أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
الجزء الأول - السنة 38 - صـ 545

جلسة 2 من إبريل سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ قيس الرأي عطية نائب رئيس المحكمة محمد نجيب صالح نائب رئيس المحكمة، عوض جادو نائب رئيس المحكمة، صلاح عطية، عبد اللطيف أبو النيل.

(90)
الطعن رقم 6360 لسنة 56 القضائية

(1) تموين "التوقف عن التجارة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
عدم جواز إيقاف أصحاب المصانع والتجار الذين ينتجون أو يتجرون في السلع التموينية التي يصدر بتعيينها قرار من وزير التموين العمل في مصانعهم أو امتناعهم عن ممارسة تجارتهم على الوجه المعتاد إلا بتخصيص من الوزير المذكور. أساس ذلك؟
حالات إصدار الترخيص؟
عدم إصدار وزير التموين قرار مسبباً برفض الترخيص خلال شهر من تقديم الطلب. أثره؟
إثبات التاجر قيام العذر الجدي أو المبرر المشرع لتوقفه عن الاتجار شرط لخروجه عن دائرة التأثيم. أساس ذلك؟
الدفع بقيام العذر موجب على المحكمة تحقيقه إغفال ذلك. يعيب الحكم.
(2) حكم "بيانات حكم الإدانة" "تسبيبه. تسبيب معيب". بيانات حكم الإدانة؟
مثال لتسبيب معيب لحكم بالإدانة في جريمة الاستيلاء على حصة تموينية بدون حق.
1 - لما كان ذلك، وكانت المادة 3 مكرراً من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 قد أضيفت إلى المرسوم المذكور بمقتضى القانون رقم 139 سنة 1951 وجرى نصها على أنه "يحظر على تاجر الجملة أو التجزئة أن يترك عمله أو يمتنع عن ممارسة تجارته على الوجه المعتاد في السلع التي يحددها وزير التموين بقرار منه، قاصداً بذلك عرقلة التموين". ثم استبدل هذا النص بالقانون رقم 250 سنة 1952 فأصبح على الوجه الآتي "يحظر على أصحاب المصانع والتجار الذين ينتجون أو يتجرون في السلع التموينية التي يصدر بتعينها قرار من وزير التموين أن يوقفوا العمل في مصانعهم أو يمتنعوا عن ممارسة تجارتهم على الوجه المعتاد إلا بترخيص من وزير التموين ويعطى هذا الترخيص لكل شخص يثبت أنه لا يستطيع الاستمرار في العمل أما لعجز شخصي أو لخسارة تعيبه من الاستمرار في عمله، أو لأي عذر آخر يقبله وزير التموين ويفصل وزير التموين في طلب الترخيص خلال شهر من تاريخ تقديمه، ويكون قراراه في حالة الرفض مسبباً، فإذا لم يصدر الوزير قراراً مسبباً بالرفض خلال المدة المذكورة اعتبر ذلك ترخيصاً". لما كان ذلك، وكان الواضح من المقارنة بين النصين ومن الأعمال التشريعية والمذكرات التفسيرية المصاحبة لهما أن الشارع قصد بمعاقبة الامتناع عن التجارة على الوجه المعتاد تقييد حرية من يمارسها من التجار أياً ما كانت الطائفة التي ينتمي إليها وذلك توفيراً للاحتياجات الأساسية للجمهور من المواد التموينية، ومحاربة الغلاء المصطنع، ومنع اتخاذ الامتناع وسيلة إلى تحقيق أرباح غير مشروعة مما يعرقل التموين، وأن الشارع لم يقصد إلى القضاء على حرية التجارة، وإنما قصد تحقيق غايات مشروعة من تقييدها، وأنه كان يستلزم في الامتناع كما يكون صاحبه متأهلاً للعقاب أن يكون مقصوداً به عرقلة التموين، ثم وجد أن هذا القصد يقع على عاتق سلطة الاتهام مؤونة إثباته، وهو أمر فضلاً عن صعوبته لم تنسد به ذرائع من أراد مخالفة القانون من التجار، فأوجب في نص القانون رقم 250 لسنة 1952 أن يثبت التاجر قيام العذر الجدي أو المبرر المشروع لتوقفه عن الاتجار على الوجه المعتاد، وضرب مثلاً لهذا العذر قيام العجز الشخصي بالتاجر، أو لخسارة تصيبه من الاستمرار في عمله، ومن البين أن ما أشار إليه الشارع بخاصة أو ما أوجبه بعامة من الأعذار الجدية لا يرقى إلى مرتبة القوة القاهرة، لأن القانون أوجب ممارسة التجارة على الوجه المعتاد، لا الوجه الشاذ الذي يضحى فيه التاجر بمصلحته لخسارة تصيبه من الاستمرار في عمله، ولأن الشارع عبر عن إفساحه في مجال العذر بما يتسع لغير القوة القاهرة من الأعذار أو المبررات أو المواقف المشروعة، ومتى وجد إحداها بصورة جدية، كان الامتناع عن الاتجار بعيداً عن دائرة التجريم، وإذ دفع به أمام محكمة الموضوع تعين عليها النظر فيه وتحقيقه حتى إذا صح لديها قيامه وجب عليها تبرئة الممتنع، لأن عمله يكون قد توافر له المبرر الذي يجعله خارج نطاق التأثيم والعقاب. لما كان ما تقدم، وكان الطاعن قد دفع التهمة الأولى المسندة إليه بعجزه الشخصي ولخسارته من الاستمرار في العمل، ولكن المحكمة المطعون في حكمها لم تفطن إلى دلالة دفاعه ولم تقسطه حقه ولم ترد عليه بما ينفيه، أو تتولى تحقيقه بلوغاً لغاية الأمر فيه، إذ هو دفاع جوهري تندفع به التهمة المسندة إليه، أما وأنها لم تفعل فإن الحكم يكون معيباً.
2 - من المقرر أن الحكم بالإدانة يجب أن يبين مضمون كل دليل من أدلة الثبوت ويذكر مؤداه حتى يتضح وجه استدلاله به لكي يتسنى لمحكمة النقض مراقبة تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على الواقعة التي صار إثباتها في الحكم. وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه حين أورد الأدلة على الطاعن استند في إدانته بالتهمة الثانية - الاستيلاء على حصة تموينية بدون وجه حق - على ما استدل عليه محرر المحضر. من أن الطاعن قام باستلام الحصة التموينية من السكر والسمسم دون بيان لمصدر هذا الدليل ودون أن يعرض لما أثاره الطاعن من دفاع بشأن مرضه السابق على تاريخ الواقعة، فإنه يكون قد جاء مشوباً بالقصور في البيان بما يبطله.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه في.. أولاً: توقف عن مزاولة النشاط التجاري بدون ترخيص - ثانياً: قام بالاستيلاء على حصة تموينية بدون وجه حق. وطلبت عقابه بالمواد 3 مكرراً، 56، 57، 58 من المرسوم بقانون رقم 95 سنة 1945 المعدل والمادة 4، 26 من القرار 112 سنة 1966 والمادة 3 مكرراً ب/ 3 من القانون 109 سنة 1980. ومحكمة أمن الدولة الجزئية بالقاهرة قضت حضورياً عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم سنتين مع الشغل وكفالة خمسمائة جنيه وتغريمه ألف جنيه عن التهمة الأولى ومائتي جنيه والمصادرة عن التهمة الثانية. استأنف المحكوم عليه. ومحكمة جنوب القاهرة الابتدائية - بهيئة استئنافية - قضت غيابياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف إلى حبس المتهم سنة مع الشغل وتأييده فيما عدا ذلك. عارض وقضى في معارضته في 10 من مارس سنة 1984 بقبولها شكلاً ورفضها موضوعاً وتأييد الحكم المعارض فيه.
فطعن كل من الأستاذين....... و......... المحامين نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي توقف مصنعه عن مباشرة العمل قبل الحصول على ترخيص من وزارة التموين وبالاستيلاء على حصة تموينية بدون وجه حق قد انطوى على إخلال بحق الدفاع وقصور في التسبيب، ذلك بأن دفاع الطاعن قد قام على أن توقف المنشأة عن ممارسة نشاطها كان لسبب قهري هو تراكم ديونها وعجزها عن سداد أجور عمالها نتيجة لمرضه قبل توقف المنشأة وأنه لم يتسلم الحصة التموينية موضوع التهمة الثانية، إلا أن الحكم المطعون فيه أغفل إيراد دفاعه أو الرد عليه. مما يعيب الحكم بما يستوجب نقضه.
وحيث إنه لما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن الطاعن قد دفع التهمة الأولى المسندة إليه - التوقف عن مباشرة النشاط بدون ترخيص - بعجزه الشخصي نتيجة مرضه وبأن ثمة خسارة مالية قد أصابت المنشأة. لما كان ذلك، وكانت المادة 3 مكرراً من المرسوم بقانون رقم 95 لسنة 1945 قد أضيفت إلى المرسوم المذكور بمقتضى القانون رقم 139 سنة 1951 وجرى نصها على أنه "يحظر على تاجر الجملة أو التجزئة أن يترك عمله أو يمتنع عن ممارسة تجارته على الوجه المعتاد في السلع التي يحددها وزير التموين بقرار منه، قاصداً بذلك عرقلة التموين". ثم استبدل هذا النص بالقانون رقم 250 سنة 1952 فأصبح على الوجه الآتي "على أصحاب المصانع والتجار الذين ينتجون أو يتجرون في السلع التموينية التي يصدر بتعينها قرار من وزير التموين أن يوقفوا العمل في مصانعهم أو يمتنعوا عن ممارسة تجارتهم على الوجه المعتاد إلا بترخيص من وزير التموين ويعطى هذا الترخيص لكل شخص يثبت أنه لا يستطيع الاستمرار في العمل أما لعجز شخصي أو لخسارة تصيبه من الاستمرار في عمله، أو لأي عذر آخر يقبله وزير التموين ويفصل وزير التموين في طلب الترخيص خلال شهر من تاريخ تقديمه، ويكون قراره في حالة الرفض مسبباً، فإذا لم يصدر الوزير قراراً مسبباً بالرفض خلال المدة المذكورة اعتبر ذلك ترخيصاً". لما كان ذلك، وكان الواضح من المقارنة بين النصين ومن الأعمال التشريعية والمذكرات التفسيرية المصاحبة لهما أن الشارع قصد بمعاقبة الامتناع عن التجارة على الوجه المعتاد تقييد حرية من يمارسها من التجار أياً ما كانت الطائفة التي ينتمي إليها وذلك توفيراً للاحتياجات الأساسية للجمهور من المواد التموينية، ومحاربة الغلاء المصطنع، ومنع اتخاذ الامتناع وسيلة إلى تحقيق أرباح غير مشروعة مما يعرقل التموين، وأن الشارع لم يقصد إلى القضاء على حرية التجارة، وإنما قصد تحقيق غايات مشروعة من تقييدها، وأنه كان يستلزم في الامتناع كما يكون صاحبه مستأهلاً للعقاب أن يكون مقصوداً به عرقلة التموين، ثم وجد أن هذا القصد يقع على عاتق سلطة الاتهام مؤونة إثباته، وهو أمر فضلاً عن صعوبته لم تنسد به ذرائع من أراد مخالفة القانون من التجار، فأوجب في نص القانون رقم 250 لسنة 1952 أن يثبت التاجر قيام العذر الجدي أو المبرر المشروع لتوقفه عن الاتجار على الوجه المعتاد، وضرب مثلاً لهذا العذر قيام العجز الشخصي بالتاجر، أو لخسارة تصيبه من الاستمرار في عمله ومن البين أن ما أشار إليه الشارع بخاصة أو ما أوجبه بعامة من الأعذار الجدية لا يرقى إلى مرتبة القوة القاهرة، لأن القانون أوجب ممارسة التجارة على الوجه المعتاد، لا الوجه الشاذ الذي يضحى فيه التاجر بمصلحته لخسارة تصيبه من الاستمرار في عمله، ولأن الشارع عبر عن إفساحه في مجال العذر بما يتسع لغير القوة القاهرة من الأعذار أو المبررات أو المواقف المشروعة، ومتى وجد إحداها بصورة جدية، كان الامتناع عن الاتجار بعيداً عن دائرة التجريم، وإذ دفع به أمام محكمة الموضوع تعين عليها النظر فيه وتحقيقه حتى إذا صح لديها قيامه وجب عليها تبرئة الممتنع، لأن عمله يكون قد توافر له المبرر الذي يجعله خارج نطاق التأثيم والعقاب. لما كان ما تقدم، وكان الطاعن قد دفع التهمة الأولى المسندة إليه بعجزه الشخصي ولخسارته من الاستمرار في العمل، ولكن المحكمة المطعون في حكمها لم تفطن إلى دلالة دفاعه ولم تقسطه حقه ولم ترد عليه بما ينفيه، أو تتولى تحقيقه بلوغاً لغاية الأمر فيه، إذ هو دفاع جوهري تندفع به التهمة المسندة إليه، أما وأنها لم تفعل فإن الحكم يكون معيباً - فيما قضى به بالنسبة للتهمة الأولى - بما يوجب نقضه.
وحيث إنه لما كان قضاء محكمة النقض مستقراً على أن الحكم بالإدانة يجب أن يبين مضمون كل دليل من أدلة الثبوت ويذكر مؤداه حتى يتضح وجه استدلاله به لكي يتسنى لمحكمة النقض مراقبة تطبيق القانون تطبيقاً صحيحاً على الواقعة التي صار إثباتها في الحكم. وكان الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه والمكمل بالحكم المطعون فيه حين أورد الأدلة على الطاعن استند في إدانته بالتهمة الثانية - الاستيلاء على حصة تموينية بدون وجه حق - على ما استدل عليه محرر المحضر". من أن الطاعن قام باستلام الحصة التموينية من السكر والسمسم دون بيان لمصدر هذا الدليل ودون أن يعرض لما أثاره الطاعن من دفاع بشأن مرضه السابق على تاريخ الواقعة، فإنه يكون قد جاء مشوباً بالقصور في البيان بما يبطله كذلك فيما قضى به بالنسبة للتهمة الثانية.
وحيث إنه لما تقدم يكون الحكم المطعون فيه معيباً بما يتعين معه نقضه والإحالة.