أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 37 - صـ 595

جلسة 27 من مايو سنة 1986

برئاسة السيد المستشار: محمد جلال الدين رافع نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: مرزوق فكري نائب رئيس المحكمة، صلاح محمد أحمد، حسين محمد حسن ومحمد هاني محمد مصطفى.

(124)
الطعن رقم 60 لسنة 55 القضائية

(1 - 3) أحوال شخصية "نسب". إثبات "الإقرار".
1 - النسب . ثبوته بالإقرار سواء كان صدقاً أو كذباً.
2 - الإقرار الصادر أمام القضاء في دعوى متعلقة بالواقعة التي حصل عنها الإقرار. ماهيته. إقرار قضائي يجب على القاضي أن يأخذ به ويحكم بمقتضاه. الإقرار الصادر في دعوى أخرى لا تتعلق بموضوع الإقرار. إقرار غير قضائي يخضع لتقدير القاضي.
3 - إقرار المحامي عن موكله. غير جائز إلا إذا كان مفوضاً فيه.
مباشرته للإقرار في حضور موكله دون اعتراض منه. مؤداه. اعتبار الإقرار صادراً من الموكل حتى ولو كان عقد وكالة المحامي لا يبيح له ذلك. م 79 مرافعات.
1 - المقرر شرعاً أن النسب يثبت بالإقرار وأن من أقر لمجهول النسب أنه ولده ولم يصرح في إقراره بأنه ابنه من الزنا. فهو معترف ببنوة هذا الولد بنوة حقيقية وأنه خلق من مائه. سواء أكان صادقاً في الواقع أم كاذباً فيثبت لهذا الولد شرعاً جميع أحكام البنوة.
2 - الإقرار إذا صدر أمام القضاء في دعوى متعلقة بالواقعة التي حصل عنها الإقرار هي إقرار قضائي حجة على المقر ويتعين على القاضي أن يأخذ به ويحكم بمقتضاه، أما الإقرار الذي صدر في دعوى أخرى لا تتعلق بموضوع الإقرار فلا يعتبر إقراراً قضائياً ويخضع لتقدير القاضي الذي يجوز له تجزئته، كما أن له مع تقدير الظروف التي صدر فيها أن يعتبره دليلاً كاملاً أو مجرد قرينة أو لا يأخذ به أصلاً.
3 - الإقرار وإن كان لا يجوز للمحامي مباشرته إلا إذا كان مفوضاً فيه غير أنه إذا كان الخصم حاضراً بشخصه وباشر محاميه الإقرار دون اعتراض منه أعتبر الإقرار صادر من الموكل حتى ولو كان عقد وكالة المحامي لا يبيح له ذلك إذ أن حضور الموكل بالجلسة وعدم اعتراضه على الإقرار الذي يسنده إليه الوكيل في حضوره يعتبر إقراراً من الموكل بهذا التصرف وذلك طبقاً لصريح نص المادة 79 من قانون المرافعات.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر... والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 46 لسنة 1981 كلي أحوال شخصية شبين الكوم ضد المطعون عليها للحكم بنفي نسب الصغير... منه وقال بياناً لدعواه أنه بتاريخ 22/ 11/ 1980 تزوج بالمطعون عليها بصحيح العقد الشرعي وعند دخوله بها وجدها ثيباً وحاملاً فطلقها في 11/ 12/ 1981 وبتاريخ 22/ 1/ 1981 وضعت حملها الصغير... ونسب إليه فقد أقام الدعوى. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد سماع شهود الطرفين حكمت في 25/ 2/ 1984 بنفي نسب الصغير... من الطاعن. استأنفت المطعون عليها هذا الحكم بالاستئناف رقم 19 لسنة 17 ق طنطا - مأمورية شبين الكوم - وفي 21/ 3/ 1985 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن حاصل أسباب الطعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وفي بيان ذلك يقول الطاعن أن الحكم أقام قضاءه برفض دعواه بنفي نسب الصغير... إليه على سند من أنه أقر بهذا النسب في قضية اتهامه بهتك عرض المطعون عليها في الجنحة رقم 13760 لسنة 1980 قويسنا في حين أن هذا الإقرار لم يصدر منه وإنما صدر من محاميه وبدون توكيل خاص به وفي مجال الدفاع عنه في تلك القضية وأضاف فيه أن آخرين غيره قاموا بجماع المطعون عليها وأن الثابت بأقوالها وأقواله في التحقيقات أن العلاقة بينهما قبل زواجهما لم تكن شرعية مما يعني أن الصغير كان ثمرة زنا لا يثبت به نسبه للزاني وإذ اعتد الحكم بذلك الإقرار رغم عدم قيامه شرعاً فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي غير سديد. ذلك أن المقرر شرعاً أن النسب يثبت بالإقرار وأن من أقر لمجهول النسب أنه ولده ولم يصرح في إقراره بأنه ابنه من الزنا فهو معترف ببنوة هذا الولد بنوة حقيقية وأنه خلق من مائة، سواء أكان صادقاً في الواقع أم كاذباً فيثبت لهذا الولد شرعاً جميع أحكام البنوة وإن الإقرار إذا صدر أمام القضاء في دعوى متعلقة بالواقعة التي حصل عنها الإقرار هو إقرار قضائي حجة على المقر ويتعين على القاضي أن يأخذ به ويحكم بمقتضاه، أما الإقرار الذي صدر في دعوى أخرى لا تتعلق بموضوع الإقرار فلا يعتبر إقراراً قضائياً ويخضع لتقدير القاضي الذي يجوز له تجزئته، كما أن له مع تقدير الظروف التي صدر فيها أن يعتبره دليلاً كاملاً أو مجرد قرينة أو لا يأخذ به أصلاً، كما أن الإقرار وإن كان لا يجوز للمحامي مباشرته إلا إذا كان مفوضاً فيه غير أنه إذا كان الخصم حاضراً بشخصه وباشر محاميه الإقرار دون اعتراض منه اعتبر الإقرار صادراً من الموكل حتى ولو كان عقد وكالة المحامي لا يبيح له ذلك إذ أن حضور الموكل بالجلسة وعدم اعتراضه على الإقرار إلي يسنده إليه الوكيل في حضوره يعتبر إقراراً من الموكل بهذا التصرف وذلك طبقاً لصريح نص المادة 79 من قانون المرافعات. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم ما تقدم وأقام قضاءه برفض دعوى بنفي نسب الصغير... إليه على سند من إقرار محاميه بهذا النسب في حضوره دون اعتراض منه في القضية رقم 1376 لسنة 1980 جنح واعتبار هذا الإقرار دليلاً كاملاً على ثبوته وذلك على قوله "أنه بالاطلاع على صورة محضر جلسة 20/ 1/ 1981 في القضية رقم 1376 لسنة 1980 جنح قويسنا تبين أنه جاء بهذا المحضر أن الحاضر مع المتهم" الطاعن أقر بثبوت نسب الصغير... من والده المتهم كما تبين من الاطلاع على صورة الحكم في الجنحة المذكورة الصادر في 27/ 1/ 1981 اعتراف المتهم (الطاعن) بارتكاب الواقعة وبثبوت نسب ولده له.
وحيث إن المقرر شرعاً بأنه إذا أقر الرجل بأن فلاناً ابنه من كل الوجوه بشرط (1) أن يولد مثله لمثله (2) أن يكون الولد مجهول النسب (3) ألا يذكر أنه ولد ابن زنا لأن الزنا لا يصلح سبباً للنسب، كما أن من المقرر شرعاً أن النسب الذي يثبت بالإقرار لا يحتمل النفي... وأنه يحتاط في إثبات النسب ما لا يحتاط في غيره إحياء للولد... وحيث إنه متى كان ذلك وكان الثابت أن الحاضر مع المتهم قرر بثبوت نسب الولد... إلى أبيه المستأنف عليه (الطاعن) وذلك بجلسة 20/ 1/ 1981 كما جاء بالحكم الصادر في الجنحة سالفة الذكر بتاريخ 27/ 1/ 1981 إقرار المستأنف عليه في مجلس الدعوى بثبوت الولد... له... فإذا ما جاء المستأنف عليه وأقام دعوى نفي النسب المستأنف حكمها... أي بعد الإقرار فإنه يتعين ألا يقبل منه هذا الإنكار بعد الإقرار ولا يسمع خصوصاً أنه لم يصرح بأن هذا ولده من الزنا ولم يطعن على الحكم ومحضر الجلسة سالفي الذكر بطعن ما..
وحيث إنه لذلك وطبقاً للقواعد الفقهية القضائية يكون المستأنف عليه (الطاعن) قد أقر بثبوت الولد... إليه وهو إقرار استوفى شرائطه لأن الولد يولد مثله لمثل المستأنف عليه والصغير مجهول النسب ولم يصرح المستأنف عليه عند إقراره... إنه ولده من الزنا... مما يكون إقراره مقبولاً ويثبت به نسب الصغير إليه ولا عبرة بنفيه بعد الإقرار على النحو السابق إيضاحه.... وحيث إنه بالبناء على ما تقدم يكون الحكم المستأنف قد جانب الصواب حيث لم يتعرض لمسألة الرد على الإقرار بالنسب من المستأنف عليه... ويتعين لذلك إلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى" وهو من الحكم تطبيق صحيح للقانون واستخلاص سائغ مما له أصله الثابت بالأوراق ويكفي لحمل قضائه برفض دعوى الطاعن ويكون النعي عليه بالخطأ في تطبيق القانون على غير أساس.