أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 37 - صـ 578

جلسة 20 من مايو سنة 1986

برئاسة السيد المستشار: جلال الدين انسي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد راسم، مدحت المراغي نائبي رئيس المحكمة، د. رفعت عبد المجيد والسيد السنباطي.

(120)
الطعن رقم 1440 لسنة 52 القضائية

بيع "تعيين المبيع" التزام. عقد.
محل الالتزام. تضمينه نقل حق عيني على شيء. وجوب أن يكون الشيء معيناً أو قابلاً للتعيين. مادتان 133/ 1، 419/ 1 مدني. تعيين ذاتية المبيع جواز استخلاصه من النية المشتركة للمتعاقدين وقت إبرام العقد وكيفية تنفيذهما له.
النص في المادة 133/ 1 من القانون المدني على أنه "إذا لم يكن محل الالتزام معيناً بذاته وجب أن يكون معيناً بنوعه ومقداره وإلا كان العقد باطلاً" وفي المادة 419/ 1 منه على أنه "يجب أن يكون المشتري عالماً بالبيع علماً كافياً، ويعتبر العلم كافياً إذا اشتمل العقد على بيان المبيع وأوصافه الأساسية بياناً يمكن من تعرفه" يدل على أنه إذا كان محل الالتزام نقل حق عيني على شيء وجب أن يكون هذا الشيء معيناً أو قابلاً للتعيين، فإذا وقع العقد على شيء معين بالذات وجب أن تكون ذاتية الشيء معروفة لطرفيه سواء بوصفه في العقد وصفاً مانعاً من الجهالة الفاحشة أو بإمكان استخلاص العناصر الناقصة لتعيين المبيع من النية المشتركة" للمتعاقدين وقت إبرام العقد ومن الكيفية التي تم بها تنفيذهما له.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر... والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن و... أقاما الدعوى رقم 1782 لسنة 1978 مدني كلي المنصورة على المطعون ضده الثاني و... للحكم بصحة ونفاذ عقدي البيع المؤرخين 18/ 7/ 1971 و6/ 8/ 1972، أولهما ببيع المطعون ضده الثاني لهما بمصادقة المدعى عليه الآخر أطياناً زراعية مساحتها 6 ط، 1 ف نظير ثمن قدره ألف وخمسمائة جنيه، وثانيهما ببيعه للطاعن أطياناً زراعية مساحتها 6 ط نظير ثمن قدره ثلاثمائة جنيه، وإذ دفع المطعون ضده الثاني بأن ما تضمنه العقد الأخير ليس إلا مجرد وعد بالبيع، فقد حكمت المحكمة في 14/ 12/ 1978 بصحة ونفاذ عقد البيع الأول المؤرخ 18/ 7/ 1971، وقبل الفصل في باقي الطلبات بندب خبير لمعاينة الأطيان موضوع العقد المؤرخ 6/ 8/ 1972 لبيان حدودها ومساحتها وواضع اليد عليها وسببه، وبعد أن قدم الخبير تقريره طلبت المطعون ضدها الأولى قبول تدخلها في الدعوى منضمة إلى المطعون ضده الثاني في طلب رفضها على سند من أنه باع لها ذات الأطيان ضمن عقد بيع مسجل في 4/ 2/ 1976. حكمت المحكمة في 13/ 3/ 1980 بقبول تدخلها وبإعادة المأمورية إلى الخبير لتحقيق دفاعها، وبعد أن أودع تقريره دفع الطاعن بصورية عقد البيع المسجل المشار إليه، فأحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق ليثبت الطاعن صورية هذا العقد صورية مطلقة، وبعد أن سمعت أقوال شاهدي الطاعن حكمت بتاريخ 23/ 4/ 1981 في موضوع التدخل برفضه، وبصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 6/ 8/ 1972 المتضمن بيع المطعون ضده الثاني للطاعن مساحة 6 ط أطياناً زراعية موضحة الحدود والمعالم بتقرير الخبير لقاء ثمن قدره ثلاثمائة جنيه. استأنفت المطعون ضدها الأولى هذا الحكم عن نفسها وبصفتها نائبة عن ابنها القاصر.... بالاستئناف رقم 465 لسنة 33 ق المنصورة. وبتاريخ 3/ 3/ 1982 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين، ينعى الطاعن بأولهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أقام قضاءه على سند من أن الإقرار المؤرخ 6/ 8/ 1982 لا يتوافر فيه أركان البيع لخلوه من تعيين المحل تعييناً دقيقاً وبيان رقم القطعة والحوض الذي تقع فيه الأطيان، في حين أن هذا الإقرار تضمن مساحة المبيع وثمنه وهو يعلم به موقعاً وحدوداً وتم تسليمه له بالفعل وأصبح في حيازته من تاريخ مشتراه طبقاً لما أثبته الخبير في تقريره، مما يكشف في وضوح تام عن النية المشتركة للمتعاقدين في شأن تحديد المبيع، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك النص في المادة 133/ 1 من القانون المدني على أنه "إذا لم يكن محل الالتزام معيناً بذاته وجب أن يكون معيناً بنوعه ومقداره وإلا كان العقد باطلاً" وفي المادة 419/ 1 منه على أنه "يجب أن يكون المشتري عالماً بالبيع علماً كافياً، ويعتبر العلم كافياً إذا اشتمل العقد على بيان المبيع وأوصافه الأساسية بياناً يمكن من تعرفه" يدل على أنه إذا كان محل الالتزام نقل حق عيني على شيء وجب أن يكون هذا الشيء معيناً أو قابلاً للتعيين، فإذا وقع العقد على شيء معين بالذات وجب أن تكون ذاتية الشيء معروفة لطرفيه سواء بوصفه في العقد وصفاً مانعاً من الجهالة الفاحشة أو بإمكان استخلاص العناصر الناقصة لتعيين المبيع من النية المشتركة" للمتعاقدين وقت إبرام العقد ومن الكيفية التي تم بها تنفيذهما له، لما كان ذلك وكان الثابت أن الإقرار المؤرخ 6/ 8/ 1972 الصادر من المطعون ضده الثاني باستلامه مبلغ ثلاثمائة جنيه من الطاعن قد تضمن أن هذا المبلغ يمثل "ثمن الربع فدان أي ستة قراريط المباعة له منها وذلك لحين كتابة العقد الابتدائي" موقعاً عليه، دون أن يبين فيه موقع تلك الأطيان وحدودها، إلا أن تقرير خبير الدعوى أثبت هذا البيان في تقريره من واقع معاينته لها على الطبيعة بإرشاد شيخ الناحية ودلال المساحة، وأنها وفقاً لأقوالهما أمامه وأقوال أصحاب الزراعات المجاورة لها كانت في وضع يد المطعون ضده الثاني (البائع) إلى أن وضع الطاعن (المشتري) اليد عليها منذ تاريخ ذلك الإقرار، مما مفاده أنهما كانا وقت التعاقد على علم تام بموقعها وحدودها طبقاً للبيان الوارد في تقرير الخبير، وتلاقت إرادتهما على تعيين المحل على هذا النحو، وإذ لم يدع المطعون ضده الثاني أمام محكمة الموضوع أن نيتهما المشتركة قد انصرفت إلى أطيان أخرى سواها وإنما اقتصرت منازعته على أن الإقرار المذكور إن هو إلا مجرد وعد بالبيع وكان العقد قد نفذ بقيام البائع بتسليم الأطيان إلى المشتري بما ينفي الجهالة عن تحديدها، فإن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه برفض الدعوى بصحة ونفاذ ذلك الإقرار باعتباره بيعاً على قوله" لما كان ذلك وكان الإيصال سالف الذكر (الإقرار المؤرخ 6/ 8/ 1972) قد خلا من بيان المحل للعقار المبيع والحدود والموقع وبالتالي لا تتوافر له أركان عقد البيع" ومن ثم يعتبر باطلاً طبقاً للمادة 133 من القانون المدني فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يتعين معه نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث السبب الثاني من سببي الطعن.