أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
الجزء الأول - السنة 38 - صـ 404

جلسة 8 من مارس سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ جمال الدين منصور نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ صلاح خاطر ومسعود السعداوي وطلعت الاكيابى ومحمود عبد الباري.

(62)
الطعن رقم 5866 لسنة 56 القضائية

(1) نقض "الصفة والمصلحة في الطعن" "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". طعن "المصلحة والصفة فيه". نيابة عامة "حقها في الطعن في الأحكام".
انتفاء مصلحة النيابة العامة كسلطة اتهام. والمحكوم عليهم من المتهمين في الطعن. أثره: عدم قبول الطعن.
طعن النيابة العامة في الأحكام لمصلحة القانون غير جائز. أساس ذلك؟
(2) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تشكك المحكمة في صحة إسناد التهمة إلى المتهم كفايته سنداً للبراءة. حد ذلك؟
الخوض في سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى أمام النقض. غير مقبول.
1 - من المقرر أن الأصل أن النيابة العامة في مجال المصلحة أو الصفة في الطعن هي خصم عادل تختص بمركز قانوني خاص إذ تمثل الصالح العام وتسعى في تحقيق موجبات القانون، إلا أنها تتقيد في ذلك بقيد المصلحة بحيث إذا لم يكن لها كسلطة اتهام ولا للمحكوم عليهم من المتهمين مصلحة في الطعن فإن طعنها لا يقبل عملاً بالمبادئ العامة المتفق عليها من أن المصلحة أساس الدعوى، فإذا انعدمت فلا دعوى. لما كان ذلك، فإنه لا يجوز للنيابة العامة أن تطعن في الأحكام لمصلحة القانون لأنه عندئذ تكون مصلحتها وطعنها تبعاً لذلك مسألة نظرية صرف لا يؤبه لها، لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه إذا أجاب سلطة الاتهام إلى طلبها بمصادرة المواد المخدرة وكان بما لا مراء فيه انحسار المصلحة عن المطعون ضده في هذا الطعن، ومن ثم فإن ما تنعاه النيابة العامة في أن الحكم المطعون فيه أعمل حكم المادة 30/ 2 عقوبات بدلاً من المادة 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل عند الحكم بالمصادرة لا يعدو أن يكون قائماً على مصلحة نظرية صرفة لا يؤبه لها، ومن ثم فإن النعي في هذا الشأن لا يكون مقبولاً.
2 - من المقرر أن حسب محكمة الموضوع أن تتشكك في صحة إسناد التهمة إلى المتهم كي تقضي بالبراءة ما دامت قد أحاطت بالدعوى عن بصر وبصيرة وخلا حكمها من عيوب التسبيب، إذ مرجع الأمر في ذلك إلى مبلغ اطمئنانها في تقدير الأدلة - وكان البين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة أحاطت بواقعة الدعوى وألمت بأدلة الثبوت فيها، كما عرض الحكم لاعتراف المتهم بمحضر جمع الاستدلالات وذلك في معرض إيراده لشهادة معاون الباحث وانتهت المحكمة إلى عدم اطمئنانها إلى أدلة الثبوت في صحة إسناد التهمة إلى المطعون ضده وببراءته، ومن ثم فإن ما تخوض فيه الطاعنة لا يعدو في حقيقته جدلاً موضوعياً حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى ومبلغ اطمئنانها إليها بما لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة المطعون ضده بأنه أحرز بقصد الاتجار جوهراً مخدراً (حشيش) في غير الأحوال المصرح بها قانوناً. وأحالته إلى محكمة جنايات بور سعيد لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً في 23 من مارس سنة 1986 عملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية ببراءة المتهم مما أسند إليه وبمصادرة الجوهر المخدر المضبوط.
فطعنت النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض.


المحكمة

حيث إن النيابة العامة تنعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى ببراءة المطعون ضده من تهمة إحراز مخدر بقصد الاتجار مع مصادرة الجوهر المخدر المضبوط، قد ران عليه خطأ في تطبيق القانون، وشابه قصور في التسبيب، ذلك أنه قضى بالمصادرة تطبيقاً للمادة 30/ 2 من قانون العقوبات، في حين أن المادة 42 من القانون 182 لسنة 1960 المعدل هي الواجبة التطبيق، هذا إلى أن عبارات الحكم جاءت عامة ومجهلة دون موازنة بين أدلة الثبوت التي ساقتها النيابة وأدلة النفي، كما لم يعرض الحكم لاعتراف المطعون ضده بمحضر الاستدلالات إحرازه للمادة المخدرة، مما ينبئ عن عدم تمحيص المحكمة للدعوى.
وحيث إن الأصل أن النيابة العامة في مجال المصلحة أو الصفة في الطعن هي خصم عادل تختص بمركز قانوني خاص إذ تمثل الصالح العام وتسعى في تحقيق موجبات القانون، إلا أنها تتقيد في ذلك بقيد المصلحة بحيث إذا لم يكن لها كسلطة اتهام ولا للمحكوم عليهم من المتهمين مصلحة في الطعن فإن طعنها لا يقبل عملاً بالمبادئ العامة المتفق عليها من أن المصلحة أساس الدعوى، فإذا انعدمت فلا دعوى. لما كان ذلك، فإنه لا يجوز للنيابة العامة أن تطعن في الأحكام لمصلحة القانون لأنه عندئذ تكون مصلحتها وطعنها تبعاً لذلك مسألة نظرية صرف لا يؤبه لها، لما كان ذلك، وكان البين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أنه إذا أجاب سلطة الاتهام إلى طلبها بمصادرة المواد المخدرة وكان بما لا مراء فيه انحسار المصلحة عن المطعون ضده في هذا الطعن، ومن ثم فإن ما تنعاه النيابة العامة في أن الحكم المطعون فيه أعمل حكم المادة 30/ 2 عقوبات بدلاً من المادة 42 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل عند الحكم بالمصادرة لا يعدو أن يكون قائماً على مصلحة نظرية صرفه لا يؤبه لها، ومن ثم فإن النعي في هذا الشأن لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه بعد أن استعرض واقعة الدعوى وأدلة الثبوت التي استندت إليها سلطة الاتهام والتي تنحصر في أقوال معاون مباحث قسم المناخ والشرطي السري المرافق له وتقرير تحليل المعامل الكيماوية، أفصح عن عدم اطمئنانه إلى سلامة هذه الأدلة، وخلص إلى براءة المطعون ضده عملاً بالمادة 304/ 1 من قانون الإجراءات الجنائية، وكان من المقرر أن حسب محكمة الموضوع أن تتشكك في صحة إسناد التهمة إلى المتهم كي تقضي بالبراءة ما دامت قد أحاطت بالدعوى عن بصر وبصيرة وخلا حكمها من عيوب التسبيب، إذ مرجع الأمر في ذلك إلى مبلغ اطمئنانها في تقدير الأدلة - وكان البين من الحكم المطعون فيه أن المحكمة أحاطت بواقعة الدعوى وألمت بأدلة الثبوت فيها، كما عرض الحكم لاعتراف المتهم بمحضر جمع الاستدلالات وذلك في معرض إيراده لشهادة معاون المباحث وانتهت المحكمة إلى عدم اطمئنانها إلى أدلة الثبوت في صحة إسناد التهمة إلى المطعون ضده وببراءته، ومن ثم فإن ما تخوض فيه الطاعنة لا يعدو في حقيقته جدلاً موضوعياً حول سلطة محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى ومبلغ اطمئنانها إليها بما لا يقبل إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً.