أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
الجزء الأول - السنة 38 - صـ 305

جلسة 19 من فبراير سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ حسن جمعه نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد أبو زيد نائب رئيس المحكمة، مصطفى طاهر، صلاح البرجى ومحمد حسام الدين الغريانى.

(44)
الطعن رقم 6161 لسنة 56 القضائية

(1) أسباب الإباحة وموانع العقاب "الدفاع الشرعي". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". ضرب أفضى إلى موت.
الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها تقدرها محكمة الموضوع.
الدفاع الشرعي لم يشرع لمعاقبة المعتدي وإنما لرد العدوان.
مثال لتسبيب سائغ لنفي حالة الدفاع الشرعي.
(2) دعوى مدنية "الصفة فيها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حق أرملة المجني عليه وأولاده في المطالبة بالتعويض عما أصابهم من ضرر شخصي من جراء الوفاة بصرف النظر عن حقهم في إرثه من عدمه.
(3) دعوى مدنية. مسئولية مدنية. ضرر. بطلان. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب" "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
العبرة في صحة الحكم هي بصدوره موافقاً للقانون.
إغفال الحكم ذكر مواد القانون. في خصوص الدعوى المدنية لا يبطله. متى كان النص الواجب الإنزال مفهوماً من الوقائع التي أوردها.
1 - من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلقاً بموضوع الدعوى للمحكمة الفصل فيها بغير معقب متى كانت الوقائع مؤدية للنتيجة التي رتبت عليها، كما أن حق الدفاع الشرعي لم يشرع لمعاقبة معتد على اعتدائه وإنما شرع لرد العدوان، وإذ كان مؤدى ما أورده الحكم في بيانه لواقعة الدعوى ولدى نفيه لقيام حالة الدفاع الشرعي - وهو ما لا ينازع الطاعن في صحة إسناد الحكم بشأنه - أن الطاعن وبعد أن كانت واقعة الاعتداء على شقيقيه قد تمت فعلاً، ضرب المجني عليهما دون أن تبدو أي بادرة اعتداء عليه يتخوف منها، فإن ما قارفه الطاعن من بعد يكون من قبيل القصاص والانتقام بما تنتفي به حالة الدفاع الشرعي عن النفس كما هي معرفة به في القانون.
2 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن المدعين بالحقوق المدنية - هم زوجة المجني عليه الأول وأولاده وهو ما لم يجحده الطاعن وكان ثبوت الإرث لهم من عدمه لا يقدح في صفتهم كزوجة وأبناء للمجني عليه المذكور وكونهم قد أصابهم ضرر من جراء فقد المجني عليه نتيجة الاعتداء الذي وقع عليه والذي أودى بحياته، وكانت الدعوى المدنية إنما قامت على ما أصابهم من ضرر مباشر لا على انتصابهم مقام المجني عليه من أيلولة حقه في الدعوى إليهم.
3 - من المقرر أن العبرة في صحة الحكم هي بصدوره موافقاً للقانون وكان الحكم المطعون فيه قد بين أساس التعويض المقضى به على الطاعن ووجه المسئولية فإنه لا يبطله في خصوص الدعوى المدنية - عدم ذكر مواد القانون التي طبقها على واقعة الدعوى متى كان النص الواجب الإنزال مفهوماً من الوقائع التي أوردها.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه ضرب..... عمداً بعصا فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية المرفق ولم يقصد من ذلك قتلاً ولكن الضرب أفضى إلى موته. 2 - ضرب عمداً.... بعصا فأحدث بظهره الإصابات المبينة بالتقرير الطبي الابتدائي وأحالته إلى محكمة جنايات شبين الكوم لمحاكمته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى نجل المجني عليه الأول كما أدعت أرملته عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر مدنياً قبل المتهم بمبلغ 30000 جنيه على سبيل التعويض ومحكمة جنايات شبين الكوم قضت حضورياً عملاً بالمادتين 236/ 1، 242/ 1 - 3 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 32/ 2 من ذات القانون بمعاقبة المتهم بالسجن لمدة خمس سنوات عما أسند إليه وبإلزامه بأن يدفع للمدعين بالحق المدني مبلغ 15000 جنيه تقسم بينهم بالفريضة الشرعية.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي الضرب المفضي إلى الموت والضرب العمد قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال ذلك بأنه أطرح دفعه بأنه كان في حالة دفاع شرعي عن النفس بما لا يسوغ، ولم يبين صفة المدعيين بالحق المدني من واقع إعلام شرعي لم يعن بإيراد بياناته وقضى بالتعويض استناداً إلى نص المادة 163 من القانون المدني ولم يشر إلى نص المادتين 221، 222 من ذات القانون وهما أساس تقرير التعويض وتقديره، وكل ذلك مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان الطاعن بهما وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لما أثاره الطاعن من قيام حالة الدفاع الشرعي عن النفس ورد عليه في قوله "أما عن القول بأن المتهم كان في حالة دفاع شرعي عن النفس فقول مردود إذ الثابت من أقواله أنه حضر لمحل الحادث فوجد شقيقيه مصابين أي أن واقعة الاعتداء على الآخرين كانت قد تمت فعلاً فلا محل للقول بالدفاع عنهما ولا محل للقول بالدفاع عن نفسه هو إذ قد خلت أقواله بالتحقيقات من أن أحد حاول الاعتداء حتى يحق له دفع هذا الاعتداء، فالقول بالتخوف من احتمال حدوثه يكون قولاً ممجوجاً ولا يقبل أن يكون علاج هذا التخوف هو المبادرة بالاعتداء وبالتالي فإن ما أثاره المتهم لا يعد من قبيل رد الاعتداء الذي كان قد تم بالفعل وليس دفاعاً عن النفس" وكان من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلقاً بموضوع الدعوى للمحكمة الفصل فيها بغير معقب متى كانت الوقائع مؤدية للنتيجة التي رتبت عليها، كما أن حق الدفاع الشرعي لم يشرع لمعاقبة معتد على اعتدائه وإنما شرع لرد العدوان، وإذ كان مؤدى ما أورده الحكم في بيانه لواقعة الدعوى ولدى نفيه لقيام حالة الدفاع الشرعي - وهو ما لا ينازع الطاعن في صحة إسناد الحكم بشأنه - أن الطاعن وبعد أن كانت واقعة الاعتداء على شقيقيه قد تمت فعلاً، ضرب المجني عليهما دون أن تبدر أي بادرة اعتداء عليه يتخوف منها، فإن ما قارفه الطاعن من تعد يكون من قبيل القصاص والانتقام بما تنتفي به حالة الدفاع الشرعي عن النفس كما هي معرفة به في القانون يكون منعاه على الحكم في هذا الصدد غير مقبول. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت أن المدعين بالحقوق المدنية - هم زوجة المجني عليه الأول وأولاده وهو ما لم يجحده الطاعن وكان ثبوت الإرث لهم من عدمه لا يقدح في صفتهم كزوجة وأبناء للمجني عليه المذكور وكونهم قد أصابهم ضرر من جراء فقد المجني عليه نتيجة الاعتداء الذي وقع عليه والذي أودى بحياته، وكانت الدعوى المدنية إنما قامت على ما أصابهم من ضرر مباشر لا على انتصابهم مقام المجني عليه من أيلولة حقه في الدعوى إليهم. فإن منعى الطاعن في هذا الصدد يكون غير سديد. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن العبرة في صحة الحكم هي بصدوره موافقاً للقانون وكان الحكم المطعون فيه قد بين أساس التعويض المقضى به على الطاعن ووجه المسئولية فإنه لا يبطله في خصوص الدعوى المدنية - عدم ذكر مواد القانون التي طبقها على واقعة الدعوى متى كان النص الواجب الإنزال مفهوماً من الوقائع التي أوردها. لما كان ما تقدم، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.