أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 37 - صـ 389

جلسة 2 من إبريل سنة 1986

برئاسة السيد المستشار: يحيى عبد العزيز يحيى العموري نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: عبد العزيز فوده نائب رئيس المحكمة، مصطفى زعزوع، حسين علي حسين وعبد الحميد سليمان.

(84)
الطعن رقم 991 لسنة 51 القضائية

(1) عقد "العقد الإداري".
العقد الإداري. ماهيته.
(2) إيجار "إيجار الأماكن".
عقود إيجار الأماكن الكائنة خارج النطاق المكاني لقوانين إيجار الأماكن المؤجرة لصالح الحكومة وفروعها أو للمجالس المحلية أو للهيئات العامة. خضوعها للامتداد القانوني إعمالاً للقانونين رقمي 121 سنة 47، 52 سنة 1969. خضوعها للقواعد العامة في القانون المدني منذ العمل بالقانون رقم 49 سنة 1977. علة ذلك.
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يتعين لاعتبار العقد إدارياً أن تكون الإدارة بوصفها سلطة عامة طرفاً وأن يتصل بنشاط مرفق عام اتصالاً تتحقق به المشاركة في تسييره أو تنظيمه وأن يتسم إلى جانب ذلك بالطابع المميز للعقود الإدارية التي تأخذ بأسلوب القانون العام فيما تضمنه من شروط استثنائية غير مألوفة في العقود المدنية ولا يغير من ذلك ما ينص عليه في عقد الإيجار من حق مجلس المديرية - المستأجر - وحده إنهاء العقد في نهاية سنته الأولى باعتبار أن ذلك شرطاً مألوفاً في عقود القانون الخاص.
2 - لئن كان القانون 121 سنة 1947 قد نص في الفقرة الأولى من المادة الرابعة عشر منه على أنه "تسري أحكام هذا القانون على الأماكن وأجزاء الأماكن غير الواقعة في المناطق المبينة بالجدول المشار إليه في المادة الأولى إذا كانت مؤجرة لمصالح الحكومة وفروعها أو لمجالس المديريات البلدية والقروية ولئن كان القانون 52 سنة 1969 قد سار على ذات النهج فنص في الفقرة الأخيرة من المادة الأولى على أنه "وتسري أحكام الفصل الثالث من هذا الباب على الأماكن المؤجرة لمصالح الحكومة وفروعها والمجالس المحلية والهيئات والمؤسسات العامة... في القرى التي لم يصدر بشأنها قرار من وزير الإسكان والمرافق" إلا أن القانون 49 سنة 1977 قد جاء خلواً من نص مماثل، وإذ كان ما جاء بالقانونين 121 سنة 47، 52 سنة 1969 بهذا الشأن إن هو إلا استثناء من الأصل المقرر في قوانين إيجار الأماكن عامة من عدم تطبيق أحكامها إلا في النطاق المكاني الذي تحدده، وكانت المادة 47 من القانون رقم 52 سنة 1969 قد ألغت القانون 121 سنة 1947 عدا أحكامه المتعلقة بتحديد الأجرة والأحكام المقررة على مخالفتها إعمالاً لصريح المادة 43 منه وكان القانون 49 سنة 1977 قد نص في المادة 86 منه على إلغاء القانون 52 سنة 1969 وكل حكم يخالف أحكامه عدا تلك المتعلقة بالأجرة عملاً بنص المادة التاسعة منه، فإن مؤدى ما تقدم أن عقود إيجار الأماكن الكائنة خارج النطاق المكاني لقوانين إيجار الأماكن المؤجرة لمصالح الحكومة وفروعها أو للمجالس المحلية أو للهيئات والمؤسسات العامة وإن كانت قد خضعت للامتداد القانوني إعمالاً للقانون 121 سنة 1947 ومن بعده للقانون رقم 52 سنة 1969 فقد انحسر عنها هذا الامتداد منذ العمل بالقانون رقم 49 سنة 77 الذي ألغى ما كان ينص عليه القانونان السابقان في هذا الشأن.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر... والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا الدعوى 3243 لسنة 1979 مدني أسيوط الابتدائية بطلب الحكم بطرد الطاعنين من العين المؤجرة إليهم من مورثتهم بالعقد المؤرخ 6/ 5/ 1937 والتسليم وذلك بعد إنذارهما بعدم رغبتم في التجديد، دفع الطاعنان بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وطلبا احتياطياً رفضها. قضت محكمة أول درجة برفض الدفع وبرفض الدعوى. استأنف المطعون ضدهم بالاستئناف 180 لسنة 55 ق أسيوط، وبتاريخ 14/ 2/ 1981 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبالإخلاء والتسليم. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض على المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر وبالجلسة المحددة التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين حاصل الأول منهما مخالفة القانون، وفي بيانه يقول الطاعنان، أنه لما كانت الإدارة طرفاً في عقد إيجار التداعي وتبغي به المصلحة العامة فإنه يعد عقداً إدارياً، ويكون الفصل في المنازعات الناشئة عنه من اختصاص القضاء الإداري عملاً بالمادة العاشرة من القانون 47 لسنة 1962، وإذ كان الدفع بعدم الاختصاص الولائي يعد مطروحاً على محكمة الموضوع ولو لم يدفع به أمامها لتعلقه بالنظام العام، فإن الحكم المطعون فيه إذ لم يقض بعدم اختصاص القضاء العادي بنظر الدعوى يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه ولئن كان الدفع بعدم الاختصاص الولائي يعد دائماً مطروحاً على المحكمة ولو لم يدفع به أمامها لتعلقه بالنظام العام، إلا أنه لما كان المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه يتعين لاعتبار العقد إدارياً أن تكون الإدارة بوصفها سلطة عامة طرفاً فيه وأن يتصل بنشاط مرفق عام اتصالاً تتحقق به المشاركة في تسييره أو تنظيمه وأن يتسم إلى جانب ذلك بالطابع المميز للعقود الإدارية التي تأخذ بأسلوب القانون العام فيما تتضمنه من شروط استثنائية غير مألوفة في العقود المدنية. ولما كان عقد الإيجار موضوع التداعي لا يتضمن شروط استثنائية غير مألوفة في العقود المدنية، وكان لا يغير من ذلك ما نص عليه فيه من حق مجلس المديرية - المستأجر - وحده إنهاء العقد في نهاية سنته الأولى باعتبار أن ذلك شرطاً مألوفاً في عقود القانون الخاص، ومن ثم فإن العقد يخرج عن نطاق دائرة العقود الإدارية ولا يعدو أن يكون عقداً مدنياً يختص القضاء العادي بنظر المنازعات الناشئة عنه، وإذ فصل الحكم المطعون فيه في موضوع الدعوى، فإنه يكون قد فصل ضمناً في الدفع برفضه - باعتبار أنه مطروح عليه - ملتزماً في ذلك صحيح القانون، ويضحى النعي على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني الخطأ في تطبيق القانون وتأويله وفي بيانه يقول الطاعنان أنه وإن كان القانون 49 لسنة 1977 قد جاء خلواً من نص مماثل لنص الفقرة الأخيرة من المادة الأولى من القانون 52 لسنة 1969 التي تقضي بسريان أحكام الفصل الثالث من الباب الأول منه على الأماكن المؤجرة لمصالح الحكومة وفروعها في القرى التي لم يصدر بشأنها قرار من وزير الإسكان والمرافق، إلا أن المادة التاسعة من القانون 49 لسنة 1977 أوجبت استمرار العمل بالأحكام المحددة للأجرة والأحكام المقررة على مخالفتها بالقانون 121 لسنة 1947 والقانون 52 لسنة 1969 وذلك بالنسبة إلى نطاق سريان كل منهما، وبالتالي فإن نطاق الامتداد القانوني يسري على العين المؤجرة لمصالح الحكومة وفروعها في القرى التي لم يصدر بشأنها قرار من وزير الإسكان والمرافق، إلا أن المادة التاسعة من القانون 49 لسنة 1977 أوجبت استمرار العمل بالأحكام المحددة للأجرة والأحكام المقررة على مخالفتها بالقانون 121 لسنة 1947 والقانون 52 لسنة 1969 وذلك بالنسبة إلى نطاق سريان كل منهما، وبالتالي فإن نطاق الامتداد القانوني يسري على العين المؤجرة، ويكون ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن عقد إيجار التداعي غير خاضع للامتداد القانوني لإغفال النص على ذلك في القانون 49 لسنة 1977 قد انطوى على خطأ في تطبيق القانون وتأويله، هذا إلى أن قصر المطعون ضدهم منازعاتهم على العقارين المؤجرين لهما وعدم اعتراضهم على قيامها بهدم السور الفاصل بينهما يؤكد عدم جديتهم في مزاعمهم.
وحيث إن النعي في شقة الأول غير سديد، ذلك أنه ولئن كان القانون 121 لسنة 1947 قد نص في الفقرة الأولى من المادة الرابعة عشر منه على أنه "تسري أحكام هذا القانون على أماكن وأجزاء الأماكن غير الواقعة في المناطق المبينة بالجدول المشار إليه في المادة الأولى إذا كانت العين مؤجرة لمصالح الحكومة وفروعها أو لمجالس المديريات أو للمجالس البلدية والقروية". ولئن كان القانون 52 لسنة 1969 قد سار على ذات النهج فنص في الفقرة الأخيرة من المادة الأولى على أنه "وتسري أحكام الفصل الثالث من هذا الباب على الأماكن المؤجرة لمصالح الحكومة وفروعها والمجالس المحلية والهيئات والمؤسسات العامة،... في القرى التي لم يصدر بشأنها قرار من وزير الإسكان والمرافق" إلا أن القانون 49 لسنة 1977 قد جاء خلواً من نص مماثل، وإذا كان ما جاء بالقانونين 121 لسنة 1947، 52 لسنة 1969 بهذا الشأن إن هو إلا استثناء من الأصل المقرر في قوانين إيجار الأماكن عامة من عدم تطبيق أحكامها إلا في النطاق المكاني الذي تحدده، وكانت المادة 47 من القانون 52 لسنة 1969 قد ألغت القانون 121 لسنة 1947 عدا أحكامه المتعلقة بتحديد الأجرة والأحكام المقررة على مخالفتها إعمالاً لصريح نص المادة 43 منه، وكان القانون 49 لسنة 1977 قد نص في المادة 86 منه على إلغاء القانون 52 لسنة 1969 وكل حكم يخالف أحكامه عدا تلك المتعلقة بالأجرة عملاً بنص المادة التاسعة منه، وكان مؤدى ما تقدم أن عقود إيجار الأماكن الكائنة خارج النطاق المكاني لقوانين إيجار الأماكن المؤجرة لمصالح الحكومة وفروعها أو للمجالس المحلية أو للهيئات والمؤسسات العامة وإن كانت قد خضعت للامتداد القانوني إعمالاً للقانون 121 لسنة 1947 ومن بعده للقانون 52 لسنة 1969 ثم انحسر عنها هذا الامتداد منذ العمل بالقانون 49 لسنة 1977 الذي ألغى ما كان ينص عليه القانونان السابقان في هذا الشأن، ولما كان محل إيجار التداعي قرية تخرج عن النطاق المكان للقانون 49 لسنة 1977 باعتبار أنها ليست من البلاد المعتبرة مدناً بالتطبيق لأحكام القانون 52 لسنة 1975 بإصدار قانون نظام الحكم المحلي والقوانين المعدلة له، ولم يصدر بشأنها قرار من وزير الإسكان والتعمير بمد نطاق سريان أحكام كلها أو بعضها عليها، ومن ثم يتعين القول بانحسار الامتداد القانوني عنه بعد سريان القانون 49 لسنة 1977، ويتعين الرجوع - وقد خلا القانون المذكور من تنظيم هذه الحالة - إلى القواعد العامة في القانون المدني التي تقضي بانتهاء العقد بانتهاء مدته أو بانتهاء مدة تجديده مع مراعاة التنبيه، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون، والنعي في شقه الثاني غير مقبول لتعلقه بواقع لم يسبق طرحه على محكمة الموضوع فلا يقبل التحدي به لأول مرة أمام محكمة النقض وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.