أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 37 - صـ 534

جلسة 8 من مايو سنة 1986

برئاسة السيد المستشار: مصطفى صالح سليم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم زغو نائب رئيس المحكمة، محمد حسن العفيفي، ممدوح السعيد وإبراهيم بركات.

(111)
الطعن رقم 2331 لسنة 52 القضائية

(1) شفعة.
إجراءات الأخذ بالشفعة. ارتباطها ارتباطاً وثيقاً وماسة بذات الحق. أثر مخالفتها. سقوط الحق في الشفعة.
(2) شفعة. دفوع. استئناف.
إلغاء محكمة الاستئناف قضاء محكمة أول درجة ببطلان إعلان الرغبة في الشفعة. وجوب فصلها في موضوع الدعوى دون إعادتها لمحكمة أول درجة. علة ذلك.
(3) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الأدلة". خبرة.
عمل الخبير. من عناصر الإثبات الواقعية في الدعوى. خضوعه لتقدير محكمة الموضوع. لها الأخذ بما انتهى إليه متى اقتنعت بسلامة الأسس التي بني عليها.
(4) نقض السبب الجديد.
دفاع جديد يخالطه واقع. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
1 - وضع القانون المدني نظاماً معيناً لإجراءات الأخذ بالشفعة نص عليها في المواد من 940 إلى 943 وجعل إجراءات هذا التنظيم مرتبطة بعضها ببعض ارتباطاً وثيقاً وماسه بذات الحق وأوجب اتباعها وإلا سقط الحق في الشفعة وهذه الإجراءات جميعاً تبدأ من جانب الشفيع من تاريخ إعلان رغبته في الأخذ بالشفعة.
2 - إذ قبلت محكمة أول درجة الدفع ببطلان إعلان الرغبة فإنها تكون قد استنفدت ولايتها في نظر موضوع الدعوى ويطرح الاستئناف المقام عن هذا الحكم الدعوى برمتها أمام محكمة الاستئناف بما حوته من أدلة ودفوع وأوجه دفاع أخرى ولا يجوز لها إن هي ألغت قضاء محكمة أول درجة أن تعيدها إلى تلك المحكمة بل عليها أن تفصل في موضوعها دون أن يعد ذلك من جانبها افتئاتاً على مبدأ التقاضي على درجتين.
3 - عمل الخبير لا يعدو أن يكون عنصراً من عناصر الإثبات الواقعية في الدعوى يخضع لتقدير محكمة الموضوع التي لها سلطة الأخذ بما انتهى إليه إذا رأت فيه ما يقنعها ويتفق وما ارتأت أنه وجه الحق في الدعوى.
4 - متى كان النعي على الحكم المطعون فيه يتضمن دفاعاً جديداً يخالطه واقع لم يثبت إبداءه أمام محكمة الموضوع فلا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر... والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى رقم 3926 لسنة 1977 مدني طنطا الابتدائية ضد الطاعنة وباقي المطعون ضدهم بطلب الحكم بأحقيته في أخذ الحصة المبيعة من العقار المبين بالصحيفة بالشفعة وقال في بيانها أنه بتاريخ 15/ 4/ 1976 باع المطعون ضدهم من الثاني للأخير إلى الطاعنة حصتهم المورثة في عقار النزاع ومقدارها 21 ط شائعة في 24 ط منه نظير ثمن مقداره 800 جـ ونظراً لأنه يمتلك عقاراً مجاوراً فقد أعلن البائعين المذكورين والطاعنة برغبته في أخذ الحصة المبينة بإنذار مؤرخ 13/ 7/ 1977 وأودع الثمن خزانة المحكمة، دفعت الطاعنة ببطلان إعلان الرغبة، وبتاريخ 28/ 2/ 1979 حكمت المحكمة بقبول الدفع ببطلان إقرار الشفعة وما ترتب عليه من إجراءات، استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 188 لسنة 29 ق طنطا وبتاريخ 6/ 12/ 1980 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبندب خبير في الدعوى وبعد أن قدم تقريره حكمت بتاريخ 14/ 6/ 1982 - للمطعون ضده الأول. بالطلبات طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها. وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب تنعى الطاعنة بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك تقول إنها دفعت أمام محكمة أول درجة ببطلان إنذار الشفعة وقضت بقبول الدفع غير أن محكمة الاستئناف عندما ألغت هذا الحكم فصلت في موضوع الدعوى في حين أن الحكم بقبول ذلك الدفع لا يعني الحكم برفض الدعوى أو بعدم قبولها مما كان يتعين معه على محكمة الاستئناف أن تعيد القضية إلى محكمة أول درجة للفصل في موضوعها حتى لا تفوت على الطاعنة درجة من درجات التقاضي وإذ قضى الحكم المطعون فيه في الموضوع فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه لما كان القانون المدني قد وضع نظاماً معيناً لإجراءات الأخذ بالشفعة نص عليها في المواد من 940 إلى 943 وجعل إجراءات هذا التنظيم مرتبطة بعضها ببعض ارتباطاً وثيقاً وماسة بذات الحق وأوجب اتباعها وإلا سقط الحق في الشفعة وكانت هذه الإجراءات جميعها تبدأ من جانب الشفيع من تاريخ إعلان رغبته في الأخذ بالشفعة لما كان ذلك فإن محكمة أول درجة إذ قبلت الدفع ببطلان إعلان الرغبة في الشفعة وهو دفع موضوعي وارد على ذات الحق المطالب به تكون قد استنفذت ولايتها في نظر موضوع الدعوى ويطرح الاستئناف المقام عن هذا الحكم الدعوى برمتها أمام محكمة الاستئناف بما حوته من أدلة ودفوع وأوجه دفاع أخرى ولا يجوز لها إن هي ألغت قضاء محكمة أول درجة أن تعيدها إلى تلك المحكمة بل عليها أن تفصل في موضوعها دون أن يعد ذلك من جانبها افتئاتاً على مبدأ التقاضي على درجتين وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه لا يكون قد خالف القانون ويكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت في الأوراق والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك تقول أن الثابت من صحيفة الدعوى أن حدود العقار المشفوع فيه ليست مجاوره للعقار المملوك للمطعون ضده الأول وإذ عول الحكم المطعون فيه على ما أورده خبير الدعوى في تقريره من أن العقار المشفوع فيه يجاور العقار المملوك للمطعون ضده فإنه يكون قد خالف الثابت في الأوراق هذا إلى أن الحكم المطعون فيه قد أغفل الرد على أوجه الدفاع الجوهرية التي أوردتها الطاعنة بمذكراتها الثلاث المقدمة أمام محكمة أول درجة والمحكمة الاستئنافية مما يعيبه بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود في شقة الأول ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه أورد ما يلي "أن الثابت من تقرير الخبير أن المستأنف" المطعون ضده الأول يملك حصة مقدارها 12 س، 3 ط من 24 ط في المنزل الملاصق للمنزل المشفوع في بيع حصة فيه مقدارها 21 ط من 24 ط من جهتين الشرقية والبحرية ولما كانت هذه المحكمة تطمئن إلى صحة ما انتهى إليه الخبير في هذا الخصوص لبناء ما انتهى إليه على أسانيد سائغة وصحيحة ومن واقع المستندات المقدمة بملف الدعوى إذ ترجع ملكية المستأنف إلى الميراث عن والده.... المشتري لحصتين مقدارها 7 س، 21 ط من 24 ط في المنزل المجاور للعقار المشفوع فيه من ناحيتين بموجب عقدين مسجلين مقدمين من المستأنف ومن ثم فقد صدق الخبير فيما انتهى إليه من أن المستأنف جار مالك لحصة مقدارها 12 س، 3 ط من 24 ط في العقار الملاصق للعقار المشفوع فيه.." ولما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن عمل الخبير لا يعدو أن يكون عنصراً من عناصر الإثبات الواقعية في الدعوى يخضع لتقدير محكمة الموضوع التي لها سلطة الأخذ بما انتهى إليه إذا رأت فيه ما يقنعها ويتفق وما ارتأت أنه وجه الحق في الدعوى وكان الحكم المطعون فيه وعلى ما سلف البيان قد أخذ بتقرير خبير الدعوى لاقتناعه بالأسس التي بني عليها وبما ساقه الحكم من المستندات وما تكشف له من ظروف الدعوى التي أوردها في أسبابه وانتهى من هذه الأدلة أن المطعون ضده الأول مالك لحصة في العقار الملاصق للعقار المشفوع فيه فإن النعي على الحكم بمخالفة الثابت في الأوراق يكون على غير أساس. لما كان ذلك وكانت الطاعنة لم تبين أوجه الدفاع التي تمسكت بها أمام محكمة الموضوع وكيفية قصور الحكم في الرد عليها ولا يغني عن هذا البيان إيراد الطاعن مضمون المذكرات التي تضمنت أوجه دفاعه تاركاً لمحكمة النقض مقارنتها بالحكم المطعون فيه حتى تقف على وجه القصور الذي يشوب الحكم مما يكون معه النعي في هذا الخصوص مجهلاً وبالتالي غير مقبول.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثالث مخالفة القانون وفي بيان ذلك تقول الطاعنة أنها قدمت ضمن المستندات عقداً بشرائها حصة مقدارها 3 ط شيوعاً في العقار المشفوع فيه ولم يطلب الشفعة في هذا العقد ولما كانت تضع اليد على تلك الحصة خلفاً للبائع لها فإنها تكون قد تملكتها بالتقادم الطويل وتوافرت فيها شروط الأخذ بالشفعة وتفضل المطعون ضده الأول الشفيع إذ أن الجوار أدنى مرتبة من الشيوع وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول لأنه يتضمن دفاعاً جدياً يخالطه واقع لم يثبت إبداؤه أمام محكمة الموضوع فلا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.