أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
الجزء الأول - السنة 38 - صـ 537

جلسة 2 من إبريل سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ قيس الرأي عطية نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد نجيب صالح نائب رئيس المحكمة وعوض جادو نائب رئيس المحكمة، عبد الوهاب الخياط وعبد اللطيف أبو النيل.

(89)
الطعن رقم 6196 لسنة 56 القضائية

(1) تزوير "أوراق رسمية". جريمة "أركانها". حكم "تسيبيه. تسبيب غير معيب". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره".
جريمة التزوير في المحررات الرسمية. صدورها فعلاً عن الموظف المختص بتحرير الورقة. غير لازم. يكفي إعطاء الأوراق المصطنعة شكل الأوراق الرسمية ومظهرها ولو نسب صدورها كذباً إلى موظف عام للإيهام برسميتها.
التفات الحكم عن دفاع ظاهر البطلان. لا يعيبه.
(2) عقوبة "عقوبة الجرائم المرتبطة". ارتباط. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها". دفوع "الدفع بالارتباط". "الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها".
مناط تطبيق المادة 32 عقوبات. أن تكون الجرائم المرتبطة قد ارتكبت دون أن يحكم في واحدة منها.
الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها. مفاده. التنازل عن الدفع بالارتباط.
(3) إثبات "قوة الأمر المقضي". حكم "حجية الحكم" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
مناط حجية الأحكام: وحده الخصوم والموضوع والسبب. اتحاد السبب. مفاده؟
(4) اشتراك. تزوير "محررات رسمية". استعمال محررات مزورة. ارتباط. جمارك. عقوبة "عقوبة الجرائم المرتبطة". نقض "حالات الطعن. الخطأ في تطبيق القانون".
إثبات الحكم مقارفة الطاعن جرائم الاشتراك في تزوير محررات رسمية واستعمالها والتهريب من سداد الجمارك وجوب تطبيق المادة 32/ 2 عقوبات.
معاقبة الطاعن بالعقوبة المقررة لجريمة الاشتراك في التزوير باعتبارها العقوبة الأشد مع تغريمه عن جريمة التهريب. خطأ. يوجب تصحيحه اكتفاء بعقوبة الجريمة الأشد.
1 - من المقرر أنه لا يشترط في جريمة التزوير في المحررات الرسمية أن تصدر فعلاً عن الموظف المختص بتحرير الورقة، بل يكفي أن تعطي هذه الأوراق المصطنعة شكل الأوراق الرسمية ومظهرها ولو نسب صدورها كذباً إلى موظف عام للإيهام برسميتها ولو أنها لم تصدر في الحقيقة عنه، وإذ التزم الحكم هذا النظر فيما انتهى إليه من توافر جريمة التزوير في المحررات الرسمية المنسوبة إلى مصلحة الجمارك بطريق الاصطناع، واستخلص على نحو سائغ مساهمة الطاعن في ارتكاب هذه الجريمة فإنه لا يعيب الحكم التفاته عن دفاع الطاعن من أن مجرد كتابته لبيانات هذه المحررات أمر لا عقاب عليه ما دام البادي أنه دفاع ظاهر البطلان.
2 - لما كان الثابت من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن دفع بداءة بارتباط الجناية الحالية بجنايات مماثلة وطلب ضمها ومعاقبته عنها بعقوبة واحدة وإذ أمرت المحكمة بضمها تبين له - بعد الاطلاع عليها - أنه قضى فيها جميعاً بإدانة المتهم فدفع الطاعن بعدم جواز نظر الدعوى السابقة الفصل فيها جميعاً في الجناية رقم 1515 لسنة 1984 جنايات اللبان وعشرين جناية أخرى التي سبق للمحكمة ضمها والاطلاع عليها، لما كان ذلك، وكان الأصل في تعدد الجرائم الذي يستوجب تطبيق أحكام المادة 32 من قانون العقوبات أن تكون هذه الجرائم قد ارتكبت دون أن يحكم في واحدة منها. لما كان ذلك، وكان الطاعن بعد أن تبين له الحكم في قضايا سالفة الذكر دفع بعدم جواز نظر الدعوى السابقة الفصل فيها مما مفاده تنازله عن الدفع بالارتباط ومن ثم فإن هذا المنعى لا يكون مقبولاً.
3 - من المقرر أن مناط حجية الأحكام هي وحدة الخصوم والموضوع والسبب ويجب للقول باتحاد السبب أن تكون الواقعة التي يحاكم المتهم عنها هي بعينها الواقعة التي كانت محلاً للحكم السابق، ولا يكفي للقول بوحدة السبب في الدعويين أن تكون الواقعة الثابتة من نوع الواقعة الأولى أو أن تتحد معها في الوصف القانوني أو أن تكون الواقعتان كلتاهما حلقة من سلسلة وقائع متماثلة ارتكبها المتهم لغرض واحد إذا كان لكل واقعة من هاتين الواقعتين ذاتية خاصة وظروف خاصة تتحقق بها المغايرة التي يمتنع معها القول بوحدة السبب في كل منها، وكان الحكم المطعون فيه - على ما سلف بيانه - قد أثبت اختلاف ذاتية الواقعة محل الدعوى الراهنة وظروفها والنشاط الإجرامي الخاص بها عن الوقائع الأخرى اختلافاً تتحقق به هذه المغايرة، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون فيما قضى به من رفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى السابقة الفصل فيها.
4 - لما كان الحكم المطعون فيه بعد أن أثبت في حق الطاعن اقترافه جرائم الاشتراك في تزوير محررات رسمية واستعمالها والتهرب من سداد الرسوم الجمركية، ووجوب تطبيق حكم الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات لارتباط الجرائم الثلاث يبعضها ارتباطاً لا يقبل التجزئة قد جرى منطوقه خطأ بتغريم الطاعن مبلغ ألف جنيه عن جريمة التهريب الجمركي - وهي عقوبة أصلية - فإنه يتعين إنزالاً لحكم القانون على وجهه الصحيح - نقض الحكم نقضاً جزئياً فيما قضى به من عقوبة الغرامة وتصحيحه بإلغائها اكتفاء بعقوبة الحبس التي قضى بها والمقررة للجريمة الأشد وهي جريمة الاشتراك في تزوير محررات رسمية - بعد أن أعملت المحكمة في حق الطاعن المادة 17 من قانون العقوبات - فضلاً عن العقوبات التكميلية الأخرى المقضى بها وهي التعويض والمصادرة وذلك إعمالاً لنص الفقرة الثانية من المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن - وآخر - بأنه: أولاً: وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية ارتكب تزويراً في ثلاث محررات رسمية هي إخطار بإفراج نهائي عن سيارة ملاكي رقم 842379 وشهادة بيانات تلك السيارة وكتاب مصلحة الجمارك بالقاهرة إلى مدير إدارة مرور الإسكندرية والصادرين في 20 من مارس سنة 1982 والمنسوب صدورهم لجمرك القاهرة للسيارات باسم....... وذلك بطريق الاصطناع ووضع إمضاءات وأختام مزورة بأن اصطنع المحررات الثلاثة بالمصلحة سالفة الذكر على غرار الصحيح منها وملأ بياناتها ومهرها بإمضاءات نسبها للمختصين بمصلحة الجمارك بالقاهرة ووضع عليه بصمات خاتمين مقلدين لخاتمي شعار الجمهورية والخاتم الكاوتشوك الخاصين ثانياً: اشترك مع مجهول بطريقي الاتفاق والمساعدة فيما بينهما مع موظف عمومي حسن النية هو المختص بإجراءات ترخيص السيارة الخاصة المفرج عنها جمركياً بإدارة مرور الإسكندرية في ارتكاب تزوير في أوراق أميرية هي إقرار العدل الضريبي وشهادة بيانات صاحب السيارة 97330 ملاكي الإسكندرية باسم....... ونموذج الفحص الفني الخاص بها حال تحريرهم المختص بوظيفته بأن اتفق مع هذا المجهول على ذلك وساعده بأن أمده ببطاقة شخصية مزورة باسم........ فقام ذلك المجهول بتقديمها للموظف المختص سالف الذكر وتسمى أمامه باسم صاحب البطاقة المزورة على خلاف الحقيقة فأثبت المذكور ذلك في الأوراق سالفة الذكر وحصل على توقيعاته فتمت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة. ثالثاً: وهو ليس من أرباب الوظائف العمومية اشترك مع مجهول بطريقي الاتفاق والمساعدة في ارتكاب تزوير في محرر رسمي هو التوكيل الخاص رقم 76 لسنة 1982 الصادر من مأمورية العريش في 26/ 7/ 1982 باسم...... وذلك بطريق الاصطناع بأن اتفقا مع هذا المجهول على ذلك وساعداه بأن أمداه بالبيانات الخاصة بالمتهم الثاني اللازم إدراجها به فقام ذلك المجهول باصطناعه على غرار الصحيح منه وملأ بياناته على خلاف الحقيقة فتمت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق وتلك المساعدة. رابعاً: استعمل المحررات المزورة سالفة الذكر مع علمه بتزويرها بأن قدمها لإدارة مرور الإسكندرية للاحتجاج بما ورد بها. خامساً: هرب السيارة الواردة والمشار إليها في الأوراق بأن أخفاها عن رجال الجمارك بقصد التخلص من دفع الرسوم الجمركية المستحقة عليها وكان ذلك بقصد الاتجار. وأحالته إلى محكمة جنايات الإسكندرية لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. والمحكمة المذكورة قضت حضورياً عملاً بالمواد 1، 5، 13، 121، 122، 124، 124 مكرراً من القانون رقم 66 لسنة 1963 المعدل بالقانون رقم 75 لسنة 1980 بمعاقبة المتهم بالحبس مع الشغل لمدة سنتين وبتغريمه ألف جنيه عما أسند إليه وبإلزامه بتعويض 28471 جنيهاً وبمصادرة السيارة والمحررات وذلك بعد أن عدلت وصف التهمة الأولى إلى الاشتراك مع آخر مجهول في ارتكاب تزوير في محررات رسمية على النحو المبين بها.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى الطعن هو أن الحكم المطعون فيه إذ دان الطاعن بجرائم الاشتراك في تزوير محررات رسمية واستعمالها والتهريب من سداد الرسوم الجمركية قد شابه الإخلال بحق الدفاع والخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، ذلك بأن الطاعن كان مقدماً باعتباره فاعلاً أصلياً في جريمة تزوير المحررات المنسوب صدورها من مصلحة الجمارك ولكن الحكم دانه باعتباره شريكاً في ارتكاب هذا التزوير دون أن تلفت المحكمة نظر الدفاع إلى هذا التغيير، كما لم يعرض الحكم إلى ما قام عليه دفاعه من أن مجرد كتابته لبيانات هذه المحررات أمر لا ينطوي على جريمة طالما لم يثبت أنه الذي قام بتزوير توقيعات الموظفين المختصين والأختام الموضوعة عليها، وقد دفع الطاعن بعدم جواز نظر الدعوى السابقة الفصل فيها في القضية رقم 1515 لسنة 1984 جنايات اللبان، كما دفع بارتباط الجناية الحالية بجنايات مماثلة كانت منظورة أمام ذات المحكمة تأسيساً على أنها ارتكبت جميعاً لغرض واحد مما كان يستلزم ضمها ومعاقبته عنها بعقوبة واحدة إلا أن الحكم أطرح هذين الدفعين بأسباب غير سائغة. مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة بدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية لجرائم الاشتراك في تزوير محررات رسمية واستعمالها والتهرب من سداد الرسوم الجمركية التي دان الطاعن بها وأقام عليها في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه عليها. لما كان ذلك، وكان الثابت من محضر جلسة المحاكمة بتاريخ 9/ 10/ 1985 أن المحكمة عدلت وصف التهمة الأولى المسندة إلى الطاعن بأنه اشترك مع آخر مجهول في تزوير المحررات الرسمية المبينة بوصف التهمة وأنها نبهت الطاعن والمدافع عنه إلى هذا التعديل فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون غير صحيح. لما كان ذلك، وكان لا يشترط في جريمة التزوير في المحررات الرسمية أن تصدر فعلاً عن الموظف المختص بتحرير الورقة، بل يكفي أن تعطي هذه الأوراق المصطنعة شكل الأوراق الرسمية ومظهرها ولو نسب صدورها كذباً إلى موظف عام للإيهام برسميتها ولو أنها لم تصدر في الحقيقة عنه، وإذا التزم الحكم هذا النظر فيما انتهى إليه من توافر جريمة التزوير في المحررات الرسمية المنسوبة إلى مصلحة الجمارك بطريق الاصطناع، واستخلص على نحو سائغ مساهمة الطاعن في ارتكاب هذه الجريمة فإنه لا يعيب الحكم التفاته عن دفاع الطاعن من أن مجرد كتابته لبيانات هذه المحررات أمر لا عقاب عليه ما دام البادي أنه دفاع ظاهر البطلان. لما كان ذلك، وكان الثابت من مطالعة محاضر جلسات المحاكمة أن الطاعن دفع بداءة بارتباط الجناية الحالية بجنايات مماثلة وطلب ضمها ومعاقبته عنها بعقوبة واحدة وإذ أمرت المحكمة بضمها تبين لها - بعد الاطلاع عليها - أنه قضى فيها جميعاً بإدانة المتهم فدفع الطاعن بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها جميعاً في الجناية رقم 1515 لسنة 1984 جنايات اللبان وعشرين جناية أخرى التي سبق للمحكمة ضمها والاطلاع عليها، لما كان ذلك وكان الأصل في تعدد الجرائم الذي يستوجب تطبيق أحكام المادة 32 من قانون العقوبات أن تكون هذه الجرائم قد ارتكبت دون أن يحكم في واحدة منها. لما كان ذلك، وكان الطاعن بعد أن تبين له الحكم في قضايا سالفة الذكر دفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها مما مفاده تنازله عن الدفع بالارتباط ومن ثم فإن هذا المنعى لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد أطرح الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها في القضايا الأخرى - تأسيساً على اختلاف الواقعة موضوع الدعوى الراهنة عن الوقائع موضوع الدعاوى الأخرى وذلك في خصوص تاريخ ارتكابها والأوراق التي وقع في شأنها التزوير في كل من تلك الوقائع والتي تتعلق بسيارات مختلفة مهربة من الجمارك، وإذ كان من المقرر أن مناط حجية الأحكام هي وحدة الخصوم والموضوع والسبب ويجب للقول باتحاد السبب أن تكون الواقعة التي يحاكم المتهم عنها هي بعينها الواقعة التي كانت محلاً للحكم السابق، ولا يكفي للقول بوحدة السبب في الدعويين أن تكون الواقعة الثانية من نوع الواقعة الأولى أو أن تتحد معها في الوصف القانوني أو أن تكون الواقعتان كلتاهما حلقة من سلسلة وقائع متماثلة ارتكبها المتهم لغرض واحد إذا كان لكل واقعة من هاتين الواقعتين ذاتية خاصة وظروف خاصة تتحقق بها المغايرة التي يمتنع معها القول بوحدة السبب في كل منها، وكان الحكم المطعون فيه - على ما سلف بيانه - قد أثبت اختلاف ذاتية الواقعة محل الدعوى الراهنة وظروفها والنشاط الإجرامي الخاص بها عن الوقائع الأخرى اختلافاً تتحقق به هذه المغايرة، فإنه يكون قد أصاب صحيح القانون فيما قضى به من رفض الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابق الفصل فيها.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بعد أن أثبت في حق الطاعن اقترافه جرائم الاشتراك في تزوير محررات رسمية واستعمالها والتهرب من سداد الرسوم الجمركية، ووجوب تطبيق حكم الفقرة الثانية من المادة 32 من قانون العقوبات لارتباط الجرائم الثلاث ببعضها ارتباطاً لا يقبل التجزئة قد جرى منطوقه خطأ بتغريم الطاعن مبلغ ألف جنيه عن جريمة التهريب الجمركي - وهي عقوبة أصلية - فإنه يتعين إنزالاً لحكم القانون على وجهه الصحيح - نقض الحكم نقضاً جزئياً فيما قضى به من عقوبة الغرامة وتصحيحه بإلغائها اكتفاء بعقوبة الحبس التي قضى بها والمقررة للجريمة الأشد وهي جريمة الاشتراك في تزوير محررات رسمية - بعد أن أعملت المحكمة في حق الطاعن المادة 17 من قانون العقوبات - فضلاً عن العقوبات التكميلية الأخرى المقضى بها وهي التعويض والمصادرة وذلك إعمالاً لنص الفقرة الثانية من المادة 35 من القانون رقم 57 لسنة 1959 بشأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض.