أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
الجزء الأول - السنة 38 - صـ 425

جلسة 12 من مارس سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ قيس الرأي عطية نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد نجيب صالح، عوض جادو نائبي رئيس المحكمة، عبد الوهاب الخياط وصلاح عطية.

(67)
الطعن رقم 3976 لسنة 56 القضائية

(1) حكم "بيانات الديباجة". بطلان.
الخطأ في ديباجة الحكم بخصوص سماع الدعوى بالجلسة التي آجل إليها إصداره. ونطق به فيها لا يبطله. أساس ذلك؟
(2) حكم "بياناته" "بيانات الديباجة" "بطلانه". محضر الجلسة.
محضر الجلسة يكمل الحكم في بيان المحكمة وأعضاء الهيئة وأسماء الخصوم.
(3) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". إجراءات "إجراءات التحقيق" "إجراءات المحاكمة". إثبات "بوجه عام" "خبرة". حكم. "تسبيبه. تسبيب غير معيب" مواد مخدرة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
اطمئنان المحكمة إلى أن العينة المضبوطة هي التي أرسلت إلى التحليل وأخذها بالنتيجة التي انتهى إليها. عدم جواز مجادلتها فيه.
(4) محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". مواد مخدرة. إثبات "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
كفاية إيراد مؤدى تقرير الخبير الذي استند إليه الحكم في قضائه.
(5) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق محكمة الموضوع في تكوين اقتناعها من أي دليل تطمئن إليه. ما دام له مآخذ في الأوراق.
(6) إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
وزن أقوال الشهود وتقديرها. موضوعي.
مفاد أخذ المحكمة بشهادة الشاهد؟
(7) إثبات "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
تناقض أقوال الشهود في بعض تفاصيلها. لا يعيب الحكم. شرط ذلك؟.
(8) إثبات "شهادة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مواد مخدرة.
صحة الأخذ بأقوال الشاهد. ولو تأخر في الإبلاغ. ما دامت المحكمة كانت على بينة من ذلك.
(9) إثبات "بوجه عام". دفوع "الدفع بتلفيق التهمة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الدفع بتلفيق التهمة. موضوعي لا يستوجب رداً صريحاً.
(10) إثبات "بوجه عام". محكمة النقض "سلطتها".
المنازعة في تقدير الدليل. غير جائز. أمام النقض.
(11) إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل" "تسبيبه. تسبيب غير معيب" نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إحالة الحكم في إيراد أقوال الشهود. إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر. لا يعيبه. ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها".
اختلاف أقوال الشهود في بعض تفصيلاتها. لا يقدح في سلامة الحكم. شرط ذلك؟
(12) إثبات "اعتراف" "إقرار" "بوجه عام". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إدلاء المتهم أقوالاً فيها معنى الإقرار بالتهمة المسندة إليه. تسميه الحكم لها اعترافاً. انحسار دعوى الخطأ في الإسناد عنه.
مثال في جريمة إحراز مواد مخدرة.
(13) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تعديل وصف التهمة". مواد مخدرة "جريمة" أركانها. وصف التهمة. جلب.
عدم تقيد المحكمة بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم. حقها في تعديله متى رأت أن ترد الواقعة إلى الوصف القانوني السليم. تعديل وصف تهمة جلب المخدر المقامة به الدعوى إلى حيازته بقصد الاتجار. وهو وصف أخف. عدم تضمنه إسناد واقعة مادية أو إضافة عناصر جديدة. المراد بجلب المخدر هو استيراده بالذات أو بالواسطة. وطرحه وتداوله بين الناس متى تجاوز بفعله الخط الجمركي.
(14) مواد مخدرة. قصد جنائي. جريمة "أركانها". إثبات "بوجه عام". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إحراز المخدر بقصد الاتجار. واقعة مادية. يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها ما دام استخلاصه سائغاً.
(15) مواد مخدرة. جلب. جريمة "أركانها".
معنى جلب المخدر في حكم القانون 182 لسنة 1960؟
نقل المخدر الذي عثر عليه أثناء الصيد داخل المياه الإقليمية على مركب إلى نقطة التفتيش في محاولة للخروج به لبيعه على خلاف أحكام القانون. يتحقق به الجلب.
(16) نقض حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون". محكمة النقض "سلطتها".
كون العيب الذي شاب الحكم. مقصور على الخطأ في القانون. على محكمة النقض تصحيح الحكم والقضاء وفقاً للقانون. أساس ذلك؟ المادة 39 من القانون 57 لسنة 1959.
1 - لما كان ما أثبت في ديباجة الحكم بشأن سماع الدعوى بالجلسة التي أجل إليها إصداره ونطق به فيها - لا يبطله لأنه لا يعدو أن يكون خطأ مادياً مما لا يؤثر في سلامة الحكم ولأن الخطأ في ديباجة الحكم لا يعيبه إذ هو خارج عن مواضع استدلاله.
2 - من المقرر أن محضر الجلسة يكمل الحكم في هذا الخصوص وكان الثابت من محاضر الجلسات أنها استوفت هذا البيان فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل.
3 - لما كان قضاء هذه المحكمة استقر على أنه متى كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أن العينة المضبوطة هي التي أرسلت للتحليل وصار تحليلها واطمأنت كذلك إلى النتيجة التي انتهى إليها التحليل - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فلا تثريب عليها إن هي قضت في الدعوى بناء على ذلك ويكون ما أورده الحكم فيما تقدم كافياً وسائغاً في الرد على ما ينعاه الطاعنون في هذا الخصوص.
4 - لما كان الحكم قد أشار فيما تقدم - إلى استعانة المحكمة بأهل الخبرة بمصلحة الطب الشرعي وأورد مضمون تقرير الخبير ومؤداه وأبرز ما جاء به من تعليل لاختلاف الوزن فإن في ذلك ما يفيد أن المحكمة قد أحاطت بالحكم التمهيدي الصادر بجلسة 23/ 2/ 1984 وكافياً للإشارة إليه ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد.
5 - لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها على ثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق.
6 - لما كان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها.
7 - لما كان تناقض الشهود في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه وما دام لم يورد تلك التفصيلات أو يركن إليها في تكوين عقيدته - كما هو الحال في الدعوى المطروحة.
8 - لما كان تأخير الشاهد في الإبلاغ عن الحادث لا يمنع المحكمة من الأخذ بأقواله ما دامت قد أفصحت عن اطمئنانها إلى شهادته وكانت على بينة بالظروف التي أحاطت بها.
9 - من المقرر أن الدفع بتلفيق التهمة من الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل رداً صريحاً من الحكم ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها.
10 - لما كان ما يثيره الطاعنون من تناقض الشهود أو تراخيهم في الإبلاغ أو تلفيق الاتهام ينحل إلى جدل موضوعي حول حق محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى كما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
11 - لا يعيب الحكم أن يحيل في إيراد أقوال الشهود ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها وكان لا يقدح في سلامة الحكم - على فرض صحة ما يثيره الطاعنون - عدم اتفاق أقوال شهود الإثبات في بعض تفاصيلها ما دام الثابت أنه حصل أقوالهم بما لا تناقض فيه ولم يورد تلك التفصيلات أو يركن إليها في تكوين عقيدته، ولما كان الثابت أن الحكم أحال في أقوال الشهود من الثاني إلى الخامس على أقوال الشاهد الأول وهي التي تتعلق بما أسفر عنه تفتيش المركب والعثور على المخدر داخل خزان الوقود - وهو ما لا يماري فيه الطاعنون - كما أحال في أقوال الشاهدين السابع والثامن على أقوال الشاهد السادس والتي تنحصر في انتقاله بصحبتهما إلى مكان الواقعة بعد إبلاغه عنها فإن الحكم يكون بريئاً من قالة القصور في التسبيب.
12 - لما كان يبين من الاطلاع على المفردات المضمومة أن ما حصله الحكم المطعون فيه من أن الطاعنين اعترفوا بحيازة المخدر له صداه في تحقيقات النيابة مما أدلى به الطاعنون من أقوال تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها من معنى الإقرار بحيازة المخدر مما يجعل الحكم سليماً فيما انتهى إليه ومبنياً على فهم صحيح للواقعة إذ المحكمة ليست ملزمة في أخذها بأقوال المتهم أن تلتزم نصها وظاهرها بل لها أن تأخذ منها ما تراه مطابقاً للحقيقة، ومن ثم فلا تثريب على الحكم إن هو استمد من تلك الأقوال - وإن نعتها بأنها اعتراف - ما يدعم الأدلة الأخرى التي أقام عليها قضاءه بإدانة الطاعنين وبذلك ينحسر عن الحكم قالة الخطأ في الإسناد.
13 - لما كان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائياً بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني الذي تراه سليماً. وكانت المحكمة قد اعتبرت ما ورد على لسان الشهود والمتهمين أيضاً من أن الأخيرين وقد عثروا على المخدر المضبوط أثناء الصيد في المياه الإقليمية لا يوفر في حق الطاعنين جريمة الجلب وانتهت إلى أن التكييف الصحيح للواقعة قبلهم هو حيازة جوهر مخدر بقصد الاتجار فلا يكون هناك وجه لدعوى الإخلال بحق الدفاع أو التناقض ذلك أن المراد بجلب المخدر هو استيراده بالذات أو بالواسطة ملحوظاً في ذلك طرحه وتداوله بين الناس متى تجاوز بفعله الخط الجمركي ومن حق محكمة الموضوع أن تنزل على الواقعة التي صحت لديها الوصف القانوني الذي تراه سليماً نزولاً من الوصف المبين بأمر الإحالة وهو الجلب إلى وصف أخف هو الحيازة بقصد الاتجار ولا يتضمن هذا التعديل إساءة إلى مركز الطاعنين أو إسناداً لواقعة مادية أو إضافة عناصر جديدة تختلف عن الواقعة التي اتخذها أمر الإحالة أساساً للوصف الذي ارتأته.
14 - من المقرر أن إحراز المخدر بقصد الاتجار واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها ما دام استخلاصه سائغاً تؤدي إليه ظروف الواقعة وأدلتها وقرائن الأحوال فيها فإن ما ساقه الحكم فيما تقدم تدليلاً على توافر أركان جريمة حيازة المخدر بقصد الاتجار فيه ما يكفي للرد على دفاع الطاعنين في هذا الخصوص.
15 - لما كان الجلب في حكم القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها - غير مقصور على صورة استيراد الجواهر المخدرة من خارج جمهورية مصر العربية وإدخالها إلى المجال الخاضع لاختصاصها الإقليمي كما هو محدود دولياً فحسب، بل إنه يمتد ليشمل كذلك كافة الصور التي يتحقق بها نقل المخدر - ولو في داخل نطاق ذلك المجال - على خلاف أحكام الجلب المنصوص عليها في المواد من 3 إلى 6 التي رصد لها المشرع الفصل الثاني من القانون المذكور ونظم فيها جلب الجواهر المخدرة وتصديرها فاشترط لذلك الحصول على ترخيص كتابي من الجهة الإدارية المختصة لا يمنح إلا للأشخاص والجهات التي بينها بيان حصر وبالطريقة التي رسمها على سبيل الإلزام والوجوب فضلاً عن حظره تسليم ما يصل إلى الجمارك من تلك الجواهر إلا بموجب إذن سحب كتابي تعطيه الجهة الإدارية المختصة للمرخص له بالجلب أو لمن يحل محله في عمله وإيجابه على مصلحة الجمارك تسلم هذا الأذن من صاحب الشأن وإعادته إلى تلك الجهة، وتحديده كيفية الجلب بالتفصيل يؤكد هذا النظر - فوق دلالة المعنى اللغوي للفظ "جلب" أي ساقه من موضع إلى آخر - إن المشرع لو كان يعني الاستيراد بخاصة لما عبر عنه بالجلب بعامة ولما منعه مانع من إيراد لفظ استيراد "قرينة" لفظ تصدير على غرار نهجه في القوانين الخاصة بالاستيراد والتصدير. لما كان ذلك وكان ما أثبته الحكم في حق المطعون ضدهم من أنهم نقلوا الجوهر المخدر الذي عثروا عليه أثناء الصيد داخل المياه الإقليمية على مركبهم إلى نقطة التفتيش في محاولة للخروج به لبيعه كافياً في حد ذاته لا ينطبق على الفعل الذي قارفه المطعون ضدهم لفظ "الجلب" كما هو معرف به في القانون بما تضمنه من نقل الجواهر المخدرة على خلاف الأحكام المنظمة لجلبها في القانون فإن الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر - على ما سلف بيانه - فإنه يكون قد خالف القانون.
16 - لما كان العيب الذي شاب الحكم مقصوراً على الخطأ في تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم فإنه يتعين حسب القاعدة الأصلية المنصوص عليها في المادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض أن تحكم محكمة النقض في الطعن وتصحح الخطأ وتحكم بمقتضى القانون بما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً وتصحيحه بمعاقبة المطعون ضدهم عن جريمة الجلب المنصوص عليها في المادة 33/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 مع مراعاة معنى الرأفة الذي أخذت به محكمة الموضوع، باستعمال المادة 17 من قانون العقوبات والنزول بالعقوبة المقررة في المادة 33/ أ من ذلك القانون إلى الحد المعين في المادة 36 منه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة كلاً من...... و...... و....... و....... في قضية الجناية رقم....... (المقيدة بالجدول الكلي برقم.....) بأنهم: جلبوا - وآخر توفى إلى رحمة الله - إلى أراضي الجمهورية جوهراً مخدراً "حشيش" دون ترخيص كتابي من الجهة الإدارية المختصة وذلك على النحو المبين بالتحقيقات وأحالتهم إلى محكمة جنايات..... لمعاقبتهم طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة والمحكمة المذكورة قضت حضورياً في 29 من مارس سنة 1986 عملاً بالمواد 1، 2، 7، 34/ أ، 42/ 1 من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل والبند 57 من الجدول رقم واحد الملحق والمعدل بقرار وزير الصحة رقم 295 لسنة 1976 مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من المتهمين بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشر سنة وبتغريمه عشرة آلاف جنيه ومصادرة المخدر المضبوط ونصيب المتهمين...... في المركب وباعتبارهم حائزين بقصد الاتجار جوهر مخدر.
فطعن كل من المحكوم عليهم والنيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

أولاً - عن الطعن المقدم من المحكوم عليهم:
حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعنين بجريمة حيازة جوهر مخدر بقصد الاتجار قد شابه بطلان في الإجراءات وخالف الثابت في الأوراق وانطوى على قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال وخطأ في الإسناد والإخلال بحق الدفاع فضلاً عن الخطأ في تطبيق القانون والتناقض ذلك بأن المحكمة أشارت في ديباجة حكمها إلى ما يفيد أن الدعوى نظرت يوم النطق بالحكم في حين أنها نظرت بجلسة 26/ 3/ 1986 وتأجلت للنطق بالحكم لجلسة 29/ 3/ 1986 وأوردت أن اثنين من المحامين حضرا مع الطاعنين حال أنهم ثلاثة مما يكشف عن عدم إحاطة المحكمة بأوراق الدعوى وينم عن إلمامها بأوجه الدفاع. ولم يعن الحكم بالإشارة إلى الحكم التمهيدي الصادر بجلسة 23/ 2/ 1984 بندب الكيماوي.... بمصلحة الطب الشرعي لبيان سبب العجز في أوزان عينات المخدر التي قام بتحليلها عن الوزن الذي تم بمعرفة النيابة، ورد على ما أثير بشأن اختلاف الوزن بما لا يصلح رداً، وأغفل الرد على دفاع الطاعنين بتلفيق الاتهام واستدلالهم في ذلك بما انطوت عليه أقوال الشهود من تضارب في بيان شخص من قام بفتح خزان الوقود - التنك - المثبتة بوجود ممنوعات فيه وتراخيهم في الإبلاغ ومن عدم تعرف الشاهد الأول المساعد بحري..... على من أخبره من طاقم المركب بأنها لا تحمل ممنوعات، واقتصر الحكم في مقام بيان مؤدى الأدلة على ذكر أسماء الشهود من الثاني إلى الأخير وأحال في بيان مؤدى شهادتهم إلى أقوال الشاهد الأول على الرغم من اختلاف رواياتهم في خصوص من حضر عملية فتح التنك وشخص من قام بها، ونسب لكل من الطاعنين - على خلاف الثابت بالأوراق - اعترافه بحيازة المخدر المضبوط، هذا وقد عدلت المحكمة وصف التهمة المسندة إلى الطاعنين من جلب المخدر إلى حيازة له بقصد الاتجار دون أن تلفت نظر الدفاع إلى هذا التغيير وأقامت قضائها في التدليل على قصد الاتجار على قرينة افتراضية تخالف ما حوته الأوراق من أن قصد المتهمين هو تسليم المخدر لرجال الضبط فضلاً عن التناقض إذ مفاد نفي جريمة الجلب انتفاء الاتجار. وأخيراً فقد دان الحكم الطاعنين على الرغم مما أثاره الدفاع في مرافعته من أن المسئولية عن المركب وطاقمها - وفقاً للقانون البحري - تقع على قائدها وحده - الطاعن الأول - وأنه تحفظ على المخدر لحين تسليمه ولم يعرض الحكم لهذا الدفاع إيراداً له أو رداً عليه. كل ذلك مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى بما محصله أن الطاعنين وآخر توفى إلى رحمة الله خرجوا بمركبهم للصيد في المياه الإقليمية بناحية رأس البر محافظة دمياط وأثناء ممارستهم لعملية الصيد عثروا بشباكهم على ثلاث صفائح كبيرة وعلبة من البلاستيك تحوي جميعها مخدر الحشيش فقاموا بإخفائها داخل تنك وقود المركب عاقدين العزم على بيع المخدر واقتسام ثمنه فيما بينهم وعند عودة المركب من رحلتها في صباح يوم 2/ 11/ 1982 وحال عبورها نقالة التفتيش لم يقم ريسها - الطاعن الأول - ولا أحد من أفراد طاقمها بالإبلاغ عما في حوزتهم من مخدر وأثناء قيام قائد سقالة التفتيش ومساعدوه بتفتيش المركب تلاحظ لهم أن المسامير الخاصة بتنك الوقود واضح عليها أثار الفك الحديث مما أثار شكوكهم وجعلهم يقومون بإعادة فك هذه المسامير حيث عثروا بداخل مستودع الوقود - التنك - على ثلاث صفائح كبيرة الحجم مغطاة بالبلاستيك الأسود والأبيض وعلبة من البلاستيك مغلفة بالبلاستيك الأبيض وبتفتيش كابينة غرفة النوم عثر على قطعة من مخدر الحشيش ببنطلون أحد البحارة وقطعتين آخرين بداخل علبة ثقاب. وقد ثبت أن المواد المضبوطة هي لجوهر الحشيش وأن ما بداخل الصفائح الثلاث والعلبة البلاستيك يزن 35.385. وأورد الحكم على ثبوت الواقعة على هذه الصورة في حق الطاعنين أدلة مستمدة من أقوال المساعد بحري "......" رقيب أول "......." ملازم أول "........" رئيس سقالة التفتيش، مساعد بحري......، رقيب أول بحري....، والنقيبين..... وقائد مكتب المخدرات مقدم "......" ومن اعتراف الطاعنين ومما جاء بتقرير المعمل الكيماوي بمصلحة الطب الشرعي وما أسفرت عنه معاينة المركب. وما ثبت من الاطلاع على دفتر المركب موضوع الضبط وهي أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها. لما كان ذلك وكان البين من الاطلاع على محاضر جلسات المحاكمة أن ثلاثة من المحامين حضروا مع الطاعنين بجلسة 26/ 3/ 1986 وبعد أن ترافع ثلاثتهم حجزت الدعوى للنطق الحكم لجلسة 29/ 3/ 1986 وفيها صدر الحكم المطعون فيه. لما كان ذلك وكان ما أثبت في ديباجة الحكم بشأن سماع الدعوى بالجلسة التي أجل إليها إصداره ونطق به فيها - لا يبطله لأنه لا يعدو أن يكون خطأ مادياً مما لا يؤثر في سلامة الحكم ولأن الخطأ في ديباجة الحكم لا يعيبه إذ هو خارج عن مواضع استدلاله، أما بشأن خلو الديباجة من اسم أحد المحامين الثلاثة الذين حضورا مع الطاعنين فإن المقرر أن محضر الجلسة يكمل الحكم في هذا الخصوص وكان الثابت من محاضر الجلسات أنها استوفت هذا البيان فإن النعي على الحكم في هذا الصدد لا يكون له محل. لما كان ذلك وكان ما يثيره الطاعنون من اختلاف وزن المخدر مردوداً بما انتهى إليه الحكم في هذا الشأن بقوله "أما بشأن الاختلاف البين في وزن العينات المرسلة للتحليل فهو - على الرغم - وصف النيابة العامة للمخدر عند التحريز بأنه كان مشبعاً بالماء أو السولار فقد أجرت المحكمة بشأنه تحقيقاً بمعرفة أهل الخبرة والذي انتهت فيه مصلحة الطب الشرعي إلى أن النقص في وزن العينات لا يرجع إلى جفاف مادة المخدر وحده من تاريخي الضبط والفحص وإنما يجب أن يضاف إلى ذلك طريقة وزن المخدر والميزان الذي استخدم في الوزن وما يحتمل من خطأ في قراءة الأوزان وأنه قد يتضافر عاملان أو العوامل الثلاثة معاً في تفسير هذا النقص في أوزان العينات فضلاً عن أن أحداً من المتهمين لم يشكك في عملية التحريز أو يدعي أن العينات التي تم فحصها ليست هي بذاتها التي أخذت من المخدر المضبوط ومن ثم تطمئن المحكمة إلى أن العينات التي تم فحصها هي بذاتها العينات التي أخذت بمعرفة النيابة العامة من المخدر المضبوط والمرسل للتحليل". ذلك بأن قضاء هذه المحكمة استقر على أنه متى كانت المحكمة قد اطمأنت إلى أن العينة المضبوطة هي التي أرسلت للتحليل وصار تحليلها واطمأنت كذلك إلى النتيجة التي انتهى إليها التحليل - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - فلا تثريب عليها إن هي قضت في الدعوى بناء على ذلك ويكون ما أورده الحكم فيما تقدم كافياً وسائغاً في الرد على ما ينعاه الطاعنون في هذا الخصوص. لما كان ذلك وكان الحكم قد أشار فيما تقدم - إلى استعانة المحكمة بأهل الخبرة بمصلحة الطب الشرعي وأورده مضمون تقرير الخبير ومؤداه وأبرز ما جاء به من تعليل لاختلاف الوزن فإن في ذلك ما يفيد أن المحكمة قد أحاطت بالحكم التمهيدي الصادر بجلسة 23/ 2/ 1984 وكافياً للإشارة إليه ويكون النعي على الحكم في هذا الصدد غير سديد. لما كان ذلك وكان لمحكمة الموضوع أن تستمد اقتناعها على ثبوت الجريمة من أي دليل تطمئن إليه طالما أن هذا الدليل له مأخذه الصحيح من الأوراق، وكان وزن أقوال الشهود وتقدير الظروف التي يؤدون فيها شهادتهم وتعويل القضاء على أقوالهم مهما وجه إليها من مطاعن وحام حولها من الشبهات كل ذلك مرجعه إلى محكمة الموضوع تنزله المنزلة التي تراها وتقدره التقدير الذي تطمئن إليه، وهي متى أخذت بشهادتهم فإن ذلك يفيد أنها أطرحت جميع الاعتبارات التي ساقها الدفاع لحملها على عدم الأخذ بها، وكان تناقض الشهود في بعض تفاصيلها لا يعيب الحكم أو يقدح في سلامته ما دام قد استخلص الحقيقة من أقوالهم استخلاصاً سائغاً لا تناقض فيه وما دام لم يورد تلك التفصيلات أو يركن إليها في تكوين عقيدته - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - وكان تأخير الشاهد في الإبلاغ عن الحادث لا يمنع من الأخذ بأقواله ما دامت قد أفصحت عن اطمئنانها إلى شهادته وكانت على بينة بالظروف التي أحاطت بها. وكان الدفع بتلفيق التهمة من الدفوع الموضوعية التي لا تستوجب في الأصل رداً صريحاً من الحكم ما دام الرد مستفاداً ضمناً من القضاء بالإدانة استناداً إلى أدلة الثبوت التي أوردها فإن كل ما يثيره الطاعنون من تناقض الشهود أو تراخيهم في الإبلاغ أو تلفيق الاتهام ينحل إلى جدل موضوعي حول حق محكمة الموضوع في تقدير أدلة الدعوى مما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان الحكم قد أورد أن مؤدى أقوال الشاهد الأول من أنه أثناء قيامه بتفتيش مركب الطاعنين تحت إشراف الشاهد الثالث وفي حضور الشاهدين الثاني والرابع بنقطة سقالة التفتيش وبفتحه خزان الوقود عثر على علبة من البلاستيك وثلاث صفائح تحوي مادة مخدرة وبتفتيش الملابس التي وجدت بإحدى الحجرات ضبط بأحد السراويل قطع مختلفة الأحجام من مادة مخدرة وعند إيراد الحكم أقوال الشهود من الثاني إلى الخامس أورد أنهم شهدوا بمضمون ما شهد به الشاهد الأول ثم أورد مؤدى أقوال الشاهد السادس نقيب "........" وقد انصبت على إخطاره بالواقعة فانتقل صحبة الشاهدين السابع والثامن حيث شاهد المضبوطات وأحال الحكم في أقوال الشاهدين الآخرين على أقواله. لما كان ذلك وكان لا يعيب الحكم أن يحيل في إيراد أقوال الشهود ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت متفقة مع ما استند إليه الحكم منها وكان لا يقدح في سلامة الحكم - على فرض صحة ما يثيره الطاعنون - عدم اتفاق أقوال شهود الإثبات في بعض تفاصيلها ما دام الثابت أنه حصل أقوالهم بما لا تناقض فيه ولم يورد تلك التفصيلات أو يركن إليها في تكوين عقيدته، ولما كان الثابت أن الحكم أحال في أقوال الشهود من الثاني إلى الخامس على أقوال الشاهد الأول وهي التي تتعلق بما أسفر عنه تفتيش المركب والعثور على المخدر داخل خزان الوقود - وهو ما لا يماري فيه الطاعنون - كما أحال في أقوال الشاهدين السابع والثامن على أقوال الشاهد السادس والتي تنحصر في انتقاله بصحبتهما إلى مكان الواقعة بعد إبلاغه عنها فإن الحكم يكون بريئاً من قالة القصور في التسبيب. لما كان ذلك وكان يبين من الاطلاع على المفردات المضمومة أن ما حصله الحكم المطعون فيه من أن الطاعنين اعترفوا بحيازة المخدر له صداه في تحقيقات النيابة مما أدلى به الطاعنون من أقوال تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها من معنى الإقرار بحيازة المخدر مما يجعل الحكم سابقاً فيما انتهى إليه ومبنياً على فهم صحيح للواقعة إذ المحكمة ليست ملزمة في أخذها بأقوال المتهم أن تلتزم نصها وظاهرها بل لها أن تأخذ منها ما تراه مطابقاً للحقيقة، ومن ثم فلا تثريب على الحكم إن هو استمد من تلك الأقوال - وإن نعتها بأنها اعتراف - ما يدعم الأدلة الأخرى التي أقام عليها قضاءه بإدانة الطاعنين وبذلك ينحسر عن الحكم قالة الخطأ في الإسناد. لما كان ذلك وكان الأصل أن المحكمة لا تتقيد بالوصف القانوني الذي تسبغه النيابة العامة على الفعل المسند إلى المتهم لأن هذا الوصف ليس نهائياً بطبيعته وليس من شأنه أن يمنع المحكمة من تعديله متى رأت أن ترد الواقعة بعد تمحيصها إلى الوصف القانوني الذي تراه سليماً. وكانت المحكمة قد اعتبرت ما ورد على لسان الشهود والمتهمين أيضاً من أن الأخيرين وقد عثروا على المخدر المضبوط أثناء الصيد في المياه الإقليمية لا يوفر في حق الطاعنين جريمة الجلب وانتهت إلى أن التكييف الصحيح للواقعة قبلهم هو حيازة جوهر مخدر بقصد الاتجار فلا يكون هناك وجه لدعوى الإخلال بحق الدفاع أو التناقض ذلك أن المراد بجلب المخدر هو استيراده بالذات أو بالواسطة ملحوظاً في ذلك طرحه وتداوله بين الناس متى تجاوز بفعله الخط الجمركي ومن حق محكمة الموضوع أن تنزل على الواقعة التي صحت لديها الوصف القانوني الذي تراه سليماً نزولاً من الوصف المبين بأمر الإحالة وهو الجلب إلى وصف أخف هو الحيازة بقصد الاتجار ولا يتضمن هذا التعديل إساءة إلى مركز الطاعنين أو إسناداً لواقعة مادية أو إضافة عناصر جديدة تختلف عن الواقعة التي اتخذها أمر الإحالة أساساً للوصف الذي ارتأته. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وأورد أدلة الثبوت فيها عرض لدفاع الطاعنين ورد عليه بقوله: "وحيث إن المحكمة لا تعول على إنكار المتهمين وما ساقوه من دفاع خاص بثبوت الاتهام وإسناده إليهم بعد أن اطمأنت إلى أدلة الثبوت في الدعوى - على نحو ما سلف - خاصة ما ورد على لسان المتهمين جميعاً من اعتراف بحيازتهم للمخدر المضبوط ولأن الثابت على لسان الشهود أن المتهمين لدى وصولهم إلى سقالة التفتيش أنكروا وجود أية ممنوعات معهم بالمركب محل الضبط وأن أياً منهم لم يخطر بوجود أية ممنوعات في حيازتهم ولأن العرف يحتم على ريس المركب إذا كانت لديه ممنوعات ويرغب تسليمها أن يرفع على المركب أعلاماً أو بطانية أو يصيح معلناً عما في حوزته من ممنوعات، وذلك قبل دخوله إلى سقالة التفتيش إلا أن شيئاً من ذلك لم يحدث مما ينتفي معه القول بانصراف نية المتهمين إلى تسليم ما بحوزتهم من مخدر خاصة وقد أمعنوا في إخفائه عن أعين رجال التفتيش بوضعه داخل خزان الوقود الخاص بالمركب.... إلخ ثم خلص إلى توافر أركان جريمة حيازة المخدر بقصد الاتجار في حق الطاعنين بقوله "وحيث إن جريمة حيازة المخدر بركنيها المادي والمعنوي متوافرة في حق المتهمين من سيطرتهم الكاملة على المخدر المضبوط واحتفاظهم به في مكان أمين وعلمهم اليقيني بأن ما بحوزتهم هو لجوهر الحشيش المخدر - وحيث إن قصد الاتجار متوافر في حق المتهمين من كبر حجم الكمية المضبوطة وظروف وملابسات ضبطها بمكان إخفائها ولأنهم يقصدون من وراء ذلك الكسب الحرام بطرح المخدر وتداوله بين الناس مما يتحقق معه قصد الاتجار" لما كان ذلك وكان من المقرر أن إحراز المخدر بقصد الاتجار واقعة مادية يستقل قاضي الموضوع بالفصل فيها ما دام استخلاصه سائغاً تؤدي إليه ظروف الواقعة وأدلتها وقرائن الأحوال فيها فإن ما ساقه الحكم فيما تقدم تدليلاً على توافر أركان جريمة حيازة المخدر بقصد الاتجار فيه ما يكفي للرد على دفاع الطاعنين في هذا الخصوص. لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعياً.
ثانياً: عن الطعن المقدم من النيابة العامة:
وحيث إن ما تنعاه النيابة العامة على الحكم المطعون فيه أنه إذ دان المطعون ضدهم بجريمة إحراز المخدر بقصد الاتجار ونفى عنهم جريمة الجلب المسندة إليهم قد أخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه اعتبر ما اعترف به المطعون ضدهم من عثورهم على المخدر أثناء الصيد داخل المياه الإقليمية وإخفائهم له في مكان خفي بجسم مركبهم لمحاولة الخروج به من نقطة التفتيش لبيعه لا يوفر في حقهم جريمة الجلب ما دام أنهم لم يجلبوه من الخارج في حين أنه يكفي لتحقق الجلب نقل الجواهر المخدرة على خلاف الأحكام المنظمة لجلبها المنصوص عليها في القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها مما يعيب الحكم ويوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن بين واقعة الدعوى وأورد أدلة الثبوت فيها قال "أن المحكمة لا تساير سلطة الاتهام فيما ذهبت إليه من أن المتهمين قد جلبوا المخدر المضبوط إلى أراضي الجمهورية، وإنما الوصف الصحيح للواقعة هو أن المتهمين قد حازوا بقصد الاتجار جوهراً مخدراً "حشيش" في غير الأحوال المصرح بها قانوناً إذ الثابت من التحقيقات على لسان شهود الواقعة والمتهمين أيضاً أن الآخرين قد عثروا على المخدر المضبوط أثناء الصيد في المياه الإقليمية بما تنتفي معه واقعة الجلب... إذ المراد بجلب المخدر هو استيراده بالذات أو الواسطة ملحوظاً في ذلك طرحه وتداوله بين الناس سواء أكان الجلب قد استورده لحساب نفسه أو لحساب غيره، فالجلب في واقع الأمر لا يعدو أن يكون حيازة مصحوبة بالنقل عبر الحدود داخل أراضي الجمهورية وهو ما لا ينطبق على واقعة الدعوى" وهذا الذي قرره الحكم غير صحيح في القانون. ذلك بأن الجلب في حكم القانون رقم 182 لسنة 1960 في شأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها - غير مقصور على صورة استيراد الجواهر المخدرة من خارج جمهورية مصر العربية وإدخالها إلى المجال الخاضع لاختصاصها الإقليمي كما هو محدود دولياً فحسب، بل إنه يمتد ليشمل كذلك كافة الصور التي يتحقق بها نقل المخدر - ولو في داخل نطاق ذلك المجال - على خلاف أحكام الجلب المنصوص عليها في المواد من 3 إلى 6 التي رصد لها المشرع الفصل الثاني من القانون المذكور ونظم فيها جلب الجواهر المخدرة وتصديرها فاشترط لذلك الحصول على ترخيص كتابي من الجهة الإدارية المختصة لا يمنح إلا للأشخاص والجهات التي بينها بيان حصر وبالطريقة التي رسمها على سبيل الإلزام والوجوب فضلاً عن حظره تسليم ما يصل إلى الجمارك من تلك الجواهر إلا بموجب إذن سحب كتابي تعطيه الجهة الإدارية المختصة للمرخص له بالجلب أو لمن يحل محله في عمله وإيجابه على مصلحة الجمارك تسلم هذا الأذن من صاحب الشأن وإعادته إلى تلك الجهة وتحديده كيفية الجلب بالتفصيل يؤكد هذا النظر - فوق دلالة المعنى اللغوي للفظ "جلب" أي ساقه من موضع إلى آخر - إن المشرع لو كان يعني الاستيراد بخاصة لما عبر عنه بالجلب بعامة ولما منعه مانع من إيراد لفظ استيراد "قرينة" لفظ تصدير على غرار نهجه في القوانين الخاصة بالاستيراد والتصدير. لما كان ذلك وكان ما أثبته الحكم في حق المطعون ضدهم من أنهم نقلوا الجوهر المخدر الذي عثروا عليه أثناء الصيد داخل المياه الإقليمية على مركبهم إلى نقطة التفتيش في محاولة للخروج به لبيعه كافياً في حد ذاته لأن ينطبق على الفعل الذي قارفه المطعون ضدهم لفظ "الجلب" كما هو معرف به في القانون بما تضمنه من نقل الجواهر المخدرة على خلاف الأحكام المنظمة لجلبها في القانون فإن الحكم المطعون فيه إذ خالف هذا النظر - على ما سلف بيانه - فإنه يكون قد خالف القانون - لما كان ذلك وكان العيب الذي شاب الحكم مقصوراً على الخطأ في تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم فإنه يتعين حسب القاعدة الأصلية المنصوص عليها في المادة 39 من القانون رقم 57 لسنة 1959 في شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض أن تحكم محكمة النقض في الطعن وتصحح الخطأ وتحكم بمقتضى القانون بما يتعين معه نقض الحكم المطعون فيه نقضاً جزئياً وتصحيحه بمعاقبة المطعون ضدهم عن جريمة الجلب المنصوص عليها في المادة 33/ أ من القانون رقم 182 لسنة 1960 المعدل بالقانون رقم 40 لسنة 1966 مع مراعاة معنى الرأفة الذي أخذت به محكمة الموضوع، باستعمال المادة 17 من قانون العقوبات والنزول بالعقوبة المقررة في المادة 33/ أ من ذلك القانون إلى الحد المعين في المادة 36 منه.