين كزيادتها بسبب ارتفاع الضريبة الأصلية، يؤكد ذلك ما جاء بالبند الثالث من عقد الإيجار الأول بأن الباعث الدافع إلى هذا الشرط هو التزام الطاعن - المستأجر - بالإصلاحات والمصاريف التي تكبدها في سبيل إصلاح الأرض المؤجرة وأعدها للزراعة، والتزام المؤجر بتعويضه في حالة فسخ العقد بسبب خارج عن إرادة الطاعن المستأجر.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه ولئن كان الاتفاق على إنقاص أجرة الأراضي الزراعية عن الحد الأقصى لا يعتبر مخالفاً للنظام العام، باعتبار أن الأجرة التي يحددها القانون هي الحد الأعلى الذي لا يجوز للمؤجر تجاوزه، وإنه ليس ثمة ما يمنع من الاتفاق على أجرة أقل منه، إلا أن إنقاص الأجرة عن هذا الحد يقيد المؤجر بالأجرة المسماة فيه أخذاً بشريعة العقد ما دامت مدة الإيجار المتفق عليها ما زالت سارية، فإذا انقضت هذه المدة واستمر المستأجر مع ذلك شاغلاً العين بناء على الامتداد القانوني، فإنه يجوز للمؤجر طلب اقتضاء الأجرة القانونية مستقبلاً، لأن الامتداد القانوني يمد العقد بشروطه الاتفاقية، إلا فيما يتعلق بالمدة والأجرة التي يحددها القانون بصرف النظر عن الأجرة المسماة لمدة العقد الاتفاقية، وهذا الامتداد القانوني يدرك عقد الإيجار بانتهاء مدته الأصلية المتفق عليها فيه، دون تفرقة بين مدة ينقضي بانتهائها العقد تلقائياً، أو مدة محددة قابلة للامتداد ما لم يخطر أحد الطرفين الآخر في الميعاد القانوني بعدم رغبته في الامتداد أو متى كان العقد يعتبر طبقاً للقواعد العامة منعقداً أو محدداً للفترة المعينة لدفع الأجرة، ذلك لأن صدور قوانين الإصلاح الزراعي المتعاقبة التي قررت الامتداد القانوني لعقود الإيجار أفقدت التنبيه برغبة المؤجر في إنهاء العقد القابل للامتداد اتفاقياً فائدته. طالما أنه لا يترتب عليه إمكان إخلاء المستأجر فصار قعود المؤجر عن إرسال التنبيه المشار إليه لا يعد دليلاً على قبوله الامتداد الاتفاقي بعد انقضاء مدة العقد الأصلية، الأمر الذي يجعل الامتداد القانوني متحققاً بمجرد انتهاء المدة المتفق عليها في العقد، دون حاجة للتنبيه بالرغبة في عدم الامتداد الاتفاقي.
لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن المدة الاتفاقية لعقدي الإيجار المؤرخين 18/ 5/ 1966 و28/ 6/ 1966 عن الأرض الزراعية محل النزاع قد انتهت بمضي ثلاث سنوات بدءاً من 1/ 11/ 1965، ولم يثبت تجديدها بموافقة المؤجر كتابة على النحو المتفق عليه بين الطرفين، فإن عقدي الإيجار السالفين يكون قد لحقهما الامتداد القانوني طبقاً لقوانين الإصلاح الزراعي المتعاقبة وآخرها المادة 35 من قرار رئيس الجمهورية رقم 67 لسنة 1975 وتكون الأجرة المستحقة عن أطيان النزاع عامي 1979، 1980 الزراعيين في فترة الامتداد هي الأجرة القانونية محسوبة على أساس سبعة أمثال الضريبة الأخيرة المفروضة عليها، دون الأجرة الواردة بعقدي الإيجار والمتفق على عدم جواز زيادتها مستقبلاً، وهو ما يؤكده ما جاء بعقدي الإيجار من أنه في حالة الامتداد القانوني لهما، يكون الامتداد للمدة وبالشروط التي يفرضها القانون الصادر بهذا الامتداد، وإذ أقام الحكم المطعون فيه قضاءه معتداً في ذلك بالأجرة القانونية الأخيرة مقدرة على أساس زيادة الضريبة الأصلية المفروضة على الأطيان المؤجرة في مدة المطالبة، فإنه يكون قد التزم صحيح القانون، ويكون النعي على غير أساس. ولما تقدم يتعين رفض الطعن.