أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
الجزء الأول - السنة 38 - صـ 77

جلسة 14 من يناير سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ محمد وجدي عبد الصمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم حسين رضوان، محمد ممدوح سالم، محمد رفيق البسطويسي نواب رئيس المحكمة وفتحي خليفة.

(8)
الطعن رقم 5198 لسنة 56 القضائية

دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". إثبات "خبرة" "بوجه عام". ضرب.
تمسك الدفاع بتكذيب أقوال المجني عليهم من أحداث إصابتهم من محلول حامض الكبريتيك المركز وطلبه تحقيق ذلك عن طريق المختص فنياً. جوهري.
تعويل الحكم على التقارير الطبية دون بيان أنه أثبت بها أن الإصابات حدثت بالمجني عليهم من ذلك المحلول ودون إيراد مضمون المعاينة. قصور.
لما كان الحكم المطعون فيه قد نسب إلى الطاعنين معاً إحداث إصابة المجني عليها بإلقاء "ماء نار" عليها، وإلى الطاعن الأول وحده إحداث إصابة بالمجني عليهما الثاني والثالث بذات الوسيلة، وكان مفاد دفاع الطاعنين - على السياق المتقدم - تكذيب المجني عليهم فيما قرروه أنهما قد ألقيا عليهم المحلول سالف البيان وطلب تحقيق ذلك عن طريق المختص فنياً وهو الطبيب الشرعي، وهو دفاع يعد جوهرياً في صورة الدعوى، وكان الحكم قد عول في اطراح هذا الدفاع ورفض ذلك الطلب على ما ورد بالتقارير الطبية ومعاينة مكان الحادث دون أن يبين في أسبابه التي أنشأها لنفسه ولم يعتنق فيها أسباب الحكم الابتدائي أن تلك التقارير أثبتت حدوث إصابات المجني عليهم من المحلول سالف البيان وبغير أن يورد مضمون المعاينة، كما خلص في هذا الصدد إلى عدم معقولية افتعال المجني عليهم الإصابات بأنفسهم قولاً أنها حروق في الوجه والأجزاء العليا من الجسم لا يتصور فيها الافتعال، وكان افتعال الإصابة بإحداث حروق في الجسم ليس مما يستعصى على الواقع ويستحيل على التصديق، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعنين وآخرين بأنهم: أولاً: الطاعنان: أحدثا عمداً بـ....... الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي مما أعجزها عن أعمالها الشخصية مدة تزيد عن عشرين يوماً وكان ذلك بأداة (حمض الكبريتيك المركز). ثانياً: الطاعنان وآخرون: أحدثوا عمداً بـ........ و......... الإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي مما أعجزهما عن أعمالهما الشخصية مدة لا تزيد عن عشرين يوماً وكان ذلك بأداة (محلول حمض الكبريتيك المركز وعصا). وطلبت عقابهم بالمادتين 242/ 1 - 3 المعدلة، 241 من قانون العقوبات. وادعى كل من........ و......... مدنياً قبل المتهمين متضامنين بمبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنح بولاق الدكرور الجزئية قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم الأول ستة أشهر مع الشغل وكفالة خمسين جنيهاً لإيقاف التنفيذ وحبس المتهمة الثانية ثلاثة أشهر مع الشغل وكفالة خمسين جنيهاً لإيقاف التنفيذ وإلزام المتهمين متضامنين بأن يؤديا لكل من المدعيين بالحق المدني مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. استأنف المحكوم عليهم ومحكمة الجيزة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف بالاكتفاء بحبس المتهم الأول (الطاعن) لمدة شهرين وحبس المتهمة الثانية (الطاعنة) لمدة شهر وإلغاء وبراءة بإجماع الآراء بالنسبة لباقي المتهمين وتأييد الحكم فيما عدا ذلك.
فطعن الأستاذ/..... المحامي عن الأستاذ/........ المحامي نيابة عن المحكوم عليهما في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعنان على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانهما بجريمة الضرب وألزمهما بالتعويض قد شابه الفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع، وذلك بأنهما تمسكا بطلب عرض المجني عليهم على الطبيب الشرعي لبيان ما إذا كانت إصابتهم ناتجة عن إلقاء محلول حمض الكبريتيك المركز ومدى جواز افتعال تلك الإصابات، غير أن المحكمة لم تستجب لهذا الطلب الجوهري ورد عليه الحكم بأسباب لا تسوغ رفضه. مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أورد طلب الطاعنين عرض المجني عليهم على الطب الشرعي وأطرحه قي قوله: "وحيث إن ما جاء بمذكرة الحاضر عن المتهمين المستأنفين من أنه يطلب أصلياً عرض المجني عليهم والإحراز على الطب الشرعي لبيان نوع الإصابات وسببها ونوع المادة المستخدمة فيها، فإن هذا الطلب وإن كان يكمل التقرير الابتدائي إلا أن المحكمة لا ترى سبباً له غير تعطيل الفصل في الدعوى ما دامت المحكمة قد اطمأنت إلى ما ورد بالتقارير الابتدائية ومعاينة محل الحادث ويؤيد ذلك عدم مسئولية قيام المجني عليهم بافتعال تلك الإصابات بأنفسهم وهي حروق بالوجه والأجزاء العليا من الجسم والحروق لا يتصور فيها الافتعال والمحكمة لذلك تطمئن إلى ثبوت التهمة قبل المتهمين الأول والثانية (الطاعنان) ". لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد نسب إلى الطاعنين معاً إحداث إصابة المجني عليها بإلقاء "ماء نار" عليها، وإلى الطاعن الأول وحده إحداث إصابة بالمجني عليهما الثاني والثالث بذات الوسيلة، وكان مفاد دفاع الطاعنين - على السياق المتقدم - تكذيب المجني عليهم فيما قرروه أنهما قد ألقيا عليهم المحلول سالف البيان وطلب تحقيق ذلك عن طريق المختص فنياً وهو الطبيب الشرعي، وهو دفاع يعد جوهرياً في صورة الدعوى، وكان الحكم قد عول في اطراح هذا الدفاع ورفض ذلك الطلب على ما ورد بالتقارير الطبية ومعاينة مكان الحادث دون أن يبين في أسبابه التي أنشأها لنفسه ولم يعتنق فيها أسباب الحكم الابتدائي أن تلك التقارير أثبتت حدوث إصابات المجني عليهم من المحلول سالف البيان وبغير أن يورد مضمون المعاينة، كما خلص في هذا الصدد إلى عدم معقولية افتعال المجني عليهم الإصابات بأنفسهم قولاً أنها حروق في الوجه والأجزاء العليا من الجسم لا يتصور فيها الافتعال، وكان افتعال الإصابة بإحداث حروق في الجسم ليس مما يستعصى على الواقع ويستحيل على التصديق، فإن الحكم المطعون فيه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال متعيناً نقضه والإعادة دون حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن، مع إلزام المدعيين بالحقوق المدنية بالمصاريف المدنية.