أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 52 - صـ 85

جلسة 8 من يناير سنة 2001

برئاسة السيد المستشار/ حسن حمزة نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ فتحي حجاب، جاب الله محمد جاب الله، شبل حسن وهاني حنا نواب رئيس المحكمة.

(11)
الطعن رقم 14306 لسنة 68 القضائية

(1) حكم "بيانات التسبيب".
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون ما أورده مؤدياً لتفهم الواقعة بأركانها وظروفها.
(2) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى. موضوعي. ما دام سائغاً.
(3) إثبات "خبرة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم التزام المحكمة استدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته. ما دامت الواقعة قد وضحت لديها أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى.
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
مثال.
(4) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
أخذ المحكمة بأقوال الشهود. مفاده؟
(5) إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تناقض كل من الشهود أو تضاربهم أو تناقض رواياتهم في بعض تفاصيلها. لا يعيب الحكم. ما دام استخلص الحقيقة منها بما لا تناقض فيه.
الجدل في تقدير الدليل. غير جائز أمام النقض.
(6) إثبات "شهود" "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني. غير لازم. كفاية أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق.
مثال لتسبيب سائغ لنفي التناقض بين الدليلين القولي والفني.
(7) إجراءات "إجراءات التحقيق". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تعييب التحقيق السابق على المحاكمة. لا يصلح سبباً للنعي على الحكم.
مثال.
(8) إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره. قتل عمد. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفاع الموضوعي. استفادة الرد عليه من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم. أثر ذلك؟
مثال.
(9) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". علاقة السببية. قتل عمد.
مثال لتسبيب سائغ على توافر علاقة السببية بين فعل الطاعن ووفاة المجني عليه في جريمة قتل عمد.
(10) قتل عمد. قصد جنائي. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
قصد القتل أمر خفي. إدراكه بالظروف المحيطة بالدعوى والمظاهر الخارجية التي تنم عليه. استخلاص توافره. موضوعي. مثال لتسبيب سائغ في استظهار نية القتل.
(11) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله. ماهيته؟
(12) أسباب الإباحة وموانع العقاب "الدفاع الشرعي". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر حالة الدفاع الشرعي". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تقدير توافر حالة الدفاع الشرعي. موضوعي.
الدفاع الشرعي لم يشرع لمعاقبة معتد على اعتدائه. عدم توافره متى أثبت الحكم أن ما قارفه الطاعن من تعد إنما كان من قبيل القصاص والانتقام.
مثال لتسبيب سائغ على عدم توافر حالة الدفاع الشرعي عن النفس في حق الطاعن وتوافرها في حق متهم آخر في ذات الواقعة.
(13) سلاح. قانون "تفسيره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الإحراز. هو الاستيلاء المادي على الشيء لأي باعث كان.
إدانة الطاعن بإحراز سلاح ناري مملوك للمجني عليه وإدانة المتهم الآخر بإحرازه ذات السلاح لإخفائه. صحيح.
مثال.
1 - لما كان القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها. ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون.
2 - من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق.
3 - لما كانت محكمة الموضوع لا تلتزم باستدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته، ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء، أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى. ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى صورة الواقعة حسبما وردت بأقوال شاهدي الإثبات المؤيدة بتقرير الصفة التشريحية، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في التصوير الذي أخذت به المحكمة للواقعة أو التفاتها عن عرضه على الطبيب الشرعي ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض.
4 - من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات. كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ومتى أخذت بشهادتهم. فإن في ذلك ما يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
5 - لما كان تناقض كل من الشهود أو تضاربهم أو تناقض رواياتهم في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته، ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ولم يورد تلك التفصيلات على نحو يركن إليه في تكوين عقيدته. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل أقوال شاهدي الإثبات بما لا تناقض فيه وهو ما يكشف عن أن المحكمة أقامت قضاءها على عناصر سائغة اقتنع بها وجدانها واطمأنت إلى أقوال هذين الشاهدين فإن منعي الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون مجادلة لإعادة الجدل في تقدير أدلة الدعوى، بما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض.
6 - لما كان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن من تعارض بين الدليلين القولي والفني وأطرحه في منطق سائغ بقوله "وعن المنازعة بتوافر تناقض بين أقوال الشاهدة حميدة وبين الطب الشرعي فإنه قول مرسل لا دليل عليه خاصة وأنه ثبت أن مكان الإصابة وهى بالرأس عضو متحرك لا يمكن تحديد اتجاه إطلاق العيار الذي أصابه فضلاً عن أنه ثبت أن الإصابة النارية التي أودت بحياة المجني عليه حدثت من مسدس على نحو ما قررته تلك الشاهدة" وكان ما أورده الحكم من الدليل القولي لا يتناقض مع الدليل الفني، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي كما أخذت به المحكمة غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق. ومن ثم، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد.
7 - لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة بتاريخ....... أن المدافع عن الطاعن أثار دفاعاً مؤداه أنه كان يجب سماع أقوال المبلغ دون أن يطلب إلى المحكمة اتخاذ إجراء معين في هذا الخصوص، فإن ما أثاره فيما سلف لا يعدو أن يكون تعييباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة، لا يصح أن يكون سبباً للطعن بالنقض.
8 - لما كان لا تثريب على المحكمة إن هي لم تعرض لما أثاره الطاعن من أن المجني عليه لم يقتل حيث وجدت جثته إذ هو - في صورة الدعوى، لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً يكفي أن يكون الرد عليه مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ومن بينها أقوال شاهدي الإثبات التي اطمأنت إليها المحكمة. ومن ثم، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون في غير محله.
9 - لما كان الحكم قد أورد في تحصيله للواقعة "أن الطاعن أطلق عياراً نارياً صوب رأس المجني عليه استقر بيمين الجبهة محدثاً كسوراً بالجمجمة وتهتك بالمخ والسحايا ونزيف دماغي أدى إلى هبوط حاد في الدورة الدموية ووفاة المجني عليه، ثم نقل عن تقرير الصفة التشريحية للمجني عليه أن به إصابة نارية بيمين الجبهة حدثت من عيار ناري مفرد لم يستقر بالجسم من مسافة جاوزت مدى الإطلاق القريب ويتعذر تحديد اتجاهه لحركة الرأس وأحدث العيار كسوراً بالجمجمة وتهتك بالمخ والسحايا ونزيف دماغي أدى إلى هبوط حاد بالدورة الدموية والتنفس ويجوز حدوث إصابة المجني عليه من مثل أي من المسدسين المضبوطين" فإن الحكم يكون قد أثبت بأسباب مؤدية وبما تملك محكمة الموضوع تقديره بغير معقب عليها من محكمة النقض وجود علاقة السببية بين فعل الطاعن وبين وفاة المجني عليه بما تتحقق به مسئوليته عن جريمة القتل التي دانه بها.
10 - لما كان قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه وأن استخلاص هذه النية موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان الحكم قد عرض لنية القتل ودلل على توافرها في حق الطاعن في قوله: "وحيث إنه وعن توافر نية القتل لدى المتهم.... ولما كان من المقرر أن نية القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذه النية يكون من عناصر الدعوى المطروحة موكولها إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية. ولما كانت هذه المحكمة يطمئن وجدانها إلى توافر نية القتل لدى المتهم المذكور لحظة إطلاقه للعيار الذي استقر في رأس المجني عليه، وأودى بوفاته وذلك بعد استيلائه على سلاح المجني عليه ومبادرته بإطلاق العيار الناري الذي أصابه وعلى الفور لأن الإطلاق في مكان قاتل بطبيعته وهو الرأس ومن سلاح قاتل بطبيعته" وإذ كان هذا الذي استخلصته المحكمة من ظروف الدعوى وملابساتها هو استخلاص سائغ وكاف في التدليل على ثبوت توافر نية القتل لدى الطاعن، فإنه لا محل للنعي عليه في هذا الصدد.
11 - من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي من الأمرين قصدته المحكمة.
12 - من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها يتعلق بموضوع الدعوى. لمحكمة الموضوع الفصل فيه بلا معقب متى كانت الوقائع مؤدية إلى النتيجة التي رتبتها عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن بأنه كان في حالة دفاع شرعي عن النفس وأطرحه، بما مؤداه أن الطاعن أخذ المسدس الخاص بالمجني عليه بعد طرح الأخير أرضاً ثم قام بإطلاق العيار الذي استقر برأس المجني عليه وأودى بحياته وبالتالي فإن الخطر الذي كان محتملاً من قبل المجني عليه وموجهاً صوب الطاعن قد زال بسقوط المجني عليه أرضاً واستيلاء الطاعن على سلاحه ولم يثبت من الأوراق وجود أسلحة أخرى مع المجني عليه. وخلص الحكم إلى قيام حالة الدفاع الشرعي عن النفس في حق المتهم الآخر - والد الطاعن - بما مؤداه أن والد الطاعن فوجئ بالمجني عليه يطلق عياراً نارياً على نجله الطاعن مما ألحق به إصابة في بطنه بررت للمذكور رد الاعتداء ومنعه من الاستمرار فيه فضرب المجني عليه بفأس على رأسه فأحدث إصابته وكان يبين مما أورده الحكم ودلل عليه تدليلاً سائغاً من نفي توافر حالة الدفاع الشرعي في حق الطاعن يتفق وصحيح القانون إذ أن حق الدفاع الشرعي لم يشرع لمعاقبة معتد على اعتدائه وأن حالة الدفاع الشرعي لا تتوافر متى أثبت الحكم أن ما قارفه الطاعن من تعد إنما كان من قبيل القصاص والانتقام. وهذا الذي أثبته الحكم لا يتعارض مع ما خلص إليه من توافر حالة الدفاع الشرعي في حق المتهم الآخر والد الطاعن بعد أن أثبت أنه فوجئ باعتداء المجني عليه على نجله الطاعن بمسدس وهو فعل يتخوف أن يحدث منه الموت وهذا التخوف مبني على أسباب معقولة تبرر الاعتداء بالوسيلة التي كانت بيد المدافع. ومن ثم، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير قويم.
13 - لما كان إدانة الطاعن بإحراز الطبنجة المملوكة للمجني عليه وهى ذات الطبنجة التي دين المتهم الآخر بإحرازها فأمر لا يأباه منطق القانون ويستقيم مع ما نسبه الحكم إلى كل منهما ذلك أن الحكم قد دان الطاعن أخذاً بأقوال الشهود بإحرازه لها ودان المتهم الآخر أخذاً بما ثبت في حقه من أنه أخذ السلاح من الطاعن بعد إطلاقه النار منه على المجني عليه وظل محتفظاً به إلى أن تم ضبطه وبحوزته ذلك السلاح ولا تناقض بين الأمرين فالإحراز هو الاستيلاء المادي على الشيء لأي باعث كان ولو سلمه المتهم لآخر بعد ذلك لإخفائه. مما يتوافر به في صحيح القانون اعتبارهما محرزين لهذا السلاح،


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما: - قتلا...... عمداً بأن أطلق عليه الطاعن عياراً نارياً من سلاح ناري كان يحمله وضربه الآخر بمؤخرة فأس على رأسه فأحدثا به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته على النحو المبين بالتحقيقات. المتهم الطاعن. 1 - أحرز سلاحين ناريين أحدهما مششخن (طبنجة) والآخر غير مششخن (فرد) حالة كونه ممن لا يجوز لهم الترخيص بحيازة أو إحراز سلاح ناري. 2 - أحرز ذخائر مما تستعمل على السلاح الناري سالف الذكر حالة كونه ممن لا يجوز لهم الترخيص بحيازته أو إحرازه. وأحالته إلى محكمة جنايات........ لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمادة 234/ 1 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 6، 26/ 1، 2، 30/ 1 من القانون رقم 394 لسنة 1954 المعدل والجدول رقم 2 والبند أ من القسم الأول من الجدول رقم 3 الملحق به أولاً بمعاقبة المتهم بالأشغال الشاقة لمدة عشر سنوات عن تهمتي القتل العمد والسلاح المششخن والذخيرة وبحبسه لمدة ستة أشهر وتغريمه خمسين جنيهاً عن تهمة السلاح الغير مششخن باعتبار أن تهمة القتل مجردة من الظروف المشددة. ثانياً: بمصادرة الأسلحة النارية المضبوطة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم القتل العمد وإحراز سلاحين ناريين أحدهما مششخن والآخر غير مششخن وذخيرة بدون ترخيص، قد شابه القصور والتناقض في التسبيب والفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون، ذلك أنه لم يتضمن بياناً بالواقعة تتحقق به الأركان القانونية لهذه الجرائم ولم يورد مؤدى أدلة الثبوت التي استند إليها في قضائه بالإدانة، واعتنق تصويراً للواقعة رغم استحالته وعدم صحته لإصابة الطاعن بطلق ناري في بطنه ولم تحقق المحكمة هذا الدفاع عن طريق فني لبيان مدى إمكان وقوع الحادث وفق هذا التصوير، رغم تلك الإصابة، وتساند في قضائه إلى أقوال شاهدي الإثبات وتقرير الصفة التشريحية، رغم اختلافهما بشأن البادئ في الاعتداء ورغم تناقض أقوالهما مع الدليل الفني من حيث كيفية حدوث الواقعة، والتفتت المحكمة عن طلب سماع المبلغ، وأغفل الحكم الرد على دفاعه بأن المجني عليه لم يقتل حيث وجدت جثته وهو ما يهدر شهادة الشاهدين، ولم يوضح توافر علاقة السببية بين فعل الطاعن ووفاة المجني عليه، ولم يدلل تدليلاً كافياً على توافر نية القتل، وأطرح ما دفع به الطاعن من أنه كان في حالة دفاع شرعي عن نفسه على الرغم من أنه قضى ببراءة المتهم الآخر - والده - استناداً إلى قيام هذه الحالة في حقه، ودانه بإحراز الطبنجة المملوكة للمجني عليه وهي ذات الطبنجة التي دان المتهم الآخر بإحرازها مع أنه لا يتأتى أن تكون في حيازتهما معاً في آن واحد، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه قد بين واقعة الدعوى كما استخلصتها المحكمة من الأوراق بما مؤداه أنه لوجود خلافات بين المتهم الآخر - والد الطاعن - وبين والد المجني عليه بشأن قطعة أرض مستأجرة من هيئة الأوقاف المصرية بزمام ساقية وافوق مركز سمالوط أطلق المجني عليه عياراً نارياً من مسدسه على الطاعن إلا أنه تمكن من طرحه أرضاً وأخذ سلاحه وأطلق عياراً نارياً صوب رأسه فأحدث كسوراً بالجمجمة وتهتك بالمخ والسحايا ونزيف دماغي أدى إلى هبوط حاد في الدورة الدموية ووفاة المجني عليه وقد تم ضبط مسدسين وفرد خرطوش في حيازة المتهم الآخر وأن أحد المسدسين خاص به والمسدس الآخر خاص بالمجني عليه وأن الفرد الخرطوش خاص بالطاعن وجميعهم صالحين للاستعمال، وأن إصابة المجني عليه النارية يجوز حدوثها من مثل المسدسين المار بيانهما - وقد استدل الحكم على ثبوت الواقعة وصحة إسنادها للطاعن بأدلة مستمدة من أقوال...... و....... و....... ومما ثبت من تقرير الصفة التشريحية وما قرره المتهم الآخر بالتحقيقات. لما كان ذلك، وكان يبين مما سطره الحكم أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجرائم التي دان الطاعن بها وأورد على ثبوتها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تودي إلى ما رتبه الحكم عليها وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو كاف. من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة والظروف التي وقعت فيها ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة - كما هو الحال في الدعوى الماثلة - فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون. وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع أن تستخلص من أقوال الشهود وسائر العناصر المطروحة أمامها على بساط البحث الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى حسبما يؤدي إليه اقتناعها وأن تطرح ما يخالفها من صور أخرى ما دام استخلاصها سائغاً مستنداً إلى أدلة مقبولة في العقل والمنطق ولها أصلها في الأوراق. وكان من المقرر أن محكمة الموضوع لا تلتزم باستدعاء الطبيب الشرعي لمناقشته ما دام أن الواقعة قد وضحت لديها ولم تر هي من جانبها حاجة إلى اتخاذ هذا الإجراء أو كان الأمر المطلوب تحقيقه غير منتج في الدعوى. ولما كانت المحكمة قد اطمأنت إلى صورة الواقعة حسبما وردت بأقوال شاهدي الإثبات المؤيدة بتقرير الصفة التشريحية، فإن ما يثيره الطاعن من منازعة في التصوير الذي أخذت به المحكمة للواقعة أو التفاتها عن عرضه على الطبيب الشرعي ينحل إلى جدل موضوعي في تقدير الدليل وهو ما تستقل به محكمة الموضوع ولا تجوز مجادلتها فيه أو مصادرة عقيدتها في شأنه أمام محكمة النقض. من المقرر أن وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه ومتى أخذت بشهادتهم فإن في ذلك ما يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها. لما كان ذلك وكان من المقرر أن تناقض كل من الشهود أو تضاربهم أو تناقض رواياتهم في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه ولم يورد تلك التفصيلات على نحو يركن إليه في تكوين عقيدته. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد حصل أقوال شاهدي، الإثبات بما لا تناقض فيه وهو ما يكشف عن أن المحكمة أقامت قضاءها على عناصر سائغة اقتنع بها وجدانها واطمأنت إلى أقوال هذين الشاهدين، فإن منعى الطاعن في هذا الصدد لا يعدو أن يكون مجادلة لإعادة الجدل في تقدير أدلة الدعوى، بما لا تجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان الحكم قد عرض لدفاع الطاعن من تعارض بين الدليلين القولي والفني وأطرحه في منطق سائغ بقوله "وعن المنازعة بتوافر تناقض بين أقوال الشاهدة حميدة وبين الطب الشرعي فإنه قول مرسل لا دليل عليه خاصة وأنه ثبت أن مكان الإصابة وهي بالرأس عضو متحرك لا يمكن تحديد اتجاه إطلاق العيار الذي أصابه فضلاً عن أنه ثبت أن الإصابة النارية التي أودت بحياة المجني عليه حدثت من مسدس على نحو ما قررته تلك الشاهدة" وكان ما أورده الحكم من الدليل القولي لا يتناقض مع الدليل الفني، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي كما أخذت به المحكمة غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق. ومن ثم، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن غير سديد. لما كان البين من محضر جلسة المحاكمة بتاريخ....... أن المدافع عن الطاعن أثار دفاعاً مؤداه أنه كان يجب سماع أقوال المبلغ دون أن يطلب إلى المحكمة اتخاذ إجراء معين في هذا الخصوص، فإن ما أثاره فيما سلف لا يعدو أن يكون تعيباً للتحقيق الذي جرى في المرحلة السابقة على المحاكمة لا يصح أن يكون سبباً للطعن بالنقض. لما كان لا تثريب على المحكمة إن هي لم تعرض لما أثاره الطاعن من أن المجني عليه لم يقتل حيث وجدت جثته إذ هو - في صورة الدعوى، لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً يكفي أن يكون الرد عليه مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم ومن بينها أقوال شاهدي الإثبات التي اطمأنت إليها المحكمة. ومن ثم، فإن النعي على الحكم في هذا الشأن يكون في غير محله. لما كان الحكم قد أورد في تحصيله للواقعة - "أن الطاعن أطلق عياراً نارياً صوب رأس المجني عليه استقر بيمين الجبهة محدثاً كسوراً بالجمجمة وتهتك بالمخ والسحايا ونزيف دماغي أدى إلى هبوط حاد في الدورة الدموية ووفاة المجني عليه - ثم نقل عن تقرير الصفة التشريحية للمجني عليه أن به إصابة نارية بيمين الجبهة حدثت من عيار ناري مفرد لم يستقر بالجسم من مسافة جاوزت مدى الإطلاق القريب ويتعذر تحديد اتجاهه لحركة الرأس وأحدث العيار كسوراً بالجمجمة وتهتك بالمخ والسحايا ونزيف دماغي أدى إلى هبوط حاد بالدورة الدموية والتنفس ويجوز حدوث إصابة المجني عليه من مثل أي من المسدسين المضبوطين"، فإن الحكم يكون قد أثبت بأسباب مؤدية - وبما تملك محكمة الموضوع تقديره بغير معقب عليها من محكمة النقض - وجود علاقة السببية بين فعل الطاعن وبين وفاة المجني عليه بما تتحقق به مسئوليته عن جريمة القتل التي دانه بها. لما كان ذلك وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه وأن استخلاص هذه النية موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وكان الحكم قد عرض لنية القتل ودلل على توافرها في حق الطاعن في قوله: "وحيث إنه وعن توافر نية القتل لدى المتهم.... ولما كان من المقرر أن نية القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه واستخلاص هذه النية يكون من عناصر الدعوى المطروحة موكولها إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية. ولما كانت هذه المحكمة يطمئن وجدانها إلى توافر نية القتل لدى المتهم المذكور لحظة إطلاقه للعيار الذي استقر في رأس المجني عليه، وأودى بوفاته وذلك بعد استيلائه على سلاح المجني عليه ومبادرته بإطلاق العيار الناري الذي أصابه وعلى الفور لأن الإطلاق إلى مكان قاتل بطبيعته وهو الرأس ومن سلاح قاتل بطبيعته" وإذ كان هذا الذي استخلصته المحكمة من ظروف الدعوى وملابساتها هو استخلاص سائغ وكاف في التدليل على ثبوت توافر نية القتل لدى الطاعن، فإنه لا محل للنعي عليه في هذا الصدد. وكان من المقرر أن التناقض الذي يعيب الحكم ويبطله هو الذي يقع بين أسبابه بحيث ينفي بعضها ما أثبته البعض الآخر ولا يعرف أي من الأمرين قصدته المحكمة. لما كان من المقرر أن تقدير الوقائع التي يستنتج منها قيام حالة الدفاع الشرعي أو انتفاؤها متعلق بموضوع الدعوى لمحكمة الموضوع الفصل فيه بلا معقب متى كانت الوقائع مؤدية إلى النتيجة التي رتبتها عليها. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد عرض لدفاع الطاعن بأنه كان في حالة دفاع شرعي عن النفس وأطرحه، بما مؤداه أن الطاعن أخذ المسدس الخاص بالمجني عليه بعد طرح الأخير أرضاً ثم قام بإطلاق العيار الذي استقر برأس المجني عليه وأودى بحياته وبالتالي فإن الخطر الذي كان محتملاً من قبل المجني عليه وموجهاً صوب الطاعن قد زال بسقوط المجني عليه أرضاً واستيلاء الطاعن على سلاحه ولم يثبت من الأوراق وجود أسلحة أخرى مع المجني عليه. وخلص الحكم إلى قيام حالة الدفاع الشرعي عن النفس في حق المتهم الآخر - والد الطاعن - بما مؤداه أن والد الطاعن فوجئ بالمجني عليه يطلق عياراً نارياً على نجله الطاعن مما ألحق به إصابة في بطنه بررت للمذكور رد الاعتداء ومنعه من الاستمرار فيه فضرب المجني عليه بفأس على رأسه فأحدث إصابته وكان يبين مما أورده الحكم ودلل عليه تدليلاً سائغاً على نفي توافر حالة الدفاع الشرعي في حق الطاعن يتفق وصحيح القانون إذ أن حق الدفاع الشرعي لم يشرع لمعاقبة معتد على اعتدائه وأن حالة الدفاع الشرعي لا تتوافر متى أثبت الحكم أن ما قارفه الطاعن من تعد إنما كان من قبيل القصاص والانتقام. وهذا الذي أثبته الحكم لا يتعارض مع ما خلص إليه من توافر حالة الدفاع الشرعي في حق المتهم الآخر والد الطاعن بعد أن أثبت أنه فوجئ باعتداء المجني عليه على نجله الطاعن بمسدس وهو فعل يتخوف أن يحدث منه الموت وهذا التخوف مبني على أسباب معقولة تبرر الاعتداء بالوسيلة التي كانت بيد المدافع. ومن ثم، فإن ما يثيره الطاعن في هذا الخصوص يكون غير قويم. لما كان إدانة الطاعن بإحراز الطبنجة المملوكة للمجني عليه وهي ذات الطبنجة التي دين المتهم الآخر بإحرازها فأمر لا يأباه منطق القانون ويستقيم مع ما نسبه الحكم إلى كل منهما ذلك أن الحكم قد دان الطاعن أخذاً بأقوال الشهود بإحرازه لها ودان المتهم الآخر أخذاً بما ثبت في حقه من أنه أخذ السلاح من الطاعن بعد إطلاقه النار منه على المجني عليه وظل محتفظاً به إلى أن تم ضبطه وبحوزته ذلك السلاح ولا تناقض بين الأمرين فالإحراز هو الاستيلاء المادي على الشيء لأي باعث كان ولو سلمه المتهم الآخر بعد ذلك لإخفائه. مما يتوافر به في صحيح القانون اعتبارهما محرزين لهذا السلاح ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن يكون غير سديد. لما كان ما تقدم جميعه، فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.