أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 37 - صـ 764

جلسة 25 من يونيه سنة 1986

برئاسة السيد المستشار/ سيد عبد الباقي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: عبد المنصف هاشم، أحمد إبراهيم شلبي نائبي رئيس المحكمة، محمد عبد الحميد سند ومحمد جمال شلقاني.

(156)
الطعن رقم 2056 لسنة 52 القضائية

(1) اختصاص "الاختصاص الولائي". قوة الأمر المقضي. حكم "حجية الحكم". نظام عام.
- إثبات "القرائن" قرينة قوة الأمر المقضي.
- القضاء السابق صدوره من المحكمة المحال إليها الدعوى بعدم اختصاصها ولائياً بنظر النزاع. حيازته قوة الأمر المقضي طالما لم يطعن فيه الخصوم بطرق الطعن المقررة قانوناً. أثره. امتناع معاودة النظر فيه. علة ذلك. حجية الأحكام تسمو على اعتبارات النظام العام.
2 - قوة الأمر المقضي. دعوى "نظر الدعوى".
- قضاء محكمة الموضوع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها. نطاقه. عدم اتساعه للعودة لمناقشة موضوع هذه الدعوى وما عساه أن يتصل بهذا الموضوع من دفاع.
1 - لئن كان المشرع بنصه في المادة 110 من قانون المرافعات على أنه "على المحكمة إذا قضت بعدم اختصاصها أن تأمر بإحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة المختصة ولو كان عدم الاختصاص متعلقاً بالولاية وتلتزم المحكمة المحال إليها الدعوى بنظرها؛ قد هدف إلى تبسيط الإجراءات في صدد الأحكام المتعلقة بالاختصاص ولو كان ولائياً إلا متى كانت المحكمة المحال إليها الدعوى قد سبق لها القضاء بعدم اختصاصها بنظر النزاع لخروجه عن ولايتها ولم يطعن الخصوم في هذا الحكم بطرق الطعن المقررة قانوناً فإن قضاءها في هذا الشأن يصير حائزاً قوة الأمر المقضي ويمتنع عليها معاودة النظر فيه وذلك لما هو مقرر من أن حجية الأحكام تسمو على اعتبارات النظام العام.
2 - المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن قضاء محكمة الموضوع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقه الفصل فيها لا يتسع ولا يجوز معه العودة لمناقشة موضوع هذه الدعوى وما عساه أن يتصل بهذا الموضوع من دفاع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر... والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن الأول أقام الدعوى رقم 261 سنة 1974 تنفيذ سيدي جابر انتهى فيها إلى طلب الحكم أولاً بصفة مستعجلة بعدم الاعتداد بالحجز الموقع بتاريخ 20/ 8/ 1974 على السيارتين المبينتين بها واعتباره كأن لم يكن. ثانياً بصفه مستعجلة بندب خبير لإثبات حالة هاتين السيارتين وتقدير ما أصابهما من تلف. ثالثاً بإلزام المطعون عليهم بأن يدفعوا له متضامنين بمبلغ 700 جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت وقال بياناً لدعواه إنه كان قد ترك سيارتيه المذكورتين بالطريق لإصلاحهما فأزالهما المطعون عليه الأول بموجب محضر مؤرخ 4/ 7/ 1974 تقيد ضد مجهول وتقرر بيعهما بالمزاد العلني فأقام دعواه منتهياً فيها إلى طلباته سالفة البيان. وبتاريخ 27/ 1/ 1976 حكمت المحكمة في منازعة وقتية برفض طلب عدم الاعتداد بالحجز وبعدم اختصاصها - بنظر طلب ندب خبير في الدعوى وإحالته بحالته إلى محكمة الأمور المستعجلة بالإسكندرية استناداً إلى أن هذه المنازعة لا تشكل منازعة في التنفيذ وبعدم اختصاصها نوعياً بنظر طلب التعويض وإحالته بحالته إلى محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية استناداً إلى أنه يشكل تعويضاً من قرار إداري بإزالة السيارتين سالفتي الإشارة فقيدت الدعوى بالنسبة للطلب المستعجل برقم 588 سنة 1976 مستعجل الإسكندرية وبتاريخ 23/ 3/ 1976 حكمت محكمة الأمور المستعجلة بعدم اختصاصها بنظرها وإحالتها بحالتها إلى محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية استناداً على طلب إثبات حالة السيارتين موضوع النزاع فيه مساس بالقرار الإداري الصادر بإزالتهما مما تختص به محكمة القضاء الإداري - وقيدت الأوراق بجدول تلك المحكمة برقم 381 سنة 30 ق. وبتاريخ 12/ 3/ 1980 حكمت محكمة القضاء الإداري بعدم اختصاصها بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها بحالتها إلى محكمة الإسكندرية الابتدائية للاختصاص استناداً إلى أن الطعن الأول قد قصر طلباته أمامها على طلب التعويض ولم يحدد قرار إدارياً معيناً يطلب التعويض عنه وإنما ينصب طلب التعويض على إجراء مادي اتخذته المحافظة وحكت المحكمة بتاريخ 17/ 6/ 1981 بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الدعوى رقم 261 سنة 1974 تنفيذ سيدي جابر. استأنف الطاعنان هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 918 سنة 37 ق وبتاريخ 27/ 5/ 1982 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بالسبب الأول منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون أنه أيد قضاء المحكمة الابتدائية بعدم جواز نظر الدعوى لسابقه الفصل فيها في الدعوى رقم 261 سنة 1974 تنفيذ سيدي جابر رغم أن الحكم الصادر في هذه الدعوى اقتصر على القضاء بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري وهو قضاء غير منه للخصومة ولا يحوز حجية تمنع من إعادة طرح موضوع النزاع من جديد أمام المحكمة الابتدائية بعد إحالتها إليها من محكمة القضاء الإداري، كما عد هذه الحالة من حالات تنازع الاختصاص السلبي التي تختص بنظرها المحكمة الدستورية العليا في حين أنها ليست من حالاته وهو ما يعيب الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي في غير محله. ذلك أنه وإن كان المشرع بنصه في المادة 110 من قانون المرافعات على أنه "على المحكمة إذا قضت بعدم اختصاصها أن تأمر بإحالة الدعوى بحالتها إلى المحكمة المختصة ولو كان عدم الاختصاص متعلقاً بالولاية... وتلتزم المحكمة المحال إليها الدعوى بنظرها" قد هدف إلى تبسيط الإجراءات في صدد الأحكام المتعلقة بالاختصاص ولو كان ولائياً إلا أنه متى كانت المحكمة المحال إليها الدعوى قد سبق لها القضاء بعدم اختصاصها بنظر النزاع لخروجه عن ولايتها ولم يطعن الخصوم في هذا الحكم بطرق الطعن المقررة قانوناً فإن قضائها في هذا الشأن يصير حائزاً قوة الأمر المقضي ويمتنع عليها معاودة النظر فيه وذلك لما هو مقرر من أن حجية الأحكام تسمو على اعتبارات النظام العام. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر وأيد قضاء المحكمة الابتدائية بعدم جواز نظر الدعوى المحالة إليها من محكمة القضاء الإداري لسابقة الفصل فيها في الدعوى رقم 261 سنة 1974 تنفيذ سيدي جابر بعدم اختصاص محكمة سيدي جابر ولائياً بنظر الدعوى وإحالتها إلى محكمة القضاء الإداري وصيرورة هذا الحكم حائزاً قوة الأمر المقضي لعدم استئنافه من الخصوم وكان ما قرره الحكم المطعون فيه في هذا الصدد يكفي لحمل قضائه فإن النعي على ما استطرد إليه في أسبابه من أن هذه الحالة تعد من حالات التنازع السلبي للاختصاص مما تختص بنظره المحكمة الدستورية العليا - أياً كان وجه الرأي فيه يكون غير منتج ومن ثم يضحى هذا النعي برمته على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبب إذ قضى بتأييد - الحكم الابتدائي بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها دون أن يعرض لمناقشه أقوال شاهدي الطاعنين اللذين سمعتهما محكمة الاستئناف نفاذاً لحكمها الصادر بتاريخ 2/ 12/ 1980 بإحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات ما أصاب الطاعنين من أضرار من جراء الاستيلاء على السيارتين موضوع النزاع أو يرد عليهما وهو ما يعيبه بالقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود. ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن قضاء محكمة الموضوع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقه الفصل فيها لا يتسع ولا يجوز معه العودة لمناقشه موضوع هذه الدعوى وما عساه أن يتصل بهذا الموضوع من وقائع. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أيد قضاء المحكمة الابتدائية بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الدعوى رقم 261 سنة 1974 تنفيذ سيدي جابر فأنه لا يجوز له بعد ذلك أن يعود لمناقشه موضوع الدعوى والأدلة المرددة فيها. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فأنه لا يكون مشوباً بالقصور ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.