أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
الجزء الأول - السنة 38 - صـ 482

جلسة 25 من مارس سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ محمد ممدوح سالم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد رفيق البسطويسي نائب رئيس المحكمة وفتحي خليفة وسرى صيام وعلي الصادق عثمان.

(76)
الطعن رقم 3766 لسنة 56 القضائية

(1) خلو رجل. عقوبة "العقوبة التكميلية". نقض "حالات الطعن بالنقض. مخالفة القانون". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
مناط الحكم بعقوبة الغرامة والحكم بالرد بوصفه عقوبة تكميلية تحمل في طياتها فكرة رد الشيء إلى أصله. تدور وجوداً وعدماً مع ما تقاضاه المؤجر أو الوسيط من مبالغ خارج نطاق عقد الإيجار. دون تلك التي اتفق عليها.
مثال.
(2) قانون "تفسيره". خلو رجل. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
الاستهداء بحكمة التشريع ودواعيه لا تكون إلا عند غموض النص أو إبهامه. الأحكام تدور مع علتها لا مع حكمتها ولا مجال للاجتهاد مع صراحة النص.
1 - دلت المادة 27 من القانون 49 لسنة 77 في شأن تأجير وبيع الأماكن في صريح عبارتها، وواضح معناها، أن مناط الحكم بعقوبة الغرامة، وكذلك الحكم بالرد بوصفه عقوبة تكميلية تحمل في طياتها فكرة رد الشيء إلى أصله، يدور وجوداً وعدماً، مع ما تقاضاه المؤجر أو الوسيط من مبالغ خارج نطاق عقد الإيجار، وفي حدود هذه المبالغ فحسب، بحيث إذا لم يثبت أنه تقاضى ثمة مبالغ في هذا المنحى، امتنع الحكم عليه بالغرامة وبالرد، فإن ثبت أنه تقاضى مبالغ خارج نطاق العقد وبسبب تحريره وجب القضاء عليه فوق عقوبة الحبس بغرامة تعادل مثلي ما تقاضاه بالفعل وإلزامه برد مثله، بصرف النظر عن المبلغ الذي جرى الاتفاق عليه خارج نطاق عقد الإيجار، ولو أراد الشارع الخروج على هذا المعنى وجعل العبرة فيه بما اتفق عليه من مبالغ بين المؤجر والمستأجر، أو التوسط في ذلك، بغض النظر عما يتم استئداؤه من مبالغ حسب المتفق عليه، لما أعوزه النص على ذلك صراحة، وهو ما توجبه قاعدة التحرز في تفسير القوانين الجنائية والتزام الدقة في تفسيرها وعدم تحميل عباراتها فوق ما تحتمل.
2 - صياغة النص في عبارات واضحة جلية - يوجب اعتباره تعبيراً صادقاً عن إرادة الشارع، فلا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل بدعوى الاستهداء بالحكمة التي تغياها الشارع منها، ذلك بأن الاستهداء بحكمة التشريع ودواعيه، لا تكون إلا عند غموض النص أو إبهامه، والأحكام تدور مع علتها لا مع حكمتها، ولا مجال للاجتهاد مع صراحة النص.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجنحة (...) بأنه بصفته مؤجراً تقاضى مبالغ خارج نطاق عقد الإيجار على سبيل خلو الرجل. وطلبت عقابه بالمواد 1، 16/ 1، 77 من القانون رقم 49 لسنة 1977 المعدل بالقانون 136 لسنة 1981. ومحكمة جنح أمن الدولة قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لإيقاف التنفيذ وتغريمه ستة عشر ألف جنيه وإلزامه برد مبلغ ثمانية آلاف جنيه للمجني عليها. استأنف المحكوم عليه هذا الحكم. ومحكمة الإسكندرية الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وأمرت بوقف عقوبة الحبس وتأييده فيما عدا ذلك.
فطعن الأستاذ.... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه، أنه إذ دانه بجريمة تقاضي مبالغ خارج نطاق عقد الإيجار، قد شابه التناقض في التسبيب، ذلك بأنه حصل أقوال المجني عليها بالإحالة إلى أقوال وكيلها الذي أبلغ بالحادث قولاً بأن الطاعن اتفق مع المجني عليها على تقاضي مبلغ 8000 جنيه ثمانية آلاف جنيه (كخلو رجل) حررت بها كمبيالات، ثم عاد وعزا للمجني عليها أنها دفعت من المبلغ المتفق عليه 4000 جنيه أربعة آلاف جنيه والباقي حررت به كمبيالات دفعت من قيمتها بعد ذلك مبلغ 1600 ألف وستمائة جنيه، ورغم ذلك انتهى الحكم المطعون فيه إلى القضاء بتغريمه مبلغ 16000 جنيه ستة عشر ألف جنيه وإلزامه برد مبلغ 8000 جنيه ثمانية آلاف جنيه، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن البين من مدونات الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه، يظاهر منعى الطاعن - على السياق المتقدم. لما كان ذلك، وكانت المادة 77 من القانون رقم 49 لسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر المعدل، تنص على أن "يعاقب كل من يخالف حكم المادة 26 من هذا القانون سواء كان مؤجراً أو مستأجراً أو وسيطاً بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر وبغرامة تعادل مثلي المبلغ الذي تقاضاه بالمخالفة لأحكام هذه المادة، ويعفى من العقوبة كل من المستأجر والوسيط إذا أبلغ أو بادر بالاعتراف بالجريمة. وفي جميع الأحوال يجب الحكم على المخالف بأن يرد إلى صاحب الشأن ما تقاضاه على خلاف أحكام المادة المشار إليها." فقد دلت في صريح عباراتها وواضح معناها، أن مناط الحكم بعقوبة الغرامة، وكذلك الحكم بالرد بوصفه عقوبة تكميلية تحمل في طياتها فكرة رد الشيء إلى أصله، يدور وجوداً وعدماً، مع ما تقاضاه المؤجر أو الوسيط من مبالغ خارج نطاق عقد الإيجار، وفي حدود هذه المبالغ فحسب، بحيث لم يثبت أنه تقاضى ثمة مبالغ في هذا المنحى، امتنع الحكم عليه بالغرامة وبالرد، فإن ثبت أنه تقاضى مبالغ خارج نطاق العقد وبسبب تحريره وجب القضاء عليه فوق عقوبة الحبس بغرامة تعادل مثلي ما تقاضاه بالفعل وإلزامه برد مثله، بصرف النظر عن المبلغ الذي جرى الاتفاق عليه خارج نطاق عقد الإيجار، ولو أراد الشارع الخروج على هذا المعنى وجعل العبرة فيه بما اتفق عليه من مبالغ بين المؤجر والمستأجر، أو التوسط في ذلك، بغض النظر عما يتم استئداؤه من مبالغ حسب المتفق عليه، لما أعوزه النص على ذلك صراحة، وهو ما توجبه قاعدة التحرز في تفسير القوانين الجنائية والتزام الدقة في تفسيرها وعدم تحميل عباراتها فوق ما تحتمل، ومن أن صياغة النص في عبارات واضحة جلية - وهو الحال في النزاع المطروح - يوجب اعتباره تعبيراً صادقاً عن إرادة الشارع، فلا يجوز الانحراف عنها عن طريق التفسير أو التأويل بدعوى الاستهداء بالحكمة التي تغياها الشارع منها، ذلك بأن الاستهداء بحكمة التشريع ودواعيه، لا تكون إلا عند غموض النص أو إبهامه، والأحكام تدور مع علتها لا مع حكمتها، ولا مجال للاجتهاد مع صراحة النص. لما كان ما تقدم، وكان الحكم المطعون فيه قد أثبت مرة أن المبلغ المعني قد تحرر به كمبيالات، ثم أثبت مرة أخرى دفع 4000 جنيه منه نقداً وتحرير كمبيالات بالباقي استأدى منها الطاعن مبلغ 1600 جنيه، ثم انتهى رغم ذلك إلى قضائه آنف الذكر، فإنه يكون مشوباً بالتناقض في التسبيب والقصور فيه بما يعجز هذه المحكمة عن مراقبة صحة تطبيق القانون على الواقعة كما صار إثباتها في الحكم والتقرير بحكم القانون في شأنها - وهو ما يتسع له وجه الطعن بما يوجب نقضه والإعادة، بغير حاجة إلى بحث سائر وجوه الطعن.