أحكام النقض - المكتب الفني - جنائي
السنة 52 - صـ 243

جلسة 8 من فبراير سنة 2001

برئاسة السيد المستشار/ أحمد علي عبد الرحمن نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ جابر عبد التواب، أحمد عبد القوي أيوب، رضا القاضي والسعيد برغوث نواب رئيس المحكمة.

(39)
الطعن رقم 7981 لسنة 70 القضائية

(1) نيابة عامة. إعدام. نقض "ميعاده".
قبول عرض النيابة العامة لقضايا الإعدام. ولو تجاوزت الميعاد المقرر لذلك.
(2) حكم "بيانات حكم الإدانة" "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
حكم الإدانة. بياناته؟ المادة 310 إجراءات.
بيان الحكم واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية للجريمة التي دان الطاعن بها وإيراده الأدلة السائغة على نحو يدل على أن المحكمة محصتها التمحيص الكافي. لا قصور.
عدم رسم القانون شكلاً خاصاً لصياغة الحكم. كفاية أن يكون ما أورده الحكم مؤدياً إلى تفهم الواقعة بأركانها.
(3) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". قتل عمد.
تحديد وقت وقوع الحادث. لا تأثير له في ثبوت الواقعة. ما دامت المحكمة قد اطمأنت بالأدلة التي ساقتها إلى ارتكاب الطاعن لها.
(4) إثبات "بوجه عام". حكم "بياناته" "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
مكان ارتكاب الواقعة. لا يعد من البيانات الجوهرية في الحكم الجنائي. ما لم يرتب الشارع عليه أثراً قانونياً يجعله ركناً أو ظرفاً مشدداً.
إشارة الحكم إلى مكان الجريمة. كفايته. ما دام لم يدفع بعدم اختصاص المحكمة.
(5) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
عدم التزام المحكمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها. إغفالها بعض الوقائع. مفاده: إطراحها.
(6) سرقة. جريمة "أركانها". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
فعل الاختلاس. يستفاد من وقوع السرقة. التحدث عنه صراحة. غير لازم.
إيراد الحكم قيام المتهم بانتزاع المصوغات من المجني عليها بعد خنقها. كفايته بياناً لفعل الاستيلاء على المسروقات.
(7) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". سرقة. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم بيان وصف المسروقات. لا يؤثر في سلامة استدلال الحكم. ما دام أن المتهم لم يدع ملكيته لها.
(8) سرقة. جريمة "أركانها". قصد جنائي. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
التحدث عن نية السرقة. غير لازم. ما دامت لم تكن محل شك أو جدال من المتهم.
(9) إثبات "معاينة". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
عدم إيراد المحكمة مؤدى المعاينة. لا يعيب الحكم. ما دام لم تستند إليها في الإدانة.
(10) قتل عمد. رابطة السببية. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". مسئولية جنائية. نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
رابطة السببية في المواد الجنائية. مناط تحققها؟
تقدير توافرها. موضوعي.
مثال.
(11) إثبات "بوجه عام" "شهود". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إيراد النص الكامل لأقوال الشاهد. غير لازم. كفاية إيراد مضمونه.
حق المحكمة في تجزئة الدليل والأخذ منه بما ترتاح إليه والالتفات عما لا ترى الأخذ به. شرط وأثر ذلك؟
(12) إثبات "بوجه عام". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الخطأ في مصدر الدليل. لا يضيع أثره. ما دام له أصل صحيح في الأوراق.
(13) إثبات "شهود". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إحالة الحكم في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر. لا يعيبه. ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها.
عدم التزام محكمة الموضوع بسرد روايات الشهود المتعددة. لها الأخذ بما تطمئن إليه.
ثبوت أن ما حصله الحكم له أصل ثابت بالأوراق. لا قصور.
(14) قتل عمد. جريمة "أركانها" قصد جنائي. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير توافر القصد الجنائي". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
قصد القتل أمر خفي إدراكه بالمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه. استخلاص توافره. موضوعي.
مثال لتسبيب سائغ على توافر نية القتل.
(15) سبق إصرار. ظروف مشددة. قتل عمد. محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير سبق الإصرار". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
سبق الإصرار. ماهيته؟
تقدير توافر سبق الإصرار. موضوعي. ما دام سائغاً.
مثال للتدليل على توافر سبق الإصرار في جريمة قتل عمد.
(16) إثبات "خبرة". حكم "بيانات التسبيب" "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إيراد الحكم من تقرير الصفة التشريحية ما يكفي تبريراً لاقتناعه بالإدانة ويحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة 310 إجراءات. لا قصور.
عدم إيراد الحكم تقرير الخبير بكامل أجزائه. لا يعيبه.
(17) إثبات "خبرة". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
نعي الطاعن بغموض الحكم فيما استخلصه من تقرير الصفة التشريحية بشأن وقت الوفاة. غير مجد. ما دامت المحكمة اطمأنت بالأدلة التي ساقتها إلى قتله المجني عليها.
(18) إثبات "شهود" "خبرة". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
النعي على المحكمة إغفالها الرد على دفاع موضوعي لم يثر أمامها. غير مقبول.
إثارة ذلك الدفاع لأول مرة أمام محكمة النقض. غير جائز.
(19) إثبات "شهود" "خبرة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
تطابق أقوال الشهود ومضمون الدليل الفني. غير لازم. كفاية أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق.
(20) إثبات "اعتراف". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
حق محكمة الموضوع في تجزئة الدليل - ولو كان اعترافاً - والأخذ بما تطمئن إليه منه وإطراح ما عداه.
(21) إثبات. اعتراف. قتل عمد. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
إقامة الحكم قضاءه على ما له مأخذه الصحيح من الأوراق. انحسار دعوى مخالفة الثابت بالأوراق عنه.
(22) إثبات "بوجه عام". حكم "ما لا يعيبه في نطاق التدليل".
الخطأ في الإسناد الذي لا يؤثر في منطق الحكم. لا يعيبه.
مثال.
(23) إثبات "بوجه عام" "شهود". محكمة الموضوع "سلطتها في استخلاص الصورة الصحيحة لواقعة الدعوى".
كفاية أن يكون استخلاص صورة الواقعة التي ترتسم في وجدان المحكمة بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية. ما دام متفقاً مع العقل والمنطق. ورود ذكره على ألسنة الشهود. غير لازم.
(24) إثبات "اعتراف". إكراه. دفوع "الدفع ببطلان الاعتراف". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
قول الطاعن بأن الاعتراف لا بد أن يكون اختيارياً. ليس دفعاً ببطلان الاعتراف.
النعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثر أمامها. غير جائز.
التحدي بالدفاع الموضوعي لأول مرة أمام النقض. غير مقبول.
(25) تفتيش "إذن التفتيش. إصداره". دفوع "الدفع ببطلان القبض والتفتيش". نقض "أسباب الطعن. ما لا يقبل منها".
الدفع ببطلان القبض والتفتيش من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع. شرط إثارته لأول مرة أمام النقض وعلته؟
(26) إثبات "بوجه عام". دفوع "الدفع بنفي التهمة". محكمة الموضوع "سلطتها في تقدير الدليل".
الدفع بنفي التهمة. موضوعي. لا يستأهل رداً. ما دام الرد مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
(27) إثبات "بوجه عام". دفاع "الإخلال بحق الدفاع. ما لا يوفره". حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
إيراد الحكم الأدلة المنتجة التي صحت لديه على وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم. كفايته كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه.
عدم التزام المحكمة بتتبع المتهم في مناحي دفاعه الموضوعي. التفاتها عنه. مفاده؟
الجدل الموضوعي في تقدير الدليل وفي سلطة المحكمة في وزن عناصر الدعوى. غير جائز أمام النقض.
(28) إعدام. قتل عمد. حكم "تسبيبه. تسبيب غير معيب".
الحكم الصادر بالإعدام. ما يلزم من تسبيب لإقراره؟
1 - لما كانت النيابة العامة قد عرضت القضية على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 مشفوعة بمذكرة برأيها في الحكم دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعي فيها عرض القضية في ميعاد الستين يوماً المبين بالمادة 34 من ذلك القانون، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة، بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين - من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته، فيتعين لذلك قبول عرض النيابة العامة.
2 - لما كانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها والظروف التي وقعت فيها، والأدلة التي استخلصت المحكمة ثبوت وقوعها منه، وكان يبين مما سطره الحكم أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمتي القتل العمد مع سبق الإصرار، والسرقة من مكان مسكون اللتين دان الطاعن بهما، وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة، والظروف التي وقعت فيها، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون.
3 - من المقرر أن تحديد وقت وقوع الحادث لا تأثير له في ثبوت الواقعة، ما دامت المحكمة قد اطمأنت بالأدلة التي ساقتها إلى أن الطاعن هو الذي قتل المجني عليها وسرق مصوغاتها التي كانت ترتديها من داخل مسكنها.
4 - لما كان لا يعتبر محل الواقعة في الحكم الجنائي من البيانات الجوهرية الواجب ذكرها إلا إذا رتب الشارع على حدوث الواقعة في محل معين أثراً قانونياً بأن جعل منه ركناً في الجريمة أو ظرفاً مشدداً أما في غير ذلك فإنه يكفي في بيان مكان الجريمة مجرد الإشارة إليه ما دام أن المتهم لم يدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظرها ومن ثم فإن تعييب الطاعن للحكم في شأن عدم بيان وقت ومكان الحادث لا يكون له محل.
5 - لما كانت المحكمة قد ساقت من أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها ما يكفي لحمل قضائها، وكان من المقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها، وفي إغفالها لبعض الوقائع ما يفيد ضمناً إطراحها لها واطمئنانها إلى ما أثبتته من الوقائع التي اعتمدت عليها في حكمها، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من إغفاله بيان الإجراءات التي اتخذت قبل الطاعن يكون لا محل له لأن المحكمة وقد طرحتها وأغفلتها تكون قد رأت فيها معنى لم تساير فيه دفاع الطاعن.
6 - من المقرر أنه يكفي أن تستخلص المحكمة وقوع السرقة لكي يستفاد فعل الاختلاس دون حاجة للتحدث عنه صراحة، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في تحصيله لواقعة الدعوى وأدلتها أن الطاعن بعد أن قام بخنق المجني عليها انتزع مصوغاتها التي كانت ترتديها ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بشأن قصور الحكم في بيان كيفية الاستيلاء على المسروقات يكون لا محل له.
7 - من المقرر أنه لا يؤثر في سلامة استدلال الحكم عدم بيان وصف المسروقات وقيمتها أو الإحالة في شأن ذلك إلى الأوراق - على فرض حصوله - ما دام أن الطاعن لا يدعي حدوث خلاف بشأنها، وكان الثابت بالحكم أن الطاعن لم يدع ملكيته للمضبوطات، وكان يكفي للعقاب في جريمة السرقة ثبوت أن المسروقات ليست مملوكة للمتهم، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بشأن قصور الحكم في بيان وصف المسروقات وقيمتها يكون لا محل له.
8 - من المقرر أن التحدث عن نية السرقة شرط لازم لصحة الحكم بالإدانة في جريمة السرقة متى كانت هذه النية محل شك في الواقعة المطروحة، أو كان المتهم يجادل في قيامها لديه، وإذ كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم أنه خلص في بيان كاف إلى توافر أركان جريمة السرقة، وتوافر الدليل عليها في حق الطاعن من اعترافه بالتحقيقات وإرشاده عن المسروقات ومن تحريات الشرطة فلا يعيبه عدم تحدثه صراحة عن نية السرقة والتي لم تكن محل شك في الواقعة ولم يجادل الطاعن بشأنها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بشأن قصور الحكم في بيان نية السرقة لا يكون له محل.
9 - من المقرر أن المحكمة لا تكون مطالبة ببيان مؤدى المعاينة إلا إذا كانت قد استندت إليها في حكمها بالإدانة، أما إذا كانت لم تعتمد على شيء من تلك المعاينة فإنها لا تكون مكلفة بأن تذكر عنها شيئاً، ومن ثم فإن عدم إيراد المحكمة لمؤدى المعاينة لا يعيب حكمها طالما أفصحت في مدونات حكمها عن كفاية الأدلة التي أوردتها لحمل قضائها بالإدانة ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بشأن قصور الحكم لعدم إيراد مؤدى المعاينة لا يكون له محل.
10 - من المقرر أن علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الذي اقترفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب عليه أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله، إذا ما أتاه عمداً، وهذه العلاقة مسألة موضوعية ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها، ومتى فصل فيها إثباتاً أو نفياً فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه، وكان الحكم المطعون فيه قد نقل عن تقرير الصفة التشريحية (إن إصابة المجني عليها بالعنق هي إصابة رضية احتكاكية حيوية حديثة، حدثت من الضغط على العنق بالحبل الذي وجد ملتفاً حوله، وهي جائزة الحدوث من الحبل الموجود بالجثة في تاريخ يعاصر الواقعة، وتعزى الوفاة إلى اسفكسيا الخنق بالضغط على العنق وما أحدثته من هبوط بالدورة التنفسية والدموية) فإنه يكون قد بين إصابة المجني عليها، واستظهر قيام علاقة السببية بين تلك الإصابة التي أوردها تقرير الصفة التشريحية وبين وفاتها، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن بشأن قصور الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل.
11 - من المقرر أنه لا يلزم قانوناً إيراد النص الكامل لأقوال الشاهد الذي اعتمد عليها الحكم بل يكفي أن يورد مضمونها، ولا يقبل النعي على المحكمة إسقاطها بعض أقوال الشاهد لأن فيما أوردته منها وعولت عليه ما يعني أنها أطرحت ما لم تشر إليه منها لما للمحكمة من حرية في تجزئة الدليل والأخذ منه بما ترتاح إليه والالتفات عما لا ترى الأخذ به ما دام أنها قد أحاطت بأقوال الشاهد ومارست سلطتها في تجزئتها بغير بتر لفحواها أو مسخ لها بما يحيلها عن معناها أو يحرفها عن مواضعها - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من إغفاله تحصيل بعض أقوال الشاهدين........ زوج المجني عليها والمقدم....... على النحو الذي يردده بأسباب طعنه لا يكون له محل.
12 - لما كان البين من المفردات أن ما أورده الحكم من أقوال الشاهد...... رئيس مباحث قسم....... وإن لم يرد بمحضر التحريات إلا أنه ورد بأقواله بالتحقيقات ولم يحد الحكم فيما عول عليه منها عن نص ما أنبأت أو فحواه، وكان من المقرر أن الخطأ في مصدر الدليل لا يضيع أثره ما دام له أصل صحيح في الأوراق ومن ثم فقد انحسر عن الحكم ما ينعاه الطاعن من خطأ في التحصيل وفساد في التدليل.
13 - من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها، وأن محكمة الموضوع غير ملزمة بسرد روايات كل الشهود - إن تعددت - وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به، بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه، ولا يؤثر في هذا النظر اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم، وإذ كان الطاعن لا يجادل في أن ما نقله من أقوال شاهد الإثبات الثاني الرائد....... له أصله الثابت بالأوراق ولم يخرج الحكم عن مدلول شهادته، وكان البين من المفردات أن أقوال الشاهدين الثاني والثالث تتفق في جملتها مع ما استند إليه الحكم منها فلا ضير على الحكم من بعد إحالته في بيان أقوال الشاهد الثالث إلى ما أورده من أقوال الشاهد الثاني مما ينحسر عن الحكم دعوى القصور في التسبيب.
14 - لما كان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذه النية موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل وأثبت توافرها في حق الطاعن بقوله (إن المتهم بعد أن باءت محاولاته باسترداد المبلغ الذي اقترضته منه المجني عليها بالفشل، أضمر في نفسه وصمم وعقد العزم على التخلص منها بقتلها، فأعد لذلك حبلاً لفه حول عنقها أي في موضع قاتل من جسد المجني عليها وشد وثاقه فسقطت أرضاً وإذ تبين أنها لا تزال لم تفارق الحياة أجهز عليها برباطها الحريمي الإيشارب فأحدث بها الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها وهو ما يكشف عن توفر نية القتل لدى المتهم ويقطع بأنه لم يقصد من اعتدائه إلا اغتيال المجني عليها وإزهاق روحها) وإذ كان هذا الذي أورده الحكم كافياً وسائغاً في التدليل على ثبوت نية القتل لدى الطاعن ومن ثم فإن ما ينعاه على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل.
15 - لما كان الحكم قد دلل على ثبوت ظرف سبق الإصرار في حق الطاعن في قوله (إن المتهم عيل صبره في استرداد المبلغ الذي اقترضته منه المجني عليها فصمم على قتلها، وأعد لذلك حبلاً لخنقها، وبعد مرور وقت هدأت فيه نفسه بعيداً عن الانفعال وجماح الغضب توجه إليها في مسكنها لمطالبتها برد ما اقترضته، فأبت فازداد تصميماً على تنفيذ ما عقد العزم عليه حتى لاحت له الفرصة فباغتها من خلفها وشد وثاقها من قبتها بالحبل ثم برباطها الحريمي (الإيشارب) بما تستدل منه المحكمة توفر ظرف سبق الإصرار في حق المتهم) وكان من المقرر في تفسير المادة 231 من قانون العقوبات، أن سبق الإصرار - وهو ظرف مشدد عام في جرائم القتل والجرح والضرب - يتحقق بإعداد وسيلة الجريمة ورسم خطة تنفيذها بعيداً عن ثورة الانفعال مما يقتضي الهدوء والروية قبل ارتكابها لا أن تكون وليدة الدفعة الأولى من نفس جاشت باضطرابات وجمح بها الغضب حتى تخرج صاحبها عن طوره، وكلما طال الزمن بين الباعث عليها وبين وقوعها صح افتراض قيامه، وليست العبرة بمضي الزمن لذاته بين التصميم على الجريمة ووقوعها - طال الزمن أو قصر - بل العبرة هي بما يقع في ذلك الزمن من التفكير والتدبير، فما دام الجاني انتهى بتفكيره إلى خطة معينة رسمها لنفسه قبل تنفيذ الجريمة كان سبق الإصرار متوافراً حتى ولو كانت خطة التنفيذ معلقة على شرط أو ظرف، وقد جرى قضاء هذه المحكمة - محكمة النقض - على أن تقدير الظروف التي يستفاد منها توافر سبق الإصرار هو من الموضوع الذي يستقل به قاضيه بغير معقب ما دام لاستخلاصه وجه مقبول، وإذ كان ما استدل به الحكم فيما سلف على ثبوت سبق الإصرار إنما يسوغ به ما استنبطه من توافره ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن على الحكم في هذا الشأن يكون لا محل له.
16 - لما كان الحكم قد أورد مؤدى تقرير الصفة التشريحية وأبرز ما جاء به من أن (إصابة المجني عليها بالعنق هي إصابة رضية احتكاكية حيوية حديثة، حدثت من الضغط على العنق بالحبل الذي وجد ملتفاً حوله، وهي جائزة الحدوث من الحبل الموجود بالجثة في تاريخ يعاصر الواقعة وتعزى الوفاة إلى اسفكسيا الخنق بالضغط على العنق، وما أحدثته من هبوط بالدورة التنفسية والدموية) وكان ذلك يكفي لتبرير اقتناعه بالإدانة ويحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من دعوى بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة لما هو مقرر من أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده تقرير الخبير بكامل أجزائه.
17 - لما كان ما يثيره الطاعن بشأن غموض الحكم فيما استخلصه من تقرير الصفة التشريحية بشأن وقت الوفاة غير منتج في نفي التهمة عن الطاعن طالما اطمأنت المحكمة بالأدلة التي ساقتها من قيام الطاعن بقتل المجني عليها بخنقها، ومن ثم ما يثيره الطاعن على الحكم في هذا الشأن لا يكون مقبولاً.
18 - لما كان يبين من محضر جلسة المرافعة التي اختتمت بصدور الحكم المطعون فيه أن المدافع عن الطاعن لم يثر شيئاً مما أورده بوجه الطعن بشأن قالة التناقض بين الدليلين القولي والفني، ومن ثم لا يسوغ له أن يثير هذا الأمر لأول مرة أمام هذه المحكمة - محكمة النقض - لأنه دفاع موضوعي ولا يقبل منه النعي على المحكمة إغفال الرد عليه ما دام لم يتمسك به أمامها.
19 - لما كان من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني، بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق وكان الدليل المستمد من اعتراف الطاعن وأقوال شاهدي الإثبات الثاني والثالث الذي أخذت به محكمة الموضوع واطمأنت إليه غير متعارض والدليل الفني المستمد من تقرير الصفة التشريحية بل يتطابق معه من أن الوفاة حدثت بالخنق بالضغط على الرقبة، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل.
20 - لما كان من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة تجزئة الدليل ولو كان اعترافاً فتأخذ منه ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، وكان الطاعن لا ينازع في أن ما أخذ به الحكم من الاعتراف له أصله الثابت بالأوراق فإن ما يثيره بشأن إغفال الحكم بعض الوقائع التي وردت في اعترافه لا يكون له محل.
21 - لما كان البين من المفردات أن ما أورده الحكم من اعتراف الطاعن من أن تفكيره في قتل المجني عليها راوده قبل الواقعة، وأعد الحبل من قبل لذلك، له أصله الثابت باعترافه بالتحقيقات، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بدعوى مخالفة الثابت بالأوراق لا يكون له محل.
22 - من المقرر أن الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة، فإنه لا يجدي الطاعن ما ينعاه على الحكم أنه أورد في تحصيله لواقعة الدعوى وفي معرض تدليله على نية القتل وسبق الإصرار أن الطاعن طالب المجني عليها مراراً برد المال المقترض منه، وهو ما لم يرد باعترافه بالتحقيقات أو بأقوال شهود الإثبات، إذ أن هذا الذي أورده الحكم - بفرض صحة ما يدعيه الطاعن - لم يكن بذي أثر في منطقه أو النتيجة التي انتهى إليها.
23 - من المقرر أنه لا يلزم لاستخلاص صورة الواقعة التي ترتسم في وجدان المحكمة أن يكون هذا الاستخلاص قد ورد ذكره على ألسنة الشهود أو اعتراف المتهم، وإنما يكفي أن يكون مستنبطاً بطريق الاستنتاج والاستقرار وكافة الممكنات العقلية ما دام ذلك سليماً متفقاً مع حكم العقل والمنطق، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل.
24 - لما كان يبين من محضر جلسة المحاكمة التي صدر فيها الحكم أن أحداً من الطاعن أو المدافع عنه لم يثر شيئاً بصدد بطلان اعتراف الطاعن بالتحقيقات لأنه جاء نتيجة إكراه مادي وأدبي ووليد إجراءات باطلة، وإنما قصارى ما أثبت بالمحضر وأطرحه الحكم المطعون فيه مجرد قول المدافع عن الطاعن (ولا بد أن يكون الاعتراف اختيارياً حتى ولو كان صادقاً) وهو قول لا يمكن حمله على الدفع ببطلان ذلك الاعتراف، ومن ثم فإنه لا يكون للطاعن النعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثر أمامها، ولا يقبل منه التحدي بذلك الدفاع الموضوعي لأول مرة أمام محكمة النقض.
25 - من المقرر أن الدفع ببطلان القبض والتفتيش إنما هو من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع التي لا تجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض ما لم يكن قد دفع به أمام محكمة الموضوع أو كانت مدونات الحكم تحمل مقوماته نظراً لأنه يقتضي تحقيقاً تنأى عنه وظيفة هذه المحكمة - محكمة النقض - ولما كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يدفع ببطلان القبض والتفتيش، وكانت مدونات الحكم قد خلت مما يرشح لقيام ذلك البطلان فإنه لا يقبل منه لأول مرة أمام محكمة النقض.
26 - من المقرر أن النعي بالتفات الحكم عن دفاع الطاعن بعدم ارتكاب الجريمة مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداً من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم.
27 - لما كان حسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض.
28 - لما كان يبين إعمالاً لنص الفقرة الثانية من المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أن الحكم المطروح قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان المحكوم عليه بالإعدام بهما، وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها، كما استظهر الحكم نية القتل وظرف سبق الإصرار على ما هو معرف به في القانون، كما أن إجراءات المحاكمة قد تمت وفقاً للقانون إعمالاً لما تقضي به الفقرة الثانية من المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية المعدل بالقانون 107 لسنة 1962 من استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم بالإعدام والذي تطابق مع ما انتهى إليه الحكم، وصدر الحكم بإجماع آراء أعضاء المحكمة، وقد خلا من عيب مخالفة القانون، أو الخطأ في تطبيقه أو في تأويله، وصدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى، ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى يصح أن يستفيد منه المحكوم عليه على نحو ما نصت عليه المادة الخامسة من قانون العقوبات، ومن ثم فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة بإقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.


الوقائع

اتهمت النيابة العامة الطاعن بأنه 1 - قتل........ عمداً مع سبق الإصرار وذلك بأن بيت النية وعقد العزم على قتلها وأعد لذلك حبلاً وسعى به إلى مسكن المجني عليها بحجة استرداد نقود منها وبدخول المجني عليها غرفة نومها فاجأها المتهم من الخلف وقام بخنقها بالحبل ثم أجهز عليها بإيشارب خاص بها قاصداً من ذلك إزهاق روحها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية التي أودت بحياتها 2 - سرق المصوغات المبينة وصفاً بالتحقيقات والمملوكة للمجني عليها وذلك من مسكنها. وأحالته إلى محكمة جنايات........ لمعاقبته طبقاً للقيد والوصف الواردين بأمر الإحالة. وادعى والد المجني عليها مدنياً قبل المتهم بمبلغ خمسمائة وواحد جنيه على سبيل التعويض المؤقت. والمحكمة المذكورة قررت بإجماع الآراء إرسال أوراق الدعوى إلى فضيلة مفتي الجمهورية لاستطلاع رأيه في توقيع عقوبة الإعدام على المتهم وحددت جلسة للنطق بالحكم. وبالجلسة المحددة قضت حضورياً وبإجماع الآراء عملاً بالمواد 230، 231، 317/ 1 من قانون العقوبات مع إعمال المادة 32 من القانون ذاته بمعاقبة المتهم بالإعدام شنقاً وأمرت بإحالة الدعوى المدنية إلى المحكمة المدنية المختصة.
فطعن المحكوم عليه في هذا الحكم بطريق النقض. كما عرضت النيابة العامة القضية بمذكرة مشفوعة بالرأي... إلخ.


المحكمة

وحيث إن النيابة العامة وإن كانت قد عرضت القضية على هذه المحكمة عملاً بنص المادة 46 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 مشفوعة بمذكرة برأيها في الحكم دون إثبات تاريخ تقديمها بحيث يستدل منه على أنه روعي فيها عرض القضية في ميعاد الستين يوماً المبين بالمادة 34 من ذلك القانون، إلا أنه لما كان تجاوز هذا الميعاد - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لا يترتب عليه عدم قبول عرض النيابة، بل إن محكمة النقض تتصل بالدعوى بمجرد عرضها عليها لتفصل فيها وتستبين - من تلقاء نفسها دون أن تتقيد بمبنى الرأي الذي ضمنته النيابة مذكرتها - ما عسى أن يكون قد شاب الحكم من عيوب، يستوي في ذلك أن يكون عرض النيابة في الميعاد المحدد أو بعد فواته، فيتعين لذلك قبول عرض النيابة العامة.
من حيث إن الطاعن ينعى على الحكم المطعون فيه أنه إذ دانه بجريمتي القتل العمد مع سبق الإصرار، والسرقة من مكان مسكون قد شابه قصور في التسبيب وفساد في الاستدلال، وانطوى على مخالفة الثابت بالأوراق، ذلك أن بيان الحكم لوقائع الدعوى جاء مبتسراً خلا من بيان وقت ومكان الحادث، والإجراءات التي اتخذها رجال الضبط، ووصف وقيمة المال المنسوب للطاعن سرقته، وكيفية الاستيلاء عليه، ونية تملكه، ولم يورد الحكم ما أسفرت عنه المعاينة، ولم يبين إصابات المجني عليها وأنها السبب في وفاتها، وأغفل تحصيل بعض أقوال الشاهد...... زوج المجني عليها مما أدى إلى مسخ شهادته وتحريفها عن معناها، وأسند للرائد...... أن تحرياته توصلت إلى أن الطاعن بيت النية وعقد العزم على قتل المجني عليها وأعد حبلاً وباغتها من الخلف وخنقها بالحبل ثم أجهز عليها بإيشارب وسرق مصاغها وهو ما لا سند له بمحضر التحريات، وأحال الحكم في بيان أقوال الشاهد الثالث المقدم...... إلى ما أورده من أقوال الشاهد الثاني الرائد....... على الرغم من اختلاف شهادتهما، كما أغفل تحصيل ما ورد بأقوال ذلك الشاهد - الثالث - بشأن الإجراءات التي اتخذت لضبط الطاعن والتي تفيد بطلان هذه الإجراءات، واستظهر الحكم نية القتل وسبق الإصرار بما لا ينتجه عقلاً، وعول الحكم على تقرير الصفة التشريحية الذي أورد نتيجته دون أن يبين أسبابه، كما جاء تحصيل الحكم لتاريخ الوفاة من تقرير الصفة التشريحية مبهماً وغامضاً، وتساند الحكم في قضائه إلى الأدلة القولية والفنية على الرغم من التعارض بينهما دون أن يعني برفع ذلك التعارض، وأغفل تحصيل بعض ما ورد باعتراف الطاعن، وأسند إليه أن تفكيره في قتل المجني عليها راوده قبل الواقعة وأعد الحبل من قبل لذلك وهو ما لا أصل له في اعترافه، وأورد الحكم في معرض تحصيله لواقعة الدعوى واستظهاره لنية القتل وسبق الإصرار أن الطاعن طالب المجني عليها مراراً برد المال الذي اقترضته منه وهو ما لم يرد باعتراف الطاعن وأقوال الشهود، كما التفت إيراداً ورداً عن دفاعه ببطلان اعترافه بالتحقيقات لأنه وليد إكراه مادي وأدبي وإجراءات باطلة، وببطلان القبض عليه الذي تم قبل صدور إذن النيابة، وبطلان التفتيش الذي تم دون إذن من النيابة العامة وقبل صدور الإذن بضبطه فضلاً عن مخالفة ذلك لقواعد الاختصاص، وبعدم ارتكابه الجريمة بدلالة أنه لا يدخن نوع السجائر التي عثر على علبتها بمكان الحادث، وخلو تقارير الأدلة الجنائية وخبراء البصمات، كل ذلك مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن الحكم المطعون فيه بين واقعة الدعوى في قوله (إن المتهم - الطاعن - ..... تعرف على المجني عليها....... من خلال عمله وبحكم الجوار مع أسرتها، وكان تردده على منزل الأسرة واختلاطه بها سبباً في توطيد العلاقة بينهما. حتى تطورت إلى جنوح آثم تمثل في معاشرتها جنسياً في مسكن الزوجية لدى غياب الزوج المكلوم شرفه، وكان أن اقترضت المجني عليها من المتهم مبلغاً من المال، وحين مر الأخير بضائقة مالية طالباً مراراً برد المبلغ فكانت تمهله دون جدوى فأضمر في نفسه التخلص منها بقتلها إذا راوغته في السداد، وأعد لذلك حبلاً اتجه به إلى مسكنها مستغلاً تواجدها بداخله منفردة في غياب زوجها، وعندما طلب منها رد ما اقترضته نهرته وزجرته وهددته بتهجمه على مسكنها، وحينذاك صمم على تنفيذ ما عقد العزم عليه، وفي غفلة منها وحال دخولها إلى غرفة نومها فاجأها من الخلف وأطبق على رقبتها ولف الحبل حول عنقها وخنقها حتى سقطت أرضاً دون مقاومة، ثم أجهز عليها برباط حريمي خاص بها (إيشارب) لفه حول رقبتها فأحدث بها الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها، كما انتزع منها مصاغها واستولى عليه وانصرف بعد تأكده من موتها، ولدى عودة زوج المجني عليها...... من عمله ليلاً تبين قتل المجني عليها فأبلغ الشرطة فتوصلت تحرياتها التي أجراها الرائد...... رئيس مباحث قسم...... والمقدم...... وكيل مباحث فرقة...... إلى مقارفة المتهم - الطاعن - للحادث، وجرى ضبطه نفاذاً لإذن النيابة العامة، وضبط المسروقات بإرشاده، وجاء اعترافه بارتكاب الواقعة مطابقاً لماديات الدعوى وأدلة الثبوت فيها) وساق الحكم على صحة الواقعة وإسنادها إلى الطاعن أدلة استقاها من أقوال المبلغ وتحريات الشرطة، واعتراف الطاعن، ومن تقرير الصفة التشريحية، لما كان ذلك، وكانت المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية قد أوجبت في كل حكم بالإدانة أن يشتمل على بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة بياناً تتحقق به أركان الجريمة التي دان الطاعن بها والظروف التي وقعت فيها، والأدلة التي استخلصت المحكمة ثبوت وقوعها منه، وكان يبين مما سطره الحكم أنه بين واقعة الدعوى بما تتوافر به العناصر القانونية لجريمتي القتل العمد مع سبق الإصرار، والسرقة من مكان مسكون اللتين دان الطاعن بهما، وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها، وجاء استعراض المحكمة لأدلة الدعوى على نحو يدل أنها محصتها التمحيص الكافي وألمت بها إلماماً شاملاً يفيد أنها قامت بما ينبغي عليها من تدقيق البحث لتعرف الحقيقة، وكان من المقرر أن القانون لم يرسم شكلاً أو نمطاً يصوغ فيه الحكم بيان الواقعة المستوجبة للعقوبة، والظروف التي وقعت فيها، ومتى كان مجموع ما أورده الحكم كافياً في تفهم الواقعة بأركانها وظروفها حسبما استخلصتها المحكمة، فإن ذلك يكون محققاً لحكم القانون، ويكون منعى الطاعن على الحكم بالقصور لا محل له. لما كان ذلك، وكان تحديد وقت وقع الحادث لا تأثير له في ثبوت الواقعة، ما دامت المحكمة قد اطمأنت بالأدلة التي ساقتها إلى أن الطاعن هو الذي قتل المجني عليها وسرق مصوغاتها التي كانت ترتديها من داخل مسكنها. ولا يعتبر محل الواقعة في الحكم الجنائي من البيانات الجوهرية الواجب ذكرها إلا إذا رتب الشارع على حدوث الواقعة في محل معين أثراً قانونياً بأن جعل منه ركناً في الجريمة أو ظرفاً مشدداً أما في غير ذلك فإنه يكفي في بيان مكان الجريمة مجرد الإشارة إليه ما دام أن المتهم لم يدفع بعدم اختصاص المحكمة بنظرها ومن ثم فإن تعييب الطاعن للحكم في شأن عدم بيان وقت ومكان الحادث لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكانت المحكمة قد ساقت من أدلة الثبوت التي اطمأنت إليها ما يكفي لحمل قضائها، وكان من المقرر في أصول الاستدلال أن المحكمة غير ملزمة بالتحدث في حكمها إلا عن الأدلة ذات الأثر في تكوين عقيدتها، وفي إغفالها لبعض الوقائع ما يفيد ضمناً إطراحها لها واطمئنانها إلى ما أثبتته من الوقائع التي اعتمدت عليها في حكمها، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من إغفاله بيان الإجراءات التي اتخذت قبل الطاعن يكون لا محل له لأن المحكمة وقد طرحتها وأغفلتها تكون قد رأت فيها معنى لم تساير فيه دفاع الطاعن. لما كان ذلك وكان من المقرر أنه يكفي أن تستخلص المحكمة وقوع السرقة لكي يستفاد فعل الاختلاس دون حاجة للتحدث عنه صراحة، وكان الحكم المطعون فيه قد أورد في تحصيله لواقعة الدعوى وأدلتها أن الطاعن بعد أن قام بخنق المجني عليها انتزع مصوغاتها التي كانت ترتديها ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بشأن قصور الحكم في بيان كيفية الاستيلاء على المسروقات يكون لا محل له. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يؤثر في سلامة استدلال الحكم عدم بيان وصف المسروقات وقيمتها أو الإحالة في شأن ذلك إلى الأوراق - على فرض حصوله - ما دام أن الطاعن لا يدعي حدوث خلاف بشأنها، وكان الثابت بالحكم أن الطاعن لم يدع ملكيته للمضبوطات، وكان يكفي للعقاب في جريمة السرقة ثبوت أن المسروقات ليست مملوكة للمتهم، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بشأن قصور الحكم في بيان وصف المسروقات وقيمتها يكون لا محل له. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن التحدث عن نية السرقة شرط لازم لصحة الحكم بالإدانة في جريمة السرقة متى كانت هذه النية محل شك في الواقعة المطروحة، أو كان المتهم يجادل في قيامها لديه، وإذ كان ذلك، وكان الثابت من مدونات الحكم أنه خلص في بيان كاف إلى توافر أركان جريمة السرقة، وتوافر الدليل عليها في حق الطاعن من اعترافه بالتحقيقات وإرشاده عن المسروقات ومن تحريات الشرطة فلا يعيبه عدم تحدثه صراحة عن نية السرقة والتي لم تكن محل شك في الواقعة ولم يجادل الطاعن بشأنها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بشأن قصور الحكم في بيان نية السرقة لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن المحكمة لا تكون مطالبة ببيان مؤدى المعاينة إلا إذا كانت قد استندت إليها في حكمها بالإدانة، أما إذا كانت لم تعتمد على شيء من تلك المعاينة فإنها لا تكون مكلفة بأن تذكر عنها شيئاً، ومن ثم فإن عدم إيراد المحكمة لمؤدى المعاينة لا يعيب حكمها طالما أفصحت في مدونات حكمها عن كفاية الأدلة التي أوردتها لحمل قضائها بالإدانة ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن بشأن قصور الحكم لعدم إيراد مؤدى المعاينة لا يكون له محل. لما كان ذلك وكان من المقرر أن علاقة السببية في المواد الجنائية علاقة مادية تبدأ بالفعل الذي اقترفه الجاني وترتبط من الناحية المعنوية بما يجب عليه أن يتوقعه من النتائج المألوفة لفعله، إذا ما أتاه عمداً، وهذه العلاقة مسألة موضوعية ينفرد قاضي الموضوع بتقديرها، ومتى فصل فيها إثباتاً أو نفياً فلا رقابة لمحكمة النقض عليه ما دام قد أقام قضاءه في ذلك على أسباب تؤدي إلى ما انتهى إليه، وكان الحكم المطعون فيه قد نقل عن تقرير الصفة التشريحية (إن إصابة المجني عليها بالعنق هي إصابة رضية احتكاكية حيوية حديثة، حدثت من الضغط على العنق بالحبل الذي وجد ملتفاً حوله، وهي جائزة الحدوث من الحبل الموجود بالجثة في تاريخ يعاصر الواقعة، وتعزى الوفاة إلى اسفكسيا الخنق بالضغط على العنق وما أحدثته من هبوط بالدورة التنفسية والدموية) فإنه يكون قد بين إصابة المجني عليها، واستظهر قيام علاقة السببية بين تلك الإصابة التي أوردها تقرير الصفة التشريحية وبين وفاتها، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن بشأن قصور الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك وكان من المقرر أنه لا يلزم قانوناً إيراد النص الكامل لأقوال الشاهد التي اعتمد عليها الحكم بل يكفي أن يورد مضمونها، ولا يقبل النعي على المحكمة إسقاطها بعض أقوال الشاهد لأن فيما أوردته منها وعولت عليه ما يعني أنها أطرحت ما لم تشر إليه منها لما للمحكمة من حرية في تجزئة الدليل والأخذ منه بما ترتاح إليه والالتفات عما لا ترى الأخذ به ما دام أنها قد أحاطت بأقوال الشاهد ومارست سلطتها في تجزئتها بغير بتر لفحواها أو مسخ لها بما يحيلها عن معناها أو يحرفها عن مواضعها - كما هو الحال في الدعوى المطروحة - ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم من إغفاله تحصيل بعض أقوال الشاهدين....... زوج المجني عليها والمقدم........ على النحو الذي يردده بأسباب طعنه لا يكون له محل. لما كان ذلك وكان البين من المفردات أن ما أورده الحكم من أقوال الشاهد....... رئيس مباحث قسم........ وإن لم يرد بمحضر التحريات إلا أنه ورد بأقواله بالتحقيقات ولم يحد الحكم فيما عول عليه منها عن نص ما أنبأت أو فحواه، وكان من المقرر أن الخطأ في مصدر الدليل لا يضيع أثره ما دام له أصل صحيح في الأوراق ومن ثم فقد انحسر عن الحكم ما ينعاه الطاعن من خطأ في التحصيل وفساد في التدليل ويكون منعاه في هذا الشأن على غير سند. لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه لا يعيب الحكم أن يحيل في بيان شهادة الشهود إلى ما أورده من أقوال شاهد آخر ما دامت أقوالهم متفقة مع ما استند إليه الحكم منها، وأن محكمة الموضوع غير ملزمة بسرد روايات كل الشهود - إن تعددت - وبيان وجه أخذها بما اقتنعت به، بل حسبها أن تورد منها ما تطمئن إليه، ولا يؤثر في هذا النظر اختلاف الشهود في بعض التفصيلات التي لم يوردها الحكم، وإذ كان الطاعن لا يجادل في أن ما نقله من أقوال شاهد الإثبات الثاني الرائد........ له أصله الثابت بالأوراق ولم يخرج الحكم عن مدلول شهادته، وكان البين من المفردات أن أقوال الشاهدين الثاني والثالث تتفق في جملتها مع ما استند إليه الحكم منها فلا ضير على الحكم من بعد إحالته في بيان أقوال الشاهد الثالث إلى ما أورده من أقوال الشاهد الثاني مما ينحسر عن الحكم دعوى القصور في التسبيب ويكون ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الشأن لا سند له. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن قصد القتل أمر خفي لا يدرك بالحس الظاهر وإنما يدرك بالظروف المحيطة بالدعوى والأمارات والمظاهر الخارجية التي يأتيها الجاني وتنم عما يضمره في نفسه، واستخلاص هذه النية موكول إلى قاضي الموضوع في حدود سلطته التقديرية، وإذ كان الحكم المطعون فيه قد استظهر نية القتل وأثبت توافرها في حق الطاعن بقوله (إن المتهم بعد أن باءت محاولاته باسترداد المبلغ الذي اقترضته منه المجني عليها بالفشل، أضمر في نفسه وصمم وعقد العزم على التخلص منها بقتلها، فأعد لذلك حبلاً لفه حول عنقها أي في موضع قاتل من جسد المجني عليها وشد وثاقه فسقطت أرضاً وإذ تبين أنها لا تزال لم تفارق الحياة أجهز عليها برباطها الحريمي الإيشارب فأحدث بها الإصابة الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها وهو ما يكشف عن توفر نية القتل لدى المتهم ويقطع بأنه لم يقصد من اعتدائه إلا اغتيال المجني عليها وإزهاق روحها) وإذ كان هذا الذي أورده الحكم كافياً وسائغاً في التدليل على ثبوت نية القتل لدى الطاعن ومن ثم فإن ما ينعاه على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان الحكم قد دلل على ثبوت ظرف سبق الإصرار في حق الطاعن في قوله (إن المتهم عيل صبره في استرداد المبلغ الذي اقترضته منه المجني عليها فصمم على قتلها، وأعد لذلك حبلاً لخنقها، وبعد مرور وقت هدأت فيه نفسه بعيداً عن الانفعال وجماح الغضب توجه إليها في مسكنها لمطالبتها برد ما اقترضته، فأبت فازداد تصميماً على تنفيذ ما عقد العزم عليه حتى لاحت له الفرصة فباغتها من خلفها وشد وثاقها من رقبتها بالحبل ثم برباطها الحريمي (الإيشارب) بما تستدل منه المحكمة توفر ظرف سبق الإصرار في حق المتهم) وكان من المقرر في تفسير المادة 231 من قانون العقوبات، أن سبق الإصرار - وهو ظرف مشدد عام في جرائم القتل والجرح والضرب - يتحقق بإعداد وسيلة الجريمة ورسم خطة تنفيذها بعيداً عن ثورة الانفعال مما يقتضي الهدوء والروية قبل ارتكابها لا أن تكون وليدة الدفعة الأولى من نفس جاشت باضطرابات وجمح بها الغضب حتى تخرج صاحبها عن طوره، وكلما طال الزمن بين الباعث عليها وبين وقوعها صح افتراض قيامه، وليست العبرة بمضي الزمن لذاته بين التصميم على الجريمة ووقوعها - طال الزمن أو قصر - بل العبرة هي بما يقع في ذلك الزمن من التفكير والتدبير، فما دام الجاني انتهى بتفكيره إلى خطة معينة رسمها لنفسه قبل تنفيذ الجريمة كان سبق الإصرار متوافراً حتى ولو كانت خطة التنفيذ معلقة على شرط أو ظرف، وقد جرى قضاء هذه المحكمة - محكمة النقض - على أن تقدير الظروف التي يستفاد منها توافر سبق الإصرار هو من الموضوع الذي يستقل به قاضيه بغير معقب ما دام لاستخلاصه وجه مقبول، وإذ كان ما استدل به الحكم فيما سلف على ثبوت سبق الإصرار إنما يسوغ به ما استنبطه من توافره ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن على الحكم في هذا الشأن يكون لا محل له. لما كان ذلك وكان الحكم قد أورد مؤدى تقرير الصفة التشريحية وأبرز ما جاء به من أن (إصابة المجني عليها بالعنق هي إصابة رضية احتكاكية حيوية حديث، حدثت من الضغط على العنق بالحبل الذي وجد ملتفاً حوله، وهي جائزة الحدوث من الحبل الموجود بالجثة في تاريخ يعاصر الواقعة وتعزى الوفاة إلى اسفكسيا الخنق بالضغط على العنق، وما أحدثته من هبوط بالدورة التنفسية والدموية) وكان ذلك يكفي لتبرير اقتناعه بالإدانة ويحقق مراد الشارع الذي استوجبه في المادة 310 من قانون الإجراءات الجنائية من دعوى بيان مؤدى الأدلة التي يستند إليها الحكم الصادر بالإدانة لما هو مقرر من أنه لا ينال من سلامة الحكم عدم إيراده تقرير الخبير بكامل أجزائه، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك وكان ما يثيره الطاعن بشأن غموض الحكم فيما استخلصه من تقرير الصفة التشريحية بشأن وقت الوفاة غير منتج في نفي التهمة عن الطاعن طالما اطمأنت المحكمة بالأدلة التي ساقتها من قيام الطاعن بقتل المجني عليها بخنقها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن على الحكم في هذا الشأن لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك وكان يبين من محضر جلسة المرافعة التي اختتمت بصدور الحكم المطعون فيه أن المدافع عن الطاعن لم يثر شيئاً مما أورده بوجه الطعن بشأن قالة التناقض بين الدليلين القولي والفني، ومن ثم لا يسوغ له أن يثير هذا الأمر لأول مرة أمام هذه المحكمة - محكمة النقض - لأنه دفاع موضوعي ولا يقبل منه النعي على المحكمة إغفال الرد عليه ما دام لم يتمسك به أمامها، كما أن الحكم قد حصل اعتراف الطاعن وأقوال شاهدي الإثبات الثاني والثالث بما مؤداه أن الطاعن توجه إلى مسكن المجني عليها لمطالبتها برد المال الذي اقترضته منه مصمماً على قتلها إن رفضت وأعد لذلك حبلاً - وعندما طلب منها رد المال نهرته وهددته بتهجمه على مسكنها وطلبت منه الانصراف، فغافلها من الخلف أثناء دخولها حجرة نومها وأطبق على رقبتها ولف الحبل حول عنقها فسقطت أرضاً واستولى على مصوغاتها، وحين لاحظ أنها لا زالت على قيد الحياة أجهز عليها بإيشارب خاص بها) ونقل عن تقرير الصفة التشريحية (إن إصابة المجني عليها بالعنق هي إصابة رضية احتكاكية حيوية حديثة، حدثت من الضغط على العنق بالحبل الذي وجد ملتفاً حوله، وتعزى الوفاة إلى اسفكسيا الخنق بالضغط على العنق) وكان الطاعن لا ينازع في صحة ما نقله الحكم عن تلك الأدلة من أن لها معينها الصحيح من الأوراق، لما كان ذلك، وكان من المقرر أنه ليس بلازم أن تطابق أقوال الشهود مضمون الدليل الفني، بل يكفي أن يكون جماع الدليل القولي غير متناقض مع الدليل الفني تناقضاً يستعصى على الملاءمة والتوفيق وكان الدليل المستمد من اعتراف الطاعن وأقوال شاهدي الإثبات الثاني والثالث الذي أخذت به محكمة الموضوع واطمأنت إليه غير متعارض والدليل الفني المستمد من تقرير الصفة التشريحية بل يتطابق معه من أن الوفاة حدثت بالخنق بالضغط على الرقبة، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن لمحكمة الموضوع سلطة تجزئة الدليل ولو كان اعترافا فتأخذ منه ما تطمئن إليه وتطرح ما عداه، وكان الطاعن لا ينازع في أن ما أخذ به الحكم من الاعتراف له أصله الثابت بالأوراق فإن ما يثيره بشأن إغفال الحكم بعض الوقائع التي وردت في اعترافه لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان البين من المفردات أن ما أورده الحكم من اعتراف الطاعن من أن تفكيره في قتل المجني عليها راوده قبل الواقعة، وأعد الحبل من قبل لذلك، له أصله الثابت باعترافه بالتحقيقات، ومن ثم فإن ما ينعاه الطاعن على الحكم بدعوى مخالفة الثابت بالأوراق لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الخطأ في الإسناد لا يعيب الحكم ما لم يتناول من الأدلة ما يؤثر في عقيدة المحكمة، فإنه لا يجدي الطاعن ما ينعاه على الحكم أنه أورد في تحصيله لواقعة الدعوى وفي معرض تدليله على نية القتل وسبق الإصرار أن الطاعن طالب المجني عليها مراراً برد المال المقترض منه، وهو ما لم يرد باعترافه بالتحقيقات أو بأقوال شهود الإثبات، إذ أن هذا الذي أورده الحكم - بفرض صحة ما يدعيه الطاعن - لم يكن بذي أثر في منطقه أو النتيجة التي انتهى إليها، هذا فضلاً عن أنه من المقرر أنه لا يلزم لاستخلاص صورة الواقعة التي ترتسم في وجدان المحكمة أن يكون هذا الاستخلاص قد ورد ذكره على ألسنة الشهود أو اعتراف المتهم، وإنما يكفي أن يكون مستنبطاً بطريق الاستنتاج والاستقراء وكافة الممكنات العقلية ما دام ذلك سليماً متفقاً مع حكم العقل والمنطق، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون له محل. لما كان ذلك، وكان البين من محضر جلسة المحاكمة التي صدر فيها الحكم أن أحداً من الطاعن أو المدافع عنه لم يثر شيئاً بصدد بطلان اعتراف الطاعن بالتحقيقات لأنه جاء نتيجة إكراه مادي وأدبي ووليد إجراءات باطلة، وإنما قصارى ما أثبت بالمحضر وأطرحه الحكم المطعون فيه مجرد قول المدافع عن الطاعن (ولا بد أن يكون الاعتراف اختيارياً حتى ولو كان صادقاً) وهو قول لا يمكن حمله على الدفع ببطلان ذلك الاعتراف، ومن ثم فإنه لا يكون للطاعن النعي على المحكمة قعودها عن الرد على دفاع لم يثر أمامها، ولا يقبل منه التحدي بذلك الدفاع الموضوعي لأول مرة أمام محكمة النقض ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن الدفع ببطلان القبض والتفتيش إنما هو من الدفوع القانونية المختلطة بالواقع التي لا تجوز إثارتها لأول مرة أمام محكمة النقض ما لم يكن قد دفع به أمام محكمة الموضوع أو كانت مدونات الحكم تحمل مقوماته نظراً لأنه يقتضي تحقيقاً تنأى عنه وظيفة هذه المحكمة - محكمة النقض - ولما كان الثابت من محضر جلسة المحاكمة أن الطاعن لم يدفع ببطلان القبض والتفتيش، وكانت مدونات الحكم قد خلت مما يرشح لقيام ذلك البطلان فإنه لا يقبل منه لأول مرة أمام محكمة النقض، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يكون مقبولاً. لما كان ذلك، وكان من المقرر أن النعي بالتفات الحكم عن دفاع الطاعن بعدم ارتكاب الجريمة مردوداً بأن نفي التهمة من أوجه الدفاع الموضوعية التي لا تستأهل رداً طالما كان الرد عليها مستفاداًَ من أدلة الثبوت التي أوردها الحكم. هذا إلى أنه بحسب الحكم كيما يتم تدليله ويستقيم قضاؤه أن يورد الأدلة المنتجة التي صحت لديه على ما استخلصه من وقوع الجريمة المسندة إلى المتهم، ولا عليه أن يتعقبه في كل جزئية من جزئيات دفاعه لأن مفاد التفاته عنها أنه أطرحها، ومن ثم فإن ما يثيره الطاعن في هذا الشأن لا يعدو أن يكون جدلاً موضوعياً في تقدير الدليل وفي سلطة محكمة الموضوع في وزن عناصر الدعوى واستنباط معتقدها وهو ما لا يجوز إثارته أمام محكمة النقض. لما كان ما تقدم، فإن طعن المحكوم عليه يكون على غير أساس متعيناً رفضه موضوعاً. لما كان ما تقدم وكان يبين إعمالاً لنص الفقرة الثانية من المادة 35 من قانون حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض الصادر بالقانون رقم 57 لسنة 1959 أن الحكم المطروح قد بين واقعة الدعوى بما تتوافر به كافة العناصر القانونية للجريمتين اللتين دان المحكوم عليه بالإعدام بهما، وأورد على ثبوتهما في حقه أدلة سائغة من شأنها أن تؤدي إلى ما رتب عليها، كما استظهر الحكم نية القتل وظرف سبق الإصرار على ما هو معرف به في القانون، كما أن إجراءات المحاكمة قد تمت وفقاً للقانون إعمالاً لما تقضي به الفقرة الثانية من المادة 381 من قانون الإجراءات الجنائية المعدل بالقانون 107 لسنة 1962 من استطلاع رأي مفتي الجمهورية قبل إصدار الحكم بالإعدام والذي تطابق مع ما انتهى إليه الحكم، وصدور الحكم بإجماع آراء أعضاء المحكمة، وقد خلا من عيب مخالفة القانون، أو الخطأ في تطبيقه أو في تأويله، وصدر من محكمة مشكلة وفقاً للقانون ولها ولاية الفصل في الدعوى، ولم يصدر بعده قانون يسري على واقعة الدعوى يصح أن يستفيد منه المحكوم عليه على نحو ما نصت عليه المادة الخامسة من قانون العقوبات، ومن ثم فإنه يتعين قبول عرض النيابة العامة بإقرار الحكم الصادر بإعدام المحكوم عليه.