أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
الجزء الأول - السنة 38 - صـ 246

جلسة 11 من فبراير سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ محمد وجدي عبد الصمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم حسين رضوان ومحمد ممدوح سالم ومحمد رفيق البسطويسي (نواب رئيس المحكمة) وفتحي خليفه.

(37)
الطعن رقم 5900 لسنة 56 القضائية

(1) استدلالات. تفتيش "إذن التفتيش". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير جدية التحريات".
تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار إذن التفتيش. موضوعي. الخطأ في اسم المطلوب تفتيشه لا يبطل إذ التفتيش ما دام أن من حصل تفتيشه هو المقصود.
الأعمال الإجرائية محكومة صحة وبطلاناً بمقدماتها لا بنتائجها. مؤدى ذلك؟
(2) تفتيش "التفتيش بغير إذن". دفوع "الدفع ببطلان التفتيش". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع ببطلان التفتيش من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع. عدم جواز إثارته لأول مرة أمام النقض ما دامت مدوناته لا تحمل مقوماته. علة ذلك؟
(3) تفتيش "إذن التفتيش" "إصداره" "تنفيذه". مأمورو الضبط القضائي. نيابة عامة. إجراءات "إجراءات التحقيق".
عدم اشتراط ثبوت أمر الندب الصادر من المندوب الأصيل إلى غيره من مأموري الضبط القضائي كتابه. التفتيش يجرى في هذه الحالة باسم النيابة العامة الآمرة وليس باسم المندوب له.
(4) مواد مخدرة. إجراءات "إجراءات التحريز".
إجراءات التحريز. تنظيمية لم يرتب القانون على مخالفتها البطلان.
(5) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". تفتيش "التفتيش بإذن". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
أخذ المحكمة بأقوال الشاهد سنداً للإذن بالتفتيش ونسبة المخدر للمتهم لا يمنع من عدم الأخذ بها في خصوص قصد الاتجار.
1 - تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره، وأقرت النيابة على تصرفها في شأن ذلك، فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. ولما كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لها أصلها الثابت بالأوراق، وكان الخطأ في اسم المطلوب تفتيشه لا يبطل إذن التفتيش ما دام أن الشخص الذي حصل تفتيشه هو في الواقع بذاته المقصود بإذن التفتيش. لما كان ذلك، وكان عدم العثور على المخدر في منزل الطاعن خلافاً لما ورد بمحضر التحريات لا يقدح في جديتها لأن الأعمال الإجرائية محكومة من جهة الصحة والبطلان بمقدماتها لا بنتائجها فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد.
2 - من المقرر أن الدفع ببطلان التفتيش إنما هو من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع التي لا تجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض ما دامت مدونات الحكم لا تحمل مقوماته نظراً لأنه يقتضى تحقيقاً تنأى عنه وظيفة هذه المحكمة.
3 - من المقرر أنه يشترط في أمر الندب الصادر من المندوب الأصيل لغيره من مأموري الضبط القضائي أن يكون ثابتاً بالكتابة، لأن من يجرى التفتيش في هذه الحالة لا يجريه باسم من ندبه، وإنما يجريه باسم النيابة العامة الآمرة به.
4 - من المقرر أن إجراءات التحريز المنصوص عليها في المواد 55 و56 و57 من قانون الإجراءات الجنائية إنما قصد بها تنظيم العمل للمحافظة على الدليل خشية توهينه، ولم يرتب القانون على مخالفتها بطلاناً. بل ترك الأمر في ذلك إلى اطمئنان المحكمة إلى سلامة الدليل.
5 - من المقرر أنه ليس ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى في تحريات الشرطة ما يسوغ الإذن بالتفتيش ولا ترى فيها ما يقنعها بأن إحراز المتهم للمخدر كان بقصد الاتجار متى بنت ذلك على اعتبارات سائغة دون أن يعد ذلك تناقضاً في حكمها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجناية بأنه أحرز بقصد الاتجار جوهرين مخدرين (أفيون وحشيش) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة الجنايات لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. ومحكمة جنايات سوهاج قضت حضورياً عملاً بالمواد 1 و38 و42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل والبندين 9 و57 من الجدول رقم 1 المرفق مع إعمال المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنة وبتغريمه خمسمائة جنيه والمصادرة باعتبار أن إحراز المخدرين كان بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه إنه إذ دانه بجريمة إحراز مخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي قد شابه القصور في التسبيب والتناقض، ذلك بأن الطاعن دفع ببطلان إذن التفتيش لابتنائه على تحريات غير جدية إذ أخطأ مجريها في اسم المطلوب تفتيشه ولم يسفر عن العثور على أي مخدر في منزل الطاعن خلافاً لما ورد بمحضر التحريات كما دفع ببطلان التفتيش لأن من قام به لم يثبت لديه ذلك كتابة من الضابط المأذون له بالتفتيش، ودفع ببطلان إجراءات التحريز لعدم احتفاظ من قام بها بالختم الذي استعمله في التحريز، إلا أن الحكم رغم أنه انتهى في قضائه إلى عدم الاعتداد بما تضمنته التحريات بشأن قصد الاتجار فقد قضى بإدانة الطاعن دون أن يعرض لهذه الدفوع إيراداً ورداً مما يعيبه ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجريمة إحراز جواهر مخدرة بغير قصد الاتجار التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة مستمدة من أقوال شهود الإثبات وتقرير تحليل المخدر المضبوط ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم قد عرض للدفع ببطلان إذن التفتيش لعدم جدية التحريات ورد عليه في قوله "أن المحكمة تطمئن إلى جدية التحريات وكفايتها فقد عينت المتهم تعييناً كافياً نافياً للجهالة أو اللبس والغموض وعينت محل إقامته تحديداً يسهل معه الاهتداء إليه ولا ينال من ذلك ما شاب اسم المتحري عنه من خطأ فقيل أنه...... بدلاً من........ إذ أن هذا الخطأ لا ينفي أن المتهم هو المتحري عنه وهو المراد تفتيشه ومسكنه، لا سيما وأن المتهم أو الدفاع عنه لم يزعم أن أحداً آخر يحمل اسم....... انصرف الإذن إليه دون المتهم". وكان من المقرر أن تقدير جدية التحريات وكفايتها لإصدار الإذن بالتفتيش هو من المسائل الموضوعية التي يوكل الأمر فيها إلى سلطة التحقيق تحت إشراف محكمة الموضوع، ومتى كانت المحكمة قد اقتنعت بجدية الاستدلالات التي بني عليها أمر التفتيش وكفايتها لتسويغ إصداره، وأقرت النيابة على تصرفها في شأن ذلك، فلا معقب عليها فيما ارتأته لتعلقه بالموضوع لا بالقانون. ولما كانت المحكمة قد سوغت الأمر بالتفتيش وردت على شواهد الدفع ببطلانه لعدم جدية التحريات التي سبقته بأدلة منتجة لها أصلها الثابت بالأوراق، وكان الخطأ في اسم المطلوب تفتيشه لا يبطل إذن التفتيش ما دام أن الشخص الذي حصل تفتيشه هو في الواقع بذاته المقصود بإذن التفتيش. لما كان ذلك، وكان عدم العثور على المخدر في منزل الطاعن خلافاً لما ورد بمحضر التحريات لا يقدح في جديتها لأن الأعمال الإجرائية محكومة من جهة الصحة والبطلان بمقدماتها لا بنتائجها فإن ما يثيره الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع ببطلان التفتيش إنما هو من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع التي لا تجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض ما دامت مدونات الحكم لا تحمل مقوماته نظراً لأنه يقتضي تحقيقاً تنأى عنه وظيفة هذه المحكمة، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يدفع ببطلان التفتيش، وكانت مدونات الحكم قد خلت مما يرشح لقيام ذلك البطلان، فلا يقبل منه الدفع ببطلانه لأول مرة أمام محكمة النقض. وفضلاً عن ذلك فإن الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن من قام بالتفتيش هو من مأموري الضبط القضائي وأنه ندب ذلك شفاها من الضابط المأذون له من النيابة العامة بالتفتيش - ولا يماري الطاعن في أن إذن النيابة العامة بالتفتيش أجاز لمأمور الضبط القضائي الذي ندب للتفتيش أن يندب غيره من مأموري الضبط القضائي لإجرائه - ومن المقرر أنه لا يشترط في أمر الندب الصادر من المندوب الأصيل لغيره من مأموري الضبط القضائي أن يكون ثابتاً بالكتابة، لأن من يجرى التفتيش في هذه الحالة لا يجريه باسم من ندبه، وإنما يجريه باسم النيابة العامة الآمرة به. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن إجراءات التحريز المنصوص عليها في المواد 55 و56 و57 من قانون الإجراءات الجنائية إنما قصد بها تنظيم العمل للمحافظة على الدليل خشية توهينه، ولم يرتب القانون على مخالفتها بطلاناً، بل ترك الأمر في ذلك إلى اطمئنان المحكمة إلى سلامة الدليل، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما أثاره الطاعن بشأن إجراءات التحريز ورد عليه في قوله "يبين من الأوراق أن التحريز تم في مواجهة المتهم ومحاميه الحاضر معه دون اعتراضات منه وقد ختمت الإحراز بخاتم الأستاذ... وكيل النيابة وجاء بتقرير المعمل الكيماوي أن الإحراز المرسلة إليه وجدت مختومة بذات الختم ومن ثم كانت إجراءات التحريز سليمة بريئة من كل عيب" وهو منه رد سائغ يضحى معه النعي على الحكم في هذا الصدد على غير سند. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ليس ما يمنع محكمة الموضوع بما لها من سلطة تقديرية من أن ترى في تحريات الشرطة ما يسوغ الإذن بالتفتيش ولا ترى فيها ما يقنعها بأن إحراز المتهم للمخدر كان بقصد الاتجار متى بنت ذلك على اعتبارات سائغة دون أن يعد ذلك تناقضاً في حكمها - وهو الحال في الدعوى، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.