أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 37 - صـ 930

جلسة 4 من ديسمبر سنة 1986

برئاسة السيد المستشار/ إبراهيم زغو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد حسن العفيفي، ممدوح السعيد، لطفي عبد العزيز وإبراهيم بركات.

(190)
الطعن رقم 924 لسنة 53 القضائية

1) تعويض. تقادم "تقادم مسقط". دعوى. مسئولية.
سقوط دعوى التعويض بالتقادم الثلاثي. م 172 مدني. بدء سريانه من تاريخ العلم الحقيقي بحدوث الضرر وبشخص المسئول عنه. العلم الظني لا يبدأ به بالتقادم.
2) حكم "حجية الحكم". قوة الأمر المقضي. تعويض.
قوة الشيء المحكوم فيه. تلحق منطوق الحكم وما ارتبط به أسبابه ارتباطاً وثيقاً وما فصل فيه الحكم بصفة صريحة أو ضمنية حتمية. ما لم تنظره المحكمة بالفعل لا يحوز قوة الأمر المقضي.
3) تعويض. مسئولية "مسئولية تقصيرية". "مسئولية المتبوع عن أعمال تابعه".
قضاء المحكمة الجنائية ببراءة الطاعن ورفض دعوى التعويض قبله المؤسسة على أعماله الشخصية. م 163 مدني. جواز مطالبته بالتعويض أمام المحكمة المدنية كمسئول عن الضرر الذي أحدثه تابعه بعمله غير المشروع م 174 مدني. علة ذلك.
1 - يدل نص الفقرة الأولى من المادة 172 من القانون المدني على أن المراد بالعلم لبدء سريان التقادم الثلاثي لدعوى التعويض - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو العلم الحقيقي الذي يحيط بوقوع الضرر وبشخص المسئول عنه باعتبار أن انقضاء ثلاث سنوات من يوم هذا العلم ينطوي على تنازل المضرور عن حق التعويض الذي فرضه القانون على الملتزم دون إرادته، مما يستتبع سقوط دعوى التعويض بمضي مدة التقادم ولا وجه لافتراض هذا التنازل من جانب المضرور وترتب حكم السقوط في حالة العلم الظني الذي لا يحيط بوقوع الضرر أو بشخص المسئول عنه.
2 - الأصل أن حجية الشيء المحكوم فيه لا تلحق إلا بمنطوق الحكم ولا تلحق بأسبابه إلا ما كان منها مرتبطاً بالمنطوق ارتباطاً وثيقاً وفيما فصل فيه الحكم بصفة صريحة أو بصفة ضمنية حتمية سواء في المنطوق أو في الأسباب التي لا يقوم المنطوق بدونها، وما لم تنظر فيه المحكمة بالفعل لا يمكن أن يكون موضوعاً لحكم يحوز قوة الأمر المقضي.
3 - إذ كان الثابت من الأوراق أن مطالبة المطعون ضده الأول بالتعويض المدني أمام المحكمة الجنائية كان مبناها المسئولية عن الأعمال الشخصية طبقاً للمادة 163 من القانون المدني، ولم تتناول تلك المحكمة - وما كان لها أن تتناول وعلى ما جرى به قضاء الدائرة الجنائية بمحكمة النقض - بحث طلب التعويض على أي أساس آخر، وقضت برفض الدعوى المدنية استناداً إلى انتفاء ركن الخطأ في حق الطاعن، فإن ذلك لا يحول دون مطالبته أمام المحكمة المدنية باعتباره مسئولاً عن الضرر الذي أحدثه تابعه بعمله غير المشروع طبقاً للمادة 174 من القانون المدني لاختلاف السبب في كل من الطلبين، ولا ينال من ذلك توجيه إعلان من المطعون ضده الأول إلى الطاعن أثناء محاكمته جنائياً بمسئوليته عن التعويض بصفته متبوعاً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر... وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهما أقاما الدعوى رقم 6292 لسنة 1978 مدني طنطا الابتدائية على الطاعن بصحيفة أودعاها قلم كتاب المحكمة في 2/ 11/ 1978 للحكم بإلزامه أن يؤدي إليها مبلغ عشرة آلاف من الجنيهات، وقالا في بيان ذلك إنه بتاريخ 28/ 4/ 1985 تسبب تابع الطاعن... في وفاة كريمتها... وتوفى الأخير في ذات الحادث، وضبطت عن الواقعة قضية الجنحة رقم 5082 سنة 1975 قسم أول طنطا، وبتاريخ 7/ 1/ 1976 قررت النيابة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية قبل التابع لوفاته وقدمت الطاعن للمحكمة الجنائية فادعى المطعون ضده الأول مدنياً قبله بمبلغ 51 على سبيل التعويض المؤقت، وبتاريخ 11/ 6/ 1978 حكم ببراءة الطاعن في الاستئناف رقم 2448 سنة 1977 جنح مستأنف طنطا وبرفض الدعوى المدنية قبله، وإذ أصابهما بفقد كريمتهما ضرر يسأل عنه الطاعن، باعتباره متبوعاً بالنسبة للعامل... الذي تسبب بخطئه في الحادث، فقد أقاما الدعوى للحكم بطلبهما سالف الذكر، وبتاريخ 20/ 12/ 1981 حكمت المحكمة بإلزام الطاعن أن يدفع إلى المطعون ضدهما مبلغ خمسة آلاف جنيه، استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا بالاستئناف رقم 116 سنة 32 ق مدني، وبتاريخ 10/ 2/ 1983 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفضه وعرض الطعن على هذه الدوائر في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين، ينعى الطاعن بالأول منهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الاستئناف بسقوط الدعوى المدنية لرفعها في 2/ 11/ 1978 بعد فوات أقصر من ثلاث سنوات من تاريخ انقضاء الدعوى الجنائية قبل تابع الطاعن بوفاته في 28/ 4/ 1978 عملاً بالمادة 172 من القانون المدني، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ورفض هذا الدفع تأسيساً على أن مدة التقادم تبدأ من تاريخ صدور قرار النيابة بألا وجه لإقامة الدعوى الجنائية قبل تابع الطاعن في 7/ 1/ 1976 فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن النص في الفقرة الأولى من المادة 172 من القانون المدني على أن "تسقط بالتقادم دعوى التعويض الناشئة عن العمل غير المشروع بانقضاء ثلاث سنوات من اليوم الذي علم فيه المضرور بحدوث الضرر وبالشخص المسئول عنه، وتسقط هذه الدعوى في كل حال بانقضاء خمسة عشر سنة من يوم وقوع العمل غير المشروع". يدل على أن المراد بالعمل لبدأ سريان التقادم الثلاثي المشار إليه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو العلم الحقيقي الذي يحيط بوقوع الضرر وبشخص مسئول عنه باعتبار أن انقضاء ثلاث سنوات من يوم هذا العلم ينطوي على تنازل المضرور عن حق التعويض الذي فرضه القانون على الملتزم دون إرادته، - مما يستتبع سقوط دعوى التعويض بمضي مدة التعويض، ولا وجه لافتراض هذا التنازل من جانب المضرور وترتيب حكم السقوط في حالة العلم الظني الذي لا يحيط بوقوع الضرر أو بشخص المسئول عنه لما كان ذلك وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الحكم الجنائي الذي قضى ببراءة الطاعن ورفض الدعوى المدنية قبله بتاريخ 11/ 6/ 1978 قد تأسس على عدم قبول ركن الخطأ في جانبه وتوافره في حق تابعه العامل...، فإن سريان التقادم الثلاثي لا يبدأ إلا من اليوم التالي لتاريخ صدور هذا الحكم باعتبار أنه هو اليوم الذي علم فيه المطعون ضدهما يقيناً بمسئولية الطاعن - بصفته متبوعاً - عن الضرر الذي أصابهما بوفاة كريمتهما، وإذ كانت الدعوى المدنية الماثلة أقيمت في 2/ 11/ 1978 فإن الحكم المطعون فيه يكون قد أصاب في قضائه برفض الدفع بسقوطها بالتقادم، ولا يبطله ما يكون اشتملت عليه أسبابه من أخطاء قانونية إذ لمحكمة النقض أن تصححها بغير أن تنقضه ما دام صحيح النتيجة، وبذلك يكون النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفات القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول إنه لما كانت محكمة الجنح المستأنفة قد حكمت في الاستئناف رقم 2448 سنة 1977 طنطا ببراءته من تهمة القتل الخطأ ورفض الدعوى المدنية قبله تأسيساً على عدم ثبوت ركن الخطأ في جانبه وثبوته في حق تابعه... وكانت هذه الأسباب لها حجيتها أمام القضاء المدني لارتباطها بالمنطوق ارتباطاً وثيقاً، فإن قضاء المحكمة الجنائية برفض الدعوى المدنية قبله يكون شاملاً لكل الأسس التي يمكن أن تقوم عليها مطالبته بالتعويض سواء بصفته الشخصية أو بصفة متبوعاً، وإذ ألزمه الحكم المطعون فيه بالتعويض استناداً إلى مسئوليته عن أعمال تابعه ودون أن يرد على دفاعه الخاص بتوجيه المطعون ضدهما إليه إعلاناً بالدعوى المدنية أمام المحكمة الجنائية بصفته متبوعاً بما يواجهه فإنه يكون مشوباً بمخالفة القانون والقصور في التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الأصل أن حجية الشيء المحكوم فيه لا تلحق إلا بمنطوق الحكم ولا تلحق بأسبابه إلا ما كان منها مرتبطاً بالمنطوق ارتباطاً وثيقاً وفيما فصل فيه الحكم بصفة صريحة أو بصفة ضمنية حتمية سواء في المنطوق أو في الأسباب التي لا يقوم المنطوق بدونها، وما لم تنظر فيه المحكمة بالفعل لا يمكن أن يكون موضوعاً لحكم يحوز قوة الأمر المقضي، لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن مطالبة المطعون ضده الأول الطاعن بالتعويض المدني أمام المحكمة الجنائية كان مبناها المسئولية عن الأعمال الشخصية طبقاً للمادة 163 من القانون المدني، ولم تتناول تلك المحكمة وما كان لها أن تتناول وعلى ما جرت به قضاء الدائرة الجنائية بمحكمة النقض - بحث طلب التعويض على أي أساس آخر، وقضت برفض الدعوى المدنية استناداً إلى انتفاء ركن الخطأ في حق الطاعن، فإن ذلك لا يحول دون مطالبته أمام المحكمة المدنية باعتباره مسئولاً عن الضرر الذي أحدثه تابعه بعمله غير المشروع طبقاً للمادة 174 من القانون المدني لاختلاف السبب في كل من الطلبين، ولا ينال من ذلك توجيه إعلان من المطعون ضده الأول إلى الطاعن أثناء محاكمته جنائياً بمسئوليته عن التعويض بصفته متبوعاً، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.