أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
الجزء الأول - السنة 38 - صـ 51

جلسة 11 من يناير سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ جمال الدين منصور نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ صلاح خاطر، مسعود السعداوي، طلعت الاكيابى، ومحمود عبد الباري.

(5)
الطعن رقم 3869 لسنة 56 القضائية

(1) قبض. تفتيش. دفوع "الدفع ببطلان القبض والتفتيش". تلبس. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". رشوة. مأمورو الضبط القضائي.
مثال لتسبيب سائغ في الرد على الدفع ببطلان القبض والتفتيش. دخول المنازل تعقباً لشخص صدر أمر بالقبض عليه حال تقاضيه الرشوة لا بقصد تفتيشه. لا بطلان.
(2) رشوة. موظفون عموميون. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
كفاية أن يكون للموظف المرشو علاقة بالعمل المتصل بالرشوة أو أن يكون له فيه نصيب من الاختصاص يسمح له بتنفيذ الغرض من الرشوة. مثال.
(3) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على الحكم بالاضطراب دون الإفصاح عن ماهيته. مع خلو الحكم من الاضطراب. غير مقبول.
(4) إثبات "أوراق رسمية" "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق محكمة الموضوع في الالتفات عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية. ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها مع باقي الأدلة القائمة في الدعوى.
(5) إثبات "شهود".
لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها. كفاية أن تكون مؤدية إلى هذه الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه المحكمة.
(6) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة بإيراد أدلة الإدانة قبل كل متهم على حده. شرط ذلك؟
(7) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الدفع بنفي التهمة. موضوعي. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(8) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
عدم التزام المحكمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي.
اطمئنانها للأدلة التي عولت عليها. مفاده؟
1 - لما كان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع المبدى من الطاعن الأول ببطلان القبض عليه وتفتيشه داخل مسكنه ورد عليه بقوله "ومن حيث إنه متى كان دخول رجال الرقابة الإدارية لمسكن المتهم الأول لمجرد القبض عليه وتفتيشه تنفيذاً للأمر القضائي الصادر بذلك هو أمر اقتضته ضرورة تعقبه بعد أن تحققت موجبات القبض عليه وتفتيشه، فإن هذا الدخول لا يمثل انتهاكاً لحرمة مسكنه ولا يحظى بالحماية الواردة في المادة 44 من الدستور ومن ثم فإن الدفع المبدى في هذا الخصوص يكون قائماً على غير سند من القانون". وما أورده الحكم فيما تقدم يصلح رداً على الدفع ببطلان دخول المسكن بالتطبيق الصحيح القانون. ذلك أن البين من الاطلاع على المفردات المضمومة أن الأمر الصادر من النيابة العامة بضبط الطاعنين متلبسين بتقاضي الرشوة إنما قصد به ضبطهما أثر تسلمهما مبلغ الرشوة المتفق عليه بينهما ومن المبلغ - وهو ما حدث فعلاً بالنسبة للطاعن الأول على النحو الذي أورده الحكم - قد خول عضو الرقابة الإدارية دخول منزل هذا الأخير لم يكن بقصد تفتيش المنزل ولكن تعقباً له تنفيذاً لأمر صدر بالقبض عليه حال تقاضيه الرشوة - فلا يترتب عليه بطلان القبض والتفتيش الواقعين عليه، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون النعي عليه في هذا الشأن غير سديد.
2 - من المقرر أنه لا يلزم في جريمة الرشوة أن يكون الموظف المرشو هو وحده المختص بالقيام بجميع العمل المتصل بالرشوة بل يكفي أن يكون له علاقة به أو أن يكون له فيه نصيب من الاختصاص يسمح أيهما له بتنفيذ الغرض من الرشوة وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعنين أن الأول معين عضواً باللجنة الخامسة لتقدير الإيجارات بحي المنتزه والثاني معين سكرتيراً لها وإنهما قررا للمبلغ اختصاصهما برفع القيمة الإيجارية أو خفضها وطلبا منه مبلغاً من النقود لرفع تلك القيمة ومقتضى ذلك ولازمه أن لهما نصيب من الاختصاص بالعمل يسمح لهما بتنفيذ الغرض من الرشوة ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد.
3 - لما كان الطاعن الأول لم يفصح عن ماهية الاضطراب الذي عابه على الحكم في طعنه وكانت مدوناته قد خلت من هذا الاضطراب وأورد الأفعال التي قارفها الطاعن في جريمة الرشوة على النحو السالف بيانه فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون على غير سند.
4 - من المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية اقناعيه فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة القائمة في الدعوى.
5 - من المقرر أنه لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق، بل يكفي أن يكون من شأنها أن تؤدي إلى تلك الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه المحكمة يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها.
6 - من المقرر أنه ليس لزاماً على المحكمة أن تورد أدلة الإدانة قبل كل من الطاعنين على حده، ومن ثم فلا جناح عليها إذ جمعت في حكمها في مقام التدليل على ثبوت طلب الرشوة بين الطاعنين نظراً لوحدة الواقعة وما دامت الأدلة قبلهما تتحد وتتساند في معظمها وما دام حكمها قد سلم من عيب التناقض أو الغموض في أسبابه بحيث تبقى مواقف كل من الطاعنين والأدلة قبلهما محددة بغير لبس.
7 - من المقرر أن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
8 - من المقرر أن المحكمة غير ملزمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه وفي كل جزئية يثيرها واطمئنانها إلى الأدلة التي عولت عليها يدل على اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة ببيان علة اطراحها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين بأنهما بصفتهما موظفين عموميين الأول معاون تقدير والثاني معاون تحقيقات بحي المنتزه وعضوين باللجنة الخامسة لتحديد القيمة الإيجارية بحي المنتزه طلباً وأخذاً رشوة للإخلال بواجبات وظيفتهما بأن طلبا من...... مبلغ ألف جنيه وذلك على سبيل الرشوة مقابل تقدير القيمة الإيجارية للوحدات السكنية بالعقار ملكه بنسبة أعلى من القيمة الفعلية. وأحالتهما إلى محكمة أمن الدولة العليا بالإسكندرية لمعاقبتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادتين 103، 104 من قانون العقوبات مع تطبيق المادة 17 من ذات القانون بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة ثلاث سنوات وبتغريم كل منهما ألفي جنيه.
فطعن المحكوم عليه الأول في هذا الحكم بطريق النقض..... إلخ.
كما طعن الأستاذ....... المحامي نيابة عن المحكوم عليه الثاني في هذا الحكم. بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجريمة طلب وأخذ رشوة قد أخطأ في تطبيق القانون وشابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال ذلك بأن الطاعن الأول دفع ببطلان القبض عليه وتفتيشه داخل مسكنه لحصولهما بغير إذن مسبب من السلطة المختصة غير أن الحكم أطرح هذا الدفع بما لا يسوغ به إطراحه وبما لا يتفق وصحيح القانون. وشابه الاضطراب في استظهار دوره في مقارفة الجريمة، والتفت عن دفاع الطاعن الثاني المؤيد بالمستندات الرسمية والشهود القائم على عدم تواجده وقت دفع الرشوة وأخذه بذات الأدلة التي دان الطاعن الأول بها رغم اختلاف هذه الأدلة بالنسبة لكل منهما وأغفل الرد على دفاع الطاعن الأول القائم على عدم الزعم بالاختصاص في تقدير قيمة الأجرة وعدم ضبط مبلغ الرشوة معه - كل ذلك يعيب الحكم بما يوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة الرشوة التي دان بها الطاعنين بها وأورد على ثبوتها في حقهما أدلة - لا يجادل الطاعنان في أن لها معينها الصحيح بالأوراق - من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض للدفع المبدى من الطاعن الأول ببطلان القبض عليه وتفتيشه داخل مسكنه ورد عليه بقوله "ومن حيث إنه متى..... كان دخول رجال الرقابة الإدارية لمسكن المتهم الأول لمجرد القبض عليه وتفتيشه تنفيذاً للأمر القضائي الصادر بذلك هو أمر اقتضته ضرورة تعقبه بعد أن تحققت موجبات القبض عليه وتفتيشه، فإن هذا الدخول لا يمثل انتهاكاً لحرمة مسكنه ولا يحظى بالحماية الواردة في المادة 44 من الدستور ومن ثم فإن الدفع المبدى في هذا الخصوص يكون قائماً على غير سند من القانون." وما أورده الحكم فيما تقدم يصلح رداً على الدفع ببطلان دخول المسكن بالتطبيق لصحيح القانون. ذلك أن البين من الاطلاع على المفردات المضمومة أن الأمر الصادر من النيابة العامة بضبط الطاعنين متلبسين بتقاضي الرشوة إنما قصد به ضبطهما أثر تسلمهما مبلغ الرشوة المتفق عليه بينهما وبين المبلغ وهو ما حدث فعلاً بالنسبة للطاعن الأول على النحو الذي أورده الحكم فدخول عضو الرقابة الإدارية منزل هذا الأخير لم يكن بقصد تفتيش المنزل ولكن تعقباً له تنفيذاً لأمر صدر بالقبض عليه حال تقاضيه الرشوة - فلا يترتب عليه بطلان القبض والتفتيش الواقعين عليه، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون ويكون النعي عليه في هذا الشأن غير سديد، لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يلزم في جريمة الرشوة أن يكون الموظف المرشو هو وحده المختص بالقيام بجميع العمل المتصل بالرشوة بل يكفي أن يكون له علاقة به أو أن يكون له فيه نصيب من الاختصاص يسمح أيهما له بتنفيذ الغرض من الرشوة وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت في حق الطاعنين أن الأول معين عضواً باللجنة الخامسة لتقدير الإيجارات بحي المنتزه والثاني معين سكرتيراً لها وإنهما قررا للمبلغ اختصاصهما برفع القيمة الإيجارية أو خفضها وطلبا منه مبلغاً من النقود لرفع تلك القيمة ومقتضى ذلك ولازمه أن لهما نصيب من الاختصاص بالعمل يسمح لهما بتنفيذ الغرض من الرشوة ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان الطاعن الأول لم يفصح عن ماهية الاضطراب الذي عابه على الحكم في طعنه وكانت مدوناته قد خلت من هذا الاضطراب وأورد الأفعال التي قارفها الطاعن في جريمة الرشوة على النحو السالف بيانه فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون على غير سند. لما كان ذلك، وكان المقرر أن الأدلة في المواد الجنائية اقناعيه فللمحكمة أن تلتفت عن دليل النفي ولو حملته أوراق رسمية ما دام يصح في العقل أن يكون غير ملتئم مع الحقيقة التي اطمأنت إليها المحكمة من باقي الأدلة القائمة في الدعوى، وكان لا يشترط في شهادة الشاهد أن تكون واردة على الحقيقة المراد إثباتها بأكملها وبجميع تفاصيلها على وجه دقيق، بل يكفي أن يكون من شأنها أن تؤدي إلى تلك الحقيقة باستنتاج سائغ تجريه المحكمة يتلاءم به ما قاله الشاهد بالقدر الذي رواه مع عناصر الإثبات الأخرى المطروحة أمامها، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من مقارفة الطاعنين للجريمة المسندة إليهما مطرحاً للأسباب السائغة التي أوردها تلك الورقة الرسمية التي قدمها الطاعن الثاني وأراد بها التشكيك في الأدلة المستمدة من أقوال الشهود التي أطمأنت إليها المحكمة فإن ما يثيره الطاعن الثاني في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الأدلة وفي استنباط المحكمة لمعتقدها وهو ما لا يجوز إثارته لدى محكمة النقض. لما كان ذلك، وكان ما ينعاه الطاعن الثاني على الحكم لإدانته بذات الأدلة التي أخذ بها الطاعن الأول رغم تباين موقفيهما في الدعوى مردوداً بأنه ليس لزاماً على المحكمة أن تورد أدلة الإدانة قبل كل من الطاعنين على حده، ومن ثم فلا جناح عليها إذ جمعت في حكمها في مقام التدليل على ثبوت طلب الرشوة بين الطاعنين نظراً لوحدة الواقعة وما دامت الأدلة قبلهما تتحد وتتساند في معظمها وما دام حكمها قد سلم من عيب التناقض أو الغموض في أسبابه بحيث تبقى مواقف كل من الطاعنين والأدلة قبلهما محددة بغير لبس، فإن ما ينعاه الطاعن الثاني على الحكم بما تقدم يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم، هذا إلى أن المحكمة غير ملزمة بتعقب المتهم في مناحي دفاعه وفي كل جزئية يثيرها واطمئنانها إلى الأدلة التي عولت عليها يدل على اطراحها لجميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها دون أن تكون ملزمة بيان علة اطراحها ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس. متعيناً رفضه موضوعاً.