أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 37 - صـ 567

جلسة 15 من مايو سنة 1986

برئاسة السيد المستشار: مصطفى صالح سليم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم زغو نائب رئيس المحكمة، محمد حسن العفيفي، ممدوح السعيد وإبراهيم بركات.

(118)
الطعن رقم 424 لسنة 53 القضائية

(1) نقض "صحيفة الطعن: ميعاد الطعن". حكم "الطعن في الحكم".
صحيفة الطعن بالنقض. جواز إيداعها قلم كتاب محكمة النقض أو المحكمة التي أصدرت الحكم. م 253 مرافعات. ثبوت أن موطن الطاعن خارج مدينة القاهرة واختياره إيداع الصحيفة قلم كتاب محكمة النقض. أثره. وجوب إضافة ميعاد مسافة إلى ميعاد الطعن. (مثال).
(2) استئناف. "الحكم في الاستئناف". بطلان. حكم "استنفاد الولاية".
استنفاد محكمة أول درجة ولايتها بالحكم في موضوع الدعوى. قضاء محكمة الاستئناف ببطلان الحكم لعيب فيه أو في الإجراءات لا يمتد إلى صحيفة الدعوى. التزامها بالفصل في الدعوى. علة ذلك.
(3) إثبات "المحررات العرفية" "الطعن بالجهالة" "الطعن بالإنكار".
إنكار الوارث علمه بتوقيع مورثه على المحرر العرفي. أثره. وقف حجية المحرر مؤقتاً في الإثبات حتى يقيم الخصم المتمسك بها الدليل على صحتها. شرطه. ألا يتنازل ذلك الخصم عنها.
(4) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الأدلة" خبرة. إثبات.
عمل الخبير. من عناصر الإثبات. خضوعه لتقدير محكمة الموضوع.
(5) إثبات. ملكية.
ورود اسم الشخص في سجلات الضرائب العقارية. لا يصح سنداً له في إثبات كسب ملكية العقارات.
1 - يجوز للطاعنين طبقاً للمادة 253 من قانون المرافعات - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن يودعا صحيفة الطعن قلم كتاب محكمة النقض أو المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه، وإذ يبين من الحكم المطعون فيه أن الطاعنين يقيمان بمدينة أسوان وكانت المسافة بين هذه المدينة والقاهرة تجاوز 800 كم فإنه يتعين وقد اختار الطاعنان أن يودعا صحيفة الطعن قلم كتاب محكمة النقض أن يضاف إلى ميعاد الطعن ميعاد مسافة قدره أربعة أيام عملاً بنص المادة 16 من قانون المرافعات وإذ صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 26/ 12/ 1982 وأودعت صحيفة الطعن يوم 27/ 2/ 1983 فإن الطعن يكون رفع في الميعاد القانوني.
2 - المحكمة الاستئنافية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا تملك عند القضاء ببطلان الحكم المستأنف لعيب فيه أو في الإجراءات المترتب عليها أن تعيد الدعوى إلى محكمة أول درجة التي فصلت في موضوعها لتنظر فيها لأنها إذ فصلت في موضوع الدعوى تكون قد استنفذت ولايتها فيها وإنما على المحكمة الاستئنافية في هذه الحالة نظر الدعوى بمعرفتها والفصل فيها.
3 - لئن كان نفي الوارث علمه بأن الإمضاء الموقع بها على الورقة العرفية المحاج بها هي لمورثه وحلفه يمين عدم العلم يترتب عليه عملاً بالمادة 14 من قانون الإثبات توقف قوة هذه الورقة في الإثبات مؤقتاً ويتعين على الخصم الذي يحتج بها أن يقيم الدليل على صحتها إلا أن مناط ذلك أن يظل متمسكاً بها ولا يتنازل عنها.
4 - تقدير أعمال أهل الخبرة من سلطة محكمة الموضوع التي لها أن تأخذ بتقرير الخبير كله كما لها أن تأخذ ببعض ما جاء به وتطرح بعضه إذ هي لا تقضي إلا على أساس ما تطمئن إليه.
5 - أسباب كسب الملكية قد حددها القانون على سبيل الحصر وليس من بينها قيد اسم شخص بذاته في السجلات التي تعدها الدولة لجباية الضرائب على العقارات فهذا القيد لا يعدو أن يكون قرينة بسيطة على الملكية قابلة لإثبات العكس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر... والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - وعلى ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 146 لسنة 1972 مدني أسوان الابتدائية بطلب الحكم بإلزام المطعون ضدهم بأن يدفعوا إليهما من تركة مورثهم مبلغ 408 جنيهاً وبأن تدفع المطعون ضدها الأولى إليها مبلغ 272 جنيهاً وقالا بياناً للدعوى أنهما يمتلكان أطياناً زراعية مساحتها 18 س، 3 ط آلت إليهما ميراثاً عن والدهما والذي كان قد اشتراها من مورث المطعون ضدهم بعقد البيع المؤرخ 26/ 9/ 1905 فضلاً عن التقادم المكسب الطويل المدة ألا أن المرحوم/ ... مورث المطعون ضدهم استولى على ريعها في السنوات من عام 1957 إلى 1962 ثم استولت عليه المطعون ضدها الأولى في المدة من سنة 1963 حتى 1969.
وبتاريخ 23/ 1/ 1973 حكمت المحكمة بندب خبير لبيان مالك الأطيان محل النزاع وواضع اليد عليها وتقدير صافي الريع في المدة المطالب بريعها. وبعد أن قدم تقريره حكمت المحكمة بتاريخ 26/ 3/ 1974 - بإلزام المطعون ضدهم بأن يدفعوا إلى الطاعنين من تركة مورثهم المرحوم/ .... مبلغ 257.358 مليمجـ. وبإلزام المطعون ضدها الأولى بأن تدفع إليهما مبلغ 171.372 مليمجـ. استأنف المطعون ضدها هذا الحكم لدى محكمة استئناف أسيوط بالاستئناف رقم 35 لسنة 49 ق "مأمورية أسوان" دفع الطاعنان بالجهالة على العقد المؤرخ 26/ 9/ 1905 وبتاريخ 10/ 4/ 1976 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف لبطلانه ولبطلان إجراءات الخصومة بالنسبة للمطعون ضدهما الآخرين وبتوجيه يمين عدم العلم إلى الطاعنين وبعد أن حلفاها عادت وحكمت بتاريخ 9/ 2/ 1977 بالإحالة إلى التحقيق لإثبات ونفي أن المرحوم/ ... قد وقع بخطه على ذلك العقد إلا أن هذا الحكم لم ينفذ وأعيدت الدعوى للمرافعة حيث تنازل المطعون ضدهم عن التمسك بالعقد المطعون عليه. وبتاريخ 5/ 4/ 1979 ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى لتحقيق التملك بالتقادم المكسب الطويل المدة وبعد أن قدم تقريره حكمت بتاريخ 26/ 12/ 1982 بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض ودفعت المطعون ضدها الثانية بسقوط الحق في الطعن وبعدم قبوله بالنسبة للمطعون ضدهما السادسة والسابع وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الدفعين والطعن وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع بسقوط الحق في الطعن أن صحيفته لم تودع قلم الكتاب خلال ستين يوماً من تاريخ صدور الحكم المطعون وأنه لا يشفع للطاعنين في مجاوزة هذا الميعاد أنهما يقيمان بأسوان وأودعت صحيفة الطعن قلم كتاب محكمة النقض إذ كان بإمكانهما أن يودعا الصحيفة قلم كتاب محكمة استئناف قنا "مأمورية أسوان" التي أصدرت الحكم المطعون فيه.
وحيث إن هذا الدفع في غير محله ذلك أنه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - يجوز للطاعنين طبقاً للمادة 253 من قانون المرافعات أن يودعا صحيفة الطعن قلم كتاب محكمة النقض أو المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه، وإذ يبين من الحكم المطعون فيه أن الطاعنين يقيمان بمدينة أسوان وكانت المسافة بين هذه المدينة والقاهرة تجاوز 800 كم فإنه يتعين وقد اختار الطاعنان أن يودعا صحيفة الطعن قلم كتاب محكمة النقض أن يضاف إلى ميعاد الطعن ميعاد مسافة قدره أربعة أيام عملاً بنص المادة 16 من قانون المرافعات وإذ صدر الحكم المطعون فيه بتاريخ 26/ 12/ 1982 وأودعت صحيفة الطعن يوم 27/ 2/ 1983 فإن الطعن يكون رفع في الميعاد القانوني.
وحيث إن مبنى الدفع بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدهما السادسة والسابع أن الحكم الصادر بتاريخ 10/ 4/ 1976 قضى بإلغاء الحكم المستأنف لبطلانه ولبطلان إجراءات اختصامهما وقد أصبح هذا الحكم نهائياً بعدم الطعن فيه خلال الميعاد القانوني فلا يحق أن يوجه إليهما الطعن باعتبارهما خارجين عن الخصومة ولتعلق ذلك بالنظام العام.
وحيث إن هذا الدفع في غير محله ذلك أن المحكمة الاستئنافية - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا تملك عند القضاء ببطلان الحكم المستأنف لعيب فيه أو في الإجراءات المترتب عليها أن تعيد الدعوى إلى محكمة أول درجة التي فصلت في موضوعها لتنظر فيها لأنها إذ فصلت في موضوع الدعوى تكون قد استنفذت ولايتها عليها وإنما على المحكمة الاستئنافية في هذه الحالة نظر الدعوى بمعرفتها والفصل فيها، لما كان ذلك وكان الحكم الصادر بتاريخ 10/ 4/ 1976 قد خلص إلى أن ما لحق إجراءات مخاصمة المستأنفين (المطعون ضدهما) السادسة والسابع أمام محكمة أول درجة من بطلان لم يلحق صحيفة الدعوى وأن هذه المحكمة قد فصلت في موضوعها - ضدهما فإنه يتعين على محكمة الاستئناف بعد أن قضت ببطلان إجراءات الخصومة بالنسبة لهما أمام المحكمة الابتدائية وببطلان الحكم الصادر فيها ضدهما والمبني على تلك الإجراءات أن تمضي في نظر الدعوى وأن تفصل في موضوعها قبلهما. وإذ قضى الحكم المطعون فيه لصالحهما برفض الدعوى فإنهما يعتبران خصمين حقيقتين ويكون اختصامهما في الطعن صحيحاً.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعي الطاعنان بالأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي يبان ذلك يقولان أن الحكم المطعون فيه اعتد في قضائه بعقد البيع المؤرخ 26/ 9/ 1905 في حين أنه قد فقد حجيته بعد أن طعنا عليه بالجهالة وحلفا يمين عدم العلم وعجز المطعون ضدهم عن إثبات صحته.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح ذلك أنه لئن كان نفي الوارث علمه بأن الإمضاء الموقع بها الورقة العرفية المحاج بها هي لمورثه وحلفه يمين عدم العلم يترتب عليه عملاً بالمادة 14 من قانون الإثبات توقف قوة هذه الورقة في الإثبات مؤقتاً ويتعين على الخصم الذي يحتج بها أن يقيم الدليل على صحتها إلا أن مناط ذلك أن يظل متمسكاً بها ولا يتنازل عنها وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المطعون ضدهم نزلوا في مذكرتهم الختامية عن التمسك بعقد البيع المؤرخ 26/ 9/ 1905 المطعون عليه بعدم العلم وركنوا في إثبات ملكيتهم لأطيان النزاع إلى التقادم المكسب الطويل المدة. فإن الحكم المطعون فيه قد أطرح ذلك العقد وعول في قضائه على ما خلص إليه خبراء الدعوى من أن أطيان النزاع غير مملوكة للطاعنين وليس لهم حق انتفاع عليها ومن ثم فإن النعي يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في فهم الواقع ومخالفة الثابت في الأوراق والقصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقولان أن الحكم ذهب استناداً إلى تقارير الخبراء إلى أن أطيان النزاع قد تملكها ورثة... وإخوته ... و... مورثه مورث المطعون ضدهم ومن بعدهم ورثتهم بالتقادم المكسب الطويل المدة قبل حصول المنازعة واستلام الطاعنين القدر المتنازع عليه في حين خلصت تلك التقارير إلى أن أطيان النزاع مكلفة باسم جد الطاعنين وأنهما الوارثان الوحيدان له من بعد وفاة أبيهما وأن المطعون ضدهما ومن قبلهم مورثهم لم يضعوا اليد على تلك الأطيان إلا في عام 1956 وحتى عام 1966 وأن وضع يدهم كان عارضاً حيث كانوا وكلاء عن الملاك ولم يبين الحكم المطعون فيه المصدر الذي استفى منه توافر شرائط التملك بالتقادم المكسب الطويل المدة للمطعون ضدهم.
وحيث إن النعي بهذين السببين مردود ذلك أنه لما كان تقدير أعمال أهل الخبرة من سلطة محكمة الموضوع التي لها أن تأخذ بتقرير الخبير كله كما لها أن تأخذ ببعض ما جاء به وتطرح بعضه إذ هي لا تقضي إلا على أساس ما تطمئن إليه وكانت أسباب كسب الملكية قد حددها القانون على سبيل الحصر وليس من بينها قيد اسم شخص بذاته في السجلات التي تعدها الدولة لجباية الضرائب على العقارات فهذا القيد لا يعدو أن يكون قرينة بسيطة على الملكية قابلة لإثبات العكس وكان الحكم المطعون فيه قد أسس قضاءه برفض دعوى الطاعنين على ما ثبت له من تقارير الخبراء من أن أطيان النزاع وإن كانت فعلاً مكلفة باسم مورث الطاعنين إلا أن ورثة... وإخوته وضمنهم... مورثه المطعون ضدهم قد تملكوها بالتقادم المكسب الطويل المدة وأن المطعون ضدها الأولى ومن قبلها مورثها... كان يقومان بسداد قيمة ربع القدر المملوك لـ.... لورثته المقيمين بالسودان، وأن الطاعنين لم يتملكا أطيان النزاع وليس لهما حق انتفاع عليها وأنهما لم يقدما ما يخول لهما اقتضاء قيمة ريعها في مدة المطالبة نيابة عن الملاك - وهي أسباب سائغة لها مأخذها من الأوراق ومن ثم يكون النعي على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.