أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
الجزء الأول - السنة 38 - صـ 334

جلسة 26 من فبراير سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ محمد نجيب صالح نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عوض جادو نائب رئيس المحكمة، عبد الوهاب الخياط، صلاح عطية وعبد اللطيف أبو النيل.

(50)
الطعن رقم 3505 لسنة 56 القضائية

(1) جريمة. شيك بدون رصيد. اختصاص "الاختصاص المحلي".
تعيين الاختصاص المحلي بمكان وقوع الجريمة أو إقامة المتهم أو القبض عليه. المادة 217 إجراءات.
(2) شيك بدون رصيد. اختصاص "الاختصاص المحلي". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
مجرد إعطاء الشيك إلى المستفيد مع العلم بأنه بغير مقابل وفاء للسحب تتم به جريمة إعطاء شيك بدون رصيد. علة ذلك؟
تحرير الشيك وتوقيعه من الأعمال التحضيرية التي لا يصح بناء الاختصاص المحلي بنظر الجريمة عليها. مخالفة ذلك خطأ في القانون.
ضرورة وقوف المحكمة على مكان إعطاء الشيك. مخالفة ذلك: قصور.
(3) شيك بدون رصيد. دعوى جنائية "انقضاؤها". إثبات "قوة الأمر المقضي". ارتباط. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". دفوع "الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها".
إصدار المتهم لعدة شيكات كلها أو بعضها بغير رصيد لصالح شخص واحد في يوم واحد وعن معاملة واحدة أياً كان التاريخ الذي يحمله كل منها أو القيمة التي صدر بها. نشاط إجرامي لا يتجزأ. انقضاء الدعوى الجنائية عنه بصدور حكم نهائي بالإدانة أو بالبراءة في إصدار أي شيك منها.
مثال.
1 - من المقرر أن الاختصاص المحلي يتعين كأصل عام بالمكان الذي وقعت فيه الجريمة أو الذي يقيم فيه المتهم أو الذي يقبض عليه فيه وفقاً لما جرى به نص المادة 217 من قانون الإجراءات الجنائية.
2 - من المقرر أن جريمة إعطاء شيك بدون رصيد المنصوص عليها في المادة 337 من قانون العقوبات تتم - خلافاً لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه - بمجرد إعطاء الساحب الشيك إلى المستفيد مع علمه بأنه ليس له مقابل وفاء قابل للسحب إذ يتم بذلك طرح الشيك في التداول فتنعطف عليه الحماية القانونية التي أصبغها الشارع على الشيك بالعقاب على هذه الجريمة باعتباره أداة وفاء تجرى مجرى النقود في المعاملات، أما الأفعال السابقة على ذلك من تحرير الشيك وتوقيعه فتعد من قبيل الأعمال التحضيرية، ومن ثم يكون ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من جعل الاختصاص لمحكمة مكان تحرير الشيك قد بني على خطأ في تأويل القانون إذ المعول عليه في تحديد الاختصاص المحلي في هذه الدعوى بالمكان الذي تم فيه إعطاء الشيك للمستفيد وهو ما لم تعن المحكمة بالوقوف عليه بما يجعل حكمها مشوباً بالقصور.
3 - لما كان إصدار المتهم لعدة شيكات كلها أو بعضها بغير رصيد لصالح شخص واحد وفي يوم واحد عن معاملة واحدة أياً كان التاريخ الذي يحمله كل منها أو القيمة التي صدر بها - يكون نشاطاً إجرامياً لا يتجزأ تنقضي الدعوى الجنائية عنه، وفقاً لما تقضي به الفقرة الأولى من المادة 454 من قانون الإجراءات الجنائية، بصدور حكم نهائي واحد بالإدانة أو بالبراءة في إصدار أي شيك منها، وكانت الفقرة الثانية من المادة المذكورة قد نصت على أنه "إذا صدر حكم في موضوع الدعوى الجنائية فلا يجوز إعادة نظرها إلا بالطعن في الحكم بالطرق المقررة في القانون". وكان الحكم المطعون فيه قد اكتفى في الرد على الدفع بقوة الأمر المقضي بالقول باختلاف الشيكات وإن المتهم لم يقدم الدليل على أن الشيكات جميعها قد حررت عن معاملة واحدة، وكان ما ساقه الحكم للرد على الدفع لا يكفي لحمل قضائه برفضه، إذ كان يتعين عليه أن يثبت اطلاعه على الجنحتين المتقدم بيانهما وأشخاص ومحل وسبب كل منها ومدى نهائية الحكم فيها. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه لا يكون فيما أورده رداً على الدفع قد بين العناصر الكافية والمؤدية إلى قبوله أو عدم قبوله بما يعجز هذه المحكمة عن التقرير - برأي في شأن ما أثير من خطأ في تطبيق القانون بما يعيبه أيضاً بالقصور.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بطريق الادعاء المباشر أمام محكمة جنح الزيتون ضد الطاعن بوصف أنه: أعطاه بسوء نية شيكاً لا يقابله رصيد قائم وقابل للسحب وطلب عقابه بالمادتين 336، 337 من قانون العقوبات وبإلزامه بأن يدفع له مبلغ 51 جنيه على سبيل التعويض المؤقت والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام أولاً: برفض الدفعيين بعدم اختصاص المحكمة محلياً بنظر الدعوى وبعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها. (ثانياً) بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة مائة جنيه لوقف التنفيذ وبإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ 51 جنيه على سبيل التعويض المؤقت. استأنف المحكوم عليه. ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف. عارض وقضى في معارضته باعتبارها كأن لم تكن.
فطعن الأستاذ..... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

ومن حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إعطاء شيك بدون رصيد وإلزامه بالتعويض المدني المؤقت قد شابه القصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع كما أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأنه رد على الدفع بعدم اختصاص المحكمة محلياً بنظر الدعوى بما لا يصلح رداً وأطرح الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيه في الجنحتين 5878 لسنة 1981 الرمل، 364 لسنة 1982 الزيتون لأن الشيكات جميعها صدرت عن معاملة واحدة، وقد ردت المحكمة على هذين الدفعين بقولها: "وحيث إن المتهم حضر بوكيل عنه ودفع بعدم اختصاص المحكمة محلياً بنظر الدعوى وهذا مرفوض حيث حرر المتهم للمدعي بالحق المدني شيك بمحله كما دفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في الدعوى رقم 5878 لسنة 1981 الرمل، 364 سنة 1979 الرمل وهذان خاصان بشيكين آخرين ولم يقدم المتهم دليلاً على أن الشيكين موضوع الدعوى أو أن جميعهم قد حرر لغرض ونشاط واحد فيكون هذا الدفع أيضاً مردود". لما كان ذلك، وكان الاختصاص المحلي يتعين كأصل عام بالمكان الذي وقعت فيه الجريمة أو الذي يقيم فيه المتهم أو الذي يقبض عليه فيه وفقاً لما جرى به نص المادة 217 من قانون الإجراءات الجنائية، إلا أن جريمة إعطاء شيك بدون رصيد المنصوص عليها في المادة 337 من قانون العقوبات تنم - خلافاً لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه - بمجرد إعطاء الساحب الشيك إلى المستفيد مع علمه بأنه ليس له مقابل وفاء قابل للسحب إذ يتم بذلك طرح الشيك في التداول فتنعطف عليه الحماية القانونية التي أسبغها الشارع على الشيك بالعقاب على هذه الجريمة باعتباره أداة وفاء تجرى مجرى النقود في المعاملات، أما الأفعال السابقة على ذلك من تحرير الشيك وتوقيعه فتعد من قبيل الأعمال التحضيرية، ومن ثم يكون ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من جعل الاختصاص لمحكمة مكان تحرير الشيك قد بني على خطأ في تأويل القانون إذ المعول عليه في تحديد الاختصاص المحلي في هذه الدعوى بالمكان الذي تم فيه إعطاء الشيك للمستفيد وهو ما لم تعن المحكمة بالوقوف عليه بما يجعل حكمها مشوباً بالقصور وهو مما يعجز محكمة النقض عن إعمال رقابتها على الواقعة - كما صار إثباتها بالحكم - . لما كان ذلك، وكان إصدار المتهم لعدة شيكات كلها أو بعضها بغير رصيد - لصالح شخص واحد وفي يوم واحد عن معاملة واحدة أياً كان التاريخ الذي يحمله كل منها أو القيمة التي صدر بها - يكون نشاطاً إجرامياً لا يتجزأ تنقضي الدعوى الجنائية عنه. وفقاً لما تقضي به الفقرة الأولى من المادة 454 من قانون الإجراءات الجنائية، بصدور حكم نهائي واحد بالإدانة أو بالبراءة في إصدار أي شيك منها، وكانت الفقرة الثانية من المادة المذكورة قد نصت على أنه "إذا صدر حكم في موضوع الدعوى الجنائية فلا يجوز إعادة نظرها إلا بالطعن في الحكم بالطرق المقررة في القانون". وكان الحكم المطعون فيه قد اكتفى في الرد على الدفع بقوة الأمر المقضي بالقول باختلاف الشيك وأن المتهم لم يقدم الدليل على أن الشيكات جميعها قد حررت عن معاملة واحدة، وكان ما ساقه الحكم للرد على الدفع لا يكفي لحمل قضائه برفضه، إذ كان يتعين عليه أن يثبت اطلاعه على الجنحتين المتقدم بيانهما وأشخاص ومحل وسبب كل منها ومدى نهائية الحكم فيها. لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه لا يكون فيما أورده رداً على الدفع قد بين العناصر الكافية والمؤدية إلى قبوله أو عدم قبوله بما يعجز هذه المحكمة عن التقرير برأي في شأن ما أثير من خطأ في تطبيق القانون بما يعيبه أيضاً بالقصور، ويتعين لذلك نقضه والإحالة بغير حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.