أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 37 - صـ 719

جلسة 19 من يونيه سنة 1986

برئاسة السيد المستشار/ مصطفى صالح سليم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم زغو نائب رئيس المحكمة، محمد حسن العفيفي، ممدوح السعيد وإبراهيم بركات.

(148)
الطعن رقم 902 سنة 52 القضائية

(1) مسئولية "المسئولية التقصيرية" "مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه". تعويض. كفالة . دفوع.
- مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه غير المشروعة. ماهيتها. اعتبار المتبوع في حكم الكفيل المتضامن كفالة مصدرها القانون لا العقد. للمتبوع حق الرجوع على التابع بما أوفاه من تعويض للمضرور. للتابع التمسك بالدفوع التي له قبل المضرور والمتبوع.
(2) مسئولية "المسئولية التقصيرية الخطأ".
- الخطأ المرفقي. ماهيته. تنازل المرفق عن حقه في الرجوع على العاملين به فيما تسببه أخطاؤهم المهنية اليسيرة من أضرار للغير. جائز.
(3) حكم "حجية الحكم". قوة الأمر المقضي".
- حجية الأمر المقضي المانعة من معاودة طرح ما فصل فيه الحكم النهائي. شرطها. أن يكون طرفا الدعوى الجديدة قد نازع كل منهما الآخر في الدعوى السابقة. تساندهما في الدعوى السابقة كطرف واحد ضد الغير. أثره. اعتبار الحكم الصادر فيها حجة لهما أو عليهما قبل الغير وليس حجة لأيهما قبل زميله.
1 - لئن كانت مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه غير المشروعة هي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - مسئولية تبعية مقررة بحكم القانون لمصلحة المضرور تقوم على فكرة الضمان القانوني، فيعتبر المتبوع في حكم الكفيل المتضامن كفالة مصدرها القانون وليس العقد بحيث إذا أوفى المتبرع بالتعويض كان له أن يرجع به كله على تابعه محدث الضرر في الحدود التي يكون فيها هذا التابع مسئولاً عن تعويض هذا الضرر وذلك إعمالاً لحكم المادة 175 من القانون المدني مثلما يرجع الكفيل المتضامن على المدين الذي كفله لأنه المسئول عنه وليس مسئولاً معه، إلا أن للتابع في حالة الرجوع عليه من متبوعه أن يتمسك في مواجهته ليس فقط بالدفوع التي كان له أن يتمسك بها في مواجهة المضرور بل أيضاً بما قد يكون لديه من دفوع قبل هذا المتبوع.
2 - الخطأ المرفقي هو الخطأ الذي ينسب إلى المرفق حتى ولو كان الذي قام به مادياً أحد العاملين به ويقوم على أساس أن المرفق ذاته هو الذي تسبب في الضرر لأنه لم يؤد الخدمة العامة وفقاً للقواعد التي يسير عليها سواء أكانت هذه القواعد خارجية أي وضعها المشرع ليلتزم بها المرفق أم داخلية سنها المرفق لنفسه ويقتضيها السير العادي للأمور، ولما كان الحكم المطعون فيه إذ أسس قضاءه على صحة ما تمسك به المطعون ضده في هذا الشأن، ذلك استناداً إلى ما خلص إليه خبير الدعوى وقرار مجلس إدارة الهيئة الطاعنة الصادر بتاريخ... تنازلها عن حقها في الرجوع على العاملين فيها فيما تسببه أخطاؤهم المهنية اليسيرة من أضرار للغير وتلتزم الهيئة بتعويضهم عنها وهو الأمر الذي لم يرد بالقانون ما يحظره فإنه يكون قد أصاب صحيح الواقع والقانون.
3 - حجية الأمر المقضي المانعة من معاودة طرح ما فصل فيه الحكم النهائي شرطها أن يكون طرفا الدعوى الجديدة قد تنازع كل منهما ضد الآخر في الدعوى السابقة في مسألة وصدر الحكم فيها حاسماً لها، فإذا لم يكونا كذلك بل كانا فيها متساندين كطرف واحد ضد الغير فإن الحكم الصادر فيها وإن كان حجة لهما أو عليهما معاً في المنازعة التي فصل فيها قبل هذا الغير إلا أنه ليس حجة لأيهما قبل زميله.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر... والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الهيئة الطاعنة أقامت الدعوى رقم 245 لسنة 1972 مدني الإسكندرية الابتدائية بطلب الحكم بإلزام المطعون ضده بأن يدفع إليها مبلغ 918.79 مليمجـ قيمة ما دفعته إلى شركة مصر إسكندرية لنقل المواد البترولية نفاذاً لما قضى به لصالحها ضد الهيئة الطاعنة والمطعون ضده متضامنين تعويضاً عن الأضرار التي لحقت تلك الشركة في حادث القاطرة التي كان يقودها المطعون ضده تابع الطاعنة بتاريخ 26/ 2/ 1973 ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى وبعد أن قدم تقريره حكمت بتاريخ 31/ 1/ 1977 برفضها. استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 179 لسنة 33 ق مدني وبتاريخ 17/ 2/ 1981 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن عرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك تقول أنه بمقتضى المادة 175 من القانون المدني فإن لها باعتبارها متبوعة حق الرجوع على تابعها المطعون ضده في الحدود الذي يكون فيها هذا الأخير مسئولاً عن تعويض الضرر وإذا كان الحكم الصادر في الدعوى التي أقامتها الشركة المضرورة قد خلص نهائياً إلى مسئوليتها والمطعون ضده متضامنين قبل هذه الشركة على أساس ثبوت خطأ المطعون ضده تابع الطاعنة بما كان يتعين معه القضاء لها بالتعويضات التي قامت بدفعها إلى الشركة المضرورة وإعمالاً لأحكام الرجوع فإن الحكم المطعون فيه إذ قضى برفضه دعواها على أساس أن الخطأ الذي تسبب عنه الضرر هو خطأ مرفقي وليس خطأ شخصياً استناداً منه إلى قرار صدر منها بذلك مهدراً حجية الحكم النهائي الصادر بالتعويض والذي قطع بمسئولية المطعون ضده يكون قد أخطأ بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه ولئن كانت مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه غير المشروعة هي - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - مسئولية تبعية مقررة بحكم القانون لمصلحة المضرور وتقوم على فكرة الضمان القانوني فيعتبر المتبوع في حكم الكفيل المتضامن كفالة مصدرها القانون وليس العقد بحيث إذا أوفى المتبوع التعويض كان له أن يرجع به كله على تابعه محدث الضرر في الحدود التي يكون فيها هذا التابع مسئولاً عن تعويض هذا الضرر وذلك إعمالاً لحكم - المادة 175 من القانون المدني - مثلما يرجع الكفيل المتضامن على المدين الذي كفله لأنه المسئول عنه وليس مسئولاً معه إلا أن التابع في حالة الرجوع عليه من متبوعه أن يتمسك في مواجهته ليس فقط بالدفوع التي كان له أن يتمسك بها في مواجهة المضرور بل أيضاً بما يكون لديه من دفوع قبل هذا المتبوع لما كان ذلك، وكان المطعون ضده قد تمسك أمام محكمة الموضوع بأن الخطأ الذي تسبب عنه الضرر هو خطأ مرفقي تسأل الهيئة الطاعنة وحدها عن التعويض عنه وليس خطأ شخصياً حتى يجوز لها الرجوع عليه به وكان الخطأ المرفقي هو الخطأ الذي ينسب إلى المرفق حتى ولو كان الذي قام به مادياً أحد العاملين به ويقوم - على أساس أن المرفق ذاته هو الذي تسبب في الضرر لأنه لم يؤد الخدمة العامة وفقاً للقواعد التي يسير عليها سواء أكانت هذه القواعد خارجية أي وضعها المشرع ليلتزم بها المرفق أم داخلية أي سنها المرفق لنفسه ويقتضيها السير العادي للأمور فإن الحكم المطعون فيه إذ أسس قضاءه على صحة ما تمسك به المطعون ضده في هذا الشأن وذلك استناداً إلى ما خلص إليه خبير الدعوى وقرار مجلس إدارة الهيئة الطاعنة الصادر بتاريخ 29/ 1/ 1964 بتنازلها - عن حقها في الرجوع على العاملين فيها فيما تسببه أخطاؤهم المهنية اليسيرة من أضرار للغير تلزم الهيئة بتعويض عنها وهو الأمر الذي لم يرد بالقانون ما يحظره فإنه يكون قد أصاب صحيح الواقع والقانون ولا ينال من ذلك ما تتحدى به الهيئة الطاعنة من حجية الحكم النهائي الصادر لصالح المضرور قبل الطاعنة والمطعون ضده ذلك أن حجية الأمر المقضي المانعة من معاوده طرح ما فصل فيه الحكم النهائي شرطها - أن يكون طرفا الدعوى الجديدة قد نازع كل منهما الآخر في الدعوى السابقة في مسألة وصدر الحكم فيها حاسماً لها فإذا لم يكونا كذلك بل كافياً متساندين كطرف واحد ضد الغير فإن الحكم الصادر فيها وإن كان حجة لهما أو عليهما في المنازعة التي فصل فيها مثل هذا الغير إلا أنه ليس حجة لأيهما قبل زميله ومن ثم يحول الحكم الصادر لصالح الشركة المضرورة ضد الطاعنة والمطعون ضده التي كانا متساندين فيها دون نظر ذات المنازعة في الخصومة المطروحة التي أقامتها الطاعنة قبل المطعون ضده، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر وعلى نحو ما سلف ذكره فإن النعي بالسببين يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.