أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 37 - صـ 866

جلسة 20 من نوفمبر سنة 1986

برئاسة السيد المستشار/ يوسف أبو زيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمود نبيل البناوي، أحمد نصر الجندي، محمد بهاء الدين باشات وأحمد أبو الحجاج.

(178)
الطعن رقم 1650 لسنة 55 القضائية

(1) وكالة "الوكالة المستترة". عقد. صورية.
الوكالة بالتسخير. ماهيتها. قيام الوكيل بالعمل باسمه الشخصي لحساب الموكل المستتر. أثرها. انصراف العقد الذي يبرمه الوكيل إلى الموكل ومن تعاقد مع الوكيل. علة ذلك.
(2) صورية "إثبات الصورية" "حكم" "تسبيب الحكم". إثبات. إثبات الصورية.
عدم جواز تعويل الحكم في قضائه على التصرف ذاته المطعون عليه أو على نصوص المحرر المثبت له.
1 - الوكالة بالتسخير وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تفترض أن يعمل الوكيل باسمه الشخصي وإن كان يعمل لحسابه الموكل الذي يكون اسمه مستتراً، ويترتب عليها - وتطبيقاً لقواعد الصورية التي تستلزم أعمال العقد الحقيقي في العلاقة بين الموكل والوكيل المسخر - إنها تنتج قبل الموكل جميع الآثار القانونية التي ترتبها الوكالة السافرة فينصرف أثر العقد الذي يبرمه الوكيل المسخر إلى كل من الموكل ومن تعاقد مع هذا الوكيل.
2 - لئن كانت محكمة الموضوع تستقل بتقدير أدلة الصورية إلا أنها لا يجوز لها أن تعول في إثبات الصورية أو نفيها على التصرف ذاته المدعى بصوريته أو على نصوص المحرر المثبت له.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر.. والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 5276 سنة 1982 مدني كلي الزقازيق على وزير المالية بصفته ورئيس مجلس إدارة بنك مصر بصفته - المطعون ضدهما الأول والثالث - وعلى المطعون ضده الثاني بصفته طالباً الحكم بنقل ملكية شهادات الادخار المبينة بصحيفة الدعوى من اسم المرحومة... إلى اسمه، وقال بياناً لها أنه أثناء عمله بالخارج كلف زوجته المرحومة... بشراء شهادات ادخار دولارية لحسابه وأرسل لها مبلغ 65 ألف دولار فقامت بشرائها من بنك مصر فرع الزقازيق ولكنها اضطرت إلى إصدارها باسمها لغيابه ولائها لا تحمل سند وكالة عنه، ولما عاد إلى الوطن بعد وفاة زوجته امتنع البنك عن صرف أرباح الشهادات زعماً بأنها تركة زوجته، ولما كانت هذه الشهادات مملوكة له فقد أقام الدعوى ليحكم له بطلباته، أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد أن سمعت شاهدي الطاعن قضت بتاريخ 15/ 2/ 1984 بإجابة الطاعن إلى طلبه، استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم لدى محكمة استئناف المنصورة "مأمورية الزقازيق" بالاستئناف رقم 268 سنة 27 ق طالباً إلغاءه والحكم برفض الدعوى، بتاريخ 24/ 4/ 1985 قضت المحكمة بتعديل الحكم إلى إلزام المطعون ضده الثالث بنقل ملكية ريع قيمة الشهادات إلى الطاعن بعد سداد الديون المستحقة على هذه الشهادات ومنها دين مصلحة الضرائب، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، أودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن بالسببين الأول والثالث على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال والقصور وفي بيانهما يقول عن دفاعه لدى محكمة الموضوع بدرجتيها قام على أنه وإن كانت الشهادات صادرة باسم زوجته إلا أنها كانت نائبة عنه في شرائها فتنصرف إليه آثار العقد ليكون هو دونها المالك لهذه الشهادات واستدل على ذلك بأقوال شاهديه وبالقرينة المستفادة من أقوال مراقب بنك مصر بمحضر تركة زوجته كما تقدم بخطاب صادر من بنك مصر لا يفيد سوى إصدار هذه الشهادات باسم الزوجة وإذ استدل الحكم بهذا الخطاب على ملكية الزوجة للشهادات ورتب على ذلك إطراحه لأقوال شاهديه والقرينة التي تمسك بها، يكون معيباً بالفساد في الاستدلال وبالقصور.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه لما كانت الوكالة بالتسخير وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة تقتضي أن يعمل الوكيل باسمه الشخصي وإن كان يعمل لحساب الموكل الذي يكون اسمه مستتراً ويترتب عليها - وتطبيقاً لقواعد الصورية التي تستلزم إعمال العقد الحقيقي في العلاقة بين الموكل والوكيل المسخر - إنها تنتج قبل الموكل جميع الآثار القانونية التي ترتبها الوكالة السافرة، فينصرف أثر العقد الذي يبرمه الوكيل المسخر إلى كل من الموكل ومن تعاقد مع هذا الوكيل وكان من المقرر أيضاً أنه وإن كانت محكمة الموضوع تستقل بتقدير أدلة الصورية إلا أنها لا يجوز لها أن تعول في إثبات الصورية أو نفيها على التصرف ذاته المدعى بصوريته أو على نصوص المحرر المثبت له، لما كان ذلك وكان مفاد دفاع الطاعن لدى محكمة الموضوع أن إصدار الشهادات باسم زوجته لا يغير من ملكيته وحده لها لأنها كانت وكيلاً مستتراً عنه في شرائها لها واستدل على ذلك بأقوال شاهديه والقرينة المستفادة من أقوال مراقب بنك مصر بمحضر حصر التركة، وكان الثابت بالخطاب الصادر من بنك مصر لا يفيد سوى أن الشهادات صادرة باسم زوجة الطاعن، فإن الحكم المطعون فيه إذ استدل بما ورد بهذا الخطاب على انتفاء الصورية وعلى ملكية زوجة الطاعن للشهادات رغم أن ما ورد به بذاته التصرف المدعى صوريته والتفت بذلك عن تقدير ما تمسك به الطاعن من أدلة، يكون فضلاً عن فساد استدلاله معيباً بالقصور بما يوجب نقضه دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.