أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
الجزء الأول - السنة 38 - صـ 522

جلسة 1 من إبريل سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ محمد وجدي عبد الصمد نائب رئيس المحكمة، وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم حسين رضوان، محمد ممدوح سالم، محمد رفيق البسطويسي نواب رئيس المحكمة وفتحي خليفة.

(86)
الطعن رقم 6352 لسنة 56 القضائية

(1) دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". بلاغ كاذب. تعويض. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". نقض "أسباب الطعن. ما يقبل منها".
طلب دفاع المتهم في جريمة البلاغ الكاذب وقف الفصل في الدعوى حتى يفصل في أخرى. هو دفع بطلب وقف الفصل في الدعوى الجنائية المقامة ضده حتى يفصل في تلك المقامة ضد المجني عليه.
التبليغ عن الوقائع الجنائية حق لكل إنسان.
عدم جواز الحكم بعقوبة القذف على من أخبر الصدق وعدم سوء القصد إلى الحكام القضائيين أو الإداريين بأمر مستوجب لعقوبة فاعلة.
(2) بلاغ كاذب. قصد جنائي. جريمة "أركانها". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
مناط العقاب في جريمة البلاغ الكاذب أن تكون الواقعة المبلغ عنها كاذبة كلها أو بعضها وأن يعلم الجاني كذبها ويبلغ عنها منتوياً السوء والإضرار بالمجني عليه.
(3) بلاغ كاذب. دعوى جنائية. "الحكم فيها". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
على المحكمة أن توقف الفصل في الدعوى الجنائية إذا كان الحكم فيها يتوقف على نتيجة الفصل في دعوى جنائية أخرى - المادة 222 إجراءات. مقتضى ذلك؟ مثال.
1 - طلب دفاع الطاعن وقف الفصل في الدعوى حتى يفصل في الجنحة رقم 407 لسنة 1983، بيد أن المحكمتين كلتيهما لم تعرضا البتة لهذا الدفاع. لما كان ذلك، وكان دفاع الطاعن - ... هو في وصفه الحق وتكييفه الصحيح، دفع بطلب وقف الفصل في الدعوى الجنائية الماثلة المقامة ضده، حتى يفصل في الدعوى الجنائية المقامة ضد المجني عليه (المدعي بالحقوق المدنية) عن الوقائع التي نسبها إليها الطاعن واتخذ الحكم المطعون فيه منها محلاً لجريمة البلاغ الكاذب المطروحة، وكان الشارع قد دل - بما نص عليه في المادة 25 من قانون الإجراءات الجنائية من إجازته لكل من علم بوقوع جريمة يجوز للنيابة العامة رفع الدعوى الجنائية عنها بغير شكوى أن يبلغ النيابة العامة عنها أو أحد مأموري الضبط القضائي - على أن التبليغ عن الوقائع الجنائية حق لكل إنسان، فلا تصح معاقبته واقتضاء التعويض منه إلا إذا كان قد تعمد الكذب فيه، كما أنه بمقتضى المادة 304 من قانون العقوبات لا يحكم بعقوبة القذف على من أخبر بالصدق وعدم سوء القصد الحكام القضائيين أو الإداريين بأمر مستوجب لعقوبة فاعلة.
2 - مناط العقاب في جريمة البلاغ الكاذب المعاقب عليها بنص المادة 305 من قانون العقوبات أن تكون الواقعة أو الوقائع المبلغ عنها كاذبة كلها أو بعضها وأن يعلم الجاني كذبها ويقدم على الإبلاغ بها منتوياً السوء والإضرار بالمجني عليه، فإن انتفى الإسناد الكاذب أو سوء القصد أحدهما أو كلاهما، انتفت الجريمة.
3 - من المقرر وفقاً لنص المادة 222 من قانون الإجراءات الجنائية أنه يتوجب على المحكمة أن توقف الفصل في الدعوى الجنائية إذا كان الحكم فيها يتوقف على نتيجة الفصل في دعوى جنائية أخرى مما يقتضي - على ما جاء بالمذكرة الإيضاحية لقانون الإجراءات الجنائية - أن تكون الدعوى الأخرى، مرفوعة بالفعل أمام القضاء، فإن لم تكن قد رفعت فعلاً، فلا محل لوقف الدعوى، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة في درجتي التقاضي، أن الحاضر عن المدعي بالحقوق المدنية (المطعون ضده الثاني) لم ينازع في أن الدعوى الأخرى قد رفعت بالفعل أمام القضاء، فقد كان على محكمة الموضوع تمحيص طلب الطاعن وقف الفصل في الدعوى المطروحة حتى يفصل في الدعوى الأخرى، بلوغاً إلى غاية الأمر فيه، أو الرد عليه مما يدفعه، أما وقد قعدت عن ذلك، ولم تعرض له البتة، فإن حكمها يكون قد تعيب بالقصور.


الوقائع

أقام المدعون بالحقوق المدنية دعواهم بطريق الإدعاء المباشر أمام محكمة جنح..... ضد الطاعن بوصف أنه في يوم (.....) أبلغ بأمر كاذب مع سوء القصد لو صح نسبته لهم لأوجب عقابهم واحتقارهم اجتماعياً وطلبوا عقابه بالمادة 305 من قانون العقوبات وإلزامه بأن يؤدي لهم مبلغ عشرة آلاف جنيه كتعويض نهائي.
والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بمادة الاتهام بتغريم المتهم مائة جنيه وأمرت بوقف تنفيذ العقوبة لمدة ثلاث سنوات تبدأ من تاريخ صيرورة هذا الحكم نهائياً وإلزامه بأن يؤدي للمدعين بالحقوق المدنية مبلغ خمسمائة جنيه تعويضاً نهائياً. استأنف ومحكمة المنيا الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه، أنه إذ دانه بجريمة البلاغ الكاذب وألزمه بالتعويض، قد انطوى على إخلال بحق الدفاع، ذلك بأن المدافع عن الطاعن طلب وقف الفصل في الدعوى حتى يفصل في الجنحة رقم 407 لسنة 1983 دير.......، الخاصة بالوقائع محل البلاغ المرفوع بشأنه النزاع الماثل، إلا أن المحكمة أعرضت عن دفاعه رغم تقديم شهادة رسمية تظاهره، مما يعيب حكمها ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن البين من محاضر جلسات المحاكمة بدرجتيها، أن المدافع عن الطاعن طلب وقف الفصل في الدعوى حتى يفصل في الجنحة رقم 407 لسنة 1983....، بيد أن المحكمتين كلتيهما لم تعرضا البتة لهذا الدفاع. لما كان ذلك، وكان دفاع الطاعن - على السياق المتقدم - هو في وصفه الحق وتكييفه الصحيح، دفع بطلب وقف الفصل في الدعوى الجنائية الماثلة المقامة ضده، حتى يفصل في الدعوى الجنائية المقامة ضد المجني عليه (المدعي بالحقوق المدنية) عن الوقائع التي نسبها إليه الطاعن واتخذ الحكم المطعون فيه منها محلاً لجريمة البلاغ الكاذب المطروحة، وكان الشارع قد دل - بما نص عليه في المادة 25 من قانون الإجراءات الجنائية من إجازته لكل من علم بوقوع جريمة يجوز للنيابة العامة رفع الدعوى الجنائية عنها بغير شكوى أن يبلغ النيابة العامة عنها أو أحد مأموري الضبط القضائي - على أن التبليغ عن الوقائع الجنائية حق لكل إنسان، فلا تصح معاقبته واقتضاء التعويض منه إلا إذا كان قد تعمد الكذب فيه، كما أنه بمقتضى المادة 304 من قانون العقوبات لا يحكم بعقوبة القذف على من أخبر بالصدق وعدم سوء القصد الحكام القضائيين أو الإداريين بأمر مستوجب لعقوبة فاعلة. لما كان ذلك، وكان مناط العقاب في جريمة البلاغ الكاذب المعاقب عليها بنص المادة 305 من قانون العقوبات أن تكون الواقعة أو الوقائع المبلغ عنها كاذبة كلها أو بعضها وأن يعلم الجاني كذبها ويقدم على الإبلاغ بها منتوياً السوء والإضرار بالمجني عليه، فإن انتفى الإسناد الكاذب أو سوء القصد أحدهما أو كلاهما، انتفت الجريمة آنفة الذكر، فإن دفاع الطاعن - على النحو الذي أشار إليه في طعنه - يكون جوهرياً إذ يترتب عليه لو حكم بصدق الوقائع التي نسبها إلى المجني عليه في الدعوى الحالية، أن لا يحكم عليه بعقوبة أو تعويض، سواء وصفت الوقائع المرفوعة بها الدعوى عليه بوصف البلاغ الكاذب أم بوصف القذف. لما كان ذلك، وكان من المقرر وفقاً لنص المادة 222 من قانون الإجراءات الجنائية أنه يتوجب على المحكمة أن توقف الفصل في الدعوى الجنائية إذا كان الحكم فيها يتوقف على نتيجة الفصل في دعوى جنائية أخرى مما يقتضي - على ما جاء بالمذكرة الإيضاحية لقانون الإجراءات الجنائية - أن تكون الدعوى الأخرى، مرفوعة بالفعل أمام القضاء، فإن لم تكن قد رفعت فعلاً، فلا محل لوقف الدعوى، وكان البين من محاضر جلسات المحاكمة في درجتي التقاضي، أن الحاضر عن المدعي بالحقوق المدنية (المطعون ضده الثاني) لم ينازع في أن الدعوى الأخرى قد رفعت بالفعل أمام القضاء، فقد كان على محكمة الموضوع تمحيص طلب الطاعن وقف الفصل في الدعوى المطروحة حتى يفصل في الدعوى الأخرى، بلوغاً إلى غاية الأمر فيه، أو الرد عليه مما يدفعه، أما وقد قعدت عن ذلك، ولم تعرض له البتة، فإن حكمها يكون قد تعيب بالقصور في التسبيب والإخلال بحق الدفاع، بما يبطله ويوجب نقضه والإعادة فيما قضى به في الدعويين الجنائية والمدنية، مع إلزام المطعون ضده المصاريف المدنية.