أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 37 - صـ 926

جلسة 3 من ديسمبر سنة 1986

برئاسة السيد المستشار/ سيد عبد الباقي سيف نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: عبد المنصف هاشم، أحمد إبراهيم شلبي نائبي رئيس المحكمة، محمد جمال الدين شلقاني وصلاح محمود عويس.

(189)
الطعن رقم 573 لسنة 51 القضائية

(1 - 3) تحكيم. حكم "حكم المحكمين" بطلان "بطلان أحكام المحكمين".
1 - مشارطة التحكيم. ماهيتها. اتفاق بين الخصوم على طرحه على محكمين ليفصلوا فيه بدلاً من اللجوء على القضاء.
2 - بطلان حكم المحكمين لإغفاله بيان ملخص أقوال الخصوم. شرطه. أن يتضمن دفاعاً جوهرياً لو تم بحثه لتغيرت به النتيجة التي انتهى إليها الحكم. علة ذلك. م 507 مرافعات.
3 - الحالات التي تجوز فيها رفع الدعوى ببطلان حكم المحكمين. وورودها على سبيل الحصر. م 512 مرافعات.
1 - مشارطة التحكيم، لا تعدو أن تكون اتفاقاً بين الخصوم على طرح النزاع على محكمين ليفصلوا فيه بدلاً من طرحه على القضاء.
2 - لئن أوجبت المادة 507 من قانون المرافعات أن يشتمل حكم المحكمين على ملخص أقوال الخصوم إلا أنه لا يترتب على إغفالها بطلان الحكم إلا إذا ثبت أنها كانت تتضمن دفاعاً جوهرياً مؤثراً في النتيجة التي انتهى إليها حكم المحكمين بمعنى أن هيئة التحكيم لو كانت قد بحثته لجاز أن تتغير به هذه النتيجة إذ يعتبر ذلك قصوراً في أسباب الحكم الواقعية مما يترتب عليه البطلان.
3 - حدد المشرع في المادة 512 من قانون المرافعات الحالات التي يجوز بناء عليها رفع الدعوى ببطلان حكم المحكمين على سبيل الحصر.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر... والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعنين أقاما الدعوى رقم 432 سنة 1979 مدني الفيوم الابتدائية ضد المطعون عليه بطلب الحكم ببطلان حكم المحكمين رقم 23 سنة 1979، وقالا بياناً لها أن هذا الحكم بني على مشارطة التحكيم المؤرخة 16/ 3/ 1978 والتي شابها كثير من العيوب المخالفة للقانون لعدم تضمين وثيقتها بياناً وافياً بواقع النزاع وموضوعه وعدم التوقيع عليها من أغلبية المحكمين وإغفال أقوال الطرفين، وخلوها من عقد الوعد بالبيع الصادر من المالك الأصلي الذي يعد فيه المطعون عليه بأن يبيع له العقارات موضوع النزاع، كما أن ذلك الحكم الزمهما بتسليم المطعون عليه تلك العقارات رغم أن عقد الوعد بالبيع يلزم المالك الأصلي ببيعها للمطعون عليه ولا يلزمهما قبل المطعون عليه بأي التزام وبتاريخ 12/ 1/ 1980 حكمت المحكمة برفض الدعوى. استأنف الطاعنان هذا الحكم لدى محكمة استئناف بني سويف (مأمورية الفيوم) بالاستئناف رقم 74 سنة 16 ق مدني. وبتاريخ 5/ 1/ 1981 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنان في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وعرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة فرأت إنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ستة أسباب ينعى الطاعنان بالأول والثاني والثالث والسادس منها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب، وذلك أنهما تمسكا أمام محكمة أول درجة بعدم وجود مشارطة تحكيم مما يبطل محضر قبول التحكيم ويجعل موضوع النزاع غير محدد أمام المحكمين، كما تمسكا بأن المطعون عليه لم يقدم عقد الوعد بالبيع الذي صدر له من المالك الأصلي غير أن الحكم ذهب خطأ إلى وجود تلك المشارطة وإلى أن المحكمين أطلعوا على مستندات الطرفين ومنها عقد الوعد بالبيع رغم خلو محضر الجلسة مما يفيد ذلك. كما أنهما تمسكا أمام محكمة الاستئناف بأن حكم المحكمين لم يصدر بأغلبية الآراء ولم يشتمل على صورة من وثيقة التحكيم، ولم يتضمن ملخصاً لأقوال الخصوم ومستنداتهم وأسباب الحكم ومنطوقه والمكان الذي صدر فيه فلم تعرض محكمة الاستئناف لهذا الدفاع أو ترد عليه فأخطأ الحكم في تطبيق القانون وشابه القصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن مشارطة التحكيم لا تعدو أن تكون اتفاقاً بين الخصوم على طرح النزاع على محكمين ليفصلوا فيه بدلاً من طرحه على القضاء، ولما كان الثابت من حكم المحكمين موضوع النزاع إنه قد اشتمل على "محضر قبول التحكيم" الذي تضمن موافقة الطاعنين والمطعون عليه على قبول هيئة التحكيم المذكورة أسماؤهم للنظر فيما بينهم من خلافات ومنازعات وقبول الحكم الذي يصدره السادة المحكمون فيكون الحكم قد اشتمل على مشارطة التحكيم، كما إنه تضمن توقيع جميع المحكمين الذين اشتركوا في إصداره واشتمل على أسبابه ومنطوقه والمكان الذي صدر فيه وتضمن كذلك الإشارة إلى مستندات الخصوم ومنها عقد الوعد بالبيع، لما كان ذلك وكانت المادة 507 من قانون المرافعات وأن أوجبت أن يشتمل حكم المحكمين على ملخص أقوال الخصوم إلا أنه لا يترتب على إغفالها بطلان الحكم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة إلا إذا ثبت أنها كانت تتضمن دفاعاً جوهرياً مؤثراً في النتيجة التي انتهى إليها حكم المحكمين بمعنى أن هيئة التحكيم لو كانت قد بحثته لجاز أن تتغير به هذه النتيجة، إذ يعتبر ذلك قصوراً في أسباب الحكم الواقعية مما يترتب عليه البطلان وإذ خلت الأوراق من أن أقوال للخصوم كانت تتضمن دفاعاً جوهرياً مؤثراً في النتيجة التي انتهت إليها حكم المحكمين فإن النعي برمته قائماً على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسببين الرابع والخامس على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، ذلك إنه ذهب إلى أنهما ملزمان بتنفيذ حكم المحكمين بتسليم العقارات موضوع النزاع إلى المطعون عليه على تقدير أنهما تملكاها بعقد البيع الصادر لهما من المالك الأصلي، في حين إنه بيع غير مسجل لا ينقل الملكية، كما أن عقد الوعد بالبيع الصادر للمطعون عليه من المالك الأصلي لا يلزمهما قبل المطعون عليه بأي التزام فأخطأ الحكم في تطبيق القانون.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن المشرع حدد في المادة 512 من قانون المرافعات الحالات التي يجوز بناء عليها رفع الدعوى ببطلان حكم المحكمين على سبيل الحصر وليس من بينها ما أثاره الطاعنان بهذين السببين.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.