أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
الجزء الأول - السنة 38 - صـ 587

جلسة 8 من إبريل سنة 1987

برياسة السيد المستشار/ محمد وجدي عبد الصمد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ إبراهيم حسين رضوان ومحمد ممدوح سالم ومحمد رفيق البسطويسي (نواب رئيس المحكمة) وفتحي خليفة.

(98)
الطعن رقم 6521 لسنة 56 القضائية

(1) مسئولية جنائية. خطأ. إصابة خطأ. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب". جريمة "أركانها".
مجرد اجتياز الطاعن بالسيارة قيادته سيارة أخرى أمامه لا يعد لذاته خطأ مستوجباً للمسئولية. أساس ذلك؟
(2) إصابة خطأ. خطأ. رابطة السببية. حكم "تسبيبه. تسبيب معيب".
مجرد الانحراف بالسيارة من جهة إلى أخرى لا يعتبر دليلاً على الخطأ. حد ذلك؟
1 - لما كان مجرد اجتياز الطاعن بالسيارة قيادته سيارة أخرى أمامه لا يصح في العقل عدة لذاته خطأ مستوجباً لمسئوليته ما دام لم يقع في ظروف وملابسات تحتم عدم الإقدام عليه، إذ منع الاجتياز على الإطلاق وعدة دائماً من حالات الخطأ من شأنه أن يشل حركة المرور في الطريق دون مقتضى وهذا مما تتأذى به مصالح الناس فضلاً عن مخالفته للمألوف نزولاً على حكم الضرورة.
2 - مجرد الانحراف من جهة إلى أخرى لا يعتبر دليلاً على الخطأ إلا إذا لم يكن هناك ما يبرره لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اتخذ من مجرد اجتياز الطاعن السيارة التي أمامه وانحرافه لأقصى اليمين ما يوفر الخطأ في جناية دون أن يستظهر ماهية الحيطة والحذر اللذين ساء له عن قعوده عن اتخاذها ومدى العناية التي فاته بذلها، ليتسنى - من بعد - بيان مدى قدرته على تلافي الحادث وأثر ذلك على قيام أو عدم قيام ركن الخطأ وتوافر رابطة السببية أو انتفائها، فإنه يكون معيباً بالفساد في الاستدلال والقصور.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن في قضية الجنحة.... مركز الصف: تسبب خطأ في إصابة المجني عليهم الوارد أسماؤهم بالمحضر والتحقيقات وكان ذلك ناشئاً عن إهماله وعدم احترازه بأن قاد سيارة بحالة تعرض حياة الأشخاص وأموالهم للخطر بالإضافة إلى أنه قاد سيارة دون أن يكون حاملاً لرخصة قيادة تدل على تمكنه من القيادة فانقلبت السيارة مما ترتب عليه إحداث إصابة المجني عليهم الواردة أسماءهم في التحقيقات. 2 - قاد سيارة بدون رخصة قيادة مخالفاً بذلك تعليمات وقواعد المرور. 3 - قاد سيارة دون أن يكون حاملاً للوحاتها المعدنية. 4 - قاد سيارة بحالة تعرض حياة الأشخاص وأموالهم للخطر مخالفاً بذلك تعليمات وقواعد المرور. وطلبت عقابه بالمادة 244/ 1 - 3 من قانون العقوبات، والمواد 1، 2، 3، 63، 64، 72، 74، 75 من القانون رقم 66 لسنة 1973 المعدل. ومحكمة جنح الصف قضت حضورياً في.... عملاً بمواد الاتهام بحبس المتهم ستة أشهر مع الشغل وكفالة عشرة جنيهات لإيقاف التنفيذ عن التهمة الأولى وتغريمه خمسين جنيهاً عن التهمتين الثانية والثالثة وعشرة جنيهات عن التهمة الرابعة. استأنف المحكوم عليه ومحكمة الجيزة الابتدائية (بهيئة استئنافية) قضت حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف.
فطعن الأستاذ/ المحامي نيابة عن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض.


المحكمة

حيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجرائم الإصابة الخطأ، وقيادة سيارة بدون لوحات معدنية، وبدون رخصة قيادة، وبحالة تعرض حياة الأشخاص والأموال للخطر، قد شابه الفساد في الاستدلال، ذلك أنه أرجع الحادث إلى خطأ الطاعن رغم ما شهد به المصابون والشاهد من عدم مسئوليته عن وقوعه، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
ومن حيث إن الحكم الابتدائي الذي أخذ بأسبابه الحكم المطعون فيه أورد وصف التهم المسندة إلى الطاعن ومواد الاتهام التي طلبت النيابة العامة تطبيقها ثم استطرد من ذلك مباشرة إلى قوله "وحيث إن الاتهام ثابت قبل المتهم ثبوتاً كافياً مما جاء بأقوال كل من.. بمحضر ضبط الواقعة من أنهم كانوا يستقلون السيارة قيادة المتهم لتأدية واجب عزاء ثم فوجئوا بانقلاب السيارة وحدوث إصابتهم، وأن الخطأ هو خطأ المتهم الذي نجم عنه الحادث وذلك لمحاولته تخطي سيارة كانت أمامه وانحرافه لأقصى اليمين دون أن يتخذ الحيطة والحذر اللازمين مما تسبب عنه وقوع الحادث وبما تأيد مما جاء بالكشوف الطبية المرفقة بملف الدعوى ولم يدفع المتهم الاتهام بدفاع مقبول ومن ثم يتعين إدانته طبقاً لمواد الاتهام وعملاً بالمادة 304/ 2 أ. ج" لما كان ذلك وكان مجرد اجتياز الطاعن بالسيارة قيادته سيارة أخرى أمامه لا يصح في العقل عده لذاته خطأ مستوجباً لمسئوليته ما دام لم يقع في ظروف وملابسات تحتم عدم الإقدام عليه، إذ منع الاجتياز على الإطلاق وعده دائماً من حالات الخطأ من شأنه أن يشل حركة المرور في الطريق دون مقتضى وهذا مما تتأذى به مصالح الناس فضلاً عن مخالفته للمألوف نزولاً على حكم الضرورة، كما أن مجرد الانحراف من جهة إلى أخرى لا يعتبر دليلاً على الخطأ إلا إذا لم يكن هناك ما يبرره لما كان ذلك، وكان الحكم المطعون فيه قد اتخذ من مجرد اجتياز الطاعن السيارة التي أمامه وانحرافه لأقصى اليمين ما يوفر الخطأ في جانبه دون أن يستظهر ماهية الحيطة والحذر اللذين ساء له عن قعوده عن اتخاذها ومدى العناية التي فاته بذلها، ليتسنى - من بعد - بيان مدى قدرته على تلافي الحادث وأثر ذلك على قيام ركن الخطأ وتوافر رابطة السببية أو انتفائها، فإنه يكون معيباً بالفساد في الاستدلال والقصور الذي يبطله ويوجب نقضه والإعادة بغير حاجة إلى بحث باقي أوجه الطعن.