أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
السنة 37 - الجزء الأول - صـ 984

جلسة 16 من ديسمبر سنة 1986

برئاسة السيد المستشار: يحيى الرفاعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: جرجس إسحاق، السيد السنباطي، أحمد مكي ومحمد وليد النصر.

(200)
الطعن رقم 2189 لسنة 55 القضائية

(1، 2) تقادم "وقف التقادم". تعويض "تقادم دعوى التعويض". حكم "أحكام المحاكم العسكرية".
(1) الدعوى المدنية التابعة للدعوى الجنائية. عدم سقوطها إلا بسقوط الدعوى الجنائية. اختيار المضرور الطريق المدني دون الجنائي للمطالبة بتعويض الضرر الناشئ عن الجريمة - مؤداه. وقف سريان التقادم بالنسبة له ما بقى الحق في رفع الدعوى الجنائية أو تحريكها أو السير فيها قائماً. علة ذلك.
(2) الحكم الغيابي الصادر من المحاكم العسكرية. صيرورته نهائياً بالتصديق عليه - قبول الطعن فيه بالتماس إعادة النظر. مؤداه. عدم زوال المانع الذي يتعذر معه على المضرور المطالبة بحقه في التعويض أمام القضاء المدني إلا بعد استنفاد الطعن فيه بهذا الطريق، أو فوات مواعيده، أو تحقق أحد أسباب انقضاء الدعوى الجنائية الأخرى - بعد التصديق على الحكم وقبل أن يصبح باتاً ومنها تقادم الدعوى العسكرية.
1 - مؤدى المادتين 172، 382 من القانون المدني - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أنه إذا كان العمل غير المشروع يشكل جريمة بما يستتبع قيام الدعوى الجنائية إلى جانب دعوى التعويض المدنية فإن الدعوى المدنية لا تسقط إلا بسقوط الدعوى الجنائية، فإذا انفصلت الدعويان بأن اختار المضرور الطريق المدني دون الطريق الجنائي للمطالبة بتعويض الضرر الناشئ عن الجريمة فإن سريان التقادم بالنسبة له يقف ما بقى الحق في رفع الدعوى الجنائية أو تحريكها أو السير فيها قائماً، فإذا انقضت هذه الدعوى بصدور حكم بات فيها أو بسبب آخر من أسباب الانقضاء كسقوطها بالتقادم عاد تقادم دعوى التعويض إلى السريان منذ هذا التاريخ، ذلك أن بقاء الحق في رفع الدعوى الجنائية أو تحريكها أو السير فيها قائماً، يعد في معنى المادة 382/ 1 من القانون المدني مانعاً يتعذر معه على المضرورة المطالبة بحقه في التعويض.
2 - مؤدى نصوص المواد 10، 64، 78، 84، 114، 118 من قانون الأحكام العسكرية الصادر بالقانون 25 لسنة 1966 والمعدل بالقانون 82 لسنة 1968 أن الحكم الغيابي الذي يصدر في جنحة من المحاكم العسكرية يصبح نهائياً بالتصديق عليه غير أنه يقبل الطعن فيه بالتماس إعادة النظر - الذي اتخذه ذلك القانون - وعلى ما أفصحت عنه مذكرته الإيضاحية، بديلاً عن الضمانات التي كفلها القانون العام عن طريق الطعن بالنقض في أحكام المحاكم العادية، ومن ثم لا يزاول المانع الذي يتعذر معه على المضرور المطالبة بحقه في التعويض أمام القضاء المدني بمجرد التصديق على ذلك الحكم، إذ يتعين لذلك استنفاد الطعن فيه بهذا الطريق أو فوات مواعيده، أو أن يتحقق أحد أسباب انقضاء الدعوى الجنائية الأخرى بعد التصديق على الحكم وقبل أن يصبح باتا، ومنها مضي مدة تقادم الدعوى العسكرية - وهي ثلاث سنوات في الجنح - دون حصول أي إجراء قاطع للتقادم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى 3279 سنة 1982 مدني كلي جنوب القاهرة على الطاعن بطلب الحكم بإلزامه بأن يدفع له مبلغ عشرة آلاف جنيه وقال بياناً لدعواه إنه بتاريخ 3/ 1/ 1975 وأثناء قيادة الجندي... إحدى سيارات القوات المسلحة تسبب خطأ في إصابته بعاهة مستديمة وقد عوقب الجندي المذكور عن ذلك الحبس أربعة أشهر مع الشغل في الجنحة 254 سنة 1975 عسكرية شرق القاهرة وتم التصديق على هذا الحكم بتاريخ 18/ 6/ 1976، وإذا كانت الأضرار التي لحقت به من جراء هذه الإصابة تقدر بالمبلغ المدعى به فقد أقام دعواه بطلب الحكم له بهذا المبلغ، ومحكمة أول درجة حكمت في 27/ 2/ 1983 بسقوط الدعوى بالتقادم الثلاثي. استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف 2949 لسنة 100 ق القاهرة، وبتاريخ 20/ 5/ 1985 قضت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبإلزام الطاعن بصفته بأن يؤدي للمطعون ضده تعويضاً مقداره سبعة آلاف جنيه. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقص، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إنه مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول إن الحكم أقام قضاءه على عدم اكتمال مدة التقادم الثلاثي للدعوى المدنية من تاريخ إعلان الحكم الجنائي في 1/ 6/ 1981 حتى تاريخ رفع الدعوى في 8/ 8/ 1982 في حين إنه يتعين حساب تلك المدة من 19/ 6/ 1979 وهو اليوم التالي لانقضاء الدعوى الجنائية بمضي ثلاث سنوات على التصديق على الحكم الجنائي ولا عبرة بإعلان الحكم الغيابي بعد ذلك السقوط.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك إنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مؤدى المادتين 172، 382 من القانون المدني إنه إذا كان العمل غير المشروع يشكل جريمة بما يستتبع قيام الدعوى الجنائية إلى جانب دعوى التعويض المدنية فإن الدعوى المدنية لا تسقط إلا بسقوط الدعوى الجنائية، فإذا انفصلت الدعويان بأن اختار المضرور الطريق المدني دون الطريق الجنائي للمطالبة بتعويض الضرر الناشئ عن الجريمة فإن سريان التقادم بالنسبة له يقف ما بقى الحق في رفع الدعوى الجنائية أو تحريكها أو السير فيها قائماً، فإذا انقضت هذه الدعوى بصدور حكم بات فيها أو بسبب آخر من أسباب الانقضاء كسقوطها بالتقادم عاد تقادم التعويض إلى السريان منذ هذا التاريخ، ذلك أن بقاء الحق في رفع الدعوى الجنائية أو تحريكها أو السير فيها قائماً، يعد في معنى المادة 382/ 1 من القانون المدني مانعاً يتعذر معه على المضرور المطالبة بحقه في التعويض. لما كان ذلك، وكان مؤدى نصوص المواد 10، 64، 78، 84، 114، 118 من قانون الأحكام العسكرية الصادر بالقانون 25 لسنة 1966 والمعدل بالقانون 82 لسنة 1968 إن الحكم الغيابي الذي يصدر في جنحة من المحاكم العسكرية يصبح نهائياً بالتصديق عليه غير أنه يقبل الطعن فيه بالتماس إعادة النظر - الذي اتخذه ذلك القانون، وعلى ما أفصحت عنه مذكرته الإيضاحية، بديلاً عن الضمانات التي كفلها القانون العام عن طريق الطعن بالنقض في أحكام المحاكم العادية - ومن ثم لا يزاول المانع الذي يتعذر معه على المضرور المطالبة بحقه في التعويض أمام القضاء المدني بمجرد التصديق على ذلك الحكم، إذ يتعين لذلك استنفاد الطعن فيه بهذا الطريق أو فوات مواعيده أن يتحقق أحد أسباب انقضاء الدعوى الجنائية الأخرى بعد التصديق على الحكم وقبل أن يصبح باتاً، ومنها مضي مدة تقادم الدعوى العسكرية - وهي ثلاث سنوات في الجنح - دون حصول أي إجراء قاطع للتقادم، لما كان ذلك وكان الحكم الصادر في الجنحة العسكرية 254 سنة 1975 المشار إليها قد صدق عليه في 18/ 6/ 1976 ولم يعلن للمحكوم عليه إلا في 1/ 6/ 1981 بعد انقضاء الدعوى الجنائية في 19/ 6/ 1979 - وهو التاريخ الذي يبدأ من اليوم التالي له سريان التقادم الثلاثي المسقط لدعوى التعويض المدنية، وكانت هذه قد رفعت في 8/ 8/ 1982 بعد سقوط الحق في رفعها فإن الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لمناقشة باقي أوجه الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم يتعين تأييد الحكم المستأنف.