أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
الجزء الأول - السنة 38 - صـ 573

جلسة 6 من إبريل سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ محمد عبد المنعم البنا نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ مسعد الساعي نائب رئيس المحكمة والصاوي يوسف وعادل عبد الحميد وأحمد عبد الرحمن.

(95)
الطعن رقم 4157 لسنة 56 القضائية

(1) إثبات "بوجه عام" "شهود". إجراءات "إجراءات المحاكمة". حكم "ما يعيبه في نطاق التدليل". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما يوفره".
حق المتهم في سماع الشاهد. تعلقه بما يبديه في جلسة المحاكمة ويسع الدفاع مناقشته. علة ذلك؟
القضاء المسبق على دليل لم يطرح. غير جائز. أثر ذلك؟
إن حق المتهم في سماع الشاهد إنما يتعلق بما يبديه في جلسة المحاكمة ويسع الدفاع مناقشته فلا تصح مصادرته في ذلك بدعوى أن المحكمة قد أسقطت في حكمها شهادة الشاهد، إذ ليس في وسع الدفاع أن يتنبأ سلفاً بما يدور في وجدان القاضي عندما يخلو إلى مداولته، كما أنه من المقرر أنه لا يصح في أصول الاستدلال القضاء المسبق على دليل لم يطرح، ومن ثم يجب سؤال الشاهد أولاً. وبعد ذلك يحق للمحكمة أن تبدى ما تراه في شهادته لاحتمال أن تجيء هذه الشهادة - التي تسمعها ويتاح للدفاع مناقشتها - بما يقنعها بحقيقة قد يتغير بها وجه الرأي في الدعوى.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن وآخر بأنهما: أولاً: قتلا.... عمداً مع سبق الإصرار والترصد بأن بيتا النية على قتله وأعدا لهذا الغرض سلاحين ناريين مششخنين "بندقيتين" وترصداه في الطريق الذي أيقنا مروره فيه وما أن ظفرا به حتى أطلق عليه الأول عياراً نارياً قاصداً منذ ذلك قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته ثانياً: أحرز بغير ترخيص سلاحاً نارياً مششخناً "بندقيتين". ثالثاً: أحرزا ذخيرة طلقات مما تستعمل في السلاح الناري سالف الذكر دون أن يكون مرخصاً لهما في حمل السلاح أو حيازته. وأحالتهما إلى محكمة الجنايات لمحاكمتهما طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. ومحكمة جنايات قنا قضت حضورياً للمتهم الأول وغيابياً للثاني عملاً بالمواد 230، 231، 232 من قانون العقوبات والمواد 1/ 1، 2، 26/ 2، 5 من القانون رقم 394 لسنة 54 المعدل بالقوانين 546 لسنة 1954، 75 لسنة 1985، 26 لسنة 1987 والبند ب من القسم الأول من الجدول رقم/ 3 الملحق بالقانون الأول مع تطبيق المادة 17 من قانون العقوبات بمعاقبة كل منهما بالأشغال الشاقة المؤبدة لما نسب إليهما ومصادرة السلاح المضبوط وألزمتهما بأن يؤديا للمدعين بالحق المدني مبلغ عشرة آلاف جنيه على سبيل التعويض.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض... إلخ.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه - إذ دانه بجريمة القتل العمد مع سبق الإصرار والترصد - قد انطوى على إخلال بحق الدفاع، ذلك أن المدافع عن الطاعن تمسك بطلب سماع أقوال العمدة وشيخ الخفراء اللذين انتقلا إلى مكان الحادث أثر وقوعه وتحدثا إلى المجني عليه قبل وفاته وسألاه عمن أطلق النار عليه، إلا أن المحكمة رفضت هذا الطلب، وردت عليه بما لا يسوغ اطراحه، مما يعيبه الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إنه يبين من الاطلاع على محضر جلسة المحاكمة أن الشاهدين الذين سمعا فيها ذكرا أن العمدة انتقل إلى مكان الحادث أثر وقوعه وسأل المجني عليه عمن أطلق النار عليه، وأضاف الشاهد الثاني أن شيخ الخفراء كان يرافق العمدة حينئذ، وقد تمسك الدفاع بطلب مناقشة العمدة وشيخ الخفراء في هذه الواقعة بيد أن المحكمة لم تستجيب لهذا الطلب، وردت عليه بما حاصله أنه لم يعد ثمة جدوى من سؤال هذين الشاهدين لمضي وقت طويل على وقوع الحادث، وأنها أقامت قضاءها على ما اطمأنت إليه من أقوال شاهدي الرؤية، ولم تستند إلى شيء مما ذكره المجني عليه من أقوال قبل وفاته مما لا محل له لسماع من تلقوا هذه الأقوال عنه. لما كان ذلك، وكانت الواقعة التي طلب الدفاع مناقشة العمدة وشيخ الخفراء فيها متصلة بموضوع الدعوى وظاهرة التعلق بها، وكان ما رد به الحكم على هذا الطلب لا يستقيم به اطراحه، ذلك أن حق المتهم في سماع الشاهد إنما يتعلق بما يبديه في جلسة المحاكمة ويسع الدفاع مناقشته فلا تصح مصادرته في ذلك بدعوى أن المحكمة قد أسقطت في حكمها شهادة الشاهد، إذ ليس في وسع الدفاع أن يتنبأ سلفاً بما يدور في وجدان القاضي عندما يخلو إلى مداولته، كما أنه من المقرر أنه لا يصح في أصول الاستدلال القضاء المسبق على دليل لم يطرح، ومن ثم يجب سؤال الشاهد أولاً. وبعد ذلك يحق للمحكمة أن تبدى ما تراه في شهادته لاحتمال أن تجيء هذه الشهادة - التي تسمعها ويتاح للدفاع مناقشتها - بما يقنعها بحقيقة قد يتغير بها وجه الرأي في الدعوى. لما كان ما تقدم، فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً بالفساد في الاستدلال والإخلال بحق الدفاع فيتعين نقضه والإعادة، بغير حاجة إلى بحث سائر أوجه الطعن....