أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 37 - صـ 523

جلسة 7 من مايو سنة 1986

برئاسة السيد المستشار: أحمد إبراهيم شلبي نائب رئيس المحكمة والسادة المستشارين: محمد عبد الحميد سند، محمد جمال الدين الشلقاني، إبراهيم بركات وصلاح الدين عويس بطران.

(109)
الطعن رقم 2499 لسنة 52 القضائية

(1) دعوى "الطلبات العارضة".
قبول الطلب العارض. شرطه. أن يقدم إلى المحكمة بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل الجلسة أو بطلب يقدم شفاهاً في الجلسة في حضور الخصم ويثبت في محضرها. م 123 مرافعات. عدم قيام قلم الكتاب بقيد هذا الطلب في السجل الخاص المنصوص عليه في المادة 67 مرافعات. لا أثر له.
(2) دعوى "تقدير قيمة الدعوى"، "سبب الدعوى". اختصاص "الاختصاص القيمي". محكمة الموضوع. نقض "سلطة محكمة النقض".
الدعوى المرفوعة من واحد أو أكثر بمقتضى سبب قانوني واحد. تقديرها باعتبار قيمة المدعى به دون التفات إلى نصيب كل منهم فيه. م 39 مرافعات. لمحكمة الموضوع تقدير وحدة السبب دون رقابة من محكمة النقض ما دامت قد حصلتها بناء على أسباب واقعية سائغة.
(3) إصلاح زراعي. إيجار "إيجار الأراضي الزراعية". تعويض. مسئولية "المسئولية التقصيرية". ريع.
عدم جواز زيادة قيمة الأجرة السنوية للأراضي الزراعية على سبعة أمثال الضريبة. م 33 ق 178 لسنة 1952. لا يحكم سوى العلاقة الإيجارية بين المالك والمستأجر. دعوى الريع تأسيساً على اغتصاب أرض زراعية. عدم التزام القاضي في تقديره بحكم المادة المذكورة. علة ذلك.
(4) نقض "أسباب الطعن: السبب المفتقر للدليل"، "إجراءات الطعن".
نعي عار عن الدليل. غير مقبول. مثال.
(5) إثبات. التزام "إثبات الالتزام". محكمة الموضوع.
تقدير قيام المانع الأدبي أو انتفائه. من مسائل الواقع. استقلال محكمة الموضوع به دون معقب متى كان سائغاً.
1- لا يشترط لقبول الطلب العارض وفقاً للمادة 123 من قانون المرافعات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إلا أن يقدم إلى المحكمة بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل يوم الجلسة أو بطلب يقدم شفاهاً في الجلسة في حضور الخصم ويثبت في محضرها، فلم يرتب المشرع جزاء على عدم قيام قلم الكتاب بقيد هذا الطلب في السجل المنصوص عليه في المادة 67 من القانون المذكور.
2- تنص المادة 39 من قانون المرافعات على أنه "إذا كانت الدعوى مرفوعة من واحد أو أكثر على واحد أو أكثر بمقتضى سبب قانوني واحد، كان التقدير باعتبار قيمة المدعى به دون التفات إلى نصيب كل منهم فيه. "ولمحكمة الموضوع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تقدير وحدة السبب ولا رقابة لمحكمة النقض عليها ما دامت قد حصلت هذه الوحدة بناء على أسباب واقعية سائغة.
3- النص في المادة 33 من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي على أنه "لا يجوز أن تزيد قيمة الأجرة السنوية للأرض الزراعية على سبعة أمثال الضريبة العقارية السارية..." وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - صريح في أنه لا يحكم سوى علاقة العلاقة الإيجارية التي تقوم بين المالك والمستأجر... والغصب عملاً غير مشروع - يلتزم من ارتكبه بتعويض الأضرار الناشئة عنه، فإذا قضت المحكمة بالريع لصاحب العقار المغتصب مقابل ما حرم من ثمار، فإن هذا الريع يعتبر بمثابة تعويض وبالتالي فلا يلتزم القاضي في تقديره بحكم المادة 33 من قانون الإصلاح الزراعي.
4- من المقرر في قضاء هذه المحكمة - إن الشارع عدد من الإجراءات الجوهرية في الطعن بطريق النقض أن يناط بالخصوم تقديم الدليل على ما يتمسكون به من أوجه الطعن في المواعيد التي حددها القانون، وإذا لم يقدم الطاعنان رفق طعنهما صورة رسمية من إعلام الوراثة ولم يكن من ضمن مفردات القضية حتى تستطيع هذه المحكمة أن تتحقق من صحة ما يثيرانه بوجه النعي على الحكم المطعون فيه فيكون هذا النعي عارياً عن الدليل غير مقبول.
5- تقدير قيام أو انتفاء المانع الأدبي - يعد وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من الأمور الواقعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية دون معقب عليها متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها أصل ثابت بالأوراق.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر... والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون عليهن أقمن الدعوى رقم 1682 سنة 1980 مدني دمنهور الابتدائية ضد الطاعنين بطلب الحكم بإلزامهما متضامنين أن يدفعا لهن مبلغ 928.440 جـ يخص الأولى والثانية منه مبلغ 810.720 جـ والثالثة مبلغ 1177.720 جـ. وقلن بياناً للدعوى أنهن تملكن الأرض الزراعية المبينة بالأوراق بالميراث عن المرحومة... والمرحوم ... بموجب الحكم رقم 66 سنة 1974 مدني دمنهور الابتدائية وإذ وضع الطاعنان اليد على تلك الأرض واستأثرا دونهن بغلتها ولم يؤديا لهن نصيبهن في ريعها منذ وفاة مورثيهم فقد أقمن الدعوى بطلبهن سالف البيان، وبتاريخ 11/ 5/ 1981 ندبت المحكمة مكتب خبراء وزارة العدل بدمنهور لتقدير قيمة الريع وتحديد نصيب كل من المطعون عليهن على قدر حصتها في الملكية، وبعد أن قدم الخبير تقريره عدلن طلباتهن إلى طلب الحكم بإلزام الطاعنين متضامنين أن يدفعا لهن مبلغ 1159.965 جـ على أن يخص الأولى والثانية مبلغ 1000.395 جـ ويخص الثالثة مبلغ 159.570 جـ. دفع الطاعنان بعدم اختصاص المحكمة قيمياً بنظر الدعوى بالنسبة للمطعون ضدها الثالثة، وبتاريخ 10/ 1/ 1982 حكمت المحكمة برفض الدفع وبإلزام الطاعنين بأن يدفعا للمطعون عليهما الأولى والثانية مبلغ 1000.395 جـ وللثالثة مبلغ159.570 جـ. استأنف الطاعنان هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية "مأمورية دمنهور" بالاستئناف رقم 157 سنة 38 مدني، وبتاريخ 8/ 5/ 1982 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعنان بالوجه الأول من السبب الأولى على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، ويقولان في بيان ذلك أن المطعون عليهن عدلن طلباتهن أمام محكمة أول درجة وهو طلب عارض بذات إجراءات رفع الدعوى دون أن يقيد في السجل المعد لذلك كما هو الحال بالنسبة لصحيفة الدعوى مما كان يتعين معه الحكم بعدم قبوله، وإذ خالف الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه لما كان لا يشترط لقبول الطلب العارض، وفقاً للمادة 123 من قانون المرافعات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - إلا أن يقدم إلى المحكمة بالإجراءات المعتادة لرفع الدعوى قبل يوم الجلسة أو بطلب يقدم شفاهاً في الجلسة في حضور الخصم ويثبت في محضرها، فلم يرتب المشرع جزاء على عدم قيام قلم الكتاب بقيد هذا الطلب في السجل الخاص المنصوص عليه في المادة 67 من القانون المذكور. لما كان ذلك وكان الثابت أن المطعون عليهن عدلن طلباتهن بعد أن أودع الخبير تقريره بصحيفة قدمت إلى قلم كتاب محكمة أول درجة وأعلنت للطاعنين، فإنهن بذلك قد التزمن الطريق الصحيح لتقديم الطلب المعارض. وإذ التزم الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتد بهذا الطلب العارض من المطعون عليهن بالصحيفة المشار إليها فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه ويكون النعي عليه بهذا الوجه غير سديد.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالوجه الثاني من السبب الأول على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنهما دفعا بعدم اختصاص محكمة أول درجة قيمياً بنظر الدعوى بالنسبة للمطعون عليها الثالثة استناداً إلى أن قيمة ما تطالب به يدخل في اختصاص المحكمة الجزئية غير أن الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفع استناداً إلى وحدة السبب في الدعوى فتقدر قيمتها بمجموع الطلبات فيها وأنها تزيد على نصاب المحكمة الجزئية في حين أن تلك الطلبات قد نشأت عن أسباب قانونية متعددة مما مقتضاه تقدير قيمة الدعوى بحسب قيمة كل طلب على حدة ومن ثم فقد أخطأ الحكم المطعون فيه في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن المادة 39 من قانون المرافعات تنص على أنه "إذا كانت الدعوى مرفوعة من واحد أو أكثر على واحد أو أكثر بمقتضى سبب قانوني واحد كان التقدير باعتبار قيمة المدعى به دون التفات إلى نصيب كل منهم فيه" ولما كان لمحكمة الموضوع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تقدير وحدة السبب ولا رقابة لمحكمة النقض عليها ما دامت قد حصلت هذه الوحدة بناء على أسباب واقعية سائغة، وكان البين من مدونات الحكم الابتدائي الذي أيده الحكم المطعون فيه لأسبابه، أنه أقام قضاءه برفض الدفع بعدم اختصاص المحكمة الابتدائية قيمياً بنظر طلب المطعون عليها الثالثة على ما قرره من أن "الدعوى الحالية مقامة من المدعيات ضد المدعى عليهم مطالبين بريع عن مدة معينة وكان السبب القانوني واحداً وقيمة الدعوى ككل تدخل في الاختصاص القيمي لهذه المحكمة فإنه لا عبرة بعد ذلك بما تطلبه المدعية الثالثة دون النصاب الكلي باعتبار القيمة محل النزاع والمطالب بها تدخل في الاختصاص القيمي لهذه المحكمة الأمر الذي تكون معه المحكمة مختصة قيمياً بنظر الطلب الخاص بالمدعية الثالثة" وإذا كان الحكم قائماً على أسباب واقعية سائغة فأنه لا يكون قد أخطأ في تطبيق القانون ويكون هذا النعي لا أساس له.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالوجه الثالث من السبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ذلك أنهما تمسكا أمام محكمة الاستئناف ببطلان الحكم المستأنف لأنه قدر الريع المحكوم عليه به عن فترة المطالبة بما يزيد على سبعة أمثال الضريبة المربوطة على أرض النزاع مخالفاً بذلك قواعد تقدير الأجرة التي قررها قانون الإصلاح الزراعي غير أن الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفاع فأخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن النص في المادة 33 من المرسوم بقانون رقم 178 لسنة 1952 بشأن الإصلاح الزراعي على أنه "لا يجوز أن تزيد قيمة الأجرة السنوية للأرض الزراعية على سبعة أمثال الضريبة العقارية.." - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - صريح في أنه لا يحكم سوى العلاقة الإيجارية التي تقوم بين المالك والمستأجر، ولما كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بالريع للمطعون عليهن على أن الطاعنين وضعا اليد على حصتهن في الأرض الزراعية بطريق الغصب وأنه لا محل لتطبيق قانون الإصلاح الزراعي في هذه الحالة فإنه يكون قد التزم صحيح القانون لأن الغصب يعتبر عملاً غير مشروع يلتزم من ارتكبه بتعويض الأضرار الناشئة عنه فإذا قضت المحكمة بالريع لصاحب العقار المغتصب مقابل ما حرم من ثمار فإن هذا الريع يعتبر بمثابة تعويض وبالتالي فلا يلتزم القاضي في تقديره بحكم المادة 33 من قانون الإصلاح الزراعي ومن ثم يكون النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالوجه الأول من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع ذلك أنهما تمسكا أمام محكمة الموضوع بأن نصيب المطعون عليهما الأولى والثانية في أطيان التركة أقل من المساحة التي تطلبان الحكم بريعها لوجود ورثة آخرين لم تراع أنصبتهم عند الحكم بتثبيت الملكية في الدعوى رقم 69 سنة 74 مدني دمنهور الابتدائية غير أن الحكم المطعون فيه رفض هذا الدفاع على سند من القول بأن نصيبهما تحدد نهائياً بمقتضى الحكم المذكور ورغم أن النزاع حول الأنصبة الشرعية للورثة وفقاً لأحكام الشريعة الإسلامية متعلق بالنظام العام مما يعيب الحكم المطعون فيه بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الشارع عد من الإجراءات الجوهرية في الطعن بطريق النقض أن يناط بالخصوم تقديم الدليل على ما يتمسكون به من أوجه الطعن في المواعيد التي حددها القانون. وإذ لم يقدم الطاعنان رفق طعنهما صورة رسمية من إعلام الوراثة ولم يكن من ضمن مفردات القضية حتى تستطيع هذه المحكمة أن تتحقق من صحة ما يثيرانه بوجه النعي على الحكم المطعون فيه فيكون هذا النعي عارياً عن الدليل، غير مقبول.
وحيث إن حاصل النعي بالوجه الثاني من السبب الثاني إن الحكم المطعون فيه شابه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، لأنهما تمسكا أمام محكمة الموضوع بأن المطعون عليهن كن يحصلن على نصيبهن في ريع الأطيان المخلفة عن مورثيهم وطلبا الإحالة إلى التحقيق لإثبات هذا الدفاع غير أن الحكم المطعون فيه لم يجبهما إلى طلبهما بمقولة أن ما تطالب به المطعون عليهن تزيد قيمته على عشرين جنيهاً ولا يوجد مانع أدبي يحول دون حصول الطاعنين على كتابة تثبت سداد الريع لهم لقيام الخصومة بينهما وبين المطعون عليهن رغم أن تلك الخصومة لم تنشأ إلا منذ سنة 1974 مما يعيب الحكم المطعون فيه بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن تقدير قيام أو انتفاء المانع الأدبي يعد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - من الأمور الواقعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية دون معقب عليها في ذلك متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة لها أصل ثابت بالأوراق. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد رفض إحالة الدعوى إلى التحقيق لانتفاء المانع الأدبي تأسيساً على أن الخصومة كانت محتومة بين الطرفين مما كان يوجب اتخاذ الحذر من كل منهما تجاه الآخر، وكانت هذه الأسباب سائغة وتؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها فإن النعي بهذا السبب يكون في غير محله.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالوجه الثالث من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع إذ أنهما اعترضا على تقرير الخبير وطلبا إعادة المأمورية إليه لبحث الاعتراضات غير أن الحكم المطعون فيه لم يجبهما إلى طلبهما في الدفاع.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الطاعنين لم يوردا في سبب النعي ماهية الاعتراضات التي ساقاها أمام محكمة الموضوع على تقرير الخبير ووجه قصور الحكم في الرد عليها للوقوف على صحة ما يتحديان به بشأنها واكتفيا بإيراد عبارات مبهمة ومن ثم فإن النعي بهذا الوجه يكون مجهلاً غير مقبول.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.