أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الثاني - السنة 37 - صـ 988

جلسة 18 من ديسمبر سنة 1986

برئاسة السيد المستشار: إبراهيم زغو نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: محمد حسن العفيفي، ممدوح السعيد، لطفي عبد العزيز وإبراهيم بركات.

(201)
الطعن رقم 2427 لسنة 55 القضائية

(1)اختصاص "الاختصاص الولائي: أعمال السيادة". محكمة الموضوع.
للمحاكم العادية تقرير الوصف القانوني لما يعد من أعمال السيادة وما يخرج عنها لتحديد اختصاصها. خضوعها في ذلك لرقابة محكمة النقض. أعمال السيادة. ماهيتها. مؤداها.
(2) اختصاص "اختصاص ولائي".
منع المحاكم العادية من نظر الدعاوى المتعلقة بالأضرار الناجمة عن أعمال الحرب المعتبرة من أعمال السيادة. شرطه. أن تكون نتيجة مباشرة وحتمية للعمليات الحربية.
(3) نقض. اختصاص.
نقض الحكم لمخالفة قواعد الاختصاص. أثره. اقتصار المحكمة على الفصل في مسألة الاختصاص. م 269/ 1 مرافعات.
1 - المحاكم هي المختصة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - بتقرير الوصف القانوني للعمل الصادر من السلطات العامة وما إذا كان يعد من أعمال السيادة وحينئذ لا يكون لها أي اختصاص بالنظر فيه، ومحكمة الموضوع تخضع في تكييفها في هذا الخصوص لرقابة محكمة النقض، والمشرع لم يورد تعريفاً أو تحديداً لأعمال السيادة التي نص في المادة 17 من القانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية على منع المحاكم من نظيرها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة وهو لم يعرض كذلك لتعريفها بالمادة 11 من قانون نظام مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 التي نصت على خروج هذه الأعمال عن ولاية المحاكم الإدارية ويكون منوطاً بالقضاء أن يقول كلمته في وصف العمل المطروح في الدعوى وبيان ما إذا كان يعد من أعمال السيادة أم يخرج عنها لكي يتسنى الوقوف على مدى ولايته بنظر ما قد يثار بشأنه من مطاعن، وأعمال السيادة تتميز عن الأعمال الإدارية العادية بالصبغة السياسية البارزة فيها لما يحيطها من اعتبارات سياسية فهي تصدر من السلطة التنفيذية بوصفها سلطة حكم فينعقد لها في نطاق وظيفتها السياسية سلطة عليا لتحقيق مصلحة الجماعة كلها والسهر على احترام دستورها والإشراف على علاقاتها مع الدول الأخرى وتأمين سلامتها وأمنها في الداخل والخارج فالأعمال التي تصدر في هذا النطاق غير قابلة بطبيعتها لأن تكون محلاً للتقاضي لما يكتنفها من اعتبار سياسي يبرر تخويل السلطة التنفيذية الحق في اتخاذ ما ترى فيه صلاحاً للوطن وأمنه وسلامته دون تعقيب من القضاء أو بسط الرقابة عليها منه.
2 - يشترط - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - حتى لا تختص المحاكم بنظر الدعاوى المتعلقة بالأضرار الناتجة من أعمال الحرب المعتبرة من أعمال السيادة أن تكون قد وقعت نتيجة مباشرة وحتمية للعمليات الحربية وسيرها.
3 - مفاد نص المادة 269/ 1 من قانون المرافعات إنه إذا نقض الحكم المطعون فيه لمخالفة قواعد الاختصاص فإن المحكمة تقتصر على الفصل في مسألة الاختصاص.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده أقام الدعوى رقم 74 سنة 1983 مدني الإسماعيلية الابتدائية بطلب الحكم بإخلاء الطاعن من الأرض المبينة في الأوراق وإلزامه أن يدفع إليه تعويضاً مقدار 2500 جـ وقال بياناً لها إنه يمتلك الأرض المذكورة وإذ وضعت القوات المسلحة ممثلة في الطاعن اليد عليها بغير سند مما حرمه من الانتفاع بها فقد أقام الدعوى بطلباته.
وبتاريخ 22/ 6/ 1983 ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى لتحقيق عناصرها، وبعد أن قدم تقريره حكمت المحكمة بتاريخ 28/ 12/ 1983 بتسليم الأرض محل الدعوى إلى المطعون ضده وإلزام الطاعن أن يدفع إليه مبلغ 1000 جـ، استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسماعيلية بالاستئناف رقم 69 سنة 9 ق مدني، وبتاريخ 17/ 6/ 1985 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه، وإذ عرض الطعن على هذه الدائرة في غرفة مشورة، حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك يقول إن الثابت في الأوراق أن القوات المسلحة وضعت يدها على أرض النزاع منذ حرب يونيو 1967 للدفاع عن الحدود الشرقية للبلاد وتأمين سلامة الوطن وأمنه من جهة الخارج مما يعد من أعمال السيادة المحظور على المحاكم نظرها، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ورفض الدفع الذي أبداه الطاعن بعدم اختصاص المحاكم بنظر الدعوى على سند من القول بأن حالة الحرب ليست قائمة وإن استخدام الأرض المتنازع عليها ليس له علاقة مباشرة بالحرب فأنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك إنه لما كانت المحاكم هي المختصة - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - بتقرير الوصف القانوني للعمل الصادر من السلطات العامة وما إذا كان يعد من أعمال السيادة وحينئذ لا يكون لها أي اختصاص بالنظر فيه وأن محكمة الموضوع تخضع في تكييفها في هذا الخصوص لرقابة محكمة النقض، وكان المشرع لم يورد تعريفاً أو تحديداً لأعمال السيادة التي نص في المادة 17 من القانون رقم 46 لسنة 1972 بشأن السلطة القضائية على منع المحاكم من نظرها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وهو ما لم يوصف كذلك لتعريفها بالمادة 11 من قانون نظام مجلس الدولة رقم 47 لسنة 1972 التي نصت على خروج هذه الأعمال عن ولاية المحاكم الإدارية، فإنه يكون منوطاً بالقضاء أن يقول كلمته في وصف العمل المطروح في الدعوى وبيان ما إذا كان يعد من أعمال السيادة أم يخرج عنها لكي يتسنى الوقوف على مدى ولايته بنظر ما قد يثار بشأنه من مطاعن، وكانت أعمال السيادة تتميز عن الأعمال الإدارية العادية بالصفة السياسية البارزة فيها لما يحيطها من اعتبارات سياسية فهي تصدر من السلطة التنفيذية بوصفها سلطة حكم فينعقد لها في نطاق وظيفتها السياسية سلطة عليا لتحقيق مصلحة الجماعة كلها والسهر على احترام دستورها والإشراف على علاقاتها مع الدول الأخرى وتأمين سلامتها وأمنها في الداخل والخارج فالأعمال التي تصدر في هذا النطاق غير قابلة بطبيعتها لأن تكون محلاً للتقاضي لما يكتنفها من اعتبار سياسي يبرر تخويل السلطة التنفيذية الحق في اتخاذ ما ترى فيه صلاحاً للوطن وأمنه وسلامته دون تعقيب من القضاء أو بسط الرقابة عليها منه، وكان يشترط - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - حتى لا تختص المحاكم بنظر الدعاوى المتعلقة بالأضرار الناتجة عن أعمال الحرب المعتبرة من أعمال السيادة أن تكون قد وقعت نتيجة مباشرة للعمليات الحربية وسيرها، لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق ومن تقرير الخبير المودع أمام محكمة أول درجة أن أرض النزاع تقع بالناحية الشرقية لترعة الإسماعيلية بور سعيد عند الكيلو/ 6 على هذا الطريق في وضع يد القوات المسلحة منذ أواخر عام 1967 "إبان الحرب بين مصر وإسرائيل "وشغلتها وحدة منها أقامت عليها بعض التجهيزات العسكرية ومساكن لقواتها، فإن استيلاء الطاعن عليها يعد عملاً من أعمال السيادة، مما يخرج عن ولاية المحاكم بنظر النزاع بشأنه وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن المادة 269/ 1 من قانون المرافعات تنص على أنه "إذ كان الحكم المطعون فيه قد نقض لمخالفة قواعد الاختصاص تقتصر المحكمة على الفصل في مسألة الاختصاص..."
ولما تقدم فإنه يتعين إلغاء الحكم المستأنف والحكم بعدم اختصاص المحاكم ولائياً بنظر الدعوى.