أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
الجزء الأول - السنة 38 - صـ 45

جلسة 8 من يناير سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ حسن جمعه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مصطفى طاهر، حسن عميره، حسن عشيش ومحمد حسام الدين الغريانى.

(4)
الطعن رقم 6150 لسنة 56 القضائية

(1) إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
إحالة الحكم في بيان أقوال أحد الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر لا يعيبه. متى كانت أقوالهما متفقة مع ما استند إليه الحكم منها.
(2) استيلاء على مال للدولة بغير حق. جريمة "أركانها". موظفون عموميون.
جناية الاستيلاء على مال للدولة بغير حق المنصوص عليها في المادة 113 عقوبات. ما يكفي لتحققها؟
(3) عقوبة "تطبيقها". غرامة. اختلاس أموال أميرية. استيلاء على مال للدولة بغير حق. نقض "المصلحة في الطعن". "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون".
الحد الأدنى للغرامة المقررة لأي من جريمتي الاختلاس أو الاستيلاء طبقاً للمادة 118 عقوبات خمسمائة جنيه. تغريم الطاعن مبلغاً يقل هذا الحد. خطأ في القانون لا سبيل لتصحيحه متى كانت النيابة لم تطعن في الحكم.
نعى الطاعن على الحكم تقديره قيمة الغرامة المحكوم بها على أساس أن الأموال المضبوطة مملوكة جميعها للدولة حال أن بعضها مملوك له. غير مجد. متى كانت الغرامة المقضى بها تقل عن الحد الأدنى المقرر قانوناً.
(4) اختلاس أموال أميرية. عقوبة "تطبيقها". رد
جزاء الرد المنصوص عليه في المادة 118 عقوبات يدور مع موجبه عن بقاء المال المختلس في ذمة المتهم حتى الحكم عليه.
1 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان أقوال أحد الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهما متفقة فيما استند إليه الحكم منها.
2 - الأركان القانونية لجناية الاستيلاء المنصوص عليها بالمادة 113 من قانون العقوبات يكفي لتحققها أن يستولى الموظف العام أو من في حكمه على مال للدولة أو غيرها من الجهات المنصوص عليها بالمادة 119 من هذا القانون بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة بنية تملكه وتضييع المال على ربه ولا يلزم لقيام هذه الجريمة ما يشترط في جريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 عقوبات من أن يكون المال قد وجد في حيازة الموظف بسبب وظيفته.
3 - لما كانت العقوبة التي أوقعها الحكم على الطاعن تدخل في نطاق العقوبة المقررة لأي من جنايتي الاختلاس أو الاستيلاء سالفتي البيان. وكان لا وجه لما يثيره الطاعن بشأن عقوبة الغرامة المقضى بها بمقولة أن الحكم قدرها على أساس أن كمية الأدوية المضبوطة مملوكة جميعها للدولة حال أن بعضها مملوكة له إذ قضى الحكم بتغريمه 449.309 مليمجـ مع أن الحد الأدنى للغرامة المقررة لأي من جريمتي الاختلاس أو الاستيلاء طبقاً للمادة 118 من قانون العقوبات لا يقل عن خمسمائة جنيه مما ينطوي على الخطأ في تطبيق القانون بيد أنه لا سبيل إلى تصحيحه ما دام أن النيابة لم تطعن في الحكم حتى لا يضار الطاعن بطعنه، و من ثم فإن مصلحة الطاعن في النعي على الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد تكون منتفية.
4 - من المقرر أن جزاء الرد يدور مع موجبه من بقاء المال المختلس في ذمة المتهم حتى الحكم عليه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه: بصفته موظفاً عمومياً "صيدلي بمستشفى السويس العام التابعة لوزارة الصحة" اختلس الأدوية المبينة الوصف بالتحقيقات والمملوكة للمستشفى سالفة الذكر البالغ قيمتها 6016.686 مليمجـ والتي وجدت في حيازته بسبب وظيفته حالة كونه من الأمناء على الودائع. وأحالته إلى محكمة جنايات السويس لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 112/ 1 - 2 - أ، 118، 118/ 5 مكرراً، 119/ أ، 119/ أ مكرراً من قانون العقوبات مع إعمال المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة ثلاث سنوات وبعزله من وظيفته وإلزامه برد مبلغ 444.309 مليمجـ وغرامة مساوية لهذا المبلغ وبنشر منطوق هذا الحكم بجريدة الأهرام اليومية على نفقة المحكوم عليه.
فطعن الأستاذ....... المحامي عن الأستاذ...... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجناية الاختلاس قد شابه القصور في التسبيب والخطأ في الإسناد والفساد في الاستدلال والخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه عول على أقوال الشاهدين...... و........ وأحال في بيان ما أدلى به الأول بقسم الشرطة إلى ما جاء بأقوال الأخير من أنه أوردها خلواً من هذه الواقعة، كما حصل أقوال مفتش الصيدليات..... وفحوى تقرير الخبير المنتدب بما مؤداه أن كافة الأدوية المضبوطة تحمل علامات دالة على ملكيتها للدولة مع أن ما جاء بأقوال الشاهد وبالتقرير لا يعدو أن هذه العلامات وجدت على بعض الأدوية فسحب، فضلاً عن أنه أسند إلى الطاعن إقراراً لم يصدر منه مفاده أن بعض الأدوية تمثل زيادة في عهدته في حين أن قصارى ما قرره بمحضر الشرطة أن بعض هذه الأدوية مملوكة له وأن بعضها الآخر عبارة عن زيادة في عهدة طبيب آخر نقلها إلى منزله وقد أدى خطأ الحكم في التحصيل على الوجه المتقدم إلى فساد استدلاله على مقارفة الطاعن للاختلاس فضلاً عن تقديره العقوبات المالية على أساس خاطئ، وعلاوة على ذلك فقد ألزم الطاعن برد قيمة الأدوية المختلسة رغم ضبطها، مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه حصل الواقعة بما مجمله أن الطاعن ويعمل صيدلياً بمستشفى السويس العام قام بتاريخ 5/ 12/ 1978 بتسليم كرتونة محملة بالأدوية للمعرض........ لتوصيلها إلى إحدى الصيدليات، وأنه أقر بذلك على أثر ضبط هذه الأدوية وأرشد عن وجود أدوية أخرى بمنزله فجرى تفتيشه وعثر عليها به، و قدرت قيمة الأدوية المضبوطة بمبلغ 444.309 مليمجـ، وقد اقتصر الحكم على مساءلة الطاعن عن اختلاس هذا القدر من الأدوية باعتباره المتيقن من اختلاسه دون ما عداه مما أسفر عنه الجرد من عجز بعهدته، ودلل الحكم على هذه الواقعة بما ينتجها من وجوه الأدلة. لما كان ذلك، وكان الحكم قد حصل أقوال الشاهد...... جار الطاعن - بما مؤداه أنه تابع الممرض....... بعد خروجه من منزل الطاعن حاملاً كرتونة واستوقفه وعلم منه بأنها تحتوي على أدوية تسلمها من الطاعن فصحبه إلى قسم الشرطة حيث قدما تلك الأدوية، كما أورد شهادة الممرض....... بما لا يخرج عما تقدم فنقل عنه أن الطاعن صحبه إلى منزله وسلمه كرتونة الأدوية وبعد خروجه بها استوقفه الشاهد السابق وسأله عما يحمله فأخبره بالأمر وتوجه معه إلى قسم ا لشرطة وكان ما أورده الحكم في سياق تحصيله لأقوال هذا الممرض من أنه توجهه لقسم الشرطة أدلى بأقواله على النحو الذي انطوت عليه شهادة ذلك الشاهد "........" واضح الدلالة على أن الحكم يقصد بذلك أن رواية الشاهدين اتفقت على تسليمها الأدوية بقسم الشرطة ولا يتضمن المعنى الذي ذهب إليه الطاعن في أسباب طعنه، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان أقوال أحد الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهما متفقة فيما استند إليه الحكم منها - كالحال في الدعوى الماثلة - فإن ما ينعاه الطاعن في هذا الوجه من الطعن لا محل له. لما كان ذلك، وكان الحكم قد حصل من أقوال....... مفتش الصيدليات بمديرية الشئون الصحية بالسويس ومن تقرير الخبير المنتدب أن الأدوية المضبوطة تحمل عبارة عبوة مستشفيات "أو صحة" بما يدل على أنها خاصة بعهدة الطاعن وأورد فحوى إقرار الطاعن بما مؤداه أنه سلم الكرتونة المحملة بالأدوية إلى الممرض سالف الذكر كما أقر بضبط كمية أخرى من الأدوية بمنزله وذكر أن بعض هذه الأدوية عبارة عن زيادة في مخازن المستشفى التي يعمل مديراً لها، وكان ما ينعاه الطاعن من خطأ الحكم في الإسناد في شأن تحصيله لمؤدى تلك الأدلة - على النحو الوارد بأسباب طعنه - بفرض صحته - لا ينفي تسليمه بأن بعض الأدوية المضبوطة يحمل العلامة الدالة على ملكيتها للدولة ويمثل زيادة في العهدة وأن تكن عهدة طبيب آخر قام بنقلها إلى منزله، وإذ أثبت الحكم في تدليل سائغ ومنطق مقبول استيلاء الطاعن على هذا القدر من الأدوية الحكومية الذي لا ينازع في ضبطه لديه، فإن ما وقع من الطاعن تتوافر به - بهذه المثابة - الأركان القانونية لجناية الاستيلاء المنصوص عليها بالمادة 113 من قانون العقوبات إذ يكفي لتحققها أن يستولى الموظف العام أو من في حكمه على مال للدولة أو غيرها من الجهات المنصوص عليها بالمادة 119 من هذا القانون بانتزاعه منها خلسة أو حيلة أو عنوة بنية تملكه وتضييع المال على ربه ولا يلزم لقيام هذه الجريمة ما يشترط في جريمة الاختلاس المنصوص عليها في المادة 112 عقوبات من أن يكون المال قد وجد في حيازة الموظف بسبب وظيفته، ولما كانت العقوبة التي أوقعها الحكم على الطاعن تدخل في نطاق العقوبة المقررة لأي من جنايتي الاختلاس أو الاستيلاء سالفتي البيان، و كان لا وجه لما يثيره الطاعن بشأن عقوبة الغرامة المقضى بها بمقولة أن الحكم قدرها على أساس أن كمية الأدوية المضبوطة مملوكة جميعها للدولة حال أن بعضها مملوكة له إذ قضى الحكم بتغريمه 449.309 مليمجـ مع أن الحد الأدنى للغرامة المقررة لأي من جريمتي الاختلاس أو الاستيلاء طبقاً للمادة 118 من قانون العقوبات لا يقل عن خمسمائة جنيه مما ينطوي على الخطأ في تطبيق القانون بيد أنه لا سبيل إلى تصحيحه ما دام أن النيابة لم تطعن في الحكم حتى لا يضار الطاعن بطعنه، و من ثم فإن مصلحة الطاعن في النعي على الحكم بدعوى الخطأ في الإسناد تكون منتفية إلا بالنسبة لما قضى به الحكم من عقوبة الرد، وكان ما ينعاه الطاعن في خصوص هذه العقوبة صحيحاً إذ الثابت من مدونات الحكم ذاته أن الأدوية التي دان الطاعن باختلاسها ثم ضبطها فما كان يجوز إلزامه برد قيمتها لما هو مقرر من أن جزاء الرد يدور مع موجبه من بقاء المال المختلس في ذمة المتهم حتى الحكم عليه، مما يتعين معه نقض الحكم نقضاً جزئياً وتصحيحه بإلغاء ما قضى به من عقوبة الرد.