أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 37 - صـ 380

جلسة 30 من مارس 1986

برئاسة السيد المستشار: أحمد ضياء عبد الرازق نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: عبد المنعم أحمد بركة، د/ علي فاضل حسن نائبي رئيس المحكمة، طلعت أمين صادق ومحمد عبد القادر سمير.

(82)
الطعن رقم 1509 لسنة 50 القضائية

(1، 2) عمل "العاملون بشركات القطاع العام". علاقة عمل "تأديب".
1 - العاملون بشركات القطاع العام. علاقتهم بها علاقة تعاقدية. خضوعهم لنظم العاملين بهذه الشركات ولأحكام قانون العمل فيما لم يرد به نص خاص.
2 - قواعد مجازاة العاملين تأديبياً. خضوعها لنظام آمر. ق61 لسنة 1971. توقيع عقوبات تجاوز الجزاءات التأديبية، أو اقتضاء قيمة التعويض من أجر العامل. وسيلته الدعوى المدنية أو الجنائية.
1 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن علاقة العاملين بشركات القطاع العام هي علاقة تعاقدية لا تنظيمية تخضع لنظام العاملين بالشركات ولأحكام قانون العمل فيما لم يرد به نص خاص بهذا النظام باعتباره جزءاً متمماً لعقد العمل.
2 - مؤدى المواد 46 و48 و50 من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 61 لسنة 1971 بإصدار نظام العاملين بالقطاع العام - والمنطبق على واقعة النزاع - أن المشرع وضع نظاماً آمراً لكيفية معاقبة العاملين تأديبياً في حالة مخالفة الواجبات المنصوص عليها في النظام المذكور، أو الخروج على مقتضى الواجب في الأعمال الوظيفية، وحدد الجزاءات التأديبية والجهة المختصة بتوقيعها على العاملين، وكيفية التظلم منها أو الطعن فيها، وناط بمجلس إدارة الشركة بيان أنواع المخالفات والجزاءات المقررة لكل منها وإجراءات التحقيق الواجب اتباعها في ذلك، وأنه يحق لجهة العمل أن تلجأ إلى الدعوى المدنية أو الجنائية في الحالات التي تراها لاقتضاء حقوقها قبل العاملين أو إذا رغبت في أن توقع عقوبات تزيد عن تلك الجزاءات التأديبية وعندئذ يجوز لها اقتضاء قيمة التعويض الذي يحكم لها به من أجره وفي الحدود التي يجوز فيها الحجز عليه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر... والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 1342 سنة 1975 عمال كلي جنوب القاهرة على المطعون ضدها - الشركة..... - بطلب استرداد المبالغ التي استقطعتها من أجره دون وجه حق نتيجة تحميله مبلغ 624.989 مليمجـ وقال بياناً للدعوى أنه يشغل وظيفة رئيس الميزانية لدى المطعون ضدها التي أخطرته بتاريخ 13/ 12/ 1973 بتحميله مبلغ 624.989 مليمجـ على أن تخصم على أقساط من أجره شهرياً، قولاً منها أن هذا المبلغ دفع زيادة إلى المقاول..... عن استحقاقاته لقيامه بعملية مقاولة لحسابها في إنشاء مكتب....، وأن ذلك ناتجاً عن إهمال الطاعن في تنفيذ التعليمات المالية وعدم إخطاره مصلحة الضرائب باسم المقاول وقيمة المقاولة، ولما كان ما قامت به المطعون ضدها قبله يعتبر عملاً تعسفياً لا أساس له ذلك أن النيابة العامة انتهت إلى حفظ التحقيق المنسوب إليه فيه الإهمال، وقد أوقعت عليه المطعون ضدها جزاء إدارياً بخصم أجر أسبوع، فلا يحق لها أن توقع عليه جزاء آخر عن الفعل الواحد المسند إليه، كما أن نصوص القانون رقم 61 لسنة 1971 لا تجيز لصاحبة العمل في مثل هذه الحالة أن تقتطع المبالغ المدعى لها من أجر العامل وبدون الالتجاء إلى القضاء لإثبات مسئوليته وإلزامه بالمبالغ المذكورة، كما يحق لها أن تلجأ إلى القضاء لإلزام المقاول بالمبالغ التي صرفها دون وجه حق، ولذلك فقد أقام الدعوى بطلباته سالفة البيان. وبتاريخ 26/ 11/ 1979 قضت المحكمة بإلزام المطعون ضدها أن ترد إلى الطاعن ما تم خصمه من راتبه نتيجة قرارها بتحميله مبلغ 624.989 مليمجـ. استأنف المطعون ضدها هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافها برقم 1285 سنة 96 قضائية. وفي 26/ 4/ 1980 حكمت المحكمة في موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دعوى الطاعن. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول أنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأنه طبقاً لنص المادة 46 من القرار رقم 61 لسنة 1971 تكون مسئوليته عقديه قبل المطعون ضدها والتي يحق لها توقيع الجزاءات التأديبية عليه الواردة بالقانون المذكور، وإذا كان يحق لها مطالبته بتعويض عن خطأ تسنده إليه فيكون ذلك بطريق اللجوء إلى القضاء المدني أو إلى القضاء الجنائي إذا ما رفعت عليه الدعوى الجنائية إلا أن الحكم أهدر هذا الدفاع وساير المطعون ضدها في قيامها بتحميله مبلغ 624.989 مليمجـ التي صرفها المقاول استناداً إلى خطأ الطاعن في صرف هذا المبلغ وبما يثبت مسئوليته التقصيرية قبل المطعون ضدها، ورتب الحكم على ذلك صحة قرار المطعون ضدها بخصم المبلغ المذكور دون حاجة إلى الالتجاء إلى القضاء، مما يعيب الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن علاقة العاملين بشركات القطاع العام هي علاقة تعاقدية لا تنظيمية تخضع لنظام العاملين بالشركات ولأحكام قانون العمل فيما لم يرد به نص خاص بهذا النظام باعتباره جزءاً متمماً لعقد العمل، لما كان ذلك وكان النص في المادة 46 من قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 61 لسنة 1971 بإصدار نظام العاملين بالقطاع العام - والمنطبق على واقعة النزاع - على أن ": كل عامل يخالف الواجبات المنصوص عليها في هذا النظام أو يخرج على مقتضى الواجب في أعمال وظيفته يعاقب تأديبياً وذلك مع عدم الإخلال بإقامة الدعوى المدنية أو الجنائية عند الاقتضاء.." والنص في المادة 48 على أن "الجزاءات التأديبية التي يجوز توقيعها على العاملين وهي:...." والنص في المادة 49 على أن "يكون توقيع الجزاءات التأديبية المبينة في المادة السابقة وكيفية التظلم منها أو الطعن فيها وفقاً لما يلي:...." والنص في المادة 50 على أن: "يضع مجلس الإدارة لائحة تتضمن جميع أنواع المخالفات والجزاءات المقررة لها وإجراءات التحقيق" يدل على أن المشرع وضع نظاماً آمراً لكيفية معاقبة العاملين تأديبياً في حالة مخالفة الواجبات المنصوص عليها في النظام المذكور أو الخروج على مقتضى الواجب في الأعمال الوظيفية، وحدد الجزاءات التأديبية والجهة المختصة بتوقيعها على العاملين، وكيفية التظلم منها أو الطعن فيها، وناط بمجلس إدارة الشركة بيان أنواع المخالفات والجزاءات المقررة لكل منها وإجراءات التحقيق الواجب اتباعها في ذلك، وأنه يحق لجهة العمل أن تلجأ إلى الدعوى المدنية أو الجنائية في الحالات التي تراها لاقتضاء حقوقها قبل العاملين أو إذا رغبت في أن توقع عقوبات تزيد عن تلك الجزاءات التأديبية وعندئذ يجوز لها اقتضاء قيمة التعويض الذي يحكم لها به من أجره وفي الحدود التي يجوز فيها الحجز عليه، لما كان ذلك وكان واقع الدعوى الذي سجله الحكم المطعون فيه أن المطعون ضدها أسندت إلى أحد المقاولين القيام بعملية لحسابها ونسبت إلى الطاعن أنه قام بصرف مبلغ 624.989 جنيه مليم إلى هذا المقاول بالمخالفة للتعليمات المالية، ودون أن يقوم بإخطار مصلحة الضرائب عن عملية المقاولة واسم المقاول القائم بها، وقد أوقعت المطعون ضدها جزاء على الطاعن عما نسب إليه بخصم ما يعادل أجر أسبوع وتم الخصم فعلاً من أجره الشهري ثم أنها أصدرت قراراً إدارياً بتحميله المبلغ المذكور الذي تم صرفه وأخطرته بتاريخ 13/ 12/ 1973 ببداية خصمه مقسطاً كل شهر، وذلك دون أن تلجأ إلى القضاء للحصول على حكم بإلزام الطاعن بالمبلغ المذكور، كما أنها لم تحصل على رضاء الطاعن اختياراً بتقسيط المبلغ، لما كان ما تقدم وكانت الجزاءات التأديبية التي عدها القرار بقانون رقم 61 لسنة 1971 على سبيل الحصر ليس بينها إعطاء الحق لجهة العمل بإلزام العامل بقيمة التعويضات التي تدعيها قبله ثم القيام بتحصيلها من أجره، كما أن هذا المبلغ الذي تقوم المطعون ضدها بتحصيله من أجر الطاعن ليس من بين المبالغ التي يحق لصاحب العمل اقتطاعها من أجر العامل باعتباره قرضاً أو لكونها تعويضاً عن الإتلاف إعمالاً لنص المادتين 51، 54 من القانون رقم 91 لسنة 1959 بإصدار قانون العمل - المطبق على واقعة النزاع فإنه لا يكون للمطعون ضدها أن تقوم باستقطاع جزء من أجر الطاعن سداداً لمبلغ 624.989 مليمجـ الذي رأت إلزامه به، وفي غير الأحوال وبغير الإجراءات القضائية المحددة قانوناً، لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه لم يلتزم هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون بما يوجب نقضه بغير ما حاجة لبحث باقي وجوه الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم إذ انتهى الحكم المستأنف إلى نتيجة صحيحة فإنه يتعين القضاء في موضوع الاستئناف رقم 1285 سنة 96 قضائية القاهرة برفضه وتأييد الحكم المستأنف.