أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 37 - صـ 673

جلسة 12 من يونيه سنة 1986

برئاسة السيد المستشار: مصطفى صالح سليم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم زغو نائب رئيس المحكمة، محمد حسن العفيفي، ممدوح السعيد ولطفي عبد العزيز.

(139)
الطعن رقم 97 لسنة 53 القضائية

(1) نقض "الصفة في الطعن".
- الاختصام في الطعن بالنقض. الأصل فيه أن يكون بذات الصفة التي اتصف بها الخصم في الدعوى الأصلية.
(2) إرث. إثبات "القرائن القانونية". بيع. وصية.
- شراء المورث لورثته والتبرع لهم بالثمن. لا يمنع من تنجيز التصرف. قرينة المادة 917 مدني. عدم انصراف حكمها إلا إلى التصرفات التي يجريها المورث في ملكه إلى أحد ورثته.
1 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأصل فيمن يختصم في الطعن أن يكون اختصامه بالصفة التي كان متصفاً بها في الدعوى الأصلية التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، وإذ كان الثابت من مدونات الحكم الأخير أن المطعون ضده الأول قد اختصم في الدعوى في درجتي التقاضي عن نفسه وبصفته وصياً على شقيقته المذكورة وصدر الحكم المطعون فيه بهذه الصفة، فإن اختصامه في الطعن بذات الصفة يكون صحيحاً في القانون.
2 - إذ كان الثابت من عقد البيع أن مورث المطعون ضدهما اشترى لنفسه حق منفعة العقار وبصفته ولياً طبيعياً عليهما حق رقبته وأن ثمن هذا الحق دفع منه تبرعاً لهما واحتفظ لنفسه بحيازته للعقار والانتفاع به مدى الحياة فإن المحكمة وقد خلصت إلى أن العقد المذكور عقد بيع منجز اشترى فيه المطعون ضدهما حق الرقبة ودفع ثمنه من مال مورثهما لحسابهما تبرعاً لهما، مع مالها من سلطة تقديرية في استخلاص نية التبرع، فإن هذا الذي خلص إليه الحكم تحصيل سائغ تحتمله عبارات العقد وله مأخذه، وكان القانون لا يمنع من التزام الغير في ذات عقد البيع بدفع الثمن تبرعاً للمشتري وبالتالي يخرج هذا العقد عن كونه في حكم التصرف المضاف إلى ما بعد الموت المنصوص عليه في المادة 917 من القانون المدني والذي لا ينصرف حكمها إلا إلى التصرفات التي يجريها المورث في ملكه إلى أحد ورثته.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر... والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنة عن نفسها وبصفتها أقامت الدعوى رقم 860 سنة 1980 مدني الجيزة الابتدائية بطلب الحكم ببطلان عقد البيع المشهر برقم 2165 الجيزة بتاريخ 8/ 6/ 76 فيما تضمنه من اعتبار المطعون ضدهما الأول والثاني مشتريين لرقبة العقار المبين في الأوراق، واعتبار مورث الطرفين.... هو المشتري الوحيد لذلك العقار، وبأحقيتها إلى 9 ط من 24 ط في كامل أرضه وبنائه واحتياطياً بعدم نفاذ تصرف هذا المورث في حقها فيما تجاوز ثلث التركة باعتباره تصرفاً مضافاً إلى ما بعد الموت تسري عليه أحكام الوصية وقالت في بيان ذلك أن المورث المذكور اشترى لنفسه حق منفعة ذلك العقار ولأولاده المطعون ضدهم الأولين حق الرقبة بصفته ولياً طبيعياً عليهم، وأنه نص في عقد البيع بأنه سدد الثمن من ماله الخاص متبرعاً به لأولاده القصر. وبتاريخ 26/ 12/ 1981 حكمت المحكمة بقبول الدفع المبدى من المطعون ضدهما الأولين وبعدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة، استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 978 سنة 99 ق مدني، وبتاريخ 23/ 11/ 1982 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى، طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، ودفع المطعون ضدهما الأولان بعدم قبول الطعن وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفضه، وإذ عرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع بعدم قبول الطعن المبدى من المطعون ضدهما الأولين أن شقيقتهما... قد بلغت سن الرشد في 16/ 3/ 1982 ومن ثم زالت صفة أخيها المطعون ضده الأول كوصي عليها - قبل رفع الطعن مما كان يتعين معه اختصامها في شخصها.
وحيث إن هذا الدفع مردود، ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الأصل فيمن يختصم في الطعن أن يكون اختصامه بالصفة التي كان متصفاً بها في الدعوى الأصلية التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، وكان الثابت من مدونات الحكم الأخير أن المطعون ضده الأول قد اختصم في الدعوى في درجتي التقاضي عن نفسه وبصفته وصياً على شقيقته المذكورة وصدر الحكم المطعون فيه بهذه الصفة، فإن اختصامه في الطعن بذات الصفة يكون صحيحاً في القانون ويكون الدفع على غير أساس.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه من وجهين حاصلهما أن الحكم أقام قضاءه برفض الدعوى على سند من القول بأن ملكية العقار محل التداعي انتقلت من البائعين إلى المطعون ضدهما الأولين، ولم يكن مورث الطرفين إلا نائباً قانونياً عن المشترين في الشراء بعد أن وهب لهم ثمن العقار، في حين أن المورث المذكور احتفظ لنفسه في عقد بيع العقار بحق الانتفاع به حال حياته، مما تنتفي معه نية تبرعه للمطعون ضدهم من الورثة بثمن العقار، وتضحى حقيقة التصرف أن المورث اشترى حق الرقبة في العقار للأخيرين من ماله الخاص واحتفظ لنفسه بحيازته والانتفاع به مدى حياته ومن ثم فهو تصرف مضاف إلى ما بعد الموت يأخذ حكم الوصية عملاً بالمادة 917 من القانون المدني، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن الخلاف حول ما إذا كانت ملكية حق الرقبة لعقار النزاع هي للمطعون ضدهما الأولين بطريق الشراء بولاية مورثهما أم أن المورث المذكور قد تملك العقار جميعه بموجب هذا الشراء هو في حقيقته نزاع حول تكييف عقد البيع المشهر بتاريخ 8/ 7/ 1976 وهل كان بيعاً حقيقياً لحق الرقبة إلى المطعون ضدهما المذكورين دفع ثمنه من مورثهما والمشمولين بولايته تبرعها لهما أم أنه بيع لكامل العقار لهذا المورث، وكان البين من الاطلاع على العقد موضوع التداعي أن مورث المطعون ضدهما الأولين اشترى لنفسه حق منفعة العقار محل العقد وبصفته ولياً طبيعياً عليهما حق رقبته وأن ثمن هذا الحق دفع منه تبرعاً لهما واحتفظ لنفسه بحيازته للعقار والانتفاع به مدى الحياة، فإن المحكمة وقد خلصت إلى أن العقد المذكور عقد بيع منجز اشترى فيه المطعون ضدهما المذكوران حق الرقبة ودفع ثمنه من مال مورثهما لحسابهما تبرعاً لهما، مع مالها من سلطة تقديرية في استخلاص نية التبرع، فإن هذا الذي خلص إليه الحكم تحصيل سائغ تحتمله عبارات العقد وله مأخذه. وكان القانون لا يمنع من التزام الغير في ذات عقد البيع بدفع الثمن تبرعاً للمشتري وبالتالي يخرج هذا العقد عن كونه في حكم التصرف المضاف إلى ما بعد الموت المنصوص عليه في المادة 917 من القانون المدني والذي لا ينصرف حكمها حسب صريح نصها إلا إلى التصرفات التي يجريها المورث في ملكه إلى أحد ورثته ويكون النعي برمته على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.