أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
الجزء الأول - السنة 38 - صـ 347

جلسة 1 من مارس سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ جمال الدين منصور نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ صلاح خاطر ومسعد السعداوي وطلعت الاكيابى ومحمود عبد العال.

(53)
الطعن رقم 5948 لسنة 56 القضائية

(1) تفتيش "التفتيش بدون إذن" "التفتيش بقصد التوقي". إثبات "بوجه عام". مأمورو الضبط القضائي. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تفتيش الضابط للأشخاص المغادرين للبلاد بحثاً عن الأسلحة والذخائر تأميناً لسلامة الطائرات وركابها من حوادث الإرهاب. يعتبر إجراء إدارياً تحفظياً وليس من أعمال التحقيق. لا يلزم لإجرائه أدلة كافية أو إذن سابق من سلطة التحقيق.
جواز التعويل على ما يسفر عنه هذا التفتيش من أدلة كاشفة عن جريمة معاقب عليها بمقتضى القانون العام.
(2) إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
تناقض أقوال الشاهد لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقواله بما لا تناقض فيه.
منازعة الطاعن في القوة التدليلية لأقوال الشاهد. جدل موضوعي في تقدير الدليل. التصدي له أمام النقض. غير جائز.
(3) إثبات "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
وزن أقوال الشهود. موضوعي.
1 - لما كان الحكم قد حصل أقوال الشاهد بما مؤداه بأنه أثر وصول الطاعن إلى أرض الميناء الجوي وقبل أن يصعد إلى الطائرة المتجهة إلى وطنه - قام بتفتيشه للتأكد من عدم حمله أسلحة ومفرقعات - وذلك تأميناً لسلامة الطائرة وركابها فأسفر التفتيش عن عثوره على مخدر وبمواجهته به اعترف بشرائه وبعد ذلك عرض الحكم للدفع ببطلان القبض والتفتيش فرفضه تأسيساً على أن الإجراء الذي باشره الضابط يعد من الوسائل التوقي والتحوط تأميناً لسلامة الطائرات وركابها - لما كان ذلك، وكانت الواقعة على الصورة التي أثبتها الحكم المطعون فيه يبين منها أن التفتيش الذي أجراه الضابط إنما كان من وسائل التحفظ والتحوط تأميناً لسلامة الطائرات وركابها من حوادث الإرهاب وخطف الطائرات أبان أو بعد إقلاعها من شر من يركبون الطائرات ويحملون أسلحة ومفرقعات. لما كان ذلك وكان ما أورده الحكم إقراراً لهذه التصرفات بالاستناد إلى ذات المبررات صحيحاً في القانون على تقدير أن الإجراء الذي باشره مأمور الضبط لا يعد تفتيشاً بالمعنى الذي قصد الشارع اعتباره عملاً من أعمال التحقيق بهدف الحصول على دليل من الأدلة ولا تملكه إلا سلطة التحقيق أو بإذن سابق منها وإنما هو إجراء إداري تحفظي لا ينبغي أن يختلط مع التفتيش القضائي ولا يلزم لإجرائه أدلة كافية أو إذن سابق من سلطة التحقيق، فإذا أسفر هذا التفتيش عن دليل يكشف عن جريمة معاقب عليها بمقتضى القانون العام فإنه يصح الاستشهاد بهذا الدليل على اعتبار أنه ثمرة إجراء مشروع في ذاته لم ترتكب في سبيل الحصول عليه ثمة مخالفة. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر في رفض الدفع ببطلان التفتيش والقبض بعد أن فطنت إليه المحكمة مدركة مبناه ومؤداه فإن حكمها يكون قد أصاب صحيح القانون ويضحى منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد.
2 - لما كان تناقض أقوال الشاهد على فرض حصوله لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقواله استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه كما هو الحال في الدعوى - فإن منازعة الطاعن في القوة التدليلية لشهادة شاهد الإثبات على النحو الذي ذهب إليه في طعنه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل مما لا يقبل التصدي له أمام محكمة النقض.
3 - إن وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء على أقواله مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع دون معقب.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه شرع في تصدير جوهر مخدر (حشيش) لخارج جمهورية مصر العربية دون الحصول على ترخيص كتابي بذلك من الجهة الإدارية المختصة وخاب أثر الجريمة لسبب لا دخل لإرادته فيه وهو ضبطه والجريمة متلبساً بها وأحالته إلى محكمة جنايات القاهرة لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 2، 37؛ 38؛ 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 والبند رقم 57 من الجدول رقم 1 الملحق بالقانون الأول المعدل بقرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنتين وبتغريمه خمسمائة جنيه وبمصادرة الجوهر المخدر المضبوط. باعتباره حائزاً لجوهر مخدر بغير قصد الاتجار أو التعاطي أو الاستعمال الشخصي.
فطعن المحكوم عليه والنيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

- حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إحراز مخدر بغير قصد الاتجار أو الاستعمال الشخصي أو التعاطي شابه خطأ في تطبيق القانون وفساد في الاستدلال، ذلك بأن الحكم ركن في رفض دفعه ببطلان القبض والتفتيش على قالة أنه تفتيش وقائي حين أن مبنى دفعه أن التفتيش والقبض حصلا بغير إذن من النيابة ودون قيام حالة التلبس، فيكون رد الحكم على الدفع منطوياً على فهم خاطئ لمبناه, فضلاً عن أن الحكم عول على ما قرره شاهد الإثبات دون أن يعنى برفع التناقض بين أقواله في شأن مكان العثور على المخدر المضبوط بما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه بعد أن بين واقعة الدعوى على النحو الذي استقر لديه أورد الدليل على ثبوتها في حق الطاعن مستمدة من أقوال شاهد الإثبات الرائد..... الضابط بميناء القاهرة الجوي, ومن نتيجة التحليل، وقد حصل الحكم أقوال الشاهد بما مؤداه بأنه أثر وصول الطاعن إلى أرض الميناء الجوي وقبل أن يصعد إلى الطائرة المتجهة إلى وطنه - قام بتفتيشه للتأكد من عدم حمله أسلحة ومفرقعات - وذلك تأميناً لسلامة الطائرة وركابها فأسفر التفتيش عن عثوره على مخدر وبمواجهته به اعترف بشرائه وبعد ذلك عرض الحكم للدفع ببطلان القبض والتفتيش فرفضه تأسيساً على أن الإجراء الذي باشره الضابط يعد من وسائل التوقي والتحوط تأميناً لسلامة الطائرات وركابها - لما كان ذلك، وكانت الواقعة على الصورة التي أثبتها الحكم المطعون فيه يبين منها أن التفتيش الذي أجراه الضابط إنما كان من وسائل التحفظ والتحوط تأميناً لسلامة الطائرات وركابها من حوادث الإرهاب وخطف الطائرات أبان أو بعد إقلاعها من شر من يركبون الطائرات ويحملون أسلحة ومفرقعات، لما كان ذلك وكان ما أورده الحكم إقراراً لهذه التصرفات بالاستناد إلى ذات المبررات صحيحاً في القانون على تقدير أن الإجراء الذي باشره مأمور الضبط لا يعد تفتيشاً بالمعنى الذي قصد الشارع باعتباره عملاً من أعمال التحقيق بهدف الحصول على دليل من الأدلة ولا تملكه إلا سلطة التحقيق أو بإذن سابق منها وإنما هو إجراء إداري تحفظي لا ينبغي أن يختلط مع التفتيش القضائي ولا يلزم لإجرائه أدلة كافية أو إذن سابق من سلطة التحقيق، فإذا أسفر هذا التفتيش عن دليل يكشف عن جريمة معاقب عليها بمقتضى القانون العام فإنه يصح الاستشهاد بهذا الدليل على اعتبار أنه ثمرة إجراء مشروع في ذاته لم ترتكب في سبيل الحصول عليه ثمة مخالفة. وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر في رفض الدفع ببطلان التفتيش والقبض بعد أن فطنت إليه المحكمة مدركة مبناه ومؤداه فإن حكمها يكون قد أصاب صحيح القانون ويضحى منعى الطاعن في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك، وكان تناقض أقوال الشاهد على فرض حصوله لا يعيب الحكم ما دام قد استخلص الإدانة من أقواله استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه كما هي الحال في الدعوى - فإن منازعة الطاعن في القوة التدليلية لشهادة شاهد الإثبات على النحو الذي ذهب إليه في طعنه لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل مما لا يقبل التصدي له أمام محكمة النقض لما هو مقرر من أن وزن أقوال الشاهد وتقدير الظروف التي يؤدي فيها شهادته وتعويل القضاء على أقواله مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من شبهات مرجعه إلى محكمة الموضوع دون معقب.
ثانياً: الطعن المقدم من النيابة العامة.
وحيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ذلك بأنه رغم أن الحكم المطعون فيه أثبت ضبط المحكوم عليه حائزاً للمخدر - داخل الميناء الجوي إلا أنه دانه بوصف أنه حائز للمخدر بغير قصد الاتجار أو الاستعمال الشخصي أو التعاطي، وهو ما ينطوي على نظر خاطئ للقانون بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن البين من مطالعة الحكم المطعون فيه أنه دلل على ثبوت إحراز المطعون ضده للمخدر المضبوط بركنيه المادي والمعنوي ثم نفى توافر الشروع في تصديره في حقه واعتبره مجرد حائز له ودانه بمقتضى المادة 38 من القانون رقم 182 لسنة 1960، وأقام حكمه على ما يكفي لحمل قضائه على الوجه الذي انتهى إليه. لما كان ذلك، فإن ما تثيره الطاعنة من أن ظروف الضبط وملابساته تنبئ عن توافر الشروع في تصدير المخدر خارج حدود جمهورية مصر العربية بغير تصريح كتابي لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض ويكون منعى الطاعنة على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.