أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
الجزء الأول - السنة 38 - صـ 510

جلسة 30 من مارس سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم البنا نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين: مسعد الساعي نائب رئيس المحكمة، الصاوي يوسف، عادل عبد الحميد وأحمد عبد الرحمن.

(83)
الطعن رقم 4053 لسنة 56 القضائية

(1) اختصاص "الاختصاص المحلي". نظام عام.
دفوع. "الدفع بعدم الاختصاص المحلي". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
الاختصاص في المسائل الجنائية. يتعين بالمكان الذي وقعت فيه الجريمة أو الذي يقيم فيه المتهم أو الذي يقبض عليه فيه. هذه الأماكن قسائم متساوية لا تفاضل فيها.
القواعد المتعلقة بالاختصاص في المسائل الجنائية كلها من النظام العام.
الدفع بعدم الاختصاص المحلي يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض. شرط ذلك؟
مثال لتسبيب معيب للرد على الدفع بعدم اختصاص المحكمة محلياً.
لما كانت المادة 217 من قانون الإجراءات الجنائية قد نصت على أنه يتعين الاختصاص بالمكان الذي وقعت فيه الجريمة أو الذي يقيم فيه المتهم أو الذي يقبض عليه فيه، وكانت هذه الأماكن قسائم متساوية في القانون لا تفاضل بينها، وكانت القواعد المتعلقة بالاختصاص في المسائل الجنائية كلها من النظام العام التي يجوز التمسك بها في أية حالة كانت عليها الدعوى والاختصاص المكاني كذلك بالنظر إلى أن الشارع في تقديره لها سواء تعلقت بنوع المسألة المطروحة، أو بشخص المتهم، أو بمكان الجريمة، قد أقام تقديره على اعتبارات عامة تتعلق بحسن سير العدالة، بل أن الدفع بعدم الاختصاص المحلي يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض إذا كان مستنداً إلى وقائع أثبتها الحكم ولا تقتضي تحقيقاً موضوعياً. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه - في أخذه بأسباب الحكم الابتدائي وفيما أورده من أسباب مكملة - قد رد على الدفع بعدم الاختصاص المحلي بما يخالف هذا النظر يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يوجب نقضه.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية بصفته دعواه بالطريق المباشر أمام محكمة جنح شبرا ضد الطاعن بوصف أنه أعطاه بسوء نية شيكين لا يقابلهما رصيد قائم وقابل للسحب. وطلبت عقابه بالمادتين 336، 337 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يؤدي له مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام بحبس المتهم سنة مع الشغل وكفالة مائتي جنيه وإلزامه بأن يدفع للمدعي بالحق المدني مبلغ واحد وخمسين جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. استأنف المحكوم عليه ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ/...... المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمة إعطاء شيك بدون رصيد قد أخطأ في تطبيق القانون، ذلك بأن المدافع عن الطاعن تمسك أمام محكمة الموضوع - بدرجتيها - بالدفع بعدم اختصاص محكمة شبرا محلياً بنظر الدعوى لأن الجريمة لم تقع بدائرتها، ولا إقامة للطاعن فيها، ولا هو قبض عليه في دائرتها، بيد أن كلا الحكمين الابتدائي والمطعون فيه أطرح هذا الدفع بما لا يسوغ اطراحه وبما لا يتفق وصحيح القانون مما يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على محاضر الجلسات وعلى المفردات المضمومة أن الدفاع عن الطاعن قدم مذكرة مصرح له بتقديمها خلال فترة حجز الدعوى للحكم أمام محكمة أول درجة ضمنها الدفع بعدم اختصاص محكمة شبرا محلياً بنظر الدعوى، ثم عاد إلى التمسك بهذا الدفع في المذكرة المصرح له بتقديمها إلى محكمة ثاني درجة، ويبين من مطالعة مدونات الحكم الابتدائي أنه عرض لهذا الدفع ورد عليه بقوله: "وحيث إنه عن الدفع بعدم الاختصاص المحلي فإنه لما كان المتهم - الطاعن - لم يدفع به أولاً قبل التحدث في الموضوع وقد دفع به في مذكرته الثانية المقدمة منه حال حجز الدعوى للحكم وبعد قفل باب المرافعة فيها وحجزها للحكم فإن الدفع في غير محله ويتعين رفضه". ثم أضاف الحكم المطعون فيه - بعد ما أفصح عن أخذه بأسباب الحكم الابتدائي كأسباب مكملة له - رداً على هذا الدفع قوله: "وأنه بالنسبة للدفع بعدم اختصاص محكمة أول درجة محلياً فبالإضافة إلى ما ذكر الحكم المستأنف فإنه لا مصلحة للمتهم - الطاعن - في هذا الدفع حيث إن مقر محكمة الساحل في نفس مبنى محكمة شبرا الجزئية إذ يجمع المحكمتين مبنى واحد وعملاً بالمادة 3 مرافعات لا يقبل أي طلب أو دفع لا يكون لصاحبه مصلحة قانونية" لما كان ذلك، وكانت المادة 217 من قانون الإجراءات قد نصت على أنه يتعين الاختصاص بالمكان الذي وقعت فيه الجريمة أو الذي يقيم فيه المتهم أو الذي يقبض عليه فيه، وكانت هذه الأماكن قسائم متساوية في القانون لا تفاضل بينها، وكانت القواعد المتعلقة بالاختصاص في المسائل الجنائية كلها من النظام العام التي يجوز التمسك بها في أية حالة كانت عليها الدعوى والاختصاص المكاني كذلك بالنظر إلى أن الشارع في تقديره لها سواء تعلقت بنوع المسألة المطروحة، أو بشخص المتهم، أو بمكان الجريمة، قد أقام تقديره على اعتبارات عامة تتعلق بحسن سير العدالة، بل إن الدفع بعدم الاختصاص المحلي يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض إذا كان مستنداً إلى وقائع أثبتها الحكم ولا تقتضي تحقيقاً موضوعياً. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه - في أخذه بأسباب الحكم الابتدائي وفيما أورده من أسباب مكملة - قد رد على الدفع بعدم الاختصاص المحلي بما يخالف هذا النظر يكون قد أخطأ في تطبيق القانون مما يوجب نقضه بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن. ولما كان هذا الخطأ قد حجب محكمة الموضوع عن تحقيق هذا الدفع فإنه يتعين أن يكون مع النقض الإحالة.