أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 37 - صـ 896

جلسة 27 من نوفمبر سنة 1986

برئاسة السيد المستشار: مصطفى صالح سليم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: إبراهيم زغو نائب رئيس المحكمة، محمد حسن العفيفي، ممدوح السعيد ولطفي عبد العزيز.

(184)
الطعن رقم 948 لسنة 53 القضائية

(1) عقد. بيع "ركن الثمن". بطلان.
الثمن ركن أساسي في عقد البيع. م 418 مدني. تحديده في العقد بالعملة المصرية ثم الوفاء به بالنقد الأجنبي. لا بطلان. علة ذلك. اعتبار هذا الوفاء عملاً قانونياً تالياً لانعقاد العقد. (مثال).
(2) محكمة الموضوع "سلطتها في تفسير العقود". عقد "تفسير العقد".
محكمة الموضوع. سلطتها في تفسير العقود والشروط الواردة بها واستخلاص قصد المتعاقدين طالما لم يخل ذلك بالمعنى الظاهر لها.
(3) جنسية. إثبات.
شهادة التمتع بالجنسية المصرية الصادرة من وزير الداخلية لها حجيتها القانونية. طالما لم يقم دليل يخالف ذلك.
1 - يدل نص المادة 418 من القانون المدني على أن المشرع جعل الثمن ركناً أساسياً في عقد البيع لا ينعقد بدونه باعتباره محلاً لالتزام المشتري، وإذ كان عقد البيع سند الدعوى قد تم تحديد الثمن فيه بالعملة المصرية ولم يتضمن تعهداً مقوماً بعملة أجنبية مما حظرته المادة الأولى من القانون رقم 80 لسنة 1947 بتنظيم الرقابة على عمليات النقد في مصر المعدل بالقانون رقم 157 لسنة 1950 المعمول به وقت إبرام العقد - قبل إلغائه بالقانون رقم 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي - فإن ركن الثمن لا يكون باطلاً أما الوفاء به بالنقد الأجنبي - باعتباره عملاً قانونياً تالياً لانعقاد العقد - أياً كان وجه الرأي فيه - لا يستطيل إلى العقد حتى يبطله.
2 - لمحكمة الموضوع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - السلطة في تفسير العقود والشروط الواردة بها واستخلاص قصد المتعاقدين منها وفقاً لما تحمله عباراتها بما يتفق مع المعنى الظاهر لها.
3 - مفاد نصوص قوانين الجنسية المتعاقبة حسبما يبين من نص المادة 20 من القانون رقم 160 لسنة 1950 والمادة 24 من القانون رقم 391 لسنة 1956 من بعده، ثم المادة 28 من القانون رقم 82 لسنة 1958 وأخيراً المادة 21 من القانون رقم 76 لسنة 1975، أن الشهادة الصادرة من وزير الداخلية بناء على طلب الجنسية إنما هي دليل فرضه القانون على صاحب الشأن إذا أراد الحصول على إثبات الجنسية، له حجيته القانونية وتظل هذه الحجية قائمة حتى يقوم الدليل على إثبات ما يخالفها بأي طريق من الطرق.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار... المقرر والمرافعة وبعد المداولة قانوناً.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 99 سنة 1978 مدني شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 13/ 7/ 1976 وتسليمه "الشقة" المبينة بالأوراق، وقال في بيان ذلك إن الطاعنين باعوا إليه تلك الشقة بموجب العقد المشار إليه مقابل ثمن مقداره - 30000 جـ جنيهاً مصرياً، سدد منه مبلغ 20000 جـ واتفق على سداد الباقي عند تسليمه المفتاح والتسجيل الذي التزم البائعون بإتمامه في خلال ثلاثة أشهر من تاريخ التعاقد، وبتاريخ 25/ 12/ 1978 حكمت المحكمة للمطعون ضده بالطلبات، استأنف الطاعنون هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 679 سنة 96 ق مدني، وبتاريخ 9/ 3/ 1983 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقص، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض على هذه الدائرة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعنون بالأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقولون إن المطعون ضده سدد جزءاً من ثمن البيع بالنقد الأجنبي وهو ما يخالف أحكام القانون رقم 80 لسنة 1947 الخاص بتنظيم الرقابة على عمليات النقد وهو ما يترتب عليه بطلان العقد، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى صحة العقد على سند من أن بطلان السداد لا يلحق العقد ولا يؤثر على صحته فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن النص في المادة 418 من القانون المدني على أن "البيع عقد يلتزم به البائع أن ينقل للمشتري ملكية شيء أو حقاً مالياً آخر في مقابل ثمن نقدي". يدل على أن المشرع جعل الثمن ركناً أساسياً في عقد البيع لا ينعقد بدونه باعتباره محلاً لالتزام المشتري، لما كان ذلك وكان عقد البيع سند الدعوى قد تم تحديد الثمن فيه بالعملة المصرية ولم يتضمن تعهداً مقوماً بعملة أجنبية مما حظرته المادة الأولى من القانون رقم 80 لسنة 1974 بتنظيم الرقابة على عمليات النقد في مصر المعدل بالقانون رقم 157 لسنة 1950 المعمول به وقت إبرام العقد - قبل إلغائه بالقانون رقم 97 لسنة 1976 بتنظيم التعامل بالنقد الأجنبي - فإن ركن الثمن لا يكون باطلاً أما الوفاء به بالنقد الأجنبي باعتباره عملاً قانونياً تالياً لانعقاد العقد - أياً كان وجه الرأي فيه - لا يستطيل إلى العقد حتى يبطله، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون، وبالتالي يكون هذا النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقولون إنهم تمسكوا أمام محكمة الموضوع بالشرط الفاسخ الصريح الوارد في العقد جزاء على تخلف المطعون ضده عن سداد باقي الثمن في الميعاد المحدد وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى عدم تحقق هذا الشرط من تفسيره للبند الثاني من العقد دون أن يعمل البند الثاني عشر منه رغم أن البندين معاً يتحقق بهما الشرط المذكور، فإنه يكون مشوباً بالقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن لمحكمة الموضوع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - السلطة في تفسير العقود والشروط الواردة بها واستخلاص قصد المتعاقدين منها وفقاً لما تحمله عباراتها وبما يتفق مع المعنى الظاهر لها، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أورد بمدوناته "إن الثابت بالبند الثاني من عقد بيع التداعي أن الثمن مقداره ثلاثون ألف جنيه وقد دفع المشتري وقت التوقيع على هذا العقد عشرين ألف جنيه عبارة عن... وباقي الثمن ومقداره عشرة آلاف جنيه تدفع عند تسليم المفتاح والتسجيل وفي الموعد الذي يحدده البائعون لاستلام الشقة المبيعة ويجرى إخطار المشتري بهذا الموعد بخطاب مسجل أو ببرقية، وفي حالة تخلف المشتري عن سداد باقي الثمن كله أو جزء منه في الموعد المذكور فإنه تسري عليه الفوائد القانونية بواقع 7% دون إخلال بحق البائعين في اعتبار هذا العقد مفسوخاً من تلقاء نفسه بغير حاجة إلى إنذار أو إعذار أو تنبيه أو التجاء إلى القضاء، ومن ثم فإن الفسخ الاتفاقي إنما هو قاصر على حالة تخلف المشترى عن سداد باقي الثمن وقدره عشرة آلاف جنيه وبالشروط المتفق عليها أي عند تسليم المفتاح والتسجيل وفي الموعد الذي يحدده له البائعون لاستلام الشقة بعد إخطاره بهذا الموعد بخطاب مسجل أو برقية وهو ما لم يقم عليه دليل" وخلص الحكم من ذلك إلى عدم إعمال الشرط الفاسخ الصريح لعدم تحقق شروط إعماله، وكانت أسبابه سائغة ليس فيها خروج عن المعنى الظاهر لعبارات العقد وما يتفق وقصد المتعاقدين. ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والإخلال بحق الدفاع، وفي بيان ذلك يقولون إنهم تمسكوا أمام محكمة الموضوع بأن المطعون ضده أجنبي الجنسية محظور عليه اكتساب ملكية العقار محل النزاع عملاً بالقانون رقم 81 لسنة 1976، وإذ ادعى أنه مصري الجنسية وسايرته المحكمة في ذلك معتمدة على صورة ضوئية لشهادة مؤرخة 24/ 4/ 1978 صادر من وزارة الداخلية مجحودة من جانبهم، وشهادة رسمية أخرى مؤرخه 6/ 5/ 1978 تفيد تمتعه بالجنسية المصرية بالتبعية لوالده وقد ارتكن عليها الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه لأسبابه رغم عدم كفايتها لثبوت هذه الجنسية طبقاً للقانون، ودون أن توقف المحكمة الدعوى للفصل في حقيقة جنسية المطعون ضده من المحكمة المختصة، فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون وأخل بحق الدفاع.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك إن مفاد قوانين نصوص الجنسية المتعاقبة حسبما يبين من نص المادة 20 من القانون رقم 160 لسنة 1950 والمادة 24 من القانون رقم 391 لسنة 1956 من بعده، ثم المادة 28 من القانون رقم 82 لسنة 58 بعد ذلك، وأخيراً المادة 21 من القانون رقم 26 لسنة 1975، إن الشهادة الصادرة من وزير الداخلية بناء على طلب الجنسية إنما هي دليل فرضه القانون على صاحب الشأن إذا أراد الحصول على إثبات الجنسية له حجيته القانونية وتظل هذه الحجية قائمة حتى يقوم الدليل على إثبات ما يخالفها بأي طريق من الطرق، لما كان ذلك، وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه قد ارتكن إلى هذه الشهادة المؤرخة 6/ 5/ 1978 الصادرة من مصلحة وثائق السفر والهجرة والجنسية والتي تفيد تمتع المطعون ضده بالجنسية المصرية بالتبعية لوالده، فحسب المحكمة ذلك في إثباتها له ما دام لم يقدم إلى المحكمة ما يناقضها، ويكون تعييب الحكم في شأن الارتكان إلى الشهادة الضوئية الأخرى المؤرخة 24/ 4/ 1978 - أياً كان وجه الرأي فيه - غير منتج - ، وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى ثبوت الجنسية المصرية للمطعون ضده وفقاً لشهادة الجنسية المشار إليها وهي من الأدلة المقررة قانوناً فإنه لا على المحكمة إن لم توقف الدعوى طبقاً للمادة 129 من قانون المرافعات إذا أن هذا الوقف وعلى ما يبين من نصها - جوازي لها حسبما تستبينه من جدية المنازعة في المسألة الأولية أو عدم جديتها ومتروكاً لتقديرها بما لا يجوز معه النعي على الحكم لعدم استعمال المحكمة لهذه الرخصة، ومن ثم يكون هذا النعي غير مقبول.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.