أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 37 - صـ 902

جلسة 27 من نوفمبر سنة 1986

برئاسة السيد المستشار: محمد محمود راسم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد رأفت خفاجي نائب رئيس المحكمة، الحسيني الكناني، محمد عبد البر حسين سالم وأحمد عبد الرحمن.

(185)
الطعن رقم 1764 لسنة 51 القضائية

(1، 2) إيجار "إيجار الأماكن" "الامتداد القانوني لعقد الإيجار". إثبات.
1 - عقد الإيجار المبرم لمزاولة نشاط تجاري أو صناعي أو مهني أو حرفي. لا ينتهي بوفاة المستأجر أو تركه العين. امتداده لورثة المستأجر وشركائه. مناطه. المزاولة الفعلية للنشاط قبل الوفاة أو الترك. م 29/ 2 ق 49 لسنة 1977.
2 - تغيير المستأجر للغرض المنصوص عليه في العقد بعد استلامه العين وقبل الوفاة أو الترك. أثره لكل ذي مصلحة إثبات التغيير بكافة طرق الإثبات.
(3 - 5) محكمة الموضوع "مسائل الواقع" "تقدير الأدلة". حكم "تسبيب الحكم".
3 - تحصيل فهم الواقع في الدعوى وبحث الأدلة والمستندات. من سلطة قاضي الموضوع. حسبه أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها وأن يقيم قضاءه على أسباب كافية لحمله. عدم التزامه بتتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم والرد عليها استقلالاً.
4 - استنباط القرائن القضائية وتقديرها. من سلطة قاضي الموضوع متى كان سائغاً.
5 - قيام الحكم على أدلة وقرائن متساندة. عدم جواز مناقشة كل قرينة على حدة لإثبات عدم كفايتها في ذاتها.
1 - النص في الفقرة الثانية من المادة 29 من القانون 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، يدل على أن امتداد العقد لصالح الورثة والشركاء في هذه الحالة مناطه مزاولة المستأجر السابق لنشاط تجاري أو صناعي أو مهني أو حرفي بالفعل قبل وفاته أو تركه العين دون اعتداد بالغرض من استعمال العين الثابت بعقد الإيجار، ذلك أن المشرع فرق بين حالة تأجير المسكن المنصوص عليه بالفقرة الأولى من المادة المشار إليها وبين حالة التأجير لأحد الأنشطة المذكورة بالفقرة الثانية منها حيث وضع المشرع قيوداً على امتداد الإيجار في الحالة الأولى بعد وفاة المستأجر أو تركة العين، بينما أطلق الفقرة الثانية من كل قيد وحرص على استمرار الورثة عامة وشركاء المستأجر في النشاط دون تخصيص لأحد منهم، الأمر الذي يفصح عن أن هذه التفرقة إنما قصد بها حماية أوجه النشاط المذكورة والقائمة بالفعل وذلك ضماناً لاستمرارها أياً كانت الظروف الخاصة بكل وارث أو شريك، مما مفاده أن العبرة في تطبيق حكم الفقرة الثانية من النص هي بقيام المستأجر الأصلي بمزاولة أحد الأنشطة المبينة به في العين المؤجرة له.
2 - إذا عمد المستأجر إلى تغيير الغرض المنصوص عليه في العقد لمباشرة النشاط (نشاط تجاري أو صناعي أو مهني أو حرفي) إلى غرض مخالف بعد استلامه العين وقبل وفاته أو تركه لها فإنه لا محل للتذرع بما أثبت بعقد الإيجار غرضاً للاستعمال، وهذا التغيير مما يجوز لكل ذي مصلحة إثباته بكافة طرق الإثبات القانونية باعتباره واقعة مادية مستقلة عن العقد، بما لا تعد معه مخالفة لما أثبت به كتابة.
3 - لقاضي الموضوع السلطة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وبحث الأدلة والقرائن والمستندات المقدمة فيها، وموازنة بعضها بالبعض الأخر، وترجيح ما تطمئن إليه نفسه إلى ترجيحه، وحسبه أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها وأن يورد دليلها ويقم قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله، ولا عليه إن هو لم يتتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم ويرد استقلالاً على كل قول أو حجة أو طلب أثاروه أو تفنيد كل قرينة مناهضة، ما دام أن في قيام الحقيقة التي اقتنع بها وأورد دليلها فيه الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات.
4- استنباط القرائن القضائية وتقديرها من سلطة قاضي الموضوع، فيجوز له أن يعتمد في قضائه على ما يستخلصه من تحقيقات أجريت في غيبة الخصوم أو من محضر جمع استدلالات أو من شهادة شاهد لم يؤد اليمين متى كان استنباطه سائغاً.
5 - إذا اعتمد الحكم على أدلة وقرائن متساندة تؤدي في مجموعها إلى ما خلص إليه، فإنه لا تجوز المجادلة - أمام محكمة النقض - في النتيجة التي - استخلصها بمناقشة كل قرينة على حدة لإثبات عدم كفايتها في ذاتها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر... والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا على الطاعنين الدعوى رقم 1831 سنة 1979 مدني كلي جنوب القاهرة، بطلب الحكم بانتهاء عقد الإيجار المؤرخ 1/ 5/ 1955 عن الشقة المبينة بالصحيفة وتسليمها لهم خالية. وقالوا بياناً لدعواهم إن والدة الطاعنين كانت قد استأجرت هذه الشقة من المالك السابق للعقار والذي آلت ملكيته إليهم. وإذا توفيت المستأجرة الأصلية التي كانت تقيم بالشقة بمفردها، ولم تستعملها في أي نشاط تجاري بل اتخذتها مسكناً لها، فإن عقد الإيجار يكون قد انتهى بوفاتها، كما أقام الطاعنون على المطعون ضدهم الدعوى رقم 1948 سنة 1979 مدني كلي جنوب القاهرة للحكم باستمرار العلاقة الإيجارية بين الطرفين عن ذات الشقة، وقالوا بياناً لها إن الشقة محل النزاع أجرت بالعقد المؤرخ 1/ 5/ 1955 لمورثتهم لاستعمالها في التجارة بأجرة شهرية قدرها 10.800 تزيد عن أجر المثل لشقق العقار المعدة للسكنى مما يحق لهم طلب امتداد العقد بعد وفاة مورثتهم لاستعمال العين مكتباً تجارياً. وبعد أن أمرت المحكمة بضم الدعويين، حكمت بتاريخ 15/ 1/ 1980 بإحالتها إلى التحقيق ليثبت المطعون ضدهم أن مورثة الطاعنين لم تستغل الشقة كمكتب تجاري على النحو الثابت بعقد الإيجار بل استغلتها مسكناً خاصاً لها. وبعد أن استمعت المحكمة إلى شاهدي المطعون ضدهم، حكمت بتاريخ 13/ 1/ 1981 أولاً: في الدعوى 1831 سنة 1979 بانتهاء عقد الإيجار المؤرخ 1/ 5/ 1955 وتسليم الشقة خالية للمطعون ضدهم. ثانياً: وفي الدعوى 1948 سنة 1979 برفضها. استأنف الطاعنون هذا الحكم بالاستئناف رقم 537 سنة 98 ق ت القاهرة. وبتاريخ 29/ 4/ 1981 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها تنازل الطاعنون عن الوجه الأول من السبب الأول من أسباب الطعن، كما التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على أربعة أسباب، ينعى الطاعنون بالوجه الثاني من السبب الأول منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقولون إنه متى كان المكان مؤجراً لمزاولة نشاط تجاري أو صناعي أو مهني أو حرفي، فإن العقد لا ينتهي بوفاة المستأجر بل يستمر لصالح ورثته، ولا يجوز للمؤجر بعد وفاة المستأجر أن يماري فيما إذا كان الأخير قد مارس في العين هذا النشاط بالفعل أو لم يمارسه ما دام أن الأجرة المتفق عليها بالعقد قد روعي في تقديرها أن العين أجرت لمزاولة نشاط تجاري وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استلزم مزاولة النشاط بالفعل في العين المؤجرة، فإنه يكون قد خالف القانون، هذا إلى أنه لا يجوز إثبات عكس ما جاء بالعقد إلا بالكتابة إلا إذا كان هناك تحايلاً على القانون، وهو ما تنحسر عنه الأوراق، ومن ثم فإن حكم الإحالة إلى التحقيق الذي أجاز الإثبات بالبينة في شأن استعمال المستأجرة للعين سكناً لها بالعين يكون مخالفاً القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن النص في الفقرة الثانية من المادة 29 من القانون 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر على أنه "... فإذا كانت العين مؤجرة لمزاولة نشاط تجاري أو صناعي أو مهني أو حرفي فلا ينتهي العقد بوفاة المستأجر أو تركه العين ويستمر لصالح ورثته وشركائه في استعمال العين بحسب الأحوال..." يدل على أن امتداد العقد لصالح الورثة والشركاء في هذه الحالة مناطه مزاولة المستأجر السابق لنشاط تجاري أو صناعي أو مهني أو حرفي بالفعل قبل وفاته أو تركه العين دون اعتداد بالغرض من استعمال العين الثابت بعقد الإيجار ذلك أن المشرع فرق بين حالة تأجير المسكن المنصوص عليه بالفقرة الأولى من المادة المشار إليها، وبين حالة التأجير لأحد الأنشطة المذكورة بالفقرة الثانية منها حيث وضع المشرع قيوداً على امتداد الإيجار في الحالة الأولى بعد وفاة المستأجر أو تركه العين، بينما أطلق الفقرة الثانية من كل قيد وحرص على استمرار الورثة عامة وشركاء المستأجر في النشاط دون تخصيص لأحد منهم، الأمر الذي يفصح عن أن هذه التفرقة إنما قصد بها حماية أوجه النشاط المذكورة والقائمة بالفعل، وذلك ضماناً لاستمرارها أياً كانت الظروف الخاصة بكل وارث أو شريك، مما مفاده أن العبرة في تطبيق حكم الفقرة الثانية من النص هي بقيام المستأجر الأصلي بمزاولة أحد الأنشطة المبينة به في العين المؤجرة له، فإذا عمد إلى تغيير الغرض المنصوص عليه في العقد لمباشرة النشاط إلى غرض مخالف بعد استلامه العين، وقبل وفاته أو تركه لها، فإنه لا محل للتذرع بما أثبت بعقد الإيجار غرضاً للاستعمال، وهذا التغيير مما يجوز لكل ذي مصلحة إثباته بكافة طرق الإثبات القانونية باعتباره واقعة مادية مستقلة عن العقد، بما لا تعد معه مخالفة لما أثبت به كتابة. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتد بحقيقة الواقع في استعمال العين المؤجرة وأجاز إثباتها بالبينة دون اعتبار لما أثبت بعقد الإيجار من أن العين أجرت لاستعمالها مكتباً تجارياً، توصلاً إلى تحديد الحكم الواجب التطبيق من نص المادة 29 من القانون 49 سنة 1977 فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك يقولون أن المطعون ضدهم قد أقروا أمام محكمة الموضوع بأن النص في عقد الإيجار على استعمال الشقة مكتباً تجارياً كان بقصد التحايل على القانون لزيادة الأجرة وجعلها 10.800 مليمجـ ومؤدى قضاء الحكم المطعون فيه أن المطعون ضدهم قد استفادوا من التحايل على أحكام القانون، وهو أمر غير جائز قانوناً.
وحيث عن هذا النعي غير مقبول، لوروده على غير محل من قضاء الحكم المطعون فيه الذي أقام قضاءه بانتهاء عقد الإيجار على سند من سكنى المستأجرة بعين النزاع وحدها حتى تاريخ وفاتها، دون أن تستغلها لمزاولة أي نشاط تجاري، ولما كان الحكم لم يعتد في قضائه بتحديد الأجرة القانونية للشقة محل النزاع لخروج هذا الأمر عن نطاق الدعوى وطلبات الخصوم فيها، فإنه لا محل للنعي عليه في هذا الخصوص.
وحيث إن حاصل النعي بالسببين الثالث والرابع على الحكم المطعون فيه مخالفة الثابت بالأوراق والفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول الطاعنون أن الحكم في مقام تدليله على استعمال المورثة للعين المؤجرة كسكن لها دون مزاولة أي نشاط تجاري، نسب إلى الطاعن الثاني... إقراره بالمحضر الإداري - رقم 2690 سنة 1978 قصر النيل أنه عمل مكتباً تجارياً بالشقة بمعرفته بعد وفاة مورثته، مع أن المحضر المذكور قد خلا من مثل هذا الإقرار كما استدل الحكم بعدة قرائن لا تؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، إذ قضى الحكم خطأ بأن استعمال العين مكتباً تجارياً على نحو ما ورد بالعقد يعني استغلالها كمحل تجاري في حين أن المورثة كانت تستعمل الشقة كمكتب تجاري للإشراف على أنشطتها التجارية في محال أخرى، وقد شهد حارس العقار - الشاهد الثاني للمطعون ضدهم بأن أجرة الشقة 6.166 مليمجـ وهو يغاير ما صرحوا به من زيادة الأجرة مقابل استئجار الشقة مكتباً تجارياً ويكذبه ما جاء بعقد الإيجار بأن الجرة الشهرية هي 10.800 مليمجـ، ومع هذا فإن الحكم لم يبين سبب اطمئنانه إلى صدق هذه البينة واتخاذها دعامة لقضائه، في الوقت الذي رفض فيه طلب الطاعنين إحالة الدعوى على التحقيق لإثبات دعواهم دون بيان سبب رفضه لطلبهم.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لقاضي الموضوع السلطة في تحصيل فهم الواقع في الدعوى وبحث الأدلة والقرائن والمستندات المقدمة فيها، وموازنة بعضها بالبعض الأخر، وترجيح ما تطمئن إليه نفسه إلى ترجيحه وحسبه أن يبين الحقيقة التي اقتنع بها وأن يورد دليلها ويقيم قضاءه على أسباب سائغة تكفي لحمله، ولا عليه إن هو لم يتتبع الخصوم في مختلف أقوالهم وحججهم وطلباتهم ويرد استقلالاً على كل قول أو حجة أو طلب أثاروه أو تفنيد كل قرينة مناهضة، ما دام أن قيام الحقيقة التي اقتنع بها وأورد دليلها فيه الرد الضمني المسقط لتلك الأقوال والحجج والطلبات، وأن استنباط القرائن القضائية وتقديرها من سلطة قاضي الموضوع، فيجوز له أن يعتمد في قضائه على ما يستخلصه من تحقيقات أجريت في غيبة الخصوم أو من محضر جمع استدلالات أو من شهادة شاهد لم يؤد اليمين متى كان استنباطه سائغاً. فإذا ما اعتمد الحكم على أدلة وقرائن متساندة تؤدي في مجموعها إلى ما خلص إليه، فإنه لا تجوز المجادلة - أمام محكمة النقض - في النتيجة التي استخلصها بمناقشة كل قرينة على حدة لإثبات عدم كفايتها في ذاتها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بانتهاء عقد الإيجار عن الشقة محل النزاع، وتسليمها إلى المطعون ضدهم وبرفض دعوى الطاعنين باستمرار العلاقة الإيجارية عن تلك الشقة على ما حصله من أن: "الخلف ينحصر بين طرفي الخصومة في قول المستأنفين "الطاعنين" بأن العين أجرت لاستعمالها مكتباً تجارياً واستعملت لسكنى المورثة وحدها بجانب استغلالها مكتباً تجارياً، حين ينكر عليهم المستأنف عليهم "المطعون ضدهم" هذا الزعم قولاً منهم أن العين استعملت مسكناً فحسب. وكانت هذه المحكمة ترى مما تضمنته مستندات المستأنفين مباشرة المورثة... للعمل التجاري بمقر واضح سواء بعقد الشركة أو السجل التجاري يغاير شقة النزاع، ولم يقدم المستأنفون دليلاً على مزاولة النشاط التجاري بالعين موضوع التداعي ولو كانت الشقة قد استعملت في مزاولة النشاط التجاري لكان لديهم العديد من المستندات الرسمية كالسجل التجاري ومحاسبة الضرائب عن ذلك النشاط بالعين ولسارعوا بتقديمها بمثل ما قدموا من مستندات عن نشاط تجاري بمحل أخر، بما تطمئن المحكمة إلى صحته وصدق رواية شاهدي المستأنف عليهم أمام محكمة أول درجة وما قرره الشهود بالشكوى الإدارية المقدمة صورتها الرسمية بحافظة مستنداتهم من أن عين النزاع لم تستغل قط في العمل التجاري بل لسكن المورثة وأولادها ثم استقلالها فيها بالسكنى وحدها بعد زواج أولادها وتركهم لها، يضاف إلى ذلك ما ورد بنشرة جريدة الأهرام يوم 23/ 4/ 1978 من شكر واحتفال عائلة المورثة بذكرى الأربعين بمنزل الفقيدة بعين النزاع، وكذا ما ثبت بكتاب حسابات تليفون الزمالك أن التليفون مركب خط منزل، كما وأن المستأنفين لم يذكروا طوال مراحل النزاع سواء أمام الشرطة أو محكمة أول درجة وهذه المحكمة ماهية النشاط التجاري الذي كانت تباشره المورثة بالعين والتدليل عليه، بينما تشير أقوال المستأنف الرافع "الطاعن الثاني" بمحضر الشرطة المؤرخ 14/ 5/ 1978 أنه عمل مكتباً تجارياً بمعرفته بالشقة التي كانت مؤجرة لوالدته في شهر مارس، لما كان ذلك فإن الأوراق تقطع في سكنى المرحومة... "مورثة الطاعنين" وحدها حتى وفاتها، ولم تستغلها قط مقراً لمزاولة النشاط التجاري ولا ترى المحكمة موجباً لإحالة الدعوى إلى التحقيق، وإذ كانت المستأجرة قد توفيت وهي تقيم وحدها بشقة النزاع فإن عقد الإيجار ينتهي بوفاتها، ولا يحق للورثة طلب استمراره لصالحهم". فإنه يكون قد خلص سائغاً وبما يكفي لحمل قضائه بأن المورثة كانت تقيم بالشقة محل النزاع باعتبارها سكناً لها حتى تاريخ وفاتها وإنها لم تستخدم في أي عمل تجاري سواء باعتبارها مكتباً تجارياً أو لمزاولة أي نشاط تجاري، وإذ كانت هذه الأدلة والقرائن التي استند إليها الحكم تؤدى في مجموعها إلى ما خلص إليه، ومن ثم فإنه لا تجوز المجادلة في النتيجة التي استخلصها بمناقشة كل قرينة على حدة لإثبات عدم كفايتها في ذاتها أو المجادلة في تقدير أقوال الشهود التي أخذ بها الحكم المطعون فيه طالما أنه لم يخرج بها إلى ما لا يؤدى إليه مدلولها، ولا على المحكمة إن هي لم تجب الطاعنين إلى طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق مرة أخرى، متى وجدت في أوراق الدعوى والأدلة المطروحة فيها ما يكفي لتكوين عقيدتها للفصل فيها، وإذ لم يقدم الطاعنون - صورة رسمية من محضر الشرطة رقم 2690 سنة 1978 إداري قصر النيل - الذي سبق سحبه من الملف - فإن النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفته الثابت بالأوراق بشأن ما نسب من قول إلى الطاعن الثاني بهذا المحضر - يكون عارياً عن الدليل، لما كان ذلك، فإن ما يثيره الطاعنون بهذين السببين لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً فيما تستقل محكمة الموضوع بتقديره، مما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض، ويكون النعي في هذا الخصوص على غير أساس. ولما تقدم يتعين رفض الطعن.