أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 37 - صـ 677

جلسة 12 من يونيه سنة 1986

برئاسة السيد المستشار: أحمد كمال سالم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد رأفت خفاجي، الحسيني الكناني، د. محمد فتحي نجيب ومحمد عبد البر حسين.

(140)
الطعن رقم 1964 لسنة 50 القضائية

(1) إيجار "إيجار الأماكن" "تحديد الأجرة".
- احتساب كامل قيمة الأرض والأساسيات والتوصيلات الخارجية للمرافق العامة في تقدير القيمة الإيجارية. شرطه. استكمال المبنى الحد الأقصى التي تسمح به قيود الارتفاع لا بما يقام فعلاً من الأدوار.
(2، 3) حكم "مالا يعد قصوراً". خبره. محكمة الموضوع.
2 - اعتماد الحكم على ما ورد بتقرير الخبير باعتباره متمماً لأسبابه. النعي عليه بالقصور. لا محل له.
3 - تعيين الخبراء من سلطة قاضي الموضوع متى وجد في الأوراق ما يكفي لحمل قضائه.
(4) حكم. استئناف. إيجار.
- صدور الحكم المطعون فيه في الاستئنافين المقامين من كل من المالك والمستأجرين. قضائه بتخفيض الأجرة. مؤداه رفض استئناف المالك.
1 - النص في الفقرتين الثانية والثالثة من المادة 11 من القانون رقم 52 لسنة 1969 - المنطبق في الدعوى - يدل على أن العبرة في احتساب كامل قيمة الأرض والأساسيات والتوصيلات الخارجية للمرافق العامة في تقدير القيمة الإيجارية هي باستكمال المبنى الحد الأقصى التي تسمح به قيود الارتفاع، ليست بما يقام فعلاً من الأدوار، فإذا لم يقم المالك إلا عدداً من الأدوار دون العدد الكلي للأدوار الكاملة التي تسمح بها تلك القيود، فلا تحتسب قيمة الأرض والأساسيات والتوصيلات الخارجية للمرافق إلا بنسبة ما يقام من الأدوار إلى العدد الكلي الذي تسمح به قيود الارتفاع المشار إليها، ولا يغير من ذلك أن يكون المالك قد قصد الاقتصار في استغلال الأرض على إقامة هذا العدد الأدنى من الأدوار، أو يكون قد أنشأ الأساسات وما يلحق بها بحيث لا تحتمل إلا الأدوار التي أقامها.
2 - المقرر - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أن الحكم إذا اعتمد على تقرير الخبير فإن ما يتضمنه هذا التقرير من بيان وأسباب وتفنيد لأقوال الخصوم يعد جزءاً متمماً لأسبابه، لما كان ذلك وكان تقرير مكتب الخبراء الذي ندبته محكمة الاستئناف قد أثبت تقرير كل من لجنة تحديد الأجرة وخبير الجدول المنتدب أمام محكمة الدرجة الأولى والخبير الاستشاري - الذي قدمه الطاعن لمسطح الأساسات، ثم حدد مساحتها من واقع معاينته وقياسه لها بالطبيعة واحتسب قيمة التأمينات الاجتماعية ضمن سعر المتر المسطح من المباني، كما احتسب سائر التكاليف التي تدخل في تقدير الأجرة بحسب أسعار سنة إنشاء الطابق محل النزاع وإعداده للسكنى، فإن أخذ الحكم المطعون فيه بذلك التقرير محمولاً على أسباب يكون كافياً لإقامة قضائه.
3 - تعيين الخبراء - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو من الرخص المخولة لقاضي الموضوع، فله وحده تقدير لزوم أو عدم لزوم هذا الإجراء، ولا معقب عليه إن لم ير إجابة طلب تعيين خبير آخر متى وجد في تقرير الخبير السابق ندبه ما يكفي لتكوين عقيدته للفصل في الدعوى.
4 - لئن كان المقرر طبقاً للفقرة الأولى من المادة 218 من قانون المرافعات أنه لا يفيد من الطعن إلا من رفعه، كما أنه من المقرر أنه لا يجوز لمحكمة الدرجة الثانية أن تسوئ مركز المستأنف بالاستئناف الذي أقامه، إلا أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد صدر في الاستئنافين رقمي 1831، 2029 لسنة 96 ق القاهرة المقام أولهما من الطاعن بطلب زيادة الأجرة، وثانيهما من المطعون ضدهما بطلب تخفيضها، فإن قضاء الحكم المطعون فيه بتخفيض الأجرة قد صدر في استئناف المطعون ضدهما، وبما لازمه أن استئناف الطاعن قد رفض، ومن ثم فلا يكون قد أضير من طعنه ويكون النعي على هذا الأساس في غير محله.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر... والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 677 لسنة 1977 مدني كلي الجيزة على المطعون ضدهما طعناً في قرار لجنة تقدير الإيجارات رقم 1 لسنة 1977 شمال الجيزة فيما تضمنه من تقدير القيمة الإيجارية للشقتين المبينتين بصحيفتها والحكم بتعديلها للقيمة المناسبة، وقال بياناً لها إن اللجنة قدرت الأجرة الشهرية للشقة المؤجرة للمطعون ضده الأول بمبلغ 57.259 مليمجـ وللشقة المؤجرة للمطعون ضدها الثانية بمبلغ 57.659 مليمجـ، ولما كان هذا التقدير خاطئاً فقد أقام دعواه. ندبت المحكمة أحد خبراء الجدول، وبعد تقديم تقريره حكمت بتاريخ 19/ 2/ 1979 بتعديل القرار المطعون فيه بجعل الأجرة الشهرية لشقة المطعون ضده الأول 10.015 مليمجـ ولشقة المطعون ضدها الثانية 11.425 مليمجـ. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 1831 لسنة 96 ق القاهرة. واستأنفه المطعون ضدهما بالاستئناف رقم 2029 لسنة 96 ق القاهرة. وقررت المحكمة ضم الاستئنافين ليصدر فيهما حكم واحد وندبت مكتب خبراء وزارة العدل لتقدير أجرة شقتي النزاع وبعد تقديم الخبير المنتدب تقريره قضت بتاريخ 17/ 6/ 1980 بتعديل قرار اللجنة وجعل الأجرة الشهرية لشقة المطعون ضده الأول 8.976 مليمجـ ولشقة المطعون ضدها الثانية 9.955 مليمجـ شاملة رسم النظافة. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم اعتد بتقدير مكتب الخبراء للأجرة المؤسس على أن أقصى ارتفاع يمكن أن يصل إليه المبنى هو خمسة أدوار - وهو ما يعادل مثل عرض الشارع مرة ونصف - في حين أنه لم يرخص له إلا ببناء أربعة أدوار، وأن الخبير لم يطلع على الرسومات الهندسية، ولم يقم بفحص الأساسات للتحقق من قوة تحملها لدور خامس.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أن النص في الفقرتين الثانية والثالثة من المادة 11 من القانون رقم 52 لسنة 1969 - المنطبق في الدعوى - على أن (تحسب كامل قيمة الأرض والمباني والأساسات والتوصيلات الخارجية للمرافق العامة في حالة البناء على كل المساحة المسموح بالبناء عليها واستيفاء الارتفاع طبقاً للقيود المفروضة على المنطقة وأحكام قوانين تنظيم المباني وغيرها من القوانين واللوائح، أما في حالة البناء على كل المساحة المسموح بالبناء عليها مع عدم استكمال المبنى الحد الأقصى المسموح به لارتفاع البناء تحسب كل قيمة المباني المنشأة كما تحسب قيمة الأرض والأساسات والتوصيلات الخارجية للمرافق بنسبة ما يقام فعلاً من أدوار إلى العدد الكلي لأدوار الكاملة التي تسمح بها قيود الارتفاع المشار إليها). يدل على أن العبرة في احتساب كامل قيمة الأرض والأساسات والتوصيلات الخارجية للمرافق العامة في تقدير القيمة الإيجارية هي باستكمال المبنى الحد الأقصى التي تسمح به قيود الارتفاع، وليست بما يقام فعلاً من الأدوار، فإذا لم يقم المالك إلا عدداً من الأدوار دون العدد الكلي للأدوار الكاملة التي تسمح بها تلك القيود، فلا تحتسب قيمة الأرض والأساسات والتوصيلات الخارجية للمرافق إلا بنسبة ما يقام من الأدوار إلى العدد الكلي الذي تسمح به قيود الارتفاع المشار إليها، ولا يغير من ذلك أن يكون المالك قد قصد الاقتصار في استغلال الأرض على إقامة هذا العدد الأدنى من الأدوار، أو أن يكون قد أنشأ الأساسات وما يلحق بها بحيث لا تحتمل إلا الأدوار التي أقامها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر ولم يعتد بمجرد ما أثبت بالترخيص من التصريح للطاعن بإقامة أربعة أدوار فقط أو بقدرة الأساسات على تعلية دور خامس، وكان الطاعن لم ينازع في أن قيود الارتفاع بالمنطقة تسمح بالارتفاع بالمبنى إلى الحد الذي قرره الخبير فإن الحكم لا يكون قد خالف القانون ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب وفي بيان ذلك يقول إن هذا الحكم ألغى حكم محكمة الدرجة الأولى واقتصر على الإحالة إلى تقرير مكتب الخبراء، دون أن يبين الأسباب التي تحمل قضاءه، ولم يعلل العجز في مسطحات الأساسات بما يزيد على اثني عشر متراً تقريباً عما حدده الخبراء السابقون عند تقدير أجرة وحدات بأدوار أخرى بذات - العقار سبق بناؤها قبل الدور محل التداعي، واختلف كذلك مع الخبراء السابقين في تقدير سعر المتر المسطح من الأساسات ولم يحتسب تكاليف خطة الردم والتأمينات الاجتماعية التي سددها الطاعن وأنقص قيمة المرافق والأتعاب الهندسية وتكاليف إقامة الأسوار وسعر المتر المسطح من المباني - رغم جودة تشطيبها - عما قدرها به هؤلاء الخبراء.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه من المقرر - وعلى ما جرى عليه قضاء هذه المحكمة - أن الحكم إذا اعتمد على تقرير الخبير فإن ما يتضمنه هذا التقرير من بيان وأسباب وتفنيد لأقوال الخصوم يعد جزءاً متمماً لأسبابه، لما كان ذلك، وكان تقرير مكتب الخبراء الذي ندبته محكمة الاستئناف قد أثبت تقرير كل من لجنة تحديد الأجرة وخبير الجدول المنتدب أمام محكمة الدرجة الأولى والخبير الاستشاري الذي قدمه الطاعن لمسطح الأساسات، ثم حدد مساحتها من واقع معاينته وقياسه لها بالطبيعة واحتسب قيمة التأمينات الاجتماعية ضمن سعر المتر المسطح من المباني، كما احتسب سائر التكاليف التي تدخل في تقدير الأجرة بحسب أسعار سنة إنشاء الطابق محل النزاع وإعداده للسكنى، فإن أخذ الحكم المطعون فيه بذلك التقرير محمولاً على أسبابه يكون كافياً لإقامة قضائه، ولا يعدو ما ينعاه الطاعن عليه في هذا الشأن أن يكون جدلاً موضوعياً لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك يقول إنه طلب ندب خبير آخر أو ثلاث خبراء لإعادة تقدير أجرة شقتي النزاع واستند في ذلك إلى ما وقع من تعارض بين تقرير مكتب الخبراء الذي أخذ به وتقرير خبير الجدول الذي أخذت به محكمة الدرجة الأولى غير أن المحكمة لم تجبه إلى هذا الطلب.
وحيث إن النعي في غير محله ذلك أن تعيين الخبراء وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو من الرخص المخولة لقاض الموضوع، فله وحده تقدير لزوم أو عدم لزوم هذا الإجراء، ولا معقب عليه إن لم ير إجابة طلب تعيين خبير آخر متى وجد في تقدير الخبير السابق ندبه ما يكفي لتكوين عقيدته للفصل في الدعوى، لما كان ذلك، وكانت أسباب الحكم المطعون فيه تفيد اطمئنان المحكمة إلى صحة النتائج التي انتهى إليها مكتب الخبراء وإلى سلامة الأسس التي بني عليها هذه النتائج، فإنه لا عليها إذ لم تجب الطاعن إلى طلب ندب خبراء آخرين.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقول إنه إذ لم يرتض قضاء محكمة الدرجة الأولى وأقام عنه الاستئناف رقم 1831 لسنة 96 ق القاهرة فإن الحكم المطعون فيه وقد قضى بغير صالحه يكون قد أضره بطعنه بالاستئناف.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك، أنه ولئن كان المقرر طبقاً للفقرة الأولى من المادة 218 من قانون المرافعات أنه لا يفيد من الطعن إلا من رفعه، كما أنه من المقرر أنه لا يجوز لمحكمة الدرجة الثانية أن تسوئ مركز المستأنف بالاستئناف الذي أقامه إلا أنه لما كان الحكم المطعون فيه قد صدر في الاستئنافين رقمي 1831، 2029 لسنة 96 ق القاهرة المقام أولهما من الطاعن بطلب زيادة الأجرة وثانيهما من المطعون ضدهما بطلب تخفيضهما، فإن قضاء الحكم المطعون فيه بتخفيض الأجرة يكون قد صدر في استئناف المطعون ضدهما، وبما لازمه أن استئناف الطاعن قد رفض ومن ثم فلا يكون قد أضير من طعنه ويكون النعي على هذا الأساس في غير محله. ولما تقدم يتعين رفض الطعن.