أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
الجزء الأول - السنة 38 - صـ 557

جلسة 5 من إبريل سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ جمال الدين منصور نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ صلاح خاطر وطلعت الاكيابى ومحمود عبد العال ومحمود عبد الباري.

(92)
الطعن رقم 6052 لسنة 56 القضائية

(1) حكم "حجيته". إثبات "قرائن". بلاغ كاذب. خلو رجل. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
التزام المحكمة التي تفصل في دعوى البلاغ الكاذب. بالحكم الجنائي من حيث ما فصل فيه من صحة البلاغ أو كذبه.
براءة المتهم من تهمة خلو رجل للشك في الدليل. لا يقيد المحكمة عند نظر تهمة البلاغ الكاذب.
(2) إثبات "بوجه عام". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". بلاغ كاذب. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عجز المبلغ عن إثبات الوقائع التي تضمنها البلاغ لا ينهض دليلاً على كذبها.
كذب البلاغ أو صحته. تقدير توافره. موضوعي.
الجدل الموضوعي. في سلطة محكمة الموضوع في تقدير الأدلة. إثارته أمام النقض. غير جائز.
(3) حكم "بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة استئنافية. استئناف.
عدم التزام المحكمة الاستئنافية. متى كونت عقيدتها ببراءة المتهم. بالرد على أسباب الحكم المستأنف.
(4) حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". بلاغ كاذب.
الخطأ المادي في رقم الدعوى المقضى فيها ببراءة الطاعن. لا ينال من حقيقة الواقعة كما استظهرها الحكم. ولا أثر له في النتيجة التي انتهى إليها.
1 - من المقرر أن عجز المبلغ عن إثبات الوقائع التي تضمنها البلاغ لا ينهض دليلاً على كذبها، وكان البحث في كذب البلاغ أو صحته أمراً موكولاً إلى محكمة الموضوع تفصل فيه حسبما يتكون به اقتناعها لما كان ذلك وكان ما أورده الحكم المطعون فيه مفاده أن المحكمة بعد أن محصت الدعوى وأحاطت بظروفها لم تطمئن إلى أدلة الثبوت ورأتها غير صالحة للاستدلال بها على ثبوت الاتهام ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً حول سلطة المحكمة في تقدير الأدلة القائمة في الدعوى ومبلغ اطمئنانها إليها مما لا يجوز مصادرتها فيه أو التعرض بشأنه أمام محكمة النقض.
2 - من المقرر أن الحكم الصادر في جريمة من الجرائم إنما يقيد المحكمة التي تفصل في دعوى البلاغ الكاذب عن الواقعة التي كانت محل الجريمة من حيث ما سبق أن فصل فيه من صحة البلاغ وكذبه وكان الثابت من الاطلاع على الحكم الصادر في الجنحة رقم 1493 لسنة 1979 مستعجل حلوان - على خلاف ما ذهب إليه الطاعن في وجه النعي - أنه أسس براءة الطاعن على الشك في الأدلة المطروحة في الدعوى دون عدم صحة الاتهام المسند إليه، بما لا يمنع المحكمة المطروحة أمامها تهمة البلاغ الكاذب من أن تبحث هذه التهمة طليقه من كل قيد، ومن ثم فلا محل للنعي على الحكم المطعون فيه أنه لم يتقيد بالحكم الذي قضى ببراءة الطاعن من تهمة خلو الرجل طالما أنه لم يقطع بكذب بلاغ المطعون ضده.
3 - من المقرر أنه ليس على المحكمة الاستئنافية متى كونت عقيدتها ببراءة المتهم بعد الحكم ابتدائياً بإدانته أن تلتزم بالرد على كل أسباب الحكم المستأنف أو كل دليل من أدلة الاتهام ما دام قضاؤها قد بني على أساس سليم.
4 - لما كان خطأ الحكم المطعون فيه في ذكر رقم الدعوى المقضى فيها ببراءة الطاعن لا يعدو أن يكون خطأ مادياً لا ينال من حقيقة الواقعة كما استظهرها الحكم ولا أثر له في النتيجة التي انتهى إليها.


الوقائع

أقام المدعي بالحقوق المدنية دعواه بالطريق المباشر أمام محكمة جنح الأزبكية ضد المطعون ضده بوصف أنه بدائرة قسم الأزبكية محافظة القاهرة أبلغ كذباً وبسوء القصد بأنه تقاضى منه مبلغ ستمائة جنيه على سبيل خلو الرجل. وطلب عقابه بالمادتين 303، 305 من قانون العقوبات وبإلزامه بأن يؤدي له مبلغ مائة وواحد جنيهاً على سبيل التعويض المؤقت. ومحكمة جنح الأزبكية قضت حضورياً عملاً بمادتي الاتهام بتغريم المتهم مائة جنيه وإلزامه بأن يؤدي للمدعي بالحقوق المدنية مبلغ مائة وواحد جنيه على سبيل التعويض. استأنف المحكوم عليه ومحكمة شمال القاهرة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المتهم.
فطعن المدعي بالحقوق المدنية في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مبنى طعن المدعي بالحقوق المدنية هو أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإلغاء الحكم المستأنف وبراءة المطعون ضده من جريمة البلاغ الكاذب ورفض الدعوى المدنية قد شابه خطأ في القانون وفساد في الاستدلال، ذلك أن الحكم المطعون فيه أهدر حجية الحكم الجنائي النهائي الصادر في الجنحة رقم 1493 لسنة 79 مستعجل حلوان فيما قضى به من براءة الطاعن بما نسب إليه المطعون ضده من تقاضيه خلو رجل لكذب الاتهام وعدم صحته، وفضلاً عن ذلك فقد أورد الحكم المطعون فيه في مدوناته أن الدعوى المقضى فيها ببراءة الطاعن هي الجنحة رقم 99 لسنة 1980 مستعجل حلوان في حين أنها الجنحة رقم 1493 لسنة 1979 مستعجل حلوان، والتفت عن ذلك الثابت بالأوراق والذي يثبت قصد الكيد والتشهير بالطاعن ولم يناقش أدلة الثبوت التي قام عليها الحكم المستأنف كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه لما كان من المقرر أن الحكم الصادر في جريمة من الجرائم إنما يقيد المحكمة التي تفصل في دعوى البلاغ الكاذب عن الواقعة التي كانت محل الجريمة من حيث ما سبق أن فصل فيه من صحة البلاغ وكذبه وكان الثابت من الاطلاع على الحكم الصادر في الجنحة رقم 1493 لسنة 1979 مستعجل حلوان - المفردات المضمومة - على خلاف مما ذهب إليه الطاعن في وجه النعي - أنه أسس براءة الطاعن على الشك في الأدلة المطروحة في الدعوى دون عدم صحة الاتهام المسند إليه، بما لا يمنع المحكمة المطروحة أمامها تهمة البلاغ الكاذب من أن تبحث هذه التهمة طليقه من كل قيد، ومن ثم فلا محل للنعي على الحكم المطعون فيه أنه لم يتقيد بالحكم الذي قضى ببراءة الطاعن من تهمة خلو الرجل طالما أنه لم يقطع بكذب بلاغ المطعون ضده. لما كان ذلك، وكان المقرر أن عجز المبلغ عن إثبات الوقائع التي تضمنها البلاغ لا ينهض دليلاً على كذبها، وكان البحث في كذب البلاغ أو صحته أمراً موكولاً إلى محكمة الموضوع تفصل فيه حسبما يتكون به اقتناعها لما كان ذلك، وكان المقرر أن عجز المبلغ عن إثبات الوقائع التي تضمنها البلاغ أن محصت الدعوى وأحاطت بظروفها لم تطمئن إلى أدلة الثبوت ورأتها غير صالحة للاستدلال بها على ثبوت الاتهام ومن ثم فإنه ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً حول سلطة المحكمة في تقدير الأدلة القائمة في الدعوى ومبلغ اطمئنانها إليها مما لا يجوز مصادرتها فيه أو التعرض بشأنه أمام محكمة النقض. لما كان ذلك وكان من المقرر أنه ليس على المحكمة الاستئنافية متى كونت عقيدتها ببراءة المتهم بعد الحكم ابتدائياً بإدانته أن تلتزم بالرد على كل أسباب الحكم المستأنف أو كل دليل من أدلة الاتهام، ما دام قضاؤها قد بني على أساس سليم. كما هو الحال في الدعوى المطروحة، ومن ثم فإن النعي على الحكم في هذا الخصوص يكون على غير أساس. لما كان ذلك، وكان خطأ الحكم المطعون فيه في ذكر رقم الدعوى المقضى فيها ببراءة الطاعن لا يعدو أن يكون خطأ مادياً لا ينال من حقيقة الواقعة كما استظهرها الحكم ولا أثر له في النتيجة التي انتهى إليها، لما كان ما تقدم فإن الطعن برمته يكون على غير أساس ويتعين رفضه موضوعاً مع مصادرة الكفالة.